29 مارس، 2024 1:40 ص
Search
Close this search box.

روسيا تناور العالم .. 40 دولاراً لبرميل النفط في ميزانيتها العامين قادمين

Facebook
Twitter
LinkedIn

بينما يجتمع مجموعة من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.. وحلفائها للتباحث ومراقبة سريان قرار تخفيض إنتاجهم من النفط في آذار/مارس 2017.. يتمترس البنك المركزي لأكبر مصدر للطاقة في العالم “روسيا” عند أقل سعر نفط  في العالم بالقرب من 40 دولاراً للبرميل، وهو ما أعلنه في بيان في الرابع والعشرين من آذار/مارس 2017، مؤكداً على أنه يأخذ في الاعتبار “عدم اليقين” من أسواق النفط وتقلباتها.

روسيا تتوقع الأسوأ

وكالة “بلومبيرج” الاقتصادية رصدت في تقرير لها بالإنكليزية القرار الروسي، في حين يرى محللون، عبر استطلاع للرأي أجرته الوكالة، أن سعر خام برنت القياسي – الذي يتداول على مزيج تصدير الأورال الروسي – ارتفع بنسبة 16 في المئة عن المستويات الحالية بنهاية عام 2016، تراجع مرة أخرى بنسبة 10 في المئة خلال آذار/مارس وحده من عام 2017، وهو ما جعل سوق النفط يتوتر، فيما تشارك روسيا، الشريك الرئيسي في إنتاج النفط، في المحادثات بالكويت، بإضافة بعض التوتر ببيان البنك المركزي الذي عصف بسعر برميل النفط إلى 40 دولاراً، وبالتالي سيؤثر على سعره عالمياً.

خيبة أمل غير مطلوبة

تقرير بلومبيرج نقل ما ذكره الخبير الإستراتيجي في الأسواق الناشئة في رابوبنك في لندن “بيوتر ماتيس”، من أن “وزارة المالية، ومجلس الوزراء، والبنك المركزي في روسيا يميلون إلى الجانب الحذر من حيث توقعاتهم فيما يتعلق بالنمو وخاصة النفط”. ويتابع: “من الافضل ان نكون متحفظين ونفاجأ بما هو متفائل أفضل من أن ينتهي الأمر بخيبة أمل وهو ما لاترغب فيه روسيا”.

عامين من الهبوط

كما يلفت النظر إلى ما أكده صانعو السياسات فى موسكو في الرابع والعشرين من آذار/مارس 2017، من أنهم يرون خام الاورال بمتوسط 50 دولاراً للبرميل هذا العام، لكنه سينخفض إلى 40 دولاراً فى نهاية عام 2017، ثم يبقى بالقرب من هذا المستوى فى عامي 2018 – 2019.

معلومات غائبة

بدورها أعدت وزارة المالية الروسية ميزانيتها وخطتها على مستوى 40 دولاراً في كانون ثان/يناير، عندما أعلنت أن البنك المركزي سيبدأ في شراء العملة الأجنبية عندما يتجاوز النفط الخام هذا المستوى من أجل حماية سعر الصرف من تقلبات النفط. كما يستخدم سعر 40 دولاراً لحساب ميزانية البلد في الفترة 2017 – 2019.. بالتأكيد لم تتخذ موسكو، ثاني أهم قطب سياسي واقتصادي وعسكري في العالم، هذا القرار من فراغ، ولم تضع ميزانيات 3 أعوام على أساس 40 دولار للنفط من فراغ.. فماذا تعلم روسيا لا يعلمه غيرها؟

مناورة روسية وإيران على الخط

يبدو أن موسكو قررت مناورة منتجي النفط في العالم.. وأنها تعلم دون غيرها حجم إنتاجها المستقبلي الوفير من النفط والغاز، وربما تسعى لاكتساح السوق بكثير من العرض الذي يؤدي بالتبعية إلى انخفاض اسعار النفط عالمياً، أو أنها تخشى من مفاجآت أسواق النفط ووضعت السيناريو الأسوأ حتى لا تتأثر بأي احتمالات سيئة، إذ ربما تسارع إيران أحد أهم منتجي النفط في العالم، بإغراق السوق بكميات كبيرة من النفط لتعويض حصارها الاقتصادي في الأعوام السابقة ما يتسبب في انخفاض سعر النفط.

مفاجآت غير متوقعة

البنك المركزي الروسي

ووفق وكالة بلومبيرج، يقول مدير صندوق السندات في شركة أبردين لإدارة الأصول “فيكتور زابو”، مقر شركة أبردين لإدارة الأصول في بريطانيا، والتي تدير أصولاً للمؤسسات والأفراد في 23 دولة وتركز في استثماراتها على الأسهم وأدوات الدخل الثابت والعقارات واستراتيجيات الاستثمار البديل، إنه حتى مع انتعاش النفط، فإن ميل روسيا إلى التمسك بالسيناريو الأكثر تحفظاً هو “إيجابي” لأنه “يترك مجالاً للمفاجآت الصاعدة وغير المتوقعة”.

تجربة سيئة

ويوضح ان التنبؤ النفطي ليس لعبة يمكن أن يمارسها بنك روسيا المركزي، ويكفي أنه عندما تهاوت أسعار النفط بنسبة 65 في المئة عامي 2014 و 2015، ضربت العملة الوطنية الروسية في مقتل، ما دفع روسيا إلى ركود اضطرت معه إلى البحث عن وسائل عاجلة لإنعاش الاقتصاد بإبرام صفقات أسلحة متنوعة مع كثير من الدول، في حين بلغت إيرادات روسيا من النفط والغاز في 2016 مايقارب الـ36% من الميزانية.

العملة الروسية تتماسك

ورغم أن اتفاق “أوبك” التاريخي لخفض العرض ساعد على وقف انهيار النفط، ودفعه إلى 55 دولاراً للبرميل، وتمهيد الطريق لانتعاش الاقتصاد الروسي، فإن البنك المركزي الروسي لا يترك شيئاً للظروف ويفترض دائماً السيناريو الأسوأ، خاصة بعد وصول سعر البرميل مرة أخرى إلى 49.5 دولار في الثلث الأخير من آذار/مارس 2017، إذ أنه ومع انخفاض النفط الخام دون 50 دولاراً للبرميل، لم تتراجع العملة الروسية إلا قليلاً، أقل من 1 في المئة، وذلك لأن نداء التجارة الإلكترونية الذي حملته قد عوض إلى حد كبير النظرة المعتمة للطاقة.

الوكالة الاقتصادية ترى أنه وبينما لن تقرر “أوبك” رسمياً حتى آيار/مايو 2017، ما اذا كانت ستطيل هذه الصفقة “خفض المعروض من النفط عالمياً” التي تستمر حتى حزيران/يونيو، اجتمع المسؤولون في الأسبوع الأخير من آذار/مارس في الكويت لبحث تقدمها.

ويقول أحد المنتجين للنفط الصخري الأميركي إن أسعار النفط ستتعثر وتهبط إلى 40 دولاراً إذا لم تمدد “أوبك” اتفاقها في وقت آخر من عام 2017.

بينما ذكرت “إيلينا ريباكوفا”، الخبيرة الاقتصادية في شركة ديوتسش بانك أغ في لندن، أن البنك المركزي الروسي ووزارة المالية يلتزمان بسيناريو النفط المتحفظ البالغ 40 دولاراً لأنهما يرغبان في الاستعداد لانفسهم وحماية روسيا من سيناريو اسوأ الاحوال، كي لا يتأثر اقتصاد بلدهم.

“بريتش بتروليوم” تكشف خزائن روسيا

ولا ننس هنا ما توقعه خبراء شركة BP البريطانية في تقريرها في عام 2015، تحت عنوان “آفاق الطاقة العالمية” من أن روسيا ستبقى في غضون العقدين المقبلين دولة رائدة في مجال توريد النفط والغاز، إذ يرى خبراء شركة “بريتش بتروليوم” أن إنتاج النفط في روسيا سوف ينمو بازدياد، بما في ذلك من خلال استخراج المواد الهيدروكربونية من الصخر الزيتي، فضلاً عن حجم احتياطي الغاز التقليدي الذي يكفي لقرون عديدة، ولن تبقى روسيا خلال عقدين من الزمن مجرد أكبر مصدر للطاقة في العالم لكنها سوف تواصل زيادة إنتاجها على نطاق واسع، لذلك تعلم روسيا ما لا يعلمه غيرها عن حجم إنتاجها المتوقع وإن لم تكن موسكو في الصورة.

العرب يتضررون

ويستند المحللون في المقام الأول على بيانات عن احتياطات موجودة في شرق “سيبيريا” و”القطب الشمالي”، وهذا ما تؤكده شركة “بريتش بتروليوم” على الأرض حيث أصبحت ثاني شركة مساهمة بعد الحكومة الروسية في شركة “روس نفت” النفطية. وبالتالي فإن الشركة البريطانية لم تتحدث عن توقعات نظرية فقط وإنما قدمت استثمارات مالية كبيرة، وبالتأكيد إذا ما تلاعبت موسكو بأسعار النفط مع إنتاج لا يتوقف فإن أكثر المتضررين هم العرب، إذ أن خسائرهم ستتوالى لأن حجم نفقاتهم متزايد مع عدم وجود بدائل للدخل غير النفط، ويكفي أن نعلم أن أنشطة موسكو التنقيبية لا تتوقف عند تحد واضح لمنظمة “أوبك” التي تطالب بخفض الإنتاج.

هيمنة روسية على إنتاج النفط

كما يرى خبراء “بريتش بتروليوم” أن روسيا يمكن أن تزيد من إنتاجها عن طريق استخراج النفط غير التقليدي. ومن أجل تهيئة الظروف لاستخدام تقنيات ضرورية باستخراج مثل هذا النفط، قامت روسيا بوضع حوافز ضريبية للشركات الراغبة للعمل على استخراج النفط الموجود على أعماق يصعب الوصول إليه. وبالتالي يشير الخبراء إلى أن روسيا سوف تشغل المرتبة الثانية بعد عقدين من الزمن من حجم استخراج النفط من الأماكن الصعبة، إذ أنها تتمتع باحتياطي لا بأس به من النفط غير التقليدي، وهو يعتبر بالنسبة لبريتيش بتروليوم احتياطي استراتيجي ستقوم بإنتاجه في العقود المقبلة، ومن خلال الانخراط في إنتاج الحقول غير التقليدية، وسيمتد عصر الهيمنة الروسية على نطاق عالمي، وستصبح المصدر الرئيسي للطاقة في العالم وهو ما سيسهل عليها التحكم في اقتصاديات سوق النفط وأسعاره.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب