17 نوفمبر، 2024 7:52 ص
Search
Close this search box.

رمز الهيمنة الأميركية يترنح .. من “روسيا” إلى “الصين” الخروج من تحت مظلة “سويفت” يستمر بثبات !

رمز الهيمنة الأميركية يترنح .. من “روسيا” إلى “الصين” الخروج من تحت مظلة “سويفت” يستمر بثبات !

وكالات – كتابات :

تقترب “الصين” و”روسيا” من إيجاد بديل لنظام التحويلات المالية العالمية؛ (سويفت)، وهو ما قد يُسبب ضربة قاصمة لرمز الهيمنة الأميركية على العالم، فما تفاصيل مفترق الطرق الذي وجد “الدولار” نفسه فيه بسبب حرب “أوكرانيا” وتداعياتها ؟

كانت “روسيا”؛ قد تعرضت لحملة عقوبات شعواء فرضها الغرب على “موسكو” منذ بدء الهجوم على “أوكرانيا”، وبدأ فرض “العقوبات الغربية” منذ أن أعلن؛ الزعيم الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، الأحد 21 شباط/فبراير 2022، الاعتراف باستقلال: “لوغانسك” و”دونيتسك”، في “إقليم دونباس” الأوكراني، وتصاعدت وتيرة تلك العقوبات وحِدّتها وشمولها مع بدء الهجوم على “أوكرانيا”، الخميس 24 شباط/فبراير.

ومع تواصُل العملية الروسية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”؛ تزايدت بشكل متسارع الرغبة الأميركية والغربية في عزلة “روسيا” على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والرياضية، وحتى الثقافية والسينمائية، وطالت تلك العقوبات رجال “بوتين” المقربين وثرواتهم في الدول الغربية، ولم ينجُ منها أحد.

لكن الموقف الغربي من الهجوم الروسي، الذي تصفه “موسكو” بأنه: “عملية عسكرية خاصة” لمنع عسكرة “أوكرانيا”، ويصفه الغرب بأنه: “غزو لا مبرر له”، ليس موقفًا عالميًا عليه إجماع أو حتى شبه إجماع، فكثير من دول العالم رفضت إدانة الهجوم، وعلى رأسها: “الصين”، القوة المنافسة حاليًا لـ”الولايات المتحدة” على الساحة العالمية.

التعاون بين “الصين” و”روسيا”..

وفي هذا السياق؛ نشر موقع (Business Insider) الأميركي؛ تقريرًا عنوانه: “الصين وروسيا تدرسان بدائل محلية لنظام سويفت”، ألقى الضوء على ما يعنيه التوصل بالفعل لهذا البديل بالنسبة لـ”الدولار”، الذي يُمثل رمز الهيمنة الأميركية.

وكانت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ قد نشرت تحليلاً عنوانه: “الصين تُعيد تقييم نفوذ الغرب المالي بعد الأحداث الأوكرانية”، كشف عن التأثير العالمي لـ”العقوبات الغربية” ضد “روسيا”، وكيف أدت تلك العقوبات إلى زيادة القلق من سيطرة الغرب على الاقتصاد العالمي بالصورة الحالية.

ففي أعقاب الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، حُرمت بعض البنوك الروسية من استخدام نظام (سويفت)، الذي يُتيح للبنوك تنفيذ المعاملات المالية العالمية. وهذا الحظر أعاق المعاملات الخارجية للأنظمة التجارية والمالية الروسية، وهذا أدى إلى عزل البلاد اقتصاديًا.

والآن؛ تسعى “روسيا” و”الصين” لإيجاد بدائل لهيمنة “الدولار الأميركي”، بحسب تقرير المجلة الأميركية. إذ تعتمد “روسيا” نظام دفع بديل يتعامل بـ”الروبل”؛ يُسمى: “نظام تحويل الرسائل المالية”؛ (SPFS). وقد أُنشأ هذا النظام؛ عام 2014. وأواخر نيسان/إبريل، قال “البنك المركزي الروسي” إنه لن يُعلن أسماء المشاركين فيه.

ويبدو أن “العقوبات الغربية” المفروضة ضد “روسيا”؛ بسبب هجومها على “أوكرانيا”، على وشك أن تُسرّع من عملية الانفصال الاقتصادي الجارية بين “الولايات المتحدة” و”الصين”، خاصةً في حال استغلت “بكين” الفرصة لتعزيز الجاذبية العالمية لعُملتها وهيكلتها المالية.

نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود في “الصين”؛ (CIPS) – الذي يتعامل بـ”اليوان الصيني” – بإمكانه أيضًا أن يحل محل نظام (سويفت). يقول “بيتر كينان”، الشريك المؤسس للنظام والرئيس التنفيذي لشركة (Apexx)، وهي شركة مدفوعات كانت تتعاون مع بطاقة الدفع (Mir) المحلية في “روسيا”، إن هذا النظام له شبكة تمتد: لـ 1280 مؤسسة مالية على عكس شبكة (SPFS) الأصغر بكثير التي لا تضم أكثر من: 400 مستخدم.

وقال “كينان”؛ لموقع (Insider)، إن بدائل نظام (سويفت) قليلة، و”هذا أحد الأسباب التي دفعت روسيا لدراسة استخدام (CIPS) وبديل للمدفوعات الآسيوية على وجه التحديد”.

وإليكم كيف قد يضر بديلا (سويفت)؛ في “الصين” و”روسيا”، بنظام المدفوعات العالمي وهيمنة “الدولار”.

كيف يعمل بديلا “روسيا” و”الصين” لنظام “سويفت” ؟

أطلق “البنك المركزي الصيني”؛ نظام (CIPS) عام 2015، بهدف تدويل استخدام “اليوان”. يقول “بي. إس. سرينيفاس”، أستاذ الأبحاث الزائر في معهد “شرق آسيا”؛ بجامعة “سنغافورة” الوطنية، إن نظام (CIPS) لا يزال يعتمد بدرجة كبيرة على (سويفت) في التعاملات الخارجية، ولكن بإمكانه العمل على نظام تحويلات يخصه.

من ناحية أخرى، يقتصر برنامج (SPFS) الروسي على الاستخدام المحلي. وكتب “سرينيفاس”؛ في تقرير صُدر في آذار/مارس، أنه يُستبعد أن ينضم إليه أعضاء جدد الآن، إذ قد تُفسر “الولايات المتحدة” وحلفاؤها هذه الخطوة؛ على أنها محاولة لمساعدة “روسيا” على التهرب من العقوبات. لكن “موسكو” تعمل مع “بكين” لربطها بنظام (CIPS) للتغلب على حظر (سويفت)، حسبما ذكرت وكالة (رويترز).

يقول “آناتولي أكساكوف”، رئيس اللجنة المالية في “مجلس النواب” الروسي، لوكالة (رويترز): “للتخلص من المخاطر المرتبطة بالحفاظ على حجم التجارة، من الضروري إقامة تعاون بين النظامين الماليين: الروسي والصيني”.

ماذا يعني بديلا “سويفت” للدولار الأميركي ؟

“الدولار الأميركي”؛ هو العُملة المهيمنة المستخدمة في: 88% من التجارة العالمية، وفقًا لنتائج استطلاع يُجريه “بنك التسويات الدولية”؛ كل ثلاث سنوات، أُجري آخِر مرة عام 2019.

ولكن إذا استُخدم نظام (CIPS) في التجارة، فسيؤدي إلى إنشاء بديل يعتمد على “اليوان الصيني”؛ لنظام (سويفت)، الذي يُهيمن عليه “الدولار”. و”الصين” تطمح بقوة لجعل “اليوان” العُملة الاحتياطية الأكثر هيمنة في العالم، لكن أمامها طريق طويل لتقطعه، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن “بكين” لا تزال تتحكم في قيمته بدرجة كبيرة. وهو ليس قابلاً للتحويل بالكامل أيضًا إلى عُملات أخرى في السوق العالمية في الوقت الحالي؛ بحسب مزاعم التقديرات الأميركية.

ومطالبة “روسيا” بسداد مدفوعات الطاقة بـ”الروبل”؛ مهمة لأن البلاد منتجة للطاقة، ولذلك فظهور عُملة بديلة في الصناعة قد يتسبب في تأثير غير مباشر على نظام التجارة العالمي، الذي يُهيمن عليه “الدولار”. ومع ذلك، يقول خبراء إن الروس لن يسمحوا لأنفسهم بالاعتماد على “الدولار الأميركي” أكثر من اللازم، ويتوقعون تحولهم إلى “الصين”.

يقول “راغيف بيسواس”، الخبير الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادي في وكالة (S&P Global Market Intelligence): “من المُرجح أن ينمو دور نظام (CIPS) في التجارة الثنائية بين روسيا والصين باليوان على المدى المتوسط”.

وأفادت وكالة (بلومبيرغ)؛ في آذار/مارس، أن الحكومة الهندية تدرس مقترحًا روسيًا لاستخدام برنامج (SPFS) للدفع بـ”الروبل”. وأفادت وسائل إعلام هندية؛ الشهر الماضي، أنها تدرس أيضًا استخدام “اليوان الصيني” عُملة أساس لتجارة “الروبل” و”الروبية”. وفي الوقت نفسه، دخلت “الصين” في مناقشات مع “السعودية”؛ لتدفع لها بـ”اليوان” بدلاً من “الدولار”؛ مقابل مبيعاتها النفطية إلى “الصين”، وفقًا لتقرير في صحيفة (وول ستريت جورنال)؛ في آذار/مارس.

على أنه توجد عقبات كثيرة تُقيد التوسع في استخدام نظام (CIPS)، إذ يُمثل “اليوان”: 3% فقط من التجارة العالمية، فيما لا يزال “الدولار” و”اليورو” يُمثلان: 77% من إجمالي المدفوعات العالمية، حسبما قال “بيسواس” لموقع (Insider).

ماذا سيعني التحول عن “الدولار” للاقتصاد الأميركي ؟

“الدولار الأميركي”؛ هو العُملة الاحتياطية العالمية المُستخدمة عُملة مرجعية للعُملات الأجنبية. وهذه الميزة تسمح لـ”الولايات المتحدة” باقتراض الأموال من الخارج بسهولة أكبر وبتكلفة أقل.

ولو خسر “الدولار” هيمنته، فسيتضرر الاقتصاد الأميركي. إذ أوضحت شركة (Allianz Global Investors)؛ في تقرير لها عام 2018: “من المُرجح أن يضر ذلك بقيمة الدولار؛ ويخلق ضغوطًا تضخمية على أسعار السلع الاستهلاكية. وفي النهاية، قد تؤدي خسارة الولايات المتحدة لميزة العُملة الاحتياطية إلى الحد من أي انخفاض جديد في الأجور فقط، والاحتمال قوي بأن يؤدي ذلك أيضًا لزيادة فقر المستهلكين الأميركيين”.

وفي الوقت الحالي، ارتفع التضخم في “الولايات المتحدة” بنسبة: 8.5% على أساس سنوي؛ في آذار/مارس، وفقًا لـ”مكتب إحصاءات العمل”، وهو أسرع ارتفاع في الأسعار في عام واحد منذ حوالي 40 عامًا.

وإذا ضعف “الدولار”، فسترتفع أسعار السلع المستوردة. وستزداد تكلفة سفر الأميركيين إلى الأماكن التي يضعف فيها “الدولار” أمام العُملة المحلية.

فـ”الدولار”؛ ليس فقط عُملة تحتل عرش التعاملات التجارية في العالم بلا منازع، بل هو أهم رموز الهيمنة الأميركية ربما أكثر من القوة العسكرية لـ”الولايات المتحدة”، التي انفردت بالقرار العالمي منذ إنهيار “الاتحاد السوفياتي”، قبل أكثر من ثلاثة عقود.

رحلة صعود “الدولار” إلى موقعه الحالي كأقوى عُملة بالعالم؛ كانت قد بدأت في الرابع عشر من شباط/فبراير عام 1945، حيث الاجتماع التاريخي بين العاهل السعودي؛ “عبدالعزيز آل سعود”، والرئيس الأميركي؛ “ثيودور روزفلت”، على متن الطراد الأميركي؛ (كوينسي)، في البحيرات المُرَّة قرب “قناة السويس” المصرية. وتم خلال هذا الاجتماع توقيع اتفاقية “كوينسي”، التي حددت العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”السعودية”؛ وكانت مدتها 60 سنة، تم تجديدها مدة مماثلة؛ عام 2005، وتم الاتفاق على قيام “السعودية” باعتماد “الدولار” فقط في جميع عقود تصدير “النفط”.

ومع زيادة الطلب على “النفط” بصورة كبيرة وسريعة في العقود التالية، زاد معه الطلب على العُملة الخضراء، وزادت الصفقات العابرة للحدود التي تتم بالعُملة الأميركية. والآن يجري الحديث عن سعي ولي العهد السعودي لإدخال “اليوان الصيني” كعُملة تداول في معاملات “النفط”، وهو ما قد يعني الضربة القاصمة فعليًا لـ”الدولار”، بحسب محللين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة