خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في تصرف من شأنه زيادة التوتر “الصيني-الأميركي”، وقّع الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، الجمعة، ميزانية الدفاع الأميركية لعام 2023؛ بقيمة: 858 مليار دولار.
وقال “بايدن” في بيان؛ إن “قانون التفويض الدفاعي” السنوي الذي تبلغ قيمته: 858 مليار دولار، ويُغطي السنة المالية 2023، يوفر مزايا حيوية، ويُعّزز الوصول إلى العدالة للأفراد العسّكريين وأسّرهم، ويتضمن سلطات حاسمة لدعم الدفاع الوطني والشؤون الخارجية والأمن الداخلي.
وبحسب بيان الرئيس الأميركي، يتضمن القانون اعتمادات السنة المالية (2023)؛ لـ”وزارة الدفاع” وبرامج الأمن القومي التابعة لوزارات “الطاقة” و”الخارجية” و”الأمن الداخلي” ومجتمع الاستخبارات.
وقبل أسبوع؛ أقر “مجلس الشيوخ” الأميركي، مشروع “قانون ميزانية الدفاع”؛ التي تُعد الأكبر في تاريخ “الولايات المتحدة”: بـ 858 مليار دولار، بزيادة: 45 مليار دولار عن الميزانية التي اقترحها “بايدن”. وبعد إقراره في “مجلس النواب”؛ في 08 كانون أول/ديسمبر الماضي، وافق أعضاء “مجلس الشيوخ” على مشروع القانون بأغلبية: 83؛ مقابل: 11 صوتًا معارضًا.
وتتضمن الميزانية الجديدة زيادة: 4.6% في رواتب الجنود، وتمويل مشتريات أسلحة وسفن وطائرات، ودعمًا لـ”تايوان” ولـ”أوكرانيا”.
“الصين” تُعارض و”تايوان” تُرحب..
وأعلنت “وزارة الخارجية” الصينية، السبت، معارضتها “التامة” لقانون الدفاع الوطني الأميركي الذي اعتمده؛ الرئيس “جو بايدن”، بينما رحبت “تايوان” بالتشريع، قائلة إنه أظهر دعم “واشنطن” للجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي التي تقول “الصين” إنها يجب أن تخضع لحكمها.
وقالت “الخارجية الصينية”؛ في بيان نُشر على الإنترنت، إن: “الصين تُعرب عن أسّفها وتُعارض بشدة هذه الخطوة الأميركية”، واصفة القانون الجديد بأنه استفزاز سياسي خطير يتدخل بشكلٍ صارخ في الشؤون الداخلية لـ”الصين”.
في منطقة المحيطين “الهندي” و”الهاديء”، يخّول التشّريع بزيادة التعاون الأمني مع “تايوان”، ويتطلب تعاونًا موسعًا مع “الهند” بشأن التقنيات الدفاعية الناشئة والجاهزية واللوجستيات.
ومن “تايوان”؛ شكر بيان صادر عن “وزارة الخارجية” التايوانية، “الكونغرس” الأميركي: “لإظهاره الأهمية الكبيرة التي يوليّها للعلاقات (الأميركية-التايوانية) وتعزيز أمن تايوان”.
وقالت “بكين” إنه يشمل بنودًا: “تُحدث ضررًا خطيرًا للسّلام والاستقرار في مضيق تايوان”.
وتعتبر “الصين”؛ “تايوان”، جزءًا من أراضيها، ولم تسّتبعد اللجوء للقوة لإخضاع الجزيرة لسّيطرتها.
كما شمل القانون أيضًا تعديلاً يُقيّد مشّتريات الحكومات الأميركية من منتجات تستخدم شرائح إلكترونية تُصنّعها مجموعة معينة من الشركات الصينية.
وورد في بيان الوزارة: “القضية تتجاهل الحقائق لتضخيم” تهديد “الصين”، وتتدخل بشكلٍ تعسّفي في الشؤون الداخلية لـ”الصين”، وتُهاجم وتشّوه الحزب (الشيوعي الصيني)، وهو ما يُمثل استفزازات سياسية خطيرة لـ”الصين”.
سّباق تسّلح عالمي غير مسبوق..
الخبراء العسكريون والمراقبون يرون أن اعتماد أضخم ميزانية دفاعية أميركية، وهو ما لم يحدث في خضم حروب وأزمات دولية كبرى كـ”الحرب الباردة”، مؤشر على أن عالم ما بعد حرب “أوكرانيا” مقبل على سبّاقات تسّلح غير مسّبوقة، وهو ما سيسّتنزف قدرات الدول وطاقاتها ويوجهها نحو زيادة الإنفاق العسّكري والدفاعي، في وقتٍ يعيش العالم أزمات طاقة وغذاء وبيئة خطيرة.
وستدفع هذه الزيادة في الإنفاق العسّكري؛ “روسيا” و”الصين”، على تطوير ترسّاناتهما وميزانياتهما العسّكرية، لمواجهة هذا الإنفاق العسّكري الضخم لـ”واشنطن” ولضمان تحقيق التوازن والردع، خاصة وأن الميزانية تتضمن تخصّيص مسّاعدات عسكرية أميركية لكل من “تايبيه” و”كييف”.
زيادة مبالغ بها تستهدف “الصين”..
فيرى الدبلوماسي السابق والخبير بالشؤون الأميركية؛ “مسعود معلوف”، في تصريح لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ أن: “هذه الزيادة تدل على إزدواجية تفكير لدى واضعي هذه الميزانية العسّكرية الهائلة، لبلد يُعاني من جملة أزمات ومشكلات اقتصادية كبرى؛ وخاصة في قطاع الطاقة، وحيث نسّب التضخم هي الأعلى منذ أكثر من 04 عقود”.
وأضاف “معلوف”: “رغم أن هذه الزيادة ترتبط بعوامل؛ أهمها الحرب الأوكرانية والصراع الأميركي مع روسيا، وتصاعد التوتر كذلك مع الصين، وخاصة حول تايوان، لكنها تُشكل زيادة مبالغًا بها لدرجة أن الكونغرس أقرها وبزيادة: 45 مليار دولار عن المبلغ الذي طلبه الرئيس الأميركي؛ بايدن، أصلاً، ما يطرح علامات استفهام حول هذا الانفاق العسكري الهائل وإطلاق العنان لسّباق تسّلح عالمي جديد”.
وتابع: “الواضح أن العامل الأول وراء هذه الزيادة؛ هي الصين وليست روسيا، حيث أن بكين رفعت في السنوات القليلة الأخيرة من جهوزيتها القتالية والحربية، وخاصة على صعيد تحديث وتطوير أساطيلها وقواتها البحرية، وخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهاديء، وهو ما يُفسّر أن نسّبة لا بأس بها من هذه الميزانية مخصصة لتطوير القدرات البحرية العسكرية الأميركية وزيادة عدد مقاتلات وقطع الأساطيل الحربية لمواجهة التمدد الصيني في المحيطات وخطوط التجارة والملاحة العالمية فيها”.
توافق “جمهوري-ديمقراطي”..
وفيما يتعلق بالرأي العام الأميركي حول الميزانية العسكرية، أوضح “معلوف” أن: “الانتخابات النصفية انتهت للتو، وهكذا فالكونغرس والإدارة يتصرفان بمعزل عن التحوط لهاجس مزاج الناخب الذي يصوّت تبعًا لاعتبارات اقتصادية بالدرجة الأولى، واللافت في هذه الزيادة للميزانية الدفاعية أن الجمهوريين والديمقراطيين رغم اختلافهما الكبير تحت قبة الكونغرس بمجلسّيه، توافقوا على إقرار هذه الزيادة، فمن أصل: 435 عضوًا من “مجلس النواب”؛ وافق: 329 عليها؛ مقابل: 101 ضدها، فيما صوّت لصالحها بـ”مجلس الشيوخ”: 83 عضوًا من أصل: 100 عضو، وعارضها: 11 فقط”.
وخلص المتحدث للقول: “حرب أوكرانيا سعّرت مجددًا سبّاقات التسّلح الدولية، والركون للقوة العسكرية لحماية وتوسّيع مناطق النفوذ والسيطرة، لدرجة أن بلدًا كألمانيا لم تكن لديه إمكانية التسّليح المفتوح، بات مسموحًا له ذلك، ولهذا فإن لم تقدم واشنطن على هذه الزيادة، لربما اعتبرت مقصرة ومتخاذلة في حماية حلفائها وشركائها حول العالم وتأدية إلتزاماتها، وعجزها عن مجاراة الصعود العسكري لبكين وموسكو خاصة”.
ضمان التفوق العسكري..
من جهته؛ اعتبر الخبير العسكري والإستراتيجي؛ الدكتور “محمد صالح الحربي”، أنه: “لا شك أن القوة والقدرات العسكرية هي من أبرز رموز وأدوات الهيمنة لدى القوى العالمية العظمى، وفي ظل احتدام الصراع مع روسيا والصين، فإنه يغدو من المفهوم أن تُقرّ أميركا أكبر ميزانية عسكرية في تاريخها، حيث وصل حجم الإنفاق العسكري الأميركي إلى: 40 بالمئة من مجمل الإنفاق العسكري العالمي وفق مؤسسة (غلوبال فاير باور) ومعهد (ستوكهولم)، بمعنى أن الميزانية العسكرية الأميركية تُعادل نصف ميزانيات الدفاع العالمية مجتمعة”.
وأشار “الحربي” إلى أن: “الميزانية العسكرية الروسية هي بحدود: 66 مليار دولار؛ وقد تصل في أقصى حد لنحو: 150 مليار دولار، وبذلك فإن الميزانية الأميركية تفوقها بنحو: 11 ضعفًا، وهو فرق مهول وكبير ولا شك، ومؤشر على أن العالم مقبل على سّباق تسّلح غير مسّبوق بين القوى الدولية المتنازعة”.
وشدد على أن: “توازن الرعب النووي هو الذي يضبط بالمحصلة إيقاع الصراع والمنافسة، بوصفه العامل الأقوى والأهم في معادلات القوة والسّيطرة، خاصة وأن الروس يتقدمون على الأميركيين في القوة النووية”.
واختتم الخبير العسكري حديثه بالقول أن: “واشنطن عازمة على تعزيز سطوتها الدولية وقوتها العسكرية التي تجعلها الأولى في ترتيب الجيوش العالمية، وتضمن تفوقها الإستراتيجي في ظل تصاعد حرب الأقطاب”.