خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
“إن الإدارة الأميركية الحالية بقيادة، “دونالد ترامب”، تُعد فرصة نادرة لتحقيق تطلعات الحركة الصهيونية وحسم الصراع السياسي من أجل إحكام السيطرة على أرض إسرائيل”.. هذا ما أكده الكاتب الإسرائيلي، “تساحي ليفي”، في مقاله الذي نُشر على موقع (القناة السابعة) الإسرائيلية، والتي تتبنى مواقف المستوطنين اليهود.
عدم الإعلان عن “صفقة القرن” لا يعني أنها غير قائمة !
يوجه “ليفي” كلامه لجميع المحللين السياسيين والإستراتيجيين الذين يترقبون بفارغ الصبر الإعلان عن “صفقة القرن” الأميركية، فيقول: “إن الصفقة موجودة بالفعل، وهي في مرحلة متقدمة من التنفيذ على أرض الواقع، دون أن تُعلن عنها واشنطن بشكل رسمي، وهذا عن قصد وتعمد”.
يوضح “ليفي” بأن الإستراتيجية الأميركية بسيطة، لكنها رائعة؛ فهي تتمثل في استخدام القوة الأميركية الهائلة لكي تصفي من جانب واحد، القضايا الجوهرية الشائكة، حتى إذا تم الوصول لمرحلة التفاوض يكون من السهل على “واشنطن” لعب دور الوسيط بين الطرفين.
وكانت الخطوة الأولى، من جانب “واشنطن”، هي التخلص من “قضية القدس” وشطبها من طاولة المفاوضات. والآن جاء الدور للتخلص من “قضية اللاجئين” و”حق العودة”، عبر ما تقوم به “واشنطن” من تصفية “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”، الـ (أونروا).
“ترامب” يحقق مطالب إسرائيل !
لكي يمكننا أن نعرف المراحل التالية من “صفقة القرن”، لا بد أن نسأل أنفسنا: “ما الذي يمكن أن يمثل عقبة في نظر الولايات المتحدة فيعوق إحراز الاتفاق المستقبلي .. وعليه يجب حله أو التخلص منه أولاً ؟.. فمثلاً إذا استطاعت “إسرائيل” إقناع الرئيس، “ترامب”، بأنها لن تتنازل عن سيادتها على منطقة “غور الأردن”، وبأنها تُفضل خطة “الحكم الذاتي” للفلسطينيين بدلاً من إقامة “دولة مستقلة” لهم، عندئذ ستقوم “واشنطن” أيضًا بإتخاذ إجراءات منفردة بشأن تلك القضايا، من أجل تمهيد الطريق لإبرام اتفاق آمن ومريح بالنسبة لـ”إسرائيل”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: “هل يحدث هذا في الخفاء ؟”.. بحسب التحرك العلني لرئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، يمكن القول إن الأمر ليس كذلك، ولا بد لـ”إسرائيل” من إغتنام تلك الفرصة التي لن تتكرر، لأن إدارة “ترامب” أثبتت أنها مستعدة لتحقيق مطالب “إسرائيل” بشكل يفوق ما تتخيله “تل أبيب”.
بعد إنهاء “قضية القدس”.. جاء دور “قضية اللاجئين”..
يشير “ليفي” إلى أنه بعد شطب “قضية القدس” وإزالتها من قائمة المفاوضات، فإن المرحلة الثانية من “صفقة القرن” الأميركية هي إلغاء “حق العودة” وتصفية “قضية اللاجئين”، الذين يصل تعدادهم رسميًا إلى خمسة ملايين فلسطيني.
وعليه؛ فإن إلغاء الدعم الأميركي الذي يُقدر بثلث ميزانية الـ (أونروا)، ما هو إلا إشارة البدء لإنطلاق العملية السياسية الأميركية. ويمكن القول إن الإدارة الأميركية تريد تصفية وكالة الـ (أونروا) كي تقلص تعداد اللاجئين، بحيث يتم منح الـ 5 ملايين مواطن عربي – المتواجدين في أرجاء العالم – الذين يُطلق عليهم “لاجئين فلسطينيين” – مكانة قانونية في الدول المتواجدين بها، حتى لا يشكلون عقبة أمام إبرام الاتفاق. وسيكون من المنطقي أن تقترح الإدارة الأميركية منح المساعدات بشكل مباشرة للدول العربية مقابل منح الجنسية لـ”اللاجئين”.
الضوء الأخضر لطرد الـ”أونروا”..
يرى “ليفي” أن رفع الوصاية الأميركية عن وكالة الـ (أونروا) يعني بشكل واضح وصريح أن الإدارة الأميركية بقيادة “ترامب” تعطي إسرائيل الضوء الأخضر لطرد تلك المؤسسة الأممية من الضفة الغربية.
لذا يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تُكمل ما فعلته الإدارة الأميركية، وأن تُبلغ على الفور مندوبي الـ (أونروا) في “الضفة الغربية” بسرعة المغادرة والعودة إلى بلادهم. وإذا لم تفعل “إسرائيل” ذلك، فإنها لن تفوت الفرصة فقط، بل ستعطل الإدارة الأميركية عن استكمال إجراءاتها لغلق الوكالة الأممية.
“السلطة الفلسطينية” تجاهلت اللاجئين..
يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أن “السلطة الفلسطينية” التي ظلت حتى يومنا هذا، تتجاهل مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، ستكون مُضطرة وفقًا لـ”اتفاقيات أوسلو”، إلى تحمل المسؤولية المدنية الكاملة عن جميع السكان المتواجدين في المنطقتين: (أ) و(ب).
أما نموذج الحكومة المزدوجة القائم على “السلطة الفلسطينية” إلى جانب وكالة الـ (أونروا)، فلا بد أن يتوقف. وتُعد وكالة الـ (أونروا) من أهم الجهات التي توفر فرص تشغيل الفلسطينيين في “الضفة الغربية”، (بعد إسرائيل والسلطة الفلسطينية)، وبالتالي فإن وقف أنشطة تلك الوكالة الأممية سيعقبه موجة من هجرة العرب ونزوحهم من “الضفة الغربية”، مُستغلين ما منحتهم الـ (أونروا) من بطاقات هوية، صنفتهم فيها على أنهم لاجئين..
إعادة الجنسية الأردنية لسكان “الضفة”..
بحسب “ليفي”؛ إذا كانت “إسرائيل” تتطلع إلى التصفية النهائية لفكرة “الدولة الفلسطينية”، فيجب أن تكون المرحلة الثالثة من “صفقة القرن” هي إعادة الجنسية الأردنية بشكل كامل لجميع المواطنين العرب المقيمين في “الضفة الغربية”. علمًا بأن تلك الجنسية الأردنية قد تم سحبها منهم، عام 1988، في مخالفة للقانون الدولي.
فإذا كان تعداد من يعيشون في “الضفة الغربية” هو 1.7 مليون أردني، فستكون اتفاقية السلام المستقبلية هي مجرد ملحق إضافي لمعاهدة السلام مع “الأردن”، بهدف إنشاء حكم ذاتي أردني داخل المناطق السكانية الأردنية في الضفة الغربية، وهذا بالطبع سيتيح لـ”إسرائيل” ضم غالبية أراضي “الضفة الغربية” إلى سيادتها الكاملة.
فرصة القرن..
ختامًا يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أنه قد حان الوقت لكي تكف الحكومة الإسرائيلية عن إتخاذ موقف المتفرج حيال الإجراءات التي تتخذها الإدارة الأميركية، وأن تستثمر ذلك جيدًا، بل وتقود دفة تلك الإجراءات.
كما ينبغي على “إسرائيل” أن تحدد مصيرها وترسم حدودها بنفسها، خاصة أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة يُعد من أشد الرؤساء حبًا لـ”إسرائيل” على الإطلاق. لذا فإن إدارة الرئيس، “ترامب”، تُعد فرصة نادرة لتحقيق آمال وتطلعات “الحركة الصهيونية” وحسم المعركة السياسية من أجل السيطرة على أرض “إسرائيل”. ودعونا نأمل ألا يُقال مستقبلاً إن حكومة “نتانياهو” هي التي أهدرت “فرصة القرن”.