رفض قرار “الاتحادية العليا” بشأن النفط والغاز .. يُزيد الأمور تعقيدًا بين “أربيل” و”بغداد” ويُعزز حظوظ “صالح” !

رفض قرار “الاتحادية العليا” بشأن النفط والغاز .. يُزيد الأمور تعقيدًا بين “أربيل” و”بغداد” ويُعزز حظوظ “صالح” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة من شأنها زيادة الأمور تعقيدًا بين: “بغداد” و”أربيل”، رفضت رئاسة “إقليم كُردستان العراق” حكمًا أصدرته “المحكمة الاتحادية العليا”؛ بشأن أنشطة الإقليم في مجال “النفط” و”الغاز”، وقالت إن الإقليم سيواصل ممارسة حقوقه الدستورية في هذا الصدد.

وكانت “المحكمة الاتحادية العليا”؛ (أعلى سلطة قضائية في العراق)؛ اعتبرت أن قانون “النفط” و”الغاز”؛ الذي يُنظم صناعة “النفط” في “كُردستان العراق”؛ غير دستوري وطالبت السلطات الكُردية بتسليم إمداداتها من الخام.

وقررت المحكمة، إلزام حكومة الإقليم بتسليم: “كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية؛ في الإقليم والمناطق الأخرى، التي كانت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كُردستان العراق تستخرج النفط منها، وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية؛ والمتمثلة بوزارة النفط العراقية، وتمكينها من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره”.

ويأتي قرار “المحكمة الاتحادية العليا” بعد شكوتين قُدمتا عامي: 2012 و2019، قدم إحداها وزير نفط سابق في الحكومة المركزية.

فيما وصفت حكومة “إقليم كُردستان العراق”؛ قرار “المحكمة الاتحادية العليا”، أنه غير عادل وغير دستوري، مؤكدة أنها ستتخذ: “جميع الإجراءات الدستورية والقانونية والقضائية لضمان وحماية جميع العقود المبرمة في مجال النفط والغاز”.

مضيفة أن حكومة “إقليم كُردستان العراق”؛ لن تتخلى عن حقوق الإقليم المنصوص عليها في الدستور العراقي.

وتعمل حكومة “إقليم كُردستان” على تطوير موارد “النفط” و”الغاز”؛ بمعزل عن الحكومة الاتحادية، وسنت في 2007؛ قانونها الخاص الذي أرسى التوجيهات التي سيُدير الإقليم بموجبها هذه الموارد.

يسلك كل السُبل القانونية والدستورية..

والإثنين الماضي، اجتمعت الرئاسات الأربع لـ”إقليم كُردستان”؛ في “أربيل”، لمناقشة حكم المحكمة الذي اعتبروه: “غير مقبول”.

وقالت في بيان إن الإقليم: “سيسلك كل السُبل القانونية والدستورية من أجل حماية الحقوق والصلاحيات الدستورية لإقليم كُردستان”.

وأضافت: “يرى إقليم كُردستان أن هذا القرار، إلى جانب كونه يقوض الدستور والنظام الاتحادي، فإن غايات خاصة تقف خلفه في نفس الوقت؛ وهو ليس بالقرار الحيادي، خاصة وأن العراق يمر بأوضاع سياسية حساسة ومعقدة”.

وقالت الرئاسة إن حكومة “إقليم كُردستان”؛ ستواصل مناقشة القضايا المتعلقة بقانون “النفط” و”الغاز” مع الحكومة الاتحادية.

وأنتج “إقليم كُردستان”: 425 ألف برميل يوميًا من “النفط”؛ في كانون ثان/يناير، وفقًا لوثيقة صادرة من شركة تسويق النفط المملوكة للدولة؛ (سومو)، أطلعت عليها (رويترز).

ويُصدر خام حكومة “إقليم كُردستان” عبر خط أنابيب يمتد من محافظة “كركوك” العراقية إلى “ميناء جيهان” التركي.

إطلاق حوار بين “بغداد” و”أربيل”..

وعلى خلفية الأزمة؛ دخل رئيس الجمهورية؛ “برهم صالح”، على الخط.. وفي بيان صدر عنه، شدد على ضرورة إطلاق حوارٍ جاد وعاجل بين الحكومة الاتحادية وحكومة “إقليم كُردستان العراق”، لإيجاد آليات واقعية ضامنة لما أرادت “المحكمة الاتحادية العليا” الأخذ به، وبما يضمن الاستحقاقات الدستورية لـ”إقليم كُردستان العراق” وسائر العراقيين عبر تسخير الواردات لخدمة المواطنين؛ بعيدًا عن الفساد وسوء الإدارة والتلاعب السياسي.

انقسام الآراء حول القرار..

وعلى إثر ذلك؛ يرى بعض المراقبون أن صدور القرار في هذه الأجواء المحتقنة وسط اشتداد التجاذبات السياسية، قد يُزيد المشهد تعقيدًا، ويلقي بظلاله على المدد والتوقيتات الدستورية المتعطلة، على وقع الفشل في عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، بينما يذهب البعض الآخر منهم إلى حد اعتبار مفاعيل القرار السياسية بمثابة وضع العصي في عجلة “التحالف الثلاثي”؛ بين “الصدر” وتحالف (السيادة) والحزب (الديمقراطي الكُردستاني).

ويوضح هذا انقسام آراء الخبراء القانونيون حول القرار بين من يعتبره متسق تمامًا مع نص الدستور العراقي وروحه، ومن يعتبره مخالفًا لأحكام الدستور وللنظام الفيدرالي والحقوق الدستورية للأقاليم في ظله.

ليس له علاقة بأي بُعد سياسي..

ويقول “إحسان الشمري”، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد”، أنه: “قد لا يرتبط صدور القرار ببُعد سياسي؛ كما يقول الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)، على اعتبار أن المحكمة رفضت تأجيل طلب حكومة إقليم كُردستان العراق البت في نطق قرارها، فيما يرتبط بقضية تصدير النفط خارج الصلاحيات الدستورية أو خارج إطار صلاحيات الحكومة الاتحادية من قبل الإقليم”.

مضيفًا “الشمري”، وهو أيضًا مدير مركز “التفكير السياسي”، في العاصمة العراقية؛ “بغداد”: “القرار تأخر كثيرًا، وهو كان يفترض أن يُصدر قبل هذا الوقت بسنوات طويلة، وهنا فإن دعوات الرئيس العراقي؛ برهم صالح، لإيجاد مساحة توافق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حول هذه المسألة، يُريد منها ألا يستغل هذا القرار كجزء من الصراع السياسي الحالي المحتد، فقرار المحكمة الاتحادية؛ الذي يجب أن يُحترم سيدفع بالنهاية كما يبدو نحو المزيد من الانسداد السياسي والمشاكل بين مختلف الأطراف العراقية”.

يُعزز حظوظ “صالح” في إعادة انتخابه..

ويرى “الشمري”؛ أن دعوة “صالح” محاولة أيضًا لتحفيز الأطراف السياسية الكُردية للذهاب نحو تشريع “قانون للنفط والغاز”؛ بما يوائم مصالح العراقيين ككل، والرئيس العراقي هنا يندفع ببراغماتية عالية للدخول على خط هذه القضية، كونه يُدرك جيدًا أن هذا القرار قد يدفع نحو تقارب بين الحزبين الكُرديين، وبما يُعزز حظوظه في إعادة انتخابه لدورة رئاسية ثانية، خصوصًا وأن (الديمقراطي الكُردستاني) لا يستطيع مواجهة هذا الأمر بمفرده في بغداد”.

عدم سن قانون اتحادي للنفط الغاز يُعمق المشكلات !

بينما يقول “طارق جوهر”، الكاتب والباحث السياسي، أن: “عدم سن قانون اتحادي للنفط والغاز هو ما يقود لهذه الإشكالات وتداخل الصلاحيات بين بغداد وأربيل، وقرار المحكمة الاتحادية هذا هو دلالة على ما يمكن أن يُسببه تشتت الموقف الكُردي في بغداد، من أضرار جسيمة على الحقوق والصلاحيات الدستورية لإقليم كُردستان”.

مضيفًا أن: “هذا القرار سيتسبب مع الأسف بتعميق المشكلات العميقة أصلاً بين: بغداد وأربيل، وسيؤثر سلبًا على مجمل العملية السياسية بالعراق، وخاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة”.

وهو يتعارض مع الدستور، كما يشرح، بالقول: “فالمادة (112) من الدستور تنص صراحة؛ وبلا مواربة، على أن تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معًا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، فيما تنص المادة (115) منه على أن كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة الخلاف بينهما”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة