خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم الدعوات الدولية المتتالية لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من “ليبيا”، والتي تُعتبر شرطًا من شروط “مصر” لعودة العلاقات معها، قامت “تركيا” بفعل مناقض لما كانت تسعى إليه الفترة السابقة، حيث وصل وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، على رأس وفد تركي رفيع المستوى.
وقال وزير الدفاع التركي إن قوات بلاده الموجودة في “ليبيا”: “ليست قوة أجنبية”، مؤكدًا على الاستمرار في: “أنشطة التعاون والتدريب العسكري”.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها “خلوصي أكار” أمام أفراد الفرقاطة التركية، (TCG Gelibolu)، قبالة سواحل “ليبيا”.
وفي تصريحاته، اعتبر أن: “تركيا ليست قوة أجنبية في ليبيا”، معللاً ذلك بأن: “القوات التركية متواجدة فيها بدعوة من حكومة طرابلس، وأنها تقوم بأنشطة التعاون والتدريب والتشاور العسكري بما يتماشى مع الاتفاقيات الثنائية والقانون الدولي”.
كما أكد استمرار بلاده في: “تقديم الدعم للقوات الليبية، سواء عبر التدريب أو المساعدة أو تقديم المشورة، من أجل وصولها إلى المعايير الدولية”.
يُذكر أن وزير الدفاع التركي وصل إلى “ليبيا”؛ ضمن وفد رفيع المستوى، على رأسه وزير الخارجية، “مولود تشاووش أوغلو”، في زيارة لم يُعلن عنها مسبقًا.
ويضم الوفد، إلى جانب “تشاووش أوغلو” و”أكار”، كلاً من وزير الداخلية ورئيس الاستخبارات ورئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية والناطق باسم الرئاسة. وتأتي الزيارة قبل القمة المقررة لقادة “حلف شمال الأطلسي”، في الرابع عشر من حزيران/يونيو الجاري.
وبدوره، شدد وزير الخارجية التركي، أمس السبت، خلال لقائه نظيرته الليبية في “طرابلس”، على: “استمرار التعاون بين البلدين في جميع المجالات”.
اختبار صعب للسلطة التنفيذية..
رئيس تحرير بوابة (إفريقيا)، “حسين مفتاح”، يرى أن الطريقة التي أجرى بها “أكار”، زيارته إلى “ليبيا”، مؤخرًا، تُشكل إمتهانًا للسيادة الليبية، لأن الزيارة كانت معلنة، كما لم يكن ثمة مسؤولون ليبيون في الاستقبال، فبدا الوزير التركي كما لو أنه يتفقد قاعدة تابعة لبلاده وهو يلتقي ضباط من الجيش التركي.
مضيفًا أن هذه الزيارة تُشكل اختبارًا صعبًا للسلطة التنفيذية في “طرابلس”، سواء تعلق الأمر بحكومة الوحدة الوطنية أو بالمجلس الرئاسي، لأن أبرز مهمة لها هي إخراج المرتزقة من البلاد.
استباقية لمؤتمر “برلين 2”..
ويرى الباحث والصحافي؛ أن هذه الزيارة تُشكل استباقًا لمؤتمر “برلين 2″، المرتقب، في الثالث والعشرين من حزيران/يونيو الجاري، لأن “تركيا” تُحاول أن تبعث برسالة حتى تفرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي.
ويُشير “مفتاح” إلى أن “أكار” يتحدث عن قوات بلاده في “ليبيا”، كما لو أن هذه الأخيرة جزء من الأراضي التركية، وليست دولة مستقلة: “هذه حالة احتلال كاملة، يُفترض أن تتم مواجهتها”.
وانتقد الكاتب تعامل “حكومة الوحدة الوطنية” مع هذه الزيارة، متسائلاً عن الإجراءات المتخذة حيال قدوم وزير دفاع دولة أخرى بدون ترتيبات أو إعلان عن الزيارة.
استخدام “الروبوت القاتل”..
واستبق تلك الزيارة؛ تقرير لـ”الأمم المتحدة”، كشف عن استخدام: “طائرات بدون طيار” تركية من نوع خاص، خلال المواجهات التي دارت بين “الجيش الوطني الليبي” والميليشيات المتمركز في المنطقة الغربية، خلال العام الماضي.
ويحمل هذا النوع من الطائرات اسم: (Kargu-2)، وتُلقب: بـ”الروبوت القاتل”، لأنها يمكن أن تعمل عبر “الذكاء الاصطناعي”، وهي من الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل، (LAWS)، وقد رصدت لأول مرة، في “ليبيا”، خلال شهر آذار/مارس عام 2020، حسب تقرير فريق خبراء “الأمم المتحدة” بشأن “ليبيا”، الذي نشره موقع “الإذاعة الوطنية العامة الأميركية”، (NBR)، مؤخرًا.
الطائرة (Kargu-2)؛ صنعتها شركة “STM” التركية، ويمكن تشغيلها بشكل مستقل أو يدويًا، وهي قادرة على: “التعلم الآلي” و”معالجة الصور في الوقت الفعلي” ضد أهدافها.
طريقة تشغيل الطائرة..
ويوضح رئيس مؤسسة “سيلفيوم” للدراسات والأبحاث الليبية، “جمال شلوف”؛ كيفية عمل تلك الطائرة، قائلاً؛ إن مشغليها يقومون بتغذية الحاسب الآلي الخاص بها بصورة الشخص المستهدف، ثم يطلقونها في الجو لتبحث عنه، وحالما تظهر ملامح هذا الشخص تُطلق عليه النار تلقائيًا، مردفًا أن أي شخص قد يقع ضحية هذه الطائرة لمجرد أنه يُشبه شخص آخر.
وأضاف أن تلك التقنية استخدمت لأول مرة في العالم، خلال العام الماضي، في “ليبيا”، كما أكد تقرير لجنة الخبراء أن الجيش التركي: “لم يراعي احتمالات الخطأ”، مردفًا: “الأمر كان بمثابة تجربة للطائرة المصنعة تركيًا كسلاح جديد يمكن بيعه لاحقًا”.
القوات التركية باقية كقوة احتلال !
وأكد “شلوف” أنه لم يُعد هناك إمكانية لتبرير بقاء القوات والمعدات العسكرية التابعة لـ”أنقرة”، حتى لما كان يرتكن له البعض بشأن: “الاتفاقية” المبرمة بينها وبين “حكومة السراج” السابقة.
وأكد أن “المجلس الرئاسي” ووزيرة الخارجية في “حكومة الوحدة الوطنية”، “نجلاء المنقوش”، طلبوا انسحابهم، ولكنهم أصروا على البقاء، مردفًا: “هم باقون كقوة احتلال”.
وبحسب الإذاعة الأميركية، فإن الجديد في حرب الطائرات بدون طيار، في معارك “ليبيا”، يتمثل في: “قدرتها على العمل بشكل مستقل، مما يعني أنه لا يوجد إنسان يُسيطر عليها”، واصفة إياها بأنها: “روبوت قاتل” .
أول حالة تاريخية لسلاح قائم على “الذكاء الاصطناعي”..
ونقلت، عن الخبير الأميركي في أنظمة التسليح الذكية، “زاكاري كالينبورن”؛ قوله إنه: “إذا قُتل أي شخص في هجوم مستقل بعد الآن، فمن المحتمل أن يكون من الطائرة، وسيُمثل ذلك أول حالة تاريخية معروفة لسلاح مستقل قائم على الذكاء الاصطناعي استخدم للقتل”.
مشكلة لتركيا عضو الـ”ناتو”..
وقال الباحث السياسي الليبي، “زاهي علاوي”، إن العالم رصد، في العديد من المرات، المعدات والأسلحة التركية: “المشبوهة”، التي جرى نقلها إلى “ليبيا”، بالمخالفة لقرار “الأمم المتحدة”، الذي يحظر توريد الأسلحة إلى البلاد، وقد رصدت العملية الأوروبية، (إيريني)، العديد من المرات التي نقلت فيها سفن شحن تركية للأسلحة.
وأضاف “علاوي”، أنه كان هناك تخوفات من شهور حول نقل مواد محظورة دوليًا، لما لهذا الأمر من تأثير سلبي على جهود “الأمم المتحدة” والغرب من أجل دعم المسار السياسي، وهو ما يُمثل مشكلة لـ”تركيا”، عضو “حلف الشمال الأطلسي”، (ناتو).
وأكد أنه قد تفرض عقوبات دولية على بعض الشركات التركية المتورطة في توريد هذه الأسلحة إلى “ليبيا”، مشددًا على أن: “غض الطرف” عن مثل تلك التجاوزات؛ لن يمكن أن يطول، خصوصًا مع كثرة التقارير ووجود أدلة قاطعة حول تلك الشحنات المشبوهة.