23 ديسمبر، 2024 4:22 م

رغم محاولات تحسين العلاقات .. “أميركا” تفرض عقوبات على تركيا.. فهل أغلقت الباب في وجه “أنقرة” ؟

رغم محاولات تحسين العلاقات .. “أميركا” تفرض عقوبات على تركيا.. فهل أغلقت الباب في وجه “أنقرة” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأت إدارة “بايدن” في اتخاذ خطوات إغلاق الباب في وجه “تركيا”، رغم ما كانت “أنقرة” تسعى إليه، خلال الفترات السابقة، لتحسين العلاقات بينهما، حيث أعلنت “الولايات المتحدة الأميركية”، فرض عقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية التركية وعدد من المسؤولين، بسبب علاقاتهم بقطاع الدفاع الروسي وشراء “أنقرة” لمنظومة صواريخ (إس-400) الروسية للدفاع الجوي.

وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قد أكد، في شباط/فبراير الماضي، أن “تركيا” و”الولايات المتحدة” تجمعهما مصالح مشتركة تفوق بكثير خلافاتهما في الرأي، مُعربًا عن وجود رغبة قوية لدى “أنقرة” في تحسين مستويات التعاون مع “واشنطن” والإدارة الأميركية.

وقالت “وزارة الخزانة” الأميركية، إن العقوبات المفروضة على “تركيا”؛ تستهدف “هيئة الصناعات الدفاعية التركية”؛ ورئيسها، “إسماعيل دمير”، مبينة أنه تم فرض عقوبات على 3 أتراك آخرين؛ لهم علاقة برئيس “هيئة الصناعات الدفاعية التركية”.

وتشمل العقوبات حظرًا على جميع تراخيص وتصاريح التصدير الأميركية؛ إلى إدارة الصناعات الدفاعية التركية، وتجميد الأصول وقيود التأشيرة على “إسماعيل دمير”، وضباط آخرين.

وصادق “الكونغرس” الأميركي، الجمعة الماضي، على فرض عقوبات على “تركيا”، لإقتنائها منظومة الصواريخ الروسية (إس-400).

يُذكر أن إدارة الرئيس الأميركي أكدت، خلال الأسابيع الماضية، على أن عودة العلاقات مع “تركيا” مرتبطة بشكل وثيق في إلغاء صفقة السلاح الروسية، وهو ما علق عليه وزير الخارجية التركي، “مولود غاوويش أوغلو”، بأن الصفقة باتت منتهية، ولا يمكن التراجع عنها.

لدى واشنطن عدة خطوط لمواجهة تركيا..

تعليقًا على فرض “العقوبات الأميركية”، قال مدير البرامج في نادي “فالداي”، الأستاذ المساعد في “معهد موسكو” الحكومي للعلاقات الدولية، “إيفان تيموفيف”: “لدى الولايات المتحدة عدة خطوط لمهاجمة تركيا بالعقوبات. وهي مرتبطة بصناعة الدفاع وحقوق الإنسان وسياسة أنقرة في سوريا. ومع أنهم في كل مرة يفرضون عقوبات محددة الهدف إنما لم يكن لها في السابق تأثير كبير في الاقتصاد التركي. لكن القيود المفروضة على صناعة الدفاع الآن قد تكون أكثر حساسية”.

وأضاف: “تركيا حليف للولايات المتحدة. وهي مسلحة بعدد من المنظومات الأميركية، وعلى وجه الخصوص، تشكل طائرات (إف-16) أساس الطائرات المقاتلة التركية”.

ووفقًا لتوقعات “تيموفيف”، قد يمضي الأميركيون إلى أبعد من ذلك؛ ويحدون من إمدادات الصيانة لأسطول الطيران التركي. “كما توجد مكونات أميركية في عدد من الأسلحة التركية الأخرى. وبشكل عام، تتمتع الولايات المتحدة وحلفاؤها بنفوذ على تركيا؛ فيما يتعلق بموضوع المجمع الصناعي العسكري”.

سيضطر الأميركيون والحلفاء إلى موازنة الأمور..

وأنهى حديثه بقوله: “مع ذلك، فمن المستبعد أن يتخلى الأتراك عن، (إس-400) الروسية. هذه الصفقة مهمة بالنسبة لهم. لكنني لا أعتقد بأن الغرب، بسبب (إس-400)، سيمارس ضغوطًا مفرطة على أنقرة. ففي نهاية المطاف، تركيا حليف، والولايات المتحدة لا تريد أن تفقدها بهذه الصفة، كما لا يريدون أن يخسروها كلاعب في سوق السلاح. لذلك سيضطر الأميركيون وحلفاؤهم إلى موازنة الأمور”.

إس-400″ عقدة منشار علاقات البلدين !

ويعتبر الباحث في شؤون الشرق الأوسط، “عمرو عبدالعاطي”، أن صفقة الصواريخ تلك ستبقى عقدة المنشار في العلاقات “التركية-الأميركية”، على اعتبار أن الحكومة التركية حاليًا تقف أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تلغي الصفقة وتفقد سنوات من التحالف مع الروس والعودة إلى المعسكر الأميركي، أو أن تستمر بالصفقة وتخسر فرصة تحسين العلاقات مع الغرب؛ والتي من الممكن أن تساعدها كثيرًا في أزمتها الاقتصادية.

ويوضح “عبدالعاطي”: “الحكومة التركية أرادت، من خلال صفقة الصواريخ الروسية؛ أن تخرج بعض الشيء من العباءة الأميركية واستخدام العلاقة مع روسيا كورقة ضغط على الأميركان، إلا أن تبدلات القيادة في واشنطن أربكت كل الحسابات وأوقعت حكومة العدالة والتنمية في ورطة، فلا هي قادرة على إكمال الصفقة مئة بالمئة، ولا هي قادرة على التراجع عنها، وبالتالي فإنه يمكن اعتبار أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن إن لم تتراجع؛ فإنها ستبقى مراوحة في المكان لفترة طويلة”، مشيرًا إلى أنه في الظروف الحالية، ستكون “تركيا” هي الخاسرة من ذلك الوضع، على اعتبار أنها الطرف الذي يعاني من الأزمات الاقتصادي والسياسية.

ليس بحاجة ماسة لعلاقته مع تركيا..

ويلفت “عبدالعاطي” إلى أن “الولايات المتحدة” تمتلك في المنطقة عددًا كبيرًا من الحلفاء، كدول الخليج و”مصر” مثلاً، وهي الدول التي تمثل حليفًا إستراتيجيًا وثابتًا للولايات المتحدة؛ بعيدًا عن “تركيا”، لا سيما وأنها ذات مواقف أكثر تشددًا ووضوحًا؛ حيال قضايا الملف الإيراني ومحاربة الإرهاب، مشيرًا إلى أن، “بايدن”، قد يتولد لديه شعور بأنه ليس بحاجة ماسة للعلاقات مع “تركيا”، بدرجة تجعله يتجاوز مسألة الصواريخ الروسية، خاصةً وأن “الولايات المتحدة” ترى، في تلك الصواريخ، تهديدًا لـ”حلف شمال الأطلسي”.

لم تغلق الباب كليًا..

من جهته؛ يعتبر المحلل السياسي، “ناصر خصاونة”؛ أن الإدارة الأميركية لم تغلق الباب كليًا في وجه الحكومة التركية، و”إردوغان”، إلا أنها توجه رسالة، من خلال العقوبات؛ بأنها لن تتنازل عن ذلك الشرط ولا عن أمن قوات “حلف الأطلسي”، بالإضافة إلى أنها لن تقبل أن تستمر مسألة الصواريخ معلقة دون تراجع واضح من “تركيا” عن تلك الصفقة، مشددًا على أن لا علاقات بين الطرفين في ظل استمرار تلك الصفقة.

سياسات تركيا جعلتها تائهة بين الشرق والغرب !

ويرى المحلل السياسي، “كاوا مصطفى”، أن سياسات حكومة “العدالة والتنمية”، خلال العقد الأخير، ساهمت في توهان بوصلتها وبوصلة مصالحها بين الشرق والغرب، لافتًا إلى أن تلك السياسة وضعت القسم العسكري والسياسي من المصالح التركية في الشرق مع “روسيا” و”الصين”، فيما حولت أن تبقي مصالحها الاقتصادية مع الغرب في “الولايات المتحدة” و”أوروبا”، على الرغم من اعتمادها سياسات متناقضة مع توجهات تلك الدول.

ويضيف “مصطفى”: “تلك التوليفة من المصالح؛ لا يمكن لأي طرف من العالم أن يطبقها، خاصةً وأنها تعتمد على جمع مصالح بين أطراف متناحرة، كما أن الحكومة التركية أغرقت نفسها، أكثر من اللازم؛ في العلاقات مع روسيا تحديدًا، في الملف السوري، ما أعطى موسكو أوراق ضغط على أنقرة”، مشيرًا إلى أن قرار الانفصال عن المصالح مع “روسيا” سيكلف “تركيا” الكثير على المستوى العسكري والنفوذ في “سوريا”.

تغيير النظام الحاكم وقدوم إدارة جديدة..

ويشير “مصطفى”؛ إلى أن الحل الوحيد لمعضلة العلاقات التركية والسياسة الخارجية؛ يمكن في حالة واحدة فقط، وهي تغيير النظام الحاكم والقدوم بإدارة جديدة للبلاد، وهو ما سيعطي “تركيا” قوة أكبر لإعادة ترتيب علاقاتها مع دول العالم وترتيب أولوياتها ضمن قائمة المصالح سواء مع الغرب أو المنطقة العربية، على حد قوله، معتبرًا أن حكومة “العدالة والتنمية” صنعت شرخًا كبيرًا في العلاقات مع العديد من دول العالم؛ بينها “مصر” والخليج و”الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة”، ولم يُعد يمكنها رأب الصدع مع كل تلك الأطراف.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة