رغم رفض البرلمان والقوى السياسية .. “الناتو” يبقي على قواته لمدة 5 سنوات .. فكيف سيقابل هذا القرار ؟

رغم رفض البرلمان والقوى السياسية .. “الناتو” يبقي على قواته لمدة 5 سنوات .. فكيف سيقابل هذا القرار ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن الساحة العراقية لن تهدأ أبدًا في ظل التوترات السياسية التي تشهدها باستمرار، خاصة فيما يتعلق ببقاء القوات الأجنبية على أراضيها، فبعدما وافق البرلمان العراقي، بعد سجال حاد من الكتل السياسية الموالية لإيران، على إخراج تلك القوات من أراضيه، أعلنت قائد قوات (الناتو) في العراق، “جيني كارينيان”، أن القوات قد تبقى لمدة 5 سنوات أخرى في البلاد، حتى تفعيل برنامج الإصلاح ونظام الدفاع والأمن.

على إثر ذلك الإعلان تظاهر مئات العراقيين، السبت، في “بغداد”، مطالبين بخروج القوات الأميركية من البلاد.

وردد المتظاهرون الذين رفعوا أعلام (الحشد الشعبي)، تحالف الفصائل الموالية لإيران والتابع رسميًا للحكومة العراقية، شعارات مثل: “أميركا طلعي برا بغداد تبقى حرة” و”بقاؤكم في العراق هو اللعب بالنار”، فيما كانوا يقفون قرب أحد مداخل “المنطقة الخضراء”؛ حيث تقع السفارة الأميركية ومقر الحكومة والبرلمان العراقيين.

تقليل عدد القوات خلال أشهر..

ووفقًا لوسائل إعلام عراقية، قالت “كارينيان”، إن “التحالف الدولي ضد داعش”، في مرحلة الانتقال وسيتم تقليل عدد قواته في العراق خلال الأشهر المقبلة.

وأضافت: “سنكون عونًا للعراق عن قرب في هذا الانتقال، وهدف (الناتو) هو القيام بواجبه حتى دون وجود قوات التحالف الدولي، هدفنا إنجاح الإصلاح”، موضحة أنه: “بناءً على طلب الحكومة العراقية، أبدى وزراء الدفاع في حلف (الناتو) قبل أيام، موافقتهم على توسيع العمل في البلاد من خلال زيادة عدد مستشاريها لتشمل وزراة الداخلية أيضًا، لذا ستكون أمامنا مهمات أكثر في الأشهر والسنوات المقبلة”.

مهمة استشارية وليست قتالية..

وحول عمل ومهمة (الناتو) في العراق، أكدت أن: “مهمة (الناتو) في العراق استشارية وليست قتالية، تقدم الاستشارة لوزارة الدفاع العراقية حتى إصلاحها”.

ولفتت إلى أن العمل مع الدفاع العراقية يتضمن مكافحة الفساد، تحسين إدارة القدرات البشرية وتدريبها، السياسة والاستراتيجية، قانون الاشتباك المسلح، القيادة، المرأة، السلام والأمن، والعمل بحرفية في التهيئة العسكرية.

وأوضحت “كارينيان”، أنه: “في الـ 20 سنة الماضية، شاركت وزارة الدفاع، في عدة حروب، وهذا ما جعل من غير السهل إجراء التجديد والإصلاح فيها، لكن حان الوقت الآن لتجديدها والعمل على إصلاحٍ طويل الأجل فيها”.

وأضافت أن لدى قوات (الناتو) 11 موقعًا للتدريب في مجالات التكنيك اللوجيستي، وتفكيك الألغام، والهندسة والطب، ضمن الوزارة والتربية العسكرية في الكلية العسكرية العراقية، نظرًا لأن الكليات العراقية كانت بحاجة للتجديد وتغيير برنامجها”.

وعدت قائدة قوات (الناتو) في العراق، الإصلاح في مجال الأمن موضوعًا هامًا، وقالت: “من الضروري جدًا لحكومة الكاظمي، أن تشجع على إجراء الإصلاح في مجالات الأمن، وقد لمسنا اهتمامًا خاصًا من الكاظمي بالبعض منها، مثل مكافحة الفساد داخل وزارة الدفاع التي يقوم الكاظمي بإجرائها حاليًا”.

ولفتت إلى أن: “الإصلاح في مجال الأمن والدفاع، يتطلب برنامجًا طويل الأمد؛ وعليه سيبقى (الناتو) لسنوات أخرى هنا حتى إنجاح ذلك الإصلاح”، لافتة إلى أن (الناتو) يقوم بتفعيل هذا البرنامج في 19 دولة، مؤكدة نجاح البرنامج.

ومضت قائدة قوات (الناتو) في الحديث، بالقول إنهم: “يولون الاهتمام الأكبر لدعم قوات الأمن العراقية التابعة للحكومة العراقية بشكل رسمي، و(الحشد الشعبي) ضمن تلك القوات، لكن رغم ذلك ليس لـ (الناتو) أي برنامج عمل مع (الحشد الشعبي)، ومسألة تأسيس وتمكين قوات (الحشد الشعبي) تتم بطلب من الحكومة العراقية، وقد تصبح جزءًا من مهمة (الناتو) في المستقبل”.

المراقبون يرون أن بقاء قوات حلف (الناتو) لسنوات يأتي ضمن تفاهمات واتفاقات عراقية مع الولايات المتحدة الأميركية ودول التحالف تحت مظلة الأمم المتحدة لمحاربة (داعش)، ولذا فإن تلك القوات جاءت بطلب من الحكومة للمساعدة ولا ينطبق عليها قوات احتلال كما يقول بعضهم، والعراق يحتاجها في مهام التدريب والتطوير للجيش والقوات الأمنية لمواجهة التحديات التي يعيشها.

قرار الانسحاب يرجع لأميركا وتحالفها..

من جانبه؛ قال أمين عام (الحزب الطليعي الناصري) والدبلوماسي العراقي السابق، الدكتور “عبدالستار الجميلي”، العراق في وضع ضعيف الإرادة بسبب التمزق الوطني والمجتمعي الذي فرضه الاحتلال الأميركي والتدخل والتموضع الإيراني والتركي؛ وما تمخض عن ذلك من محاصصة طائفية وعرقية واستبداد وفساد ممثلي هذه المحاصصة، مضيفًا إن قرار البرلمان العراقي المتعلق بإخراج القوات الأجنبية من البلاد ما هو إلا انعكاس لهذا الوضع السياسي، وليس له من ترجمة على الأرض سوى الشعارات والإدعاءات الفارغة من أي مفاعيل ومضامين عملية.

“الجميلي” أشار إلى أنه في ظل وضع العراق الراهن هو لا يملك أن يقرر بقاء قوات التحالف من عدمه، والقرار بالنتيجة بيد أميركا وتحالفها في ضوء مصالحها ورؤاها.

وأعتقد أن الاحتلال وبقاء قواته المتحالفة مفتوح لأكثر من خمس سنوات، إذا بقي الوضع العراقي على ما هو عليه من تمزق وتشتت وغياب المشروع الوطني البناء الجامع، في ظل كتل الاستبداد والفساد في بغداد وأربيل.

إشكالية قانونية بقرار البرلمان..

من جهته؛ قال الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، اللواء “ماجد القيسي”، إن قرار البرلمان العراقي فيما يتعلق بإخراج القوات الأجنبية من البلاد كان واضحًا، رغم أن به إشكالية قانونية، حيث أن القرارات ومشاريع القوانين تأتي دائمًا من الحكومة إلى البرلمان ويتم التصويت عليها، لكن قرار إخراج القوات الذي أصدره البرلمان كان بضغوط من كتل سياسية بعد عملية المطار.

موضحًا أن قرار البرلمان المتعلق بالقوات الأجنبية غير ملزم للحكومة، فلا يمكن أن تطبقه الحكومة وفق مسارات إصدار القوانين، لأن حضور القوات الأجنبية إلى العراق، عام 2014، كان بناء على اتفاق بين الحكومة العراقية والحكومة الأميركية ودول التحالف و(الناتو)، تحت مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي الذي ينص على أنه في حال تعرض العراق إلى تهديد، فيمكن للحكومة العراقية أن تطلب المساعدة من أميركا.

مشيرًا إلى أنه؛ بما أن الولايات المتحدة الأميركية كانت ضمن تحالف دولي في العراق يقاتل ضد تنظيم (داعش)، بعدما احتل أجزاء من سوريا والعراق، وعلينا أن نفرق بين التحالف الدولي في العراق لمحاربة (داعش) وبين حلف (الناتو)، فهناك دول في العراق ليست ضمن التحالف، ولكنها ضمن (الناتو)، والذي حضر لتقديم الاستشارة والتدريب للجيش والقوات الأمنية من أجل رفع كفائتها وجاهزيتها، لأن التحالف الدولي جزء كبير منه ضمن حلف (الناتو).

بغداد تحتاج لخدمات “الناتو”..

وأشار “القيسي” إلى أن قوات (الناتو) قد قامت بتدريب أكثر من 200 ألف عنصر من القوات العراقية طوال الست سنوات الماضية، وترى بغداد أنها لا تزال بحاجة إلى خدمات (الناتو)؛ وخصوصًا في مجال التدريب والاستشارة، وإعلان قائد قوات (الناتو) عن البقاء في العراق لمدة خمس سنوات قادمة، تعني الاستمرار في تقديم التدريب والاستشارات، لأن الجانب العسكري متغير ويحتاج دائمًا إلى التدريب المتواصل.

وأوضح أن قوات التحالف الموجودة بالعراق ليست قوات احتلال؛ وتختلف عن القوات التي كانت متواجدة قبل العام 2011، والتي كانت بالفعل قوات احتلال، أما القوات الحالية فقد جاءت برغبة الحكومة العراقية.

اغتيال “سليماني” وقرار سحب القوات..

يذكر أنه في كانون ثان/يناير 2020، وبعد 48 ساعة من اغتيال الجنرال الإيراني، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، تبنى “مجلس النواب” العراقي قرارًا يدعو الحكومة إلى وضع جدول زمني لمغادرة القوات الأميركية، التي تضم 5200 جندي، من العراق.

وقالت الحكومة، آنذاك، إنها حكومة تصريف أعمال؛ لذلك لا تستطيع تطبيق هذا الإجراء فورًا، وسلمت المهمة لحكومة “مصطفى الكاظمي” التي تولت السلطة في آيار/مايو الماضي؛ وتعهدت بجدولة الوجود الأجنبي. وقد دعت إلى إمهال الأميركيين “ثلاث سنوات” لمغادرة البلاد.

وخلال الأشهر الماضية، تعرضت السفارة الأميركية في بغداد، ومصالح أميركية عسكرية وغير عسكرية، لإعتداءات عدة تبنتها إجمالاً مجموعات غير معروفة، لكن يشتبه في إرتباطها بإيران.

وفي منتصف تشرين أول/أكتوبر الماضي، أعلنت الفصائل العراقية الموالية لإيران أنها وافقت على التوقف عن مهاجمة السفارة الأميركية في بغداد، شرط أن تعلن واشنطن انسحاب قواتها نهاية العام الحالي.

وبالفعل خفضت الولايات المتحدة عدد جنودها في البلاد إلى نحو ثلاثة آلاف بسبب “النصر” الذي أعلن في نهاية 2017 على الجهاديين؛ وعلى إثر انتشار وباء (كوفيد-19).

ونشرت الولايات المتحدة آلافًا من جنودها في العراق، في 2014، لقيادة تحالف دولي يقاتل “تنظيم الدولة الإسلامية”، الذي إجتاح بعد ذلك ثلث أراضي البلاد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة