رغم جراح العراق .. “الكاظمي” في جولة أوروبية .. فهل تحقق هدفها أم تبقى في إطار التنظير ؟

رغم جراح العراق .. “الكاظمي” في جولة أوروبية .. فهل تحقق هدفها أم تبقى في إطار التنظير ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خضم التوترات التي يعيشها العراق الآن، حيث يكاد لا يمر يوم دون وقوع حادث يزيد الأحداث اشتعالاً، يستهل رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، الإثنين، جولته الأوروبية لمدة أربعة أيام؛ تشمل: “فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة”.

وتركز الجولة على ملفات مهمة؛ من بينها رفع اسم العراق من “قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية”، والعلاقات الثنائية، والتعاون الاقتصادي، ومكافحة وباء (كورونا)، والحربُ ضد (داعش). وكذلك ستتطرق الجولة للمواضيع الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حسبما أعلن “البنك المركزي”.

“المترو” وإنشاء المطارات..

عن أبرز محاور الزيارة، كشف “هشام داوود”، مستشار رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، منها “المترو المعلق” وإنشاء مطارات في عدد من المحافظات العراقية.

“داوود” ذكر، أن زيارة “الكاظمي” إلى أوروبا فيها جنبة اقتصادية، ولا يمكن فصل الزيارات الكبيرة والعالية المستوى للعالم من دون الجانب الاقتصادي، مشيرًا إلى وجود اهتمام عالمي بـ”العراق” وبدوره ومكانه، وهنالك أيضًا شيء من التقدير لمصداقية الحكومة، كما أن هناك دعوات كثيرة للعراق تأتي من “روسيا” ودول كثيرة في آسيا وأميركا وأوروبا وبلدان عربية عديدة، وفقًا للتليفزيون الرسمي.

ومن ضمن الوفد المرافق لـ”الكاظمي”، محافظ البنك المركزي ووزير المالية وعدد من الاقتصاديين الكبار، لإقناع البلدان الأوروبية على وضع العراق في المكان الصحيح، ليتمكن من بدء النمو والنشاط الاقتصادي المقبول والانفتاح على العالم.

يدعو للحيادية وبات أكثر إيجابية..

لفت “داوود”، إلى أن العراق تعرض لحيف “كبير” وحصار لسنوات، والأسباب كانت سياسية وعسكرية، مؤكدًا على أن العالم كان يخشى من العراق، لكن الآن أصبح العكس فإن العراق يدعو للحيادية، وبات عنصرًا إيجابيًا، وهناك الحاح من قِبل العديد من البلدان لزيارته.

فرنسا تحرص على دعم العراق..

ومن باريس؛ التي استهل بها جولته، صرح “الكاظمي”، أمس الإثنين، بأن الحكومة العراقية تسعى إلى علاقات متينة مع دول العالم تقوم على أساس المصالح المشتركة وإعادة العراق لوضعه الدولي .

ودعا “الكاظمي”، خلال جلسة مباحثات مع نظيره الفرنسي، “جان كاسيتكس”، في باريس، إلى:” “تعزيز التعاون بين البلدين في العديد من القطاعات”، حسب بيان عراقي.

وأكد رئيس الوزراء الفرنسي: “حرص فرنسا على دعم العراق في مختلف الصعد”.

وبحث الجانبان سُبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيزها في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والأمنية والصحية، والأوضاع في المنطقة، وتبادلاً وجهات النظر بشأن عدد من القضايا التى تهم بلديهما .

لقاء ألماني مرتقب..

وكانت السفارة الألمانية في بغداد أعلنت، الأحد، أن المستشارة، “أنغيلا ميركل”، ستجتمع مع رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، في برلين، الثلاثاء، لبحث عدد من الملفات ومنها العلاقات الثنائية، التعاون الاقتصادي، مكافحة وباء (كورونا)، الحرب ضد (داعش)؛ وكذلك المواضيع الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وتحمل الزيارة إلى أوروبا الطابع السياسي في الدرجة الأولى، من خلال دعم الدول الأوروبية للعراق ورغبة العراق في لعب دوره بالمنطقة، وأن المضمون الثاني للزيارة الأوروبية هو الجانب الاقتصادي .

أما الموضوع النووي مع فرنسا، فلم يطرح بشكل جدي للحوار بين البلدين، وسيتم توقيع مذكرات تفاهم، وهنالك دراسات جرت في السابق حول هذه المشاريع، وفقًا لـ”داوود”.

زيارات مسبقة..

وأجرى “الكاظمي”، منذ تشكيل حكومته قبل أكثر من 5 أشهر، زيارات خارجية عدة، كان قد أستهلها بالتوجه إلى “إيران” ثم إلى “الولايات المتحدة”، وكذلك “الأردن”، حيث عقد قمّة ثلاثية ضمته إلى العاهل الأردني الملك، “عبدالله الثاني”، والرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، وركزت على ملفات اقتصادية وتجارية مشتركة بين الدول الثلاث.

لكن زيارة كانت مقررة له إلى “السعودية”، في تموز/يوليو الماضي، جرى تأجيلها بسبب تزامنها مع وعكة صحية ألمّت بالعاهل السعودي، الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، وفقًا لما أعلنته حينها وزارة الخارجية السعودية، ولم يتم تحديد موعد آخر لها حتى الآن.

دعم اقتصادي وعسكري وصحي..

عن الزيارة الأخيرة؛ قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، “عامر الفايز”، إن: “جولة الكاظمي الأوروبية، بهذا الوقت، مهمة جدًا للعراق، خصوصًا لما يواجه من أزمات اقتصادية ومالية وصحية وحتى أمنية”.

وبّين “الفايز” أن العراق لا يمكن له تجاوز تلك الأزمات، إلا من خلال دعم دولي، ولهذا تهدف زيارة “الكاظمي” إلى الدول الأوروبية الثلاث، للحصول على الدعم في مجال الاقتصاد والاستثمار، وكذلك الدعم الأمني والعسكري، وحتى الصحي، لمواجهة وباء فيروس (كورونا)، مضيفًا أن مجلس النواب سيلتقي رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، فور ختام جولته الأوروبية، لمعرفة ما بحثه خلال هذه الجولة، وما هي الاتفاقيات التي وقعها هناك، خصوصًا أن بعض الاتفاقيات تحتاج إلى تصويت البرلمان.

تصرف سياسي أبله !

ومن ردود حول الزيارة قال عراقيون، إنهم يشعرون بالإشمئزاز للتصرف السياسي الأبله الذي قام به “الكاظمي”. فالعراق في وسط الوحل والدم ومجزرة “صلاح الدين” لا تزال ماثلة. والوطن يغلي، ولم تتوصل القوات الأمنية لشىء، لا في حرق مقر (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)؛ ولا في قتل المدنيين الأبرياء في “الفرحاتية”، في “صلاح الدين”، ثم يقوم “الكاظمي”، بمواصلة زيارته لأوروبا لكل من “لندن وباريس وبرلين”.

وقال مراقبون؛ إنها بلاهة سياسية، والزعماء عندما تظهر مثل هذه الأزمات يلغون زياراتهم تمامًا للخارج أو يعودون لبلدانهم، ويبقون في دائرة العمل !.. وهل هناك مصيبة من أن يكون بلد بأكمله يترقب حربًا أهلية بسب حكومة ضعيفة مهترئة ؟

استقطاب الشركات وطمأنة البعثات الأوروبية..

فيما أوضح أستاذ الفكر السياسي في الجامعة “المستنصرية”، الدكتور “عصام الفيلي”، أن: “الجانب الاقتصادي هو الأهم في هذه الزيارة، ويتمثل بموضوع استقطاب الشركات للعمل في العراق، حيث أن هذا الموضوع يمثل أحد أهم المعالجات للأزمة في البلاد، إضافة إلى أن السيد الكاظمي سيبحث موضوع التطمينات المقدمة للدول الأوروبية، بشأن بعثاتها الدبلوماسية”.

وتابع “الفيلي” بالقول: “يريد العراق بهذه الزيارة؛ أن يقنع الدول الأوروبية بأنه يمثل الجنبة الحيادية في طبيعة الصراع (الأميركي-الإيراني)، والذي قد تدخل فيه الدول الأوروبية على خط الصراع، فهذه الدول أقل تقاطع مع إيران”.

وأضاف “الفيلي” قائلاً: “يوصل السيد الكاظمي، في زيارته هذه، عدة رسائل، فمن جهة يريد أن يبين للإيرانيين أنه يريد أن يجد مخرج من أزمته الاقتصادية بعيدًا عن الولايات المتحدة، كما أنه وبنفس الوقت لا يريد أن يغضب الأميركان فيما لو ذهب إلى الصين، فهو يريد الوقوف في المنتصف”.

تدخل في إطار التنظير ما لم تطبق على أرض الواقع..

“هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية القانونية، قال لـ (كتابات)؛ إن زيارة “الكاظمي” إلى “ألمانيا” و”فرنسا” تحمل الطابع الاقتصادي وإحياء اتفاقيات سابقة على صعيد بناء محطات الكهرباء وتطوير الحقول النفطية، والتعاون في المجال المصرفي ومراقبة الأموال وتشخيص غسيل الأموال، خاصة في الظرف الاقتصادي العصيب الذي يمر به العراق، وحاجته الماسة لتعظيم دخله من خلال عدة قنوات ومن ضمنها الاستثمار .

أما على الصعيد العسكري، فأوضح “الشماع”؛ أنه لم يُعد موجود أي قطعات عسكرية لحلف (الناتو) والتعاون في المجال العسكري، أيضًا في طور إعداده بين العراق وفرنسا، خاصة بعد إعلان فرنسا من خلال زيارة وزيرة الجيوش الفرنسية مؤخرًا لبغداد استعداد باريس بتقديم الدعم العسكري الكامل لبغداد لمواجهة (داعش) والتعرضات التركية المستمرة في شمال العراق .

ولكن تبقى مثل هذه الزيارات هي في إطار التنظير؛ ما لم تطبق الاتفاقيات على أرض الواقع، “وأحسب أن التطبيق يبدو يكون متأخرًا بسبب ما يمر به العراق من ظرف أمني محلي وإقليمي، وكذلك الأزمة الاقتصادية الخانقة والإشكالات السياسية الداخلية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة