خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في أول تعليق له على ما يمكن أن يكون شكل سياسته مع “إيران”، خاصة بعدما استجد من أوضاع قد تؤدي إلى زيادة التوتر بين “واشنطن” و”طهران” مستقبلاً، قال الرئيس الأميركي المنتخب، “جو بايدن”، وفق (سي. إن. إن) الأميركية، إنه من الصعب معرفة حجم التعقيد، وأوضح لـ (الناتو)، وفي اتصالات مع 20 رئيس دولة؛ أن لديهم حكم رئيس واحد في كل مرة.
موضحًا: “لذلك لا يمكنني وضع سياسة، لكني أريد إعادة تسييس علاقات تحالف قوية ووثيقة، كانت لدينا في كل من أوروبا والمحيط الهاديء”.
وتابع: “أوروبا الآن ابتعدت عن الولايات المتحدة، بناءً على أحتضان الرئيس للحكام المستبدين وغرز إصبعه في أعينهم، ولذا أعتقد أن هذا سيعتمد كثيرًا على ما سيغير الظروف إذا أنضمت أوروبا إلى جانب الولايات المتحدة، لكنها ستكون مفاوضات صعبة، ليس لدي أي أوهام حول ذلك”.
وأضاف: “خلاصة القول؛ إننا لا نستطيع السماح لإيران بإمتلاك أسلحة نووية، وأنظر إلى أي مدى أضر الرئيس بهذه السياسة، لقد انسحب للحصول على شيء أكثر صرامة وما فعلوه؛ لقد زادوا من قدرتهم على إمتلاك مواد نووية”.
وقال: “إنهم، (إيران)، يقتربون من القدرة على إمتلاك مواد كافية لصنع سلاح نووي. هناك قضايا الصواريخ أعتقد أن كل هذه الأشياء ستكون صعبة للغاية، لكنني أعرف شيئًا واحدًا، لا يمكننا القيام بذلك بمفردنا ولهذا السبب يجب أن نكون جزءًا من مجموعة أكبر لا تتعامل مع إيران فحسب، بل مع روسيا والصين ومجموعة كاملة من القضايا الأخرى”.
وقال “بايدن” إنه سيعطي أولوية لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية والنظر في رفع العقوبات، لكنه سيطلب من إيران الإمتثال أولاً لبنود الاتفاق.
إيران ترفض الشروط المسبقة..
من جهته؛ رد وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، قائلاً إن “طهران” لا تقبل بشروط مسبقة من جانب الإدارة الأميركية المقبلة؛ بشأن برنامجها النووي، مؤكدًا على ضرورة عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق عام 2015؛ قبل إجراء محادثات، مضيفًا أن الولايات المتحدة عليها “إلتزامات” يجب أن تنفذها.
وفي كلمة أمام مؤتمر افتراضي استضافته “إيطاليا”، يوم الخميس، قال “ظريف” إنّ الولايات المتحدة: “انتهكت بشكل خطير” قرار “الأمم المتحدة”، الذي يؤيد “الاتفاق النووي”، عندما انسحبت منه، واصفًا إدارة “ترامب” بأنها: “نظام مارق”.
وأضاف: “يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف. على الولايات المتحدة أن تكف عن انتهاكاتها للقانون الدولي”، مؤكدًا على أن الولايات المتحدة: “ليست في وضع يسمح لها بوضع شروط”.
قرار يمنع تفتيش المواقع النووية..
وكان البرلمان الإيراني قد مرر مشروع قانون يمنع عمليات التفتيش التي تقوم بها “الأمم المتحدة” لمواقع إيران النووية، ويطالب الحكومة باستئناف تخصيب (اليورانيوم) بنسبة 20% – وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة 3.67%؛ المتفق عليها بموجب الاتفاق – إذا لم يتم تخفيف العقوبات في غضون شهرين.
ويمكن استخدام (اليورانيوم) المخصب في مستوى أعلى بكثير في صنع قنبلة نووية، ولكن بمجرد تخصيب (اليورانيوم) بنسبة 20%؛ يصبح الوصول إلى المستوى المطلوب لصنع قنبلة نووية، أسهل من الناحية التكنولوجية.
فيما عارض الرئيس، “حسن روحاني”، تنفيذ التشريع الذي أقره البرلمان. ولا يزال يتعين على المرشد الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، توضيح موقفه بشأن التشريع.
اغتيال “زاده”..
وتأتي هذه التطورات بعد اغتيال العالم النووي الإيراني، “محسن فخري زادة”، الذي لعب دورًا أساسيًا في برنامج إيران النووي.
وقُتل “فخري زادة” في هجوم غامض خارج العاصمة، “طهران”، يوم الجمعة الماضي. وأشارت إيران بأصابع الاتهام إلى “إسرائيل”، التي لم تُعلق علانية على ذلك.
وقال “ترامب”، عندما تخلى عن “الاتفاق النووي”، إنه يريد إجبار إيران على التفاوض بشأن اتفاق جديد من شأنه أن يفرض قيودًا على برنامج إيران النووي إلى أجل غير مسمى ويوقف تطوير الصواريخ (الباليستية)، وهو ما رفضته إيران، وقامت في تموز/يوليو 2019، برفع نسبة تخصيب (اليورانيوم) عن المعدلات المنصوص عليها في الاتفاق، لكن ظل مستوى التخصيب ثابتًا عند 4.5% منذ ذلك الحين.
وأعلنت “طهران”، في كانون ثان/يناير 2020، أنها لن تلتزم بعد الآن بأي من القيود التي يفرضها الاتفاق.
وقالت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، الشهر الماضي، إن لدى “إيران” أكثر من 12 ضعف كمية (اليورانيوم) المخصب المسموح بها بموجب الاتفاق.
شروط “تعجيزية” تُقزم الثورة الإيرانية..
وعن شروط “بايدن”، يقول “عبدالباري عطوان”، رئيس تحرير صحيفة (رأي اليوم) اللندنية؛ إن رسالة بايدن: “جاءت لتعزيز الجناح الإصلاحي برئاسة، حسن روحاني، ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف، الذي يواجه ضغوطًا قوية من الجناح المُتشدّد المدعوم من المرشد الأعلى”.
ويعدّد الكاتب أربع نقاط يراها: “أخطر” ما في رسالة “بايدن”. الأولى: تأكيد “بايدن” على أن العودة للمفاوضات ستتناول كذلك “تفكيك برامج الصّواريخ الباليستيّة الإيرانيّة”. والنقطة الثّانية هي: “إشراك دول أُخرى في المفاوضات” مثل، السعوديّة والإمارات، بما يعني: “وضع إيران وبرامجها النوويّة تحت وصاية إقليميّة بعد الوِصاية الدوليّة”.
النقطة الثالثة هي: “تمديد فترة القيود على أنشطة إيران لإنتاج المواد الإنشطاريّة، التي قد تستخدم لصنع أسلحة نوويّة، وهذا يعني إطالة المدّة الزمنيّة للاتّفاق النووي إلى أكثر من عشر سنوات”.
النقطة الرابعة هي: “الحصول على إلتزام إيراني بوقف كل الدعم السياسي، والعسكري، والمالي للأذرع العسكرية الحليفة في اليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق، وفلسطين المحتلّة”.
ويرى “عطوان” أنه: “سيكون من الصعب على الجناح الإيراني المتشدد أن يقبل بكل، أو بعض هذه الشروط الأميركية التعجيزية المسبقة، لأن هذا يعني تقزيم (الثورة الإيرانية)، ونسْف كل أدبياتها في داخل إيران وخارجها، وتحويلها إلى (دويلة) منزوعة المخالب والأنياب”.
“بايدن” يُكمل ما بدأه “ترامب” بأسلوب مختلف !
فيما يؤكد “فاروق يوسف”، في موقع (ميدل إيست أونلاين) اللندني؛ أن: “ما بدأه ترامب سيكمله بايدن، لكن بأسلوب مختلف ومزاج آخر، غير أن الأهداف تظل واحدة”.
ويقول: “إذا كانت إيران تأمل أن يتراجع بايدن عن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي؛ فإن آمالها ستكون ناقصة إلى درجة الخيبة. فقد تكون العودة التي وعد بها الرئيس الجديد أشبه بالانسحاب، من جهة كونها لا تلبي شيئًا من الأمنيات الإيرانية”.
ويرى أن طهران: “ستسعى إلى الظهور بطريقة تُبعد عنها شبهة التشدد، وهو ما بدا واضحًا في موقف الرئيس، روحاني، الرافض لقرار مجلس النواب الداعي إلى عدم الإلتزام بشروط الاتفاق النووي بشكل كلي”.
إستدارة إيرانية..
ويقول “مهند مبيضين”، في صحيفة (الدستور) الأردنية؛ إن إيران: “في أمسّ الحاجة للتهدئة حتى تمضي ولاية ترامب وتدخل مرحلة بايدن، الذي يبدو منفتحًا على مسألة تجديد الاتفاق النووي. لأن الكارثة التي فعلها ترامب أدت إلى إطلاق يد إيران والتخصيب بشكل أعلى من المسموح به وضرب المنطقة بالمزيد من التوتر”.
ويضيف الكاتب أنه: “يمكن الحديث عن إستدارة إيرانية، في المرحلة الأولى من ولاية بايدن، لكن المهم أن تجري تحولات عملية في سياسة إيران الخارجية”.
تحركات لفرض أمر واقع جديد..
ويقول “محمد عباس ناجي”، في صحيفة (الأهرام) المصرية؛ إن: “احتمال إقدام إدارة الرئيس بايدن، على محاولة فتح قنوات تواصل مع طهران ما زال قائمًا، لا سيما في ظل الرسائل الإيجابية التي وجهتها الأخيرة في هذا الصدد”.
ويضيف الكاتب: “ستكون هناك تحركات على الأرض لفرض أمر واقع جديد قبل أن تصل التفاهمات المحتملة بين طهران وإدارة بايدن إلى مرحلة العودة مقابل العودة”.
ويرى “ناجي” أن ذلك سيعني: “أن هناك سباقًا مع الزمن لوضع حدود لتلك التفاهمات المحتملة، بحيث تتضاعف العقبات التي يمكن أن تحول دون عودة الاتفاق النووي إلى مربعه الأول من جديد”.