خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
تُعد الحرب الأهلية الطاحنة في “اليمن”، بالنسبة لكل من “إيران” و”روسيا”، ساحة للمواجهات الإقليمية بل وحتى الدولية؛ وهناك تنسيق وتعاون بين الدولتين بشأن تلك الحرب رغم تباين الأهداف والمصالح. بحسب الكاتب، “ميكي أهرونسون”، في مقاله بموقع (نيوز وان) العبري.
اليمن حلبة للصراع بين السعودية وإيران..
يرى “أهرونسون” أن تمرد “الحوثيين” في “اليمن”، الذي يزداد إشتعالًا، منذ عام 2011، ليس مجرد تمرد محلي، فالجبهة اليمنية؛ كباقي الجبهات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، تُعد حلبة للصراع بين “إيران”، زعيمة “محور المقاومة”، وبين “السعودية”؛ زعيمة المعسكر السُني المعتدل.
وهناك اعتبارات جيو-سياسية جعلت نظام “طهران” يبذل الغالي والنفيس من أجل بسط سيطرته على الجبهة اليمنية، وتحقيق المزيد من النفوذ الإيراني في “اليمن”، مستغلًا الأزمة التي تجتاح تلك الدولة العربية.
طهران تعاقب الرياض..
أوضح الكاتب الإسرائيلي أن هناك عدة أسباب دفعت النظام الإيراني للتدخل في “اليمن”؛ أولها أن “إيران” أرادت تطويق “السعودية” من الجنوب وتجعلها خاضعة لحصار فعلي، خاصة في ظل الهيمنة الإيرانية في منطقة جنوب “العراق”.
وثانيًا؛ أن “إيران” أرادت معاقبة “السعودية” لأنها أرسلت، عام 2011، قوات عسكرية لـ”البحرين” وقمعت التمرد الشيعي ضد العائلة السُنية الحاكمة هناك. وما زاد من الرغبة الإيرانيين في معاقبة “السعودية” هو الدعم الذي قدمته “الرياض” لـ”الثورة السورية”، التي إندلعت في العام نفسه.
وثالثًا؛ فإن “إيران” أرادت الإستحواذ على المواقع “الجيو-إستراتيجية”، في “اليمن”؛ وعلى رأسها “مضيق باب المندب” و”البحر الأحمر”، لإمتلاك مقومات الردع والتهديد في مواجهة “الولايات المتحدة” و”السعودية” و”إسرائيل”.
المساعدات الإيرانية للحوثيين..
جدير بالذكر؛ أن النظام الإيراني ينفي تقديم مساعدات لـ”الحوثيين”؛ لكن لولا تلك المساعدات لما استطاع “الحوثيون” أن يشكلوا تحديًا حقيقيًا أمام “السعودية”، لا سيما في مجال الصواريخ، ولما استطاعوا أيضًا تحقيق انتصارات عسكرية.
لقد إعترف الإعلام الإيراني، المؤيد لـ”الحرس الثوري”، بوجود قوات تابعة لـ (فيلق القدس) في “اليمن”، وإن كانت قد أشارت إلى أن تلك القوات تؤدي مهام إنسانية مثل إسعاف الجرحى والمصابين. لكن وسائل إعلام يمنية قد أعلنت عن مقتل خبراء ومستشارين تابعين لـ (فيلق القدس) في معارك بـ”اليمن”.
كما قام “الحرس الثوري” بإرسال قوة تابعة لتنظيم “حزب الله” إلى “اليمن” لتدريب “الحوثيين” ورفع مستوى كفاءتهم القتالية.
مقاتلون حوثيون يتدربون في سوريا..
أوضح الكاتب الإسرائيلي إن “الحوثيين” مدينين بقدراتهم القتالية للمساعدات الشاملة التي يحصلون عليها من “إيران”. وفي إطار التأهيل الذي تجريه “إيران” للمقاتلين “الحوثيين” فإن بعضهم يشارك في المعارك الدائرة في “سوريا” بهدف رفع مستواهم القتالي لخوض المعارك في “اليمن”.
وفي آب/أغسطس من عام 2017؛ سقط أحد قائد “الحوثيين” قتيلًا في مدينة “تدمر”؛ عندما كان يخوض المعارك جنبًا إلى جنب مع مقاتلي تنظيم “حزب الله”.
الحرس الثوري يعطي التوجيهات للحوثيين..
إن “إيران” تسخر قدراتها الصاروخية لـ”الحوثيين” وتحثهم على توجيه بعض الصواريخ صوب أهداف سعودية. ففي آب/أغسطس من العام الماضي؛ إعترف أحد كبار الضباط في “الحرس الثوري” ويدعى، “ناصر شعباني”، أن “الحرس الثوري” هو من أمر “الحوثيين”، في تموز/يوليو الماضي، باستهداف حاويتي نفط سعوديتين غرب “ميناء الحديدة” الإستراتيجي.
الدعم الروسي..
أشار الكاتب إلى أن النشاط الإيراني في “اليمن”؛ يتم أيضًا بالتعاون مع “روسيا”، التي من خلال دورها في “مجلس الأمن” توفر مظلة حماية لـ”الحرس الثوري” كي يواصل تصدير الإرهاب إلى “اليمن”.
ولذلك فإن “روسيا” تُعد داعمًا أساسيًا لـ”ايران” من أجل تعزيز هيمنتها ونفوذها في “اليمن”، ومساندة “الحوثيين” على شن هجمات إرهابية داخل “اليمن” وإطلاق الصواريخ ضد “السعودية”.
إلى جانب التنسيق “الروسي-الإيراني”، في العديد من جبهات الشرق الأوسط، لا سيما في الجبهة السورية؛ فإن “روسيا” تعمل كذلك؛ وفق المصالح الإيرانية في “اليمن”. ففي عام 2018، استخدمت “روسيا” حق (الفيتو) اعتراضًا على قرار “الأمم المتحدة” الذي يدين “إيران” بسبب تدخلها العسكري في “اليمن” ودعمها لـ”الحوثيين”.
فيما وجه قادة “الحوثيين” الدعوة لـ”روسيا” بأن تلعب دورًا في جهود التسوية في “اليمن”. بل إن “الحوثيين” أرسلوا، العام الماضي، خطابًا للرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، مطالبين إياه بالتدخل في حرب “اليمن”.
شرعنة الدور الروسي..
إن مجرد استعداد “روسيا” لإجراء حوار مُعلن مع “الحوثيين” يمنحها الشرعية الدولية للإعلان عن مطالبها؛ بل ويجعلها راعية دولية لما يحدث في “اليمن”. وللروس بطبيعة الحال أطماع في “اليمن”، حيث سبق وأن أبدوا رغبتهم في إقامة قاعدة عسكرية في “خليج عدن” لتكون بمثابة نقطة إنطلاق لهم نحو منطقة القرن الإفريقي التي يوليها الروس اهتمامًا عسكريًا واقتصاديًا.
وهناك تقارير دولية، يرجع تاريخها إلى عام 2009، تتحدث عن رغبة “روسيا” في إقامة قاعدة بحرية في “جزيرة سوقطرة” اليمنية.
وفي الختام خلص “أهرونسون”، إلى أن التحولات الإقليمية، بعد أحداث ما يسمى بـ”الربيع العربي”؛ قد دفعت “طهران” و”موسكو” إلى بسط نفوذهما في مناطق متعددة بالشرق الأوسط.
ورغم تباين الأهداف والمواقف؛ إلا أن التنسيق والتعاون المشترك هما السبيل الوحيد لتحقيق مصالح الدولتين.