خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إحدى الردود العملية، من جانب “إيران”؛ على العملية الأميركية باغتيال “قاسم سليماني”، أعلنت “طهران”، أمس، أنها لم تُعد مُلزمة بآخر قيود “عملياتية” في “الاتفاق النووي”؛ بشأن تخصيب (اليورانيوم)، وذلك بموجب إتخاذها الخطوة الخامسة والأخيرة في تقليص إلتزامها بالاتفاق.
وحسب ما أوردته وكالة أنباء (فارس) شبه الرسمية؛ أكدت الحكومة الإيرانية، في بيان، أنها لم تُعد مُلزمة بأي قيود في المجال العملياتي، التي تشمل مستوى تخصيب (اليورانيوم) ونسبة التخصيب وحجم المواد المخصبة والأبحاث والتنمية.
وتعني الخطوة الخامسة من تقليص الإلتزامات بـ”الاتفاق النووي”، تخلي “إيران” عن آخر مورد أساس من القيود العملياتية في “الاتفاق النووي”، أي القيود المرتبطة بعدد أجهزة الطرد المركزي، بحسب وكالة (فارس).
وقالت الحكومة الإيرانية إن؛ طهران “ستمضي قدمًا في برنامجها النووي من الآن فصاعدًا بناءً على احتياجاتها التقنية”، مؤكدة في الوقت ذاته أن التعاون مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” سيستمر كما في السابق.
وكان الخبير في الشؤون العسكرية، العميد “أمين حطيط”، قد كشف أن “إيران” وصلت إلى مرحلة لا تستطيع فيها أن تتهرب أو تهمل الرد، فالمواجهة انتقلت بين “إيران” و”أميركا”، بعد 40 سنة، عسكريًا من المواجهة عبر الأقنعة وخلف السواتر والحروب البديلة والحروب غير المباشرة؛ إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
مساومات أميركية لإيران..
بخصوص إمكانية تراجع “إيران” عن الرد العسكري؛ قال العميد “حطيط” أن: “الولايات المتحدة حاولت مساومة طهران، وكانت العروض مغرية؛ وآخرها عرض يتضمن العودة إلى الاتفاق النووي والعودة بالعلاقات إلى ما كانت عليه الأمور، عام 2008، والمفاجيء أن تقدم أميركا لإيران قاعدة عسكرية في العراق تخليها من الجنود لتدمرها إيران، وعرضت واشنطن أن يكون الرد محدود، بحيث يتفق على الهدف بصيغة ترضي إيران، لكن طهران رفضت كل العروض”.
أما بالنسبة لإصرار “طهران” على الرد؛ قال العميد “حطيط” أن: “إيران رفعت الراية الحمراء للمرة الأولى فوق مسجد جمكران، والراية الحمراء هي أمر إلزامي فقهي شرعي بالثأر، ورمزية رفعها على مسجد الإمام المهدي المنتظر، هو نوع من التعهد بأن الرد حتميًا، ولن ينزل العلم حتى يحصل الرد، لأن سليماني ليس مجرد قائد عسكري؛ بل يُنظر إليه على أنه المنسق والمخطط وضابط الإيقاع والخيط الرابط لكل محور المقاومة”.
مباحثات “ألمانية-فرنسية-بريطانية”..
وفي رد على القرار الإيراني، قالت “ألمانيا”، صباح اليوم الإثنين، إنها ستبحث اليوم مع “بريطانيا وفرنسا” مستقبل “الاتفاق النووي” الإيراني.
وقال وزير خارجية ألمانيا، “هايكو ماس”، في تصريحات نقلتها وكالة (رويترز)؛ إن بلاده ستبحث مع “بريطانيا وفرنسا” اتفاق “إيران” النووي، اليوم.
كما أشار إلى أن الدول الثلاث سترد، هذا الأسبوع، على إعلانات “إيران” المتتالية بشأن “الاتفاق النووي”.
وكانت مجموعة دول (إي 3)، المؤلفة من: “فرنسا وبريطانيا وألمانيا”، قد دعت، اليوم الإثنين، “إيران”، إلى الإمتناع عن أي تحرك ينطوي على عنف؛ وحثتها على العودة لاحترام إلتزاماتها المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”، الذي أبرمته مع القوى العالمية، في عام 2015.
وشددت الدول الثلاث على أهمية وقف تصعيد التوتر في “العراق” و”إيران”، وأكدت على إلتزامها بمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، وفقا لـ (رويترز).
قالت مجموعة (إي 3) في بيان: “نُعيد التأكيد على إلتزامنا بمواصلة مكافحة (داعش)، وهو لا يزال يحظى بالأولوية. من الضروري أن نحافظ على التحالف، وفي هذا الصدد ندعو السلطات العراقية إلى مواصلة تقديم الدعم الضروري للتحالف”.
وأضاف البيان: “نحن مستعدون لمواصلة المشاورات مع كل الأطراف من أجل المساهمة في وقف تصعيد التوتر وإعادة تأسيس الاستقرار بالمنطقة”.
رفع الحظر والإنتفاع من فوائد الاتفاق..
وكانت “إيران” قد شددت على أن عودتها إلى الإلتزام بـ”الاتفاق النووي”، الموقع مع الدول الكبرى في أذار/مارس 2015، يجب أن يكون مقرونًا برفع الحظر وإنتفاع “إيران” من فوائد الاتفاق.
وفي 6 تشرين ثان/نوفمبر الماضي، أعلن الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، بدء الخطوات الفعلية لخفض إلتزامات بلاده ضمن “الاتفاق النووي”، وذلك بضخ “الغاز” لأكثر من 1000 جهاز طرد مركزي.
ويأتي إعلان “إيران” وسط أجواء مشحونة في المنطقة، بعد مقتل قائد (فيلق القدس)، التابع لقوات “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، في غارة جوية أميركية استهدفت موكبه قرب “مطار بغداد”، يوم الجمعة.
وفي أيار/مايو الماضي، أعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، انسحاب “واشنطن” من “الاتفاق النووي”، وتلى ذلك سلسلة مُستمرة من العقوبات على “طهران”، طالت شخصيات إيرانية، من بينهم مرشد الثورة الإيرانية، “علي خامنئي”، إضافة إلى أجهزة وقطاعات حيوية، مثل “قطاع النفط” وقوات “الحرس الثوري”.
كتب سطر نهاية الاتفاق النووي..
في تعليق على ذلك؛ أكدت صحيفة (فايننشال تايمز)؛ على أن التصعيد “الأميركي-الإيراني”، والحروب الكلامية بين الجانبين، في أعقاب مقتل “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس)، كتب سطر نهاية “الاتفاق النووي”، الموقع بين “طهران” والغرب، وهو ما سيتبعه سباق تسليح نووي خارج عن السيطرة.
وإستشهدت الصحيفة بإعلان “إيران” عدم إلتزام بأي من بنود “الاتفاقية النووية”، لعام 2015، التي وقعتها مع القوى العالمية، مما دفع الصفقة إلى الإنهيار التام مع تصاعد الآثار المترتبة على مقتل “سليماني”.
ونقل التليفزيون الحكومي الإيراني، عن بيان حكومي؛ قوله إن “طهران” لن تلتزم بالقيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في التخصيب، بعد أن زادت بالفعل مخزوناتها من (اليورانيوم) المخصب؛ وصعدت من أبحاثها وتطويرها النووي.
وبحسب الصحيفة، جاء هذا الإعلان بعد ساعات من تجمع مئات الآلاف من الإيرانيين في مدينة “مشهد” الإيرانية ، حدادًا على “قاسم سليماني”.
وأشارت (فايننشال تايمز)؛ إلى أنه في ضوء صعوبة التكهن بالرد الإيراني القريب، إلا أن اغتيال “سليماني” أدى إلى تصعيد كبير في المواجهة بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، مما زاد التوترات في المنطقة.
واشنطن تهدد باستهداف 52 هدف إيراني..
وحذر الرئيس، “دونالد ترامب”، في مطلع الأسبوع؛ من أن “الولايات المتحدة” حددت 52 هدفًا، بما في ذلك المواقع الثقافية في “الجمهورية الإسلامية”، من أنها ستضرب “بسرعة كبيرة وصعبة للغاية”؛ إذا قامت “طهران” بالرد على جريمة القتل.
وأشار “ترامب”، الذي واجه انتقادات من المشرعين الديمقراطيين الذين أشتكوا من أنه لم يتم إخطار “الكونغرس” قبل الهجوم على “سليماني”، أمس؛ بأنه يستعد للرد السريع على أي انتقام إيراني.
وقال “محمد جواد ظريف”، وزير الخارجية الإيراني، أمس، إنه تم تجاوز خط أحمر: “أولئك الذين يتنكرون كدبلوماسيين، والذين جلسوا بلا خجل لتحديد الأهداف الثقافية والمدنية الإيرانية؛ يجب ألا يزعجوا حتى فتح قاموس قانوني”.
ورغم تعهد “إيران” بالتعاون مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، إلا أن (فايننشال تايمز)؛ أكدت أن “الاتفاق النووي” بات محكومًا بالفشل، ونقلت عن دبلوماسيون ومحللون إن مناورات “إيران” في هذا الملف قابلة للتنفيذ عما كان سابقًا.
توقعات بإعلان أسوأ..
وقالت “إيلي غيرانمايه”، نائبة رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”، إن الإعلان “كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير، في ضوء تلك الظروف”.
وقالت: “من الأهمية بمكان أن تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤهلة للإشراف على مستويات البرنامج والتخصيب النووي، التي لا تصل إلى 20% كما كان يخشى”.
لكن قرار “طهران” بالكف عن الإلتزام بأي من إلتزامات الصفقة سيزيد من الخوف من مخاطر حدوث سباق تسلح إقليمي، ويبدد أي آمال باقية بين القوى الأوروبية في الإبقاء على الاتفاق حيًا.
في حين أن الموقعين الأوروبيين، “فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا”، يشاركون “واشنطن” قلقها بشأن دعم “إيران” للمليشيات الإقليمية وتطوير برنامجها الصاروخي، إلا أنهم لم يدعموا قرار “ترامب” بالانسحاب من الصفقة أو فرض عقوبات مشلولة على “الجمهورية الإيرانية”.