خاص : كتابات – بغداد :
في إنفراجة، ولو بشكل مؤقت، أعلنت اللجنة المالية النيابية، السبت، تأمين الرواتب للأشهر المقبلة، فيما أكدت رفضها لجوء الحكومة إلى الإقتراض من دون وجود إصلاحات حقيقية.
وقال عضو اللجنة النائب، “جمال كوجر”، إن: “الرواتب ستكون مؤمنة للأشهر المقبلة، ولن يتكرر ما حصل في الشهر الحالي من تأخير، لاسيما بعد التطمينات التي أطلقها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي”، مؤكدًا أن: “تأمين الرواتب يعني استقرارًا اقتصاديًا في كل أسرة”
وتابع، أن: “هناك نحو 8 ملايين أسرة مستفيدة بشكل مباشر من الرواتب، سواء كانوا موظفين أو متقاعدين أو ضمن الرعاية الاجتماعية وغيرها، كالقطاع الخاص أو أسواق أو تجار”.
الإقتراض.. إعلان إفلاس العراق..
وبشأن الإقتراض، أشار “كوجر” إلى أن: “وزير المالية له كل الحق بأن يقدم طلبًا للإقتراض، إلّا أن البرلمان غير مستعد بأن يمضي بالإقتراض المستمر من دون وجود إصلاحات حقيقية”، مبينًا أن: “الاستمرار بالإقتراض يعني ذهاب البلد إلى الانهيار”. موضحًا أن وزارة المالية إقترضت 15 تريليون دينار، والآن تبحث عن إقتراض جديد بـ 27 تريليون دينار، لافتًا إلى أن العجز في موازنة 2020؛ كان نحو 81 تريليون دينار، في حين النفقات التشغيلية تقدر بـ 35 تريليون دينار، بينما الإيرادات العامة تبلغ 67 تريليون دينار، ما يعني أن أموال العجز يتم تسديدها من الإحتياط النقدي والمصارف المحلية.
وبيّن أن: “وزارة المالية تعد من الوزارات الأكثر حساسية وأهمية لأنها تخص جميع مفاصل الدولة وشرائح المجتمع، وأن البرلمان طلب من الوزارة إرسال موازنة 2020 خلال 3 أشهر، بيد أنها لم تفعل، وكذلك اشترط في قانون الإقتراض تقديم ورقة إصلاحية خلال 60 يومًا، وكذلك لم تقدمها بالرغم من مضي 120 يومًا”، لافتًا إلى أن: “الخطوات التي تقوم بها الوزارة بطيئة ولا ترتقي إلى مستوى الأزمة”.
ويعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على الرواتب التي يتقاضاها الموظفون والمتقاعدون، إذ أنها تمثل المصدر الرئيس للنقد في السوق الداخلية.
وتحاول الحكومة العراقية تمرير قانون للإقتراض الداخلي؛ يمكنها من دفع الرواتب، لكن البرلمان يقول إن هذا القانون: “سيجعل العراق يفلس خلال ستة أشهر”، ما يضع بغداد بين خيارين صعبين، إما الإقتراض الداخلي أو احتمالية عدم دفع رواتب الموظفين في المستقبل.
أوضح “أسعد المرشدي”، الخبير الاقتصادي، في تصريح سابق له، لموقع (الحرة) الأميركي، أن الإقتراض هو الحل الوحيد أمام الحكومة لدفع الرواتب، ولكن البرلمان “محق بتحذيره من إفلاس العراق؛ لأن الحكومة لا تمتلك حلولاً طويلة الأمد والإقتراض سيفاقم المشاكل”.
مضيرًا إلى أن: “عقودًا من الفساد الإداري ومحاربة الاستثمارات والإعتماد على النفط كانت نتيجتها تدميرًا للبنية الاقتصادية العراقية”.
إرتفاع نسبة الفقر إلى 31%..
يأتي ذلك في الوقت الذي تظهر فيه أحدث دراسات “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”، التي توقعت ارتفاع نسبة الفقر في العراق إلى 31 في المئة خلال هذا العام، مقترحة على الحكومة العراقية خطوات من شأنها التخفيف من تأثير الأزمات على اقتصاد البلاد.
وقالت المنسقة الأولى لتقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي في البرنامج الأممي، “باربارا كريغزمان”، إن: “دراسة حديثة تم إجراؤها بالاشتراك مع منظمة اليونيسف والبنك الدولي، تشير إلى أن معدلات الفقر في عامي 2017 و2018 كانت أكثر بقليل من 20 في المئة”.
وأضافت لـ (راديو سوا) الأميركي، أن التوقعات ترجح: “ارتفاع معدل الفقر لـ 31 في المئة، في عام 2020، وهذا يعني أن هناك تأثير كبير على السكان.”
وتحدثت المسؤولة الأممية عن أن أبرز التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن أزمة انخفاض أسعار نتيجة جائحة (كورونا) على الاقتصاد العراقي، والتي من شأنها “حرف مسار العراق بعيدًا عن التنمية المستدامة”.
وقالت إن: “الحكومة لن يكون لديها الأموال الكافية لإنفاقها على الأولويات الأساسية، ونرى أيضًا أن حاجة السكان تتزايد بشكل عام، وهذا يعني أن التوقعات تشير إلى أن عددًا أكبر من الناس سوف تقع تحت خط الفقر”.
وتابعت: “هناك احتمال حقيقي بأن ينعكس مسار البلد بعيدًا عن التنمية المستدامة، ويمكنك أن تتخيل كيف أن هذا الأمر مدعاة للقلق”.
وكان “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”؛ قد أصدر تقريرًا جديدًا ضمن سلسلة تقارير تبحث تأثير الأزمة المزدوجة في العراق، “أزمة النفط” وجائحة (كورونا)، على الاقتصاد العراقي وسبل التعافي من تداعياتها.
وتضمن التقرير الذي صدر، الأربعاء الماضي، توصيات إلى الحكومة العراقية، شملت توسيع تغطية الضمان الاجتماعي للفئات الفقيرة، وزيادة إيرادات تمويل البرامج الحكومية الرئيسة، وتخصيص مزيد من الموارد لتطوير القطاع الخاص. وتهدف هذه التوصيات إلى التخفيف من وطأة التحديات الاقتصادية، وضمان استمرار التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتسير “كريغزمان” إلى أن التوصيات التي اقترحها التقرير للتخفيف من التأثيرات السلبية لهذه الأزمات على اقتصاد العراق تعتمد على محورين رئيسيين: “الأول هو أنه يتعين على الحكومة مراجعة سياساتها وأنظمتها حتى يتمكنوا من التخطيط لمعالجة الفجوة المالية التي يعانون منها”.
وتضيف أن المحور الثاني يتمثل في أنه: “مهما كانت القرارات التي تتخذها الحكومة سواء كانت تقوم بتطوير سياسات جديدة، أو برامج جديدة لتلبية الاحتياجات، وخاصة احتياجات الفئات الأكثر ضعفًا في البلد، فإنها تحتاج إلى القيام بذلك بطريقة شاملة وحصرية”.
من جهتها؛ أكدت الحكومة العراقية أنها تعمل على إعادة النظر بالخطط الموضوعة لمعالجة هذه الأزمات.
ويكشف المتحدث باسم وزارة التخطيط، “عبدالزهري الهنداوي”، لـ (راديو سوا)؛ أن: “مؤتمرًا مرتقبًا سيعقد هذا الشهر بمشاركة شركاء دوليين لوضع خطة مستجيبة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها جائحة كورونا وأزمة النفط”.
ويضيف “الهنداوي”؛ أن العراق بحاجة للأموال لدعم خطط معالجة تداعيات هذه الأزمات، ويبين أن مشكلة العراق تكمن في ضخامة النفقات خاصة الاستهلاكية والتشغيلية.
ويتابع أن الحكومة تعتزم اتخاذ إجراءات لتخفيف تأثيرات جائحة (كورونا)، من بينها إلغاء حظر التجوال لدعم القطاع الخاص.