وكالات – كتابات :
نشر موقع (بيزنس تك-BusinessTech)، أكبر شبكة لتغطية الأعمال في “جنوب إفريقيا”، ويُركز بصفة خاصة على أخبار المال والأعمال، تقريرًا حول المخاطر الاقتصادية التي يمكن أن تُحدِق بالعالم في العام الجديد، لا سيما الشرق الأوسط؛ الذي يُتوقَّع له أن يتعرض لمتاعب بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ مما قد يؤدي إلى انتفاضات شبيهة بما حدث في عام 2011.
وفي البداية، يُشير التقرير إلى أن سنوات (كوفيد-19) مليئة بالتنبؤات التي لم يُثبت الواقع صحتها، وفيما يخص أي شخص يتطلع إلى عام 2022، يجب أن تكون هذه الحقيقة كافية للتوقف من أجل التفكير وإعادة النظر.
ويُشير التقرير إلى أن معظم المتنبئين الاقتصاديين، ومن بينهم (بلومبيرغ إيكونوميكس)، يرون أن هناك انتعاشًا قويًّا مع انخفاض الأسعار والتحول عن أوضاع السياسة النقدية الطارئة، وسيكون ذلك بمثابة حالة أساسية. إذاً، ما الخطأ الذي يمكن أن يحدث ؟.. هناك كثير من الأخطاء التي يمكن أن تحدث.
يُلفت التقرير إلى أن (أوميكرون)، والتضخم الثابت، ورفع سعر الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي، وركود العقارات في شركة “إيفرغراند” الصينية، و”تايوان”، والركض في الأسواق الناشئة، و(البريكست)، (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، وأزمة “اليورو” الجديدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط.
وقد تسير بعض الأشياء على نحو أفضل مما كان متوقعًا أيضًا، بالطبع، وقد تُقرر الحكومات الإبقاء على استمرار الدعم المالي. ويمكن أن تُحفز الخطة الخمسية الأخيرة لـ”الصين” على زيادة الاستثمار، وقد تُمول مدخرات الجائحة إنفاقًا عالميًّا هائلًا.
“أوميكرون”: أبرز المخاطر الاقتصادية في عام 2022..
ينوِّه التقرير إلى أنه من المبكر إصدار حكم نهائي بشأن متغير (أوميكرون)، من (كوفيد-19)، ويبدو أنه أكثر عدوى من سابقيه، وقد يكون أقل فتكًا أيضًا، ومن شأن ذلك أن يُساعد العالم على العودة إلى شيء مثل الوضع الطبيعي لما قبل الجائحة – مما يعني إنفاق المزيد من الأموال على الخدمات.
لقد أدَّت عمليات الإغلاق والحذر بشأن (كوفيد) إلى إبعاد الناس عن الصالات الرياضية أو المطاعم، على سبيل المثال، وشجعتهم على شراء المزيد من الأشياء بدلًا من ذلك، وقد تؤدي إعادة التوازن إلى الإنفاق من أجل تعزيز النمو العالمي؛ ليصل إلى: 5.1%؛ بزيادة عن توقعات (بلومبيرغ إيكونوميكس) الأساسية، البالغة: 4.7%، لكننا قد لا يحالفنا الحظ إلى هذا الحد، إن متغيرًا أكثر عدوى وفتكًا من شأنه أن يعوق الاقتصادات، وحتى العودة لمدة ثلاثة أشهر إلى أصعب قيود 2021 – دول مثل “المملكة المتحدة” تحركت بالفعل في هذا الاتجاه – يمكن أن تشهد تباطؤ النمو في 2022؛ إلى 4.2%.
وفي سيناريو مثل هذا، سيكون الطلب أضعف ومن المُرجَّح أن تستمر مشكلات المعروض في العالم، مع إبعاد العمال عن أسواق العمل والمزيد من الأزمات اللوجيستية. وبالفعل هذا الشهر، شهدت مدينة “نينغبو” الصينية – موطن أحد أكثر الموانيء إزدحامًا في العالم – عمليات إغلاق جديدة.
مخاطر التضخم في 2022..
يوضح التقرير أنه في بداية عام 2021، كان من المتوقع أن تُنهي “الولايات المتحدة” العام بنسبة تضخم تبلغ: 2%. وبدلًا من ذلك، اقتربت نسبة التضخم من: 7%. وفي عام 2022، مرةً أخرى، كما المتوقع في ضوء توافق الآراء أن ينتهي التضخم العام بالقرب من المستويات المستهدفة، ولكن قد يكون هناك إخفاق كبير آخر.
إن (أوميكرون) مجرد سبب واحد محتمل، والأجور التي ترتفع بالفعل بوتيرة سريعة في “الولايات المتحدة”، يمكن أن ترتفع أكثر وقد تؤدي التوترات بين “روسيا” و”أوكرانيا” إلى ارتفاع أسعار “الغاز”، ومع تغير المناخ الذي يجلب المزيد من الظواهر الجوية المدمرة، قد تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع.
ليست كل المخاطر تمضي في الاتجاه نفسه، ويمكن أن تضرب موجة جديدة من الفيروس السفر على سبيل المثال؛ مما يؤدي إلى انخفاض أسعار “النفط”، وحتى مع ذلك، فإن التأثيرات المجتمعة يمكن أن تكون صدمة تضخم مصحوب بركود يترك “بنك الاحتياطي الفيدرالي” والبنوك المركزية الأخرى عاجزة عن تقديم إجابات سهلة.
الاتجاه إلى رفع أسعار فائدة “بنك الاحتياطي”..
وبحسب التقرير، يُظهر التاريخ الحديث، من نوبة الغضب أو “taper tantrum”؛ (الارتفاع المفاجيء في عوائد سندات الخزانة الأميركية الناتج من إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تقليص سياسة التيسير الكمي)، في عام 2013؛ إلى عمليات بيع الأسهم في 2018، كيف أن “بنك الاحتياطي الفيدرالي”؛ عندما يتشدد في سياساته يكون سببًا في حدوث مشكلات للأسواق، كما تُضاف أسعار الأصول المرتفعة بالفعل إلى المخاطر هذه المرة، ويقترب مؤشر (ستاندرد آند بور 500) من منطقة الفقاعة، وتُشير أسعار المنازل المتسارعة بعيدًا عن الإيجارات إلى أن مخاطر سوق الإسكان أكبر من أي وقت مضى؛ منذ أزمة الرهن العقاري في عام 2007.
وبحسب الكاتب فقد صاغت (بلومبيرغ إيكونوميكس) نموذجًا لما يمكن أن يحدث إذا رفع “بنك الاحتياطي الفيدرالي” الفائدة ثلاث مرات؛ في عام 2022، وأشارت المؤسسة الأميركية إلى أن “بنك الاحتياطي الفيدرالي” سيستمر في ذلك حتى تصل المعدلات إلى: 2.5%؛ مما يدفع عوائد سندات الخزانة للأعلى وينتشر الائتمان على نطاق أوسع، والنتيجة: ركود في بداية عام 2023.
رفع الفائدة والأسواق الناشئة..
يُضيف التقرير: وقد يعني رفع “الاحتياطي الفيدرالي” للفائدة هبوطًا حادًّا للأسواق الناشئة، وعادةً ما تُعزز أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة “الدولار”، وتؤدي إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج – وأحيانًا أزمات في العُملة – في اقتصادات الدول النامية، وبعض الدول تكون عرضة للخطر أكثر من دول أخرى. وفي عامي: 2013 و2018؛ كانت “الأرجنتين” و”جنوب إفريقيا” و”تركيا” هي الأكثر معاناة، وبإضافة “البرازيل” و”مصر”، نحصل على قائمة من خمسة اقتصادات معرضة للخطر في عام 2022، بناءً على مجموعة من التوقعات والاستقراءات التي جمعتها (بلومبيرغ إيكونوميكس)، ويبدو أن: “السعودية وروسيا وتايوان”، بقليل من الديون وأرصدة حسابات جارية قوية، هي الأقل تعرضًا لهروب رأس المال في عالم الأسواق الناشئة.
“الصين” وأزمات العقارات..
وأردف التقرير أنه؛ في الربع الثالث من عام 2021، وصل الاقتصاد الصيني إلى مرحلة التوقف، وأدَّى الوزن المتراكم لتراجع العقارات لدى شركة “إيفرغراند” العقارية العملاقة، وعمليات الإغلاق المتكررة بسبب (كوفيد-19)؛ ونقص الطاقة إلى انخفاض النمو الاقتصادي السنوي إلى: 0.8% – أقل بكثير من الوتيرة البالغة: 6% التي أعتاد عليها العالم.
وفي حين أن أزمة الطاقة يجب أن تخف في عام 2022، قد لا تُحَل المشكلتان الأخريان، وقد تعني إستراتيجية “بكين” الخاصة بالقضاء نهائيًّا على (كوفيد-19)؛ تنفيذ عمليات إغلاق بسبب (أوميكرون)، ومع ضعف الطلب ومحدودية التمويل، قد يتعرض بناء العقارات – الذي يحرك نحو: 25% من اقتصاد “الصين” – لمزيد من الهبوط.
وبحسب توقعات (بلومبيرغ إيكونوميكس)؛ هي أن تنمو “الصين” بنسبة: 5.7%؛ في عام 2022. ومن شأن التباطؤ إلى: 3% أن تنتشر أصداؤه في جميع أنحاء العالم، مما يجعل مصدري السلع يفتقرون إلى المشترين، وربما عرقلة خطط “بنك الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي، مثلما حدث عند إنهيار الأسهم الصينية، في عام 2015.
الاضطرابات السياسية في “أوروبا”..
أفاد التقرير بأن التضامن بين القادة الذين يدعمون المشروع الأوروبي ونشاط “البنك المركزي الأوروبي” ساعد في الحفاظ على السيطرة على تكاليف الاقتراض الحكومية، كما ساعد “أوروبا” على تجاوز أزمة (كوفيد-19)، ويمكن أن يتلاشى كلاهما في العام المقبل.
والصراع على الرئاسة الإيطالية؛ في كانون ثان/يناير؛ يمكن أن يقلب التحالف الهش في “روما”، وتتجه “فرنسا” إلى صناديق الاقتراع؛ في نيسان/إبريل، حيث يواجه الرئيس؛ “إيمانويل ماكرون”، تحديات من اليمين، وإذا اكتسب المشككون في “أوروبا” القوة في الاقتصادات الرئيسة للكتلة، فقد يؤدي ذلك – بحسب التقرير – إلى تحطيم الهدوء في أسواق السندات الأوروبية وحرمان “البنك المركزي الأوروبي” من الدعم السياسي المطلوب للرد.
لنفترض أن فروق العائد على سندات الدين السيادي اتَّسعت بمقدار: 300 نقطة أساس، كما حدث في أزمة الديون في العقد الماضي. يُظهر نموذج (بلومبيرغ إيكونوميكس) أنه يمكن أن يخفض أكثر من: 4% من الناتج الاقتصادي؛ بحلول نهاية عام 2022، مما يؤدي إلى دخول “منطقة اليورو” في حالة ركود وإحياء المخاوف بشأن بقائه.
تأثير خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”..
وبحسب التقرير، من المقرر أن تبدأ المفاوضات بين “المملكة المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي”؛ بشأن بروتوكول “أيرلندا الشمالية” – وهي محاولة محكوم عليها بالفشل لعمل المستحيل بإقامة حدود برية مفتوحة واتحاد جمركي مغلق – وتستمر خلال عام 2022، وسيكون الوصول إلى: “نعم” أمرًا صعبًا.
ماذا يحدث إذا انهارت المفاوضات ؟.. استنادًا إلى الاضطرابات السابقة بشأن خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، فإن حالة من انعدام اليقين ستضرب الاستثمار التجاري وتقوض “الجنيه”، مما يؤدي إلى زيادة التضخم وتآكل الدخل الحقيقي، وفي حرب تجارية شاملة، يمكن أن تدفع التعريفات الجمركية وأزمة النقل الأسعار إلى الارتفاع.
مستقبل السياسة المالية..
أشار التقرير إلى أن الحكومات أنفقت إنفاقًا كبيرًا لدعم العمال والشركات في هذه الجائحة، ويُريد كثيرون الآن ربط أحزمتهم، وسيصل تراجع الإنفاق العام؛ في عام 2022 إلى نحو: 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي نحو خمسة أضعاف تدابير التقشف التي أبطأت التعافي؛ بعد أزمة 2008، وفقًا لتقديرات شركة “يو. بي. إس” السويسرية للخدمات المالية. وهناك استثناءات، بحسب التقرير؛ إذ أعلنت الحكومة اليابانية الجديدة عن حافز قياسي آخر، وأشارت السلطات الصينية إلى تحول نحو دعم الاقتصاد بعد فترة طويلة من التقتير في الإنفاق.
وفي “الولايات المتحدة”، تحولت السياسة المالية من تعزيز الاقتصاد إلى إبطائه؛ في الربع الثاني من عام 2021، وفقًا لمعهد “بروكينغز”، ومن المقرر أن يستمر هذا في العام المقبل، على الرغم من أن خطط الاستثمار في رعاية الأطفال والطاقة النظيفة التي وضعها الرئيس، “جو بايدن”؛ ستحِد من البطء إذا ما نجح في تمريرها من خلال “الكونغرس”.
أسعار المواد الغذائية والاضطرابات..
يُشدد التقرير على أن الجوع محرك تاريخي للاضطرابات الاجتماعية، وأدَّت مجموعة من تأثيرات (كوفيد-19) والطقس السييء إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية لتقترب من مستويات قياسية، ويمكن أن تُبقيها مرتفعة خلال العام المقبل، وأحدثت صدمة أسعار الغذاء الأخيرة؛ في عام 2011، موجة من الاحتجاجات الشعبية، لا سيما في الشرق الأوسط، ولا يزال عديد من البلدان في المنطقة معرضة لذلك.
و”السودان واليمن ولبنان” – التي تتعرض بالفعل لضغوط – تبدو جميعها معرضة للخطر على الأقل اليوم؛ كما كانت في عام 2011، وبعضها أكثر هشاشة. وتُعد “مصر” أفضل حالًا على نحو هامشي فقط – بحسب وصف الكاتب – ونادرًا ما تكون الانتفاضات الشعبية أحداثًا محلية جارية، بينما خطر عدم الاستقرار الإقليمي الأوسع هو خطر حقيقي، بحسب التقرير.
السياسة.. جيوسياسية أم محلية ؟
يُرجِّح التقرير أن أي تصعيد بين “الصين” و”تايوان”، من الحصار إلى الغزو المباشر، قد يؤدي إلى جذب قوى عالمية أخرى – بما في ذلك “الولايات المتحدة” – وحرب القوى العظمى هي الأسوأ، لكن السيناريوهات التي لا تصل إلى حد الحرب تشمل عقوبات من شأنها أن تُجمد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، وانهيار إنتاج “تايوان”، لـ”أشباه الموصلات”؛ التي تُعد ضرورية للإنتاج العالمي من كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات.
وفي مكان آخر، من المقرر أن تُجري “البرازيل” انتخابات، في تشرين أول/أكتوبر – على خلفية اضطرابات الجائحة والاقتصاد الذي لا يزال يُعاني من الركود. وقد تمضي أمور كثيرة في اتجاه خاطيء، على الرغم من أن فوز مرشح يعد بتشديد السيطرة على الإنفاق الحكومي يمكن أن يجلب بعض الراحة في الواقع، وبحسب ما يُضيف الكاتب أنه في “تركيا”، تدفع المعارضة لتقديم انتخابات 2023؛ إلى العام 2022؛ وسط تراجع في قيمة العُملة يُلقى باللوم فيه على نطاق واسع على السياسات الاقتصادية غير التقليدية للرئيس؛ “رجب طيب إردوغان”.
ما الذي يمكن أن يتحسن في عام 2022 ؟
ينفي التقرير وقوع جميع المخاطر في الجانب السلبي. وسياسة الميزانية الأميركية، على سبيل المثال، يمكن أن تظل توسعية أكثر مما يبدو محتملًا الآن – مما يُبقي الاقتصاد بعيدًا عن حافة الهاوية المالية، ويُعزز النمو. وعلى الصعيد العالمي، تحتفظ الأسر بتريليونات من الدولارات من المدخرات الزائدة، وذلك بفضل الحوافز المالية للجائحة والاقتصاد في الإنفاق قسرًا أثناء الإغلاق، وإذا جرى إنفاق ذلك بوتيرة أسرع من المتوقع، فسوف يتسارع النمو.
وفي “الصين”، يمكن للاستثمارات في “الطاقة الخضراء” والإسكان الميسور التكلفة، المنصوص عليه بالفعل في الخطة الخمسية الرابعة عشرة للبلاد، أن يُعزز الاستثمار، ويمكن لـ”اتفاقية التجارة الآسيوية” الجديدة، الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة – التي تضم: 2.3 مليارات شخص و30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي – أن تُعزز الصادرات.
وفي الختام، يُشير التقرير إلى أنه؛ في عام 2020، كانت اقتصادات الجائحة أسوأ مما توقعه أي خبير اقتصادي.، لكن هذا لم يكن هو الحال في عام 2021، لأنه في عديد من البلدان، كانت حالات التعافي سريعة على نحو مدهش، وهذا تذكير مفيد بأن بعض الأشياء يمكن أن تسير على نحو صحيح خلال العام المقبل أيضًا.