خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بسبب خرق جديد من جانب القوات التركية، أدانت “وزارة الخارجية العراقية”، أمس الأول، قصف الطائرات التركية الذي تسبب مؤخرًا بمقتل وإصابة عدد من المدنيين في “إقليم كُردستان العراق”.
وقالت الوزارة، في بيان، أن: “العراق يعبر عن إدانته لقيام طائرتين حربيتين، تابعتين لسلاح الجوِّ التركيِّ، بقصف مكثف على منطقة كورته ك/محافظة السليمانيّة؛ ممَّا تسبَّب بإزهاق أرواح أربعة مُواطِنين، وجرح أربعة آخرين، وترويع المدنيِّين الآمنين”.
وأضاف البيان؛ أنه: “في الوقت الذي نحرص فيه أشدَّ الحرص على إقامة علاقات إستراتيجيَّة طويلة الأمد، وعلى منع قيام أعمال تنطلق من الأراضي العراقية ضد أمن الجارة تركيا؛ نرى أنّ القيام بأعمال حربية منفردة تنتهك السيادة العراقية، وتُناقِض مباديء حُسن الجوار التي تنظم العلاقات بين جارين متآخين كبلدينا وشعبينا، وتمثل إنتهاكًا جسيمًا للقانون الدوليِّ الإنسانيّ”.
وتابع البيان؛ أنه: “مهما كانت الظروف والمُسوِّغات؛ نُؤكّد على الجانب التركيّ أهمية وقف القصف على مناطق عراقية، وضرورة احترام السيادة، والتعاون المتبادل لضمان أمن حدود البلدين”.
قتلى وجرحى في قصف جوي..
على إثر هذا القصف الجوي؛ قُتل ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة ووقع جرحى، يوم 27 من شهر حزيران/يونيو المنصرم، بقصف لمقاتلات تركية داخل “إقليم كُردستان العراق”.
وذكرت مصادر أمنية أن مقاتلات تركية شنت قصفًا على عجلتين في منطقة “كورتك”، قرب “جبال قنديل”، مما أدى لمقتل لثلاثة أشخاص، أب وأم وطفلهما، وإصابة 5 أشخاص آخرين، فضلًا عن إحتراق العجلتين.
وكثفت “تركيا” من عملياتها العسكرية مؤخرًا على مواقع؛ تقول أنها تابعة لـ”حزب العمال الكُردستاني”، الذي يتخذ من “جبال قنديل”، داخل أراضي “إقليم كُردستان”، مواقع له.
مطالب بعدم جعل الإقليم ساحة لتصفية الحسابات..
ومن جهتها؛ أعربت حكومة “إقليم كُردستان” عن حزنها وقلقها من القصف التركي، الذي أوقع قتلى في صفوف المدنيين.
وقالت الحكومة، في بيان لها، إن: “حكومة إقليم كُردستان تدعو إلى عدم جعل مناطق الإقليم ساحة لتصفية الحسابات بين حزب العمال الكُردستاني وتركيا”.
وأضافت حكومة “إقليم كُردستان”، في بيانها: “لن تقبل أن تكون تلك الأراضي منطلقًا لشن هجمات على دول الجوار، كما ندعو تركيا إلى عدم تكرار القصف”.
وأكدت على أنه “لا يجوز أن يصبح سكان القرى الحدودية ساحة للقتال وللقصف، ويجب على مسلحي حزب العمال أن يبتعدوا عن تلك القرى وألاّ يعرضوها للمخاطر”.
نفي تركي..
فيما نفى مصدر تابع للجيش التركي، قيام الطيران الحربي التركي بشن عمليات قصف على محافظة “السليمانية”؛ بـ”إقليم كُردستان العراق”.
وقال مسؤول في دائرة الإعلام بالجيش التركي، نقلاً عن قيادي بالجيش: “لم ننفذ عمليات في السليمانية، وننشر بيانات بكل العمليات التي ننفذها”.
استدعاء للقائم بأعمال السفير العراقي..
كما وصل الأمر إلى حد استدعاء “الخارجية التركية”، أمس الأحد، القائم بأعمال السفير العراقي لدى “أنقرة”، “عصام محمد”، وأبلغته بأن عمليات الجيش التركي، “ضد الإرهاب”، خارج حدود البلاد ستتواصل بحزم.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، “حامي أقصوي”، في بيان؛ إنه جرى استدعاء القائم بأعمال السفارة العراقية لدى “أنقرة” من أجل التأكيد له على أن تركيا “ستواصل بحزم عملياتها ضد الإرهابيين”، خاصة تنظيم “حزب العمال الكُردستاني”.
وبَين “أقصوي” أنه تم إبلاغ “محمد” بأنه: “لا يمكن قبول التصريح” الذي صدر، أمس الأول السبت، من الجانب العراقي استنادًا إلى مزاعم حول وجود خسائر بين المدنيين خلال عمليات “تركيا” ضد “حزب العمال الكُردستاني”.
وأشار المتحدث إلى أن سلطات “كُردستان العراق” حملت التنظيم المسؤولية فيما يتعلق بالعملية التي نُفذت ضمن مناطق الإقليم، بينما تصريح الحكومة الاتحادية، في “بغداد”، لم يشر إليه.
وشدّد “أقصوي” على أن هذا التصريح “لا يتوافق مع الزخم الإيجابي”، الذي بدأ في العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال الزيارات رفيعة المستوى، في الفترة الأخيرة.
كما أكد أن الوزارة أبلغت القائم بالأعمال أن “تركيا تحترم سيادة العراق، ولذلك يجب على بغداد ألا تسمح بوجود الإرهابيين على أراضيها”.
ويتخذ “حزب العمال” من “جبال قنديل”، وما حولها، منطلقًا له لشن هجمات على القوات التركية. وكثيرًا ما تُسفر المعارك في المنطقة عن سقوط مدنيين لا صلة لهم بطرفي النزاع.
وبات القصف التركي في المناطق الحدودية المترامية، وكذلك “جبال قنديل”، أمرًا معتادًا منذ إنهيار عملية السلام بين “حزب العمال” و”أنقرة”، في عام 2015.
ويحافظ الجيش التركي على وجود بري في بعض المناطق، على عمق 30 كيلومترًا، في “إقليم كُردستان العراق” لملاحقة مقاتلي “حزب العمال”، الذين تغلغلوا في 500 قرية على الأقل داخل الإقليم.
كان المتحدث باسم الحكومة الإقليمية، “سفين دزيي”، قد قال، في وقت سابق، إن وجود “حزب العمال الكُردستاني” في المناطق الحدودية “سبب رئيس” لسقوط المدنيين عند الحدود.
وتقول “أنقرة” إن القصف على معاقل “حزب العمال” يُنفذ بناء على مذكرات واتفاقات مبرمة مع “بغداد”، منذ سنوات.
ونشرت القوات المسلحة التركية، في كانون أول/ديسمبر عام 2015، فوجًا من 150 جنديًا و25 دبابة، في “بعشيقة”، في مهمة زعمت “أنقرة” أنها تهدف إلى تعزيز أفراد الجيش التركي الموجودين هناك، لتدريب قوات “البيشمركة” الكُردية وميليشيا “الحشد الوطني”، وهو المعادل السُني لـ”الحشد الشعبي” الشيعي، بحجة تأهيلها للمشاركة في عملية استعادة “الموصل” من يد تنظيم (داعش).
واعتبر المراقبون أن تواجد القوات التركية، في “العراق”، إستنساخ تركي للدور الإيراني في دعم الميليشيات الشيعية، وتريد من خلالها، “أنقرة”، توظيف معاناة سكان المناطق السُنية لتوجد لنفسها موطيء قدم في “العراق” و”سوريا” المجاورة.
واستدعت “وزارة الخارجية العراقية”، آنذاك، السفير التركي في “بغداد”، لإبلاغه الاحتجاج على الوجود العسكري التركي شمال البلاد، وفي خطوة تصعيدية أخرى، طالبت بتدخل “مجلس الأمن الدولي” لإيجاد حل لهذه المشكلة.
وتصاعدت حدة التوتر، في آذار/مارس 2018، بين “بغداد” و”أنقرة”، عندما أعلنت الأخيرة إنها تسعى إلى إطلاق عملية عسكرية في شمال “العراق” من أجل “تطهيره من العناصر الكُردية المسلحة”.
ويصف العراقيون، القوات التركية، في شمال البلاد بأنها قوات “محتلة”.
وفي آيار/مايو الماضي، أفادت الحكومة العراقية بأنها تسعى إلى إخراج القوات التركية من أراضيها بالوسائل الدبلوماسية، لتعود مسألة التجاوزات التركية في “العراق” إلى الواجهة من جديد.