خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم حالة الاضطراب الأمني، توافد المتظاهرون العراقيون بأعداد كبيرة، صباح اليوم، إلى “ساحة التحرير”، وسط “بغداد”، وذلك للمشاركة في “مليونية الجمعة”، وقاموا بإيقاظ جميع من كان نائمًا في الساحة تجهيزًا للتظاهرات، هاتفين: “النايم هكذا يقعدوه.. قوم اليوم مليونية.. قوم”.
فيما هتف المتظاهرون في “الحلة”، مركز محافظة “بابل”، (وسط البلاد)، بالقول: “لا أميركا ولا إيران.. سُنة وشيعة إخوان”.
وفي “واسط”، (وسط البلاد)، خرجت أعداد كبيرة، منذ الصباح، على وقع الأغاني الوطنية والهتافات قائلين: “هذه رسالة من الشعب، الأحزاب وقفوها !”.
انتشار أمني مكثف في “ذي قار”..
أما بـ”الناصرية”، في “ذي قار”، فتعالت الهتافات قائلة: “اليوم الساحة تخوف، متروسة ذيابة”، وانتشرت قوات الأمن بشكل كثيف في مداخل ومخارج المدينة.
وقال نائب قائد الشرطة، اللواء “رسول خيون”: “أفواج الطواريء والشرطة المحلية نفذت، منذ الصباح الباكر، خطة مكونة من خلال ثلاث أطواق أمنية تمتد على محيط محافظة ذي قار؛ وصولًا إلى مركزها وذلك لنشر الأمن والاستقرار”.
أما في “البصرة”، خرج المتظاهرون في مسيرات رافعين الأعلام العراقية، وهتفوا ضد “أميركا” و”إيران”.
ما يحدث يأتي بالتزامن مع دعوات أطلقها ناشطون لتظاهرة مليونية مركزية في “ساحة التحرير”، ظهر الجمعة، للتأكيد على المطالب والضغط على النظام السياسي من أجل الإسراع بتنفيذها، فيما تداولت مواقع التواصل هاشتاغات: (#مليونية_10_1)؛ (#مليونية_العراق)؛ (#خارجون_بكانون).
استعادة العراق بعيد عن الهيمنة الإيرانية..
وحمل المتظاهرون لافتات مدون عليها عبارات تطالب العراقيين بالمشاركة بقوة في هذه المليونية؛ وعدم الإكتفاء بالمتابعة من على مواقع التواصل الاجتماعي، للتأكيد على إسقاط النظام السياسي الحالي، وحل “مجلس النواب”، وصولًا إلى استعادة “العراق” وقراره بعيدًا عن الهيمنة الإيرانية وأحزابها وأذرعها.
يُذكر أن الاحتجاجات التي إنطلقت من العاصمة، “بغداد”، والمحافظات الجنوبية، منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي، ما زالت مستمرة، في أطول احتجاجات شهدها “العراق” على مر التاريخ. وقد سقط خلالها أكثر من 500 قتيل وأكثر من 20 ألف جريح، بحسب البيانات الحكومية.
إلى ذلك؛ يعيش “العراق”، تصعيدًا بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، وذلك بعد مقتل قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، في غارة جوية أميركية استهدفت “مطار بغداد”، الجمعة الماضي، وتطور المشهد في “العراق” من استهداف القواعد العسكرية في شمال وغرب “العراق”، حتى تظاهرات أمام “السفارة الأميركية” في “بغداد”، وحدوث اقتحام للسفارة من قِبل بعض المتظاهرين، ومن ثم الرد الانتقامي الإيراني لحادثة الاغتيال، إلا أن كل تلك التوترات والتهديدات المتبادلة بين البلدين، لم تثن المحتجين على ما يبدو من المضي في مطالبهم والتمسك بتشكيل حكومة مستقلة بعيدًا عن الأحزاب والمحاصصة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، على الرغم من التوتر المتصاعد في البلاد.
ومؤخرًا دعا زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، إلى العودة إلى الملف الأبرز، وهو اختيار رئيس للحكومة يخلف، “عادل عبدالمهدي”، المستقيل.
وأمهل “الصدر”، وهو اللاعب الأبرز في العملية السياسية في “العراق” والداعم للمحتجين، في بيان مساء الأربعاء، القوى السياسية، 15 يومًا لتشكيل حكومة “قوية” قادرة على حماية “العراق”، بعد التهديدات التي أطلقها ضد الأميركيين، ودعوته إلى تشكيل ما أسماه “أفواج المقاومة الدولية”؛ وإحياء (جيش المهدي)؛ الذي كان يتزعمه في السنوات التي أعقبت الإطاحة بـ”صدام حسين”، وقد حارب من خلاله التواجد الأجنبي.
وتكمن أهمية هذه التظاهرات، فيما يراه المراقبون والمحللون؛ من أنّها حققت ما فشلت في تحقيقه حكومات ما بعد عام 2003، إذ تمكّن المتظاهرون، وأغلبيتهم من مواليد تسعينيات القرن الماضي، من دحر الأفكار الطائفية، والتوحّد ضمن الهوية الوطنية، فضلاً عن فرض الرأي الشعبي على قادة الأحزاب الحاكمة، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ زمن.
كما أنها تمكنت من إقالة حكومة “عبدالمهدي”، وفرض قانون الانتخابات الجديد الذي فصلته ساحات الاحتجاج وكتبته، ومن ثمّ وافق عليه “البرلمان العراقي”، في حين يواصل المحتجون في “العراق” تجمهرهم في ساحتي “الخلاني” و”التحرير”، في “بغداد”، وفي مدن جنوب “العراق”.
بغداد محرجة من إنتقاص سيادتها..
عن الموقف العراقي في الفترة السابقة، يرى “سعود الساعدي”، الكاتب والمحلل السياسي العراقي، من “بغداد”؛ إن “العراق” يعتبر نفسه جزءًا من الصراع الدائر على أرضه وليس ساحة لتصفية الحسابات، مشيرًا إلى أن احتجاج “بغداد” كان على إنتهاك “التحالف الدولي” للاتفاقية الأمنية الموقعة مع “بغداد”، ومن هنا جاءت المطالبة، من خلال البرلمان، بجلاء القوات الأجنبية.
وأشار “الساعدي” إلى أن “بغداد” محرجة لا شك من هذا الوضع الذي ينتقص من سيادتها، لافتًا إلى أن النظام السياسي يتحمل المسؤولية لأن التناحر السياسي والتجاذب الحزبي هو الذي أضعف القرار العراقي.
صرف الأنظار عن الحراك الشعبي..
أما “حيدر حسين”، الناشط السياسي، فأشار إلى أن ما جرى على أرض “العراق” صرف الأنظار كثيرًا عن الحراك الشعبي، مشيرًا إلى أن الحراك مستمر والتظاهرات متواصلة، فهناك دعوة اليوم العاشر من الشهر الجاري للتظاهر من جديد.
وأشار “حسين” إلى أنه من ضمن مطالب الحراك الشعبي كانت إعادة السيادة العراقية إلى مكانها، وهذا يتزامن مع هذا الإنتهاك الصارخ للسيادة من خلال هذه الضربات التي لم تقم أدنى اعتبار للسيادة، وإذا استمر الوضع هكذا من الممكن أن تقوم حرب في “العراق”؛ لا تستطيع منعها تلك الحكومة الضعيفة.