وكالات – كتابات :
بدأ المئات من العراقيين في التوافد والتجمع بساحات وميادين العاصمة، “بغداد”، اليوم الجمعة، للتظاهر وإحياء الذكرى الثانية لإنطلاقة الاحتجاجات الشعبية، “انتفاضة تشرين”، في العام 2019، في تحرك يأتي قبيل الانتخابات البرلمانية المبكرة المزمع إجراؤها في العاشر من هذا الشهر.
وكان يفترض أن تجري هذه الانتخابات في موعدها الطبيعي، في العام 2022، غير أن عقدها مبكرًا كان واحدًا من أبرز وعود حكومة، “مصطفى الكاظمي”، التي تولت السلطة على وقع تظاهرات، خريف العام 2019، حين نزل عشرات الآلاف من العراقيين إلى الشارع مطالبين بإسقاط النظام.
ووسط حضور أمني مكثّف، رفع المتظاهرون، الذين بدؤوا المسير نحو “ساحة التحرير”، مركز احتجاجات العام 2019، الرايات العراقية وصور شباب قُتلوا خلال التظاهرات حينها، عندما لقي نحو: 600 شخص مصرعهم فيما جُرح أكثر من: 30 ألفًا.
وتضمنت اللافتات؛ صور ناشطين قُتلوا فيما بعد على غرار: “إيهاب الوزني”، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في “كربلاء”، الذي أردي، في آيار/مايو الماضي، برصاص مسلّحين أمام منزله بمسدسات مزوّدة بكواتم للصوت.
ورفع آخرون لافتات كتب عليها: “متى نرى القتلة خلف القضبان”؛ و”نريد وطنًا نريد تغييرًا”، فيما ما زال المتظاهرون يطالبون الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات التي طالت الناشطين.
ورفع متظاهرون الجمعة أيضًا؛ لافتات كتب عليها: “انتخاب نفس الوجوه مذبحة للوطن” و”كلا كلا للأحزاب الفاسدة، كلا كلا للسياسيين الفاسدين” و”لا تنتخب من قتلني”.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية، في “العراق”، في تشرين أول/أكتوبر 2019، تعرّض أكثر من: 70 ناشطًا للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، في حين اختطف عشرات آخرون لفترات قصيرة. ولم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن عمليات قتل الناشطين وخطفهم، لكنّ المتظاهرين يتّهمون بذلك فصائل نافذة موالية لـ”إيران”.
لن نشارك في عملية إعادة إنتاج الفسدة..
ومن “ساحة التحرير”، قال “إبراهيم”، وهو متظاهر يبلغ من العمر (20 عامًا)، لـ (فرانس برس): “خرجنا اليوم كمتظاهرين سلميين لنُعيد إحياء ذكرى 01 تشرين أول/أكتوبر، ذكرى المجزرة التي ارتكبتها الحكومة ضد الشباب السلميين، وإحياء لذكرى الشهداء ولتثبيت موقفنا وكلمتنا”.
وأكد “إبراهيم”: “لن نُشارك في الانتخابات؛ لأنها ستنتج النظام الفاسد نفسه؛ وستعود الأحزاب الفاسدة نفسها”.
واختار ناشطون وتيارات منبثقة عن حركة الاحتجاج؛ مقاطعة الانتخابات النيابية المبكرة، المقررة في العاشر من تشرين أول/أكتوبر الجاري.
ويسود شعور بالإحباط واليأس في أوساط الناشطين؛ بإزاء إمكانية أن تحمل الانتخابات النيابية المبكرة تغييرًا، فيما ما زال “العراق” غارقًا بأزمات عديدة: كانقطاع الكهرباء والنقص في الخدمات وتدهور الوضع الاقتصادي والبطالة المرتفعة بين الشباب، نتيجة سنوات من الحروب والفساد المزمن.
“ثورة” لا لقاح لها !
وقد عادت صرخات الشباب العراقي إلى العاصمة، “بغداد”، اليوم الجمعة، لتصويب بوصلة المطالب والتوجهات؛ قبيل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات، المقررة في العاشر من تشرين أول/أكتوبر.
فقد توافد المئات إلى العاصمة العراقية إحياء للذكرى الثانية لإنطلاق الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، في العام 2019.
رغم ذلك، رفع البعض اليوم شعارات فيها بعض التفاؤل؛ مثل: “الثورة ستنتشر في البلاد أسرع من فيروس (كورونا)، ولا لقاح لها”.
ويواصل المتظاهرون، احتجاجات في ساحتي: “التحرير” و”الفردوس”، وبعض الشوارع القريبة، في ذكرى تظاهرات تشرين أول/أكتوبر 2019.
ورصدت وسائئل إعلام عراقية؛ حشود المتظاهرين الذين أطلقوا هتافات تطالب بمحاسبة: “القتلة”، في مسيرات حول “نصب الحرية” وقرب “المطعم التركي”.
وقال مراسلون محليون، إنّ الأجواء لم تشهد، حتى الآن؛ أي احتكاكات بين المتظاهرين وقوات المحيطة بـ”ساحة التحرير” ومقترباتها.
نريد وطن..
وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها القوات العراقية في “ساحة التحرير” ومحيطها؛ لمنع خروج احتجاجات واسعة، فإن محتجين تمكنوا من الوصول إلى الساحة في تظاهرات حاشدة تحت شعار: “نريد وطن”، رافعين صور قتلى التظاهرات السابقة.
واندلعت في تشرين أول/أكتوبر 2019، احتجاجات واسعة في “العراق”، للمطالبة بالإصلاح والخدمات، قوبلت بقمع استخدمت خلاله القوة المفرطة من قبل قوات الأمن وميليشيات مسلحة، ما تسبب بمقتل المئات وإصابة الآلاف.
وردد المتظاهرون هتافات مطالبة بإصلاح النظام السياسي، وإنهاء المحاصصة الطائفية في الحكومة والعملية السياسية عمومًا، وتسريع محاكمة قتلة المتظاهرين، موضحين أن التظاهرات ستتجدد ولا يمكن أن تنتهي ما لم تتحقق جميع المطالب.
كما تجمع مئات المتظاهرين في “ساحة الفردوس”، القريبة من “ساحة التحرير”، منددين بالسياسات الحكومية التي تغاضت عن قتلة المتظاهرين، مطالبين بمحاكمات فورية تشمل جميع الضباط والمسؤولين والأشخاص الذين ساهموا بقتل المتظاهرين، مؤكدين في الآن ذاته أن الإصلاح في “العراق” لا يمكن أن يتم إلا من خلال الضغط الذي تمثله الاحتجاجات.
وبدأ متظاهرو “ساحة الفردوس” بالتهيؤ للإنضمام إلى المحتجين في “ساحة التحرير”؛ للمشاركة في تظاهرة واسعة تُمثل رسالة جديدة للسلطات، بحسب “علي الدعمي”، وهو أحد المشاركين في تظاهرات “بغداد”، والذي قال لـ (العربي الجديد)؛ إن: “الرسالة الجديدة التي ستُطلقها التظاهرات ستتضمن المطالبة بإصلاحات حقيقية؛ يمكن أن تقضي على الفساد، وتنهي الجريمة، وتصوب مسيرة العملية السياسية”.
وتحدث عن تصاعد في حركة الاحتجاجات في المرحلة المقبلة، خصوصًا إذا أفرزت الانتخابات المقبلة، التي ستجرى بعد تسعة أيام؛ كتلاً سياسة تضم الوجوه السابقة ذاتها التي تسببت بخراب “العراق”، على حد قوله.
ومن أبرز الشعارات التي رُفعت في احتجاجات، اليوم الجمعة: “نريد وطن”، و”تشرين خيمتنا”، و”لن تسكتوا صوت تشرين”، و”حاسبوا قتلة المتظاهرين”.
وتداول ناشطون مقاطع فيديو وصورًا للتظاهرات التي شهدتها ساحتا: “التحرير” و”الفردوس”، في “بغداد”.
ونشر الناشط، “يوسف سيرجو”، مقطع فيديو يُظهر متظاهرين في “ساحة الفردوس”، وهم يرددون أحد أبرز هتافات احتجاجات تشرين: “نموت عشرة نموت مية، آني قافل (مُصر) على القضية”.
وتداول آخرون صورًا لبعض الضحايا السابقين للاحتجاجات العراقية، الذين قُتلوا على يد قوات الأمن وميليشيات وحمايات الأحزاب وجهات أخرى مجهولة.
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية إن السلطات فرضت إجراءات مشددة في العاصمة، “بغداد”، للحيلولة دون اتساع رقعة التظاهرات، موضحة؛ شريطة عدم كشف هويتها، أن قوات أمنية انتشرت في “ساحة التحرير”، وقطعت عددًا من الطرق المؤدية إليها.
وأشارت إلى أن الانتشار الأمني امتد حتى “ساحة الفردوس” وأحياء: “الكرادة والجادرية والعرصات” القريبة منها، لافتة إلى قيام قوات أمنية بإغلاق “ساحة النسور”، في جانب “الكرخ”، بـ”بغداد”، ومنعها وصول المتظاهرين إليها.