30 ديسمبر، 2024 6:56 م

رغم الاحتفال باستقالة “عبدالمهدي” .. مازال العنف سيد الشارع .. كيف ستشكل الحكومة الجديدة ؟

رغم الاحتفال باستقالة “عبدالمهدي” .. مازال العنف سيد الشارع .. كيف ستشكل الحكومة الجديدة ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مجموعة من المتناقضات يعيشها الشارع العراقي؛ فما بين محتفل بإعلان رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، تقديم استقالته للبرلمان العراقي بعد كلمة المرجعية الدينية في خطبة الجمعة؛ بسبب استمرار العنف الدموي، عاود العنف مرة أخرى ليعرف طريقه تجاه المتظاهرين، وهو الأمر المحير الذي يلقي الضوء على ماهية المتسبب في ذلك وأهدافه فيما يرد أن يصل “العراق” إليه.

وفي كلمة فُسرت على أنها إيعاز للبرلمانيين بالسعي لتغيير الحكومة، مع اتساع دوامة العنف في البلاد، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله “علي السيستاني”، في خطبة الجمعة، “مجلس النواب” العراقي، (البرلمان)، إلى سحب الثقة من الحكومة إثر موجة احتجاجات مطلبية تضرب البلاد منذ شهرين دون مبالاة من الطبقة السياسية، محذرًا من إنزلاق البلاد إلى حرب أهلية.

وقال “السيستاني”، في خطبة الجمعة؛ التي تلاها ممثله، “أحمد الصافي”، في “كربلاء”، إن: “مجلس النواب الذي أنبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق، والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي إنزلاقه إلى دوامة العنف والفوضى والخراب”.

كما حث، المحتجين العراقيين، على الحفاظ على السلمية ورفض كافة أشكال العنف، محذرًا من إنزلاق “العراق” إلى الحرب الأهلية أو العودة إلى الاستبداد،  موضحًا إن التسويف والمماطلة سيكلفان “العراق” ثمنًا باهظًا ويجهضان الإصلاحات.

وقال إن: “مجلس النواب، الذي إنبثقت منه الحكومة الراهنة، مدعوّ إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي إنزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب”.

وكان “السيستاني” قد أكد، في خطبة سابقة، بأن البلد “لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات؛ كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك”.

إلى هذا، شدد المرجع الشيعي الأعلى على ضرورة إسراع “مجلس النواب” بإقرار الإصلاحات للتوصل إلى انتخابات تعكس إرادة الشعب.

تقديم الاستقالة لمجلس النواب..

وبعد بيان “السيستاني” بساعات، أعلن “عبدالمهدي” عزمه تقديم استقالته، قائلًا، في بيان استقالته: “استمعت بحرص كبير إلى خطبة المرجعية الدينية العليا. واستجابة لهذه الدعوة وتسهيلًا وتسريعًا لإنجازها بأسرع وقت، سأرفع إلى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية”.

وأشار “عبدالمهدي”، في بيانه، إلى أنه: “سبق وأن طرحت هذا الخيار، (الاستقالة)، علنًا وفي المذكرات الرسمية، وبما يحقق مصلحة الشعب والبلاد”.

موجة استقالات للمسؤولين..

وعقب إعلان “عبدالمهدي”، أفادت وسائل إعلام عراقية بتقديم العديد من المسؤولين العراقيين استقالاتهم.

في التفاصيل؛ أعلن التليفزيون العراقي تقديم قائد شرطة “ذي قار”، جنوب “العراق”، استقالته، بعدما أعلن أن هناك اتفاقًا مع العشائر في “ذي قار” على وقف الاشتباكات وانسحاب القوات الأمنية لمقارها، ومنع إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

أيضًا؛ أفادت وكالة الأنباء العراقية بتقديم مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، “محمد الهاشم”، استقالته.

كما وردت أنباء عن استقالة أمين عام مجلس الوزراء العراقي، “حميد الغزي”.

استمرار دوامة العنف وتزايد عدد القتلى..

ورغم الاحتفالات التي إنطلقت في “ساحة التحرير” احتفالًا بإعلان “عبدالمهدي” تقديم استقالته للبرلمان، إلا أن ذلك لم يوقف دوامة العنف الذي استمر في مناطق الجنوب الزراعية والقبلية، حيث تهدد الفوضى المنطقة منذ أن ظهر مسلحون قبليون لحماية متظاهري “الناصرية” من جهة؛ ومسلحون مدنيون أطلقوا النار على محتجين في “النجف”.

وقُتل، أمس، 15 متظاهرًا في “الناصرية”، التي تشهد صدامات دموية، منذ الخميس، كما قُتل آخر في “بغداد”؛ وخمسة في “النجف”، حيث أطلق مسلحون بلباس مدني النار على متظاهرين أمام مقر حزبي، وفق شهود وأطباء.

7 مقترحات لـ”الصدر” للحكومة الجديدة..

وتوالت ردود الأفعال بعد ذلك؛ فقال زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، إن استقالة “عبدالمهدي” أولى ثمار الثورة ويجب اختيار البديل عبر استفتاء شعبي.

وقال “الصدر”، في بيان، علق فيه على إعلان رئيس الحكومة العراقية بشأن استقالته: “شكرًا لله شكرًا للثوار شكرًا للمرجعية شكرًا لكل من ساند وأيد؛ فقد استقال رئيس الحكومة ولله الحمد.. وهي أول ثمار الثورة وليس آخرها، ولكن لتعلموا أن استقالته لا تعني نهاية الفساد”.

وقدم “الصدر”، في بيانه، مقترحات أولها: “أن يكون ترشيح رئيس الوزراء من خلال استفتاء شعبي على خمسة مرشحين، وتوضع صناديق الاستفتاء الشعبي في سوح الاحتجاجات”. ودعا إلى: “العمل على تأسيس مجلس مكافحة الفساد يضم نخبة من القضاة الأكفاء وممن يتحلون بالنزاهة والشجاعة لمحاسبة من أفسد ومن سيفسد”.

كما اقترح أن: “يختار رئيس الوزراء الجديد كابينته بشكل بعيد كل البُعد عن الأحزاب والتكتلات والميليشيات؛ وبعيدًا عن المحاصصات الطائفية والحزبية والقومية والفئوية وما شاكلها، فضلًا عن تفعيل دور القضاء والإبتعاد عن مهاترات البرلمان الذي لا يقل بعض أعضائه فسادًا عن الحكومة”.

ونصح زعيم (التيار الصدري): “كل من يتعاطف معنا داخل قبة البرلمان؛ بعدم زج نفسه في تشكيل الحكومة إلا بالتصويت، مع القناعة وأخذ رأي الشعب بصورة مباشرة وبإشراف مستقل غير فاسد”.

كما شدد “الصدر” على ضرورة “الاستمرار بالتظاهر السلمي وعدم التراجع.. والتعامل بحزم مع كل من يتخذ العنف من المتظاهرين أو ضدهم.. وذلك من خلال الجهات الأمنية من الجيش والشرطة حصرًا”.

وأختتم “الصدر” بيانه؛ بالقول: “نرجو من الدول الصديقة وغيرها إعطاء الفرصة للعراقيين بتقرير مصيرهم”.

حكومة تصريف أعمال تهييء إجراء انتخابات مبكرة..

من ناحيته؛ دعا زعيم ائتلاف (الوطنية)، “إياد علاوي”، إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال مهمتها التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة.

وقال “علاوي”، في بيان: “بعد مضي شهرين على إنطلاق التظاهرات الاحتجاجية السلمية، وما رافقها من عنف مفرط، طالما حذرنا من استمراره وما تسبب به من إراقة لدماء الأبرياء، نوضح للرأي العام أن قضية التظاهرات والمتظاهرين لا يتحمل فيها، عادل عبدالمهدي، إلا الجزء الأصغر منها”.

واعتبر “علاوي” أن: “الجزء الأكبر من المشكلة يكمن في طبيعة وهيكلية العملية السياسية التي أصبحت مؤذية ومدمرة للعراق، وأدت إلى شرذمته، وأعتمدت التهميش، والإقصاء، والطائفية السياسية، وأرتهنت قراراتها إلى القوى الخارجية الإقليمية، وأدخلت مصير العراق بعد أن أضعفته إلى لعبة الأمم”.

وأضاف: “لذا فإن ما ينبغي عليه العمل اليوم هو، تشكيل حكومة تصريف أعمال تكون مهمتها التهيئة لإجراء انتخابات نزيهه مبكرة بمدة لا تتجاوز 4 أو 5 أشهر، وإقالة المفوضية الحالية وأعتماد مفوضية جديدة من نقابة المعلمين والمحامين والأعضاء السابقين في المفوضيات السابقة المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، بالإضافة إلى محاكمة المفسدين وحماتهم وكل من تورط بسفك الدم العراقي وتقديمهم إلى محاكمات علنية، وتحرير القرار السيادي العراقي وضمان استقلاليته بعيدًا عن التأثيرات الإقليمية المهينة من هذا الطرف أو ذاك”.

ثلاثة مرشحين لخلافة “عبدالمهدي”..

من جانبه؛ كشف رئيس كتلة (الجماعة الإسلامية) الكُردستانية، النائب في البرلمان العراقي، “سليم حمزة”، في تصريح لوكالة (سبوتنيك)، عن ثلاثة مرشحين وصلت أسماؤهم لتولي أحدهم منصب رئاسة الحكومة بعد قبول استقالة “عادل عبدالمهدي”.

وأوضح “حمزة”، أن أسماء المرشحين الثلاثة وصلت إلى بعض الكتل السياسية، لكنها لم تصل بشكل رسمي إلى البرلمان حتى الآن، رافضًا الكشف عنها في الوقت الحالي.

محاكمة “عبدالمهدي” دوليًا..

طالب الخبير السياسي، “باسل حسين”، بمحاكمة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، دوليًا بعد الجرائم التي إرتكبت بحق المتظاهرين.

وقال “حسين”، في تصريح صحافي، إن: “مطالبة عبدالمهدي بالاستقالة لم تُعد كافية، بل ينبغي المطالبة بمحاكمته دوليًا وكل من شارك بالجرائم خلال التظاهرات في العراق”.

وأوضح أن: “المادة 28 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية، تنص على أن القائد مسؤول جنائيًا عن الجرائم المرتكبة إذا علم أو لم يتدخل بأن يمنع أو تجاهل أية معلومات يمكن أن تمنع وقوع الجرائم”.

قراراته خالفت الدستور وتسببت بقتل المتظاهرين..

كما أكد الخبير القانوني، “علي التميمي”، أن قرارات رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، مخالفة للدستور وتسببت بقتل المتظاهرين.

وقال “التميمي”، في بيان، إن: “ما صدر من عبدالمهدي من تشكيل خلايا أزمة أمنية هي قرارات طواريء وأحكام عرفية مخالفة للدستور في المادة 61 ف 9 التي أشترطت لإعلان الطواريء موافقة ثلثي البرلمان على طلب مشترك من رئيس الوزراء والجمهورية؛ وأن يصوت البرلمان الثلثين وتحدد أماكن الطواريء ولمدة لا تزيد عن ثلاثين يومًا”.

وأضاف: “لكن ما حصل من قرارات مستعجلة أدت إلى قتل المتظاهرين في الناصرية والنجف وغيرها؛ هي إبادة جماعية وفق اتفاقية منع الإبادة الجماعية 1948، التي عرفت الإبادة الجماعية بأنها القتل المنظم واستهداف فئات المجتمع والعراق موقع على هذه الاتفاقية”.

وتابع: أن “استمرار هذه التجاوزات على القانون الدولي ومنها قتل المتظاهرين وحجب الحرية الصحافية والاعتقالات الإدارية كلها تضع رئيس الوزراء في واجهة الاتهام الدولي وفق المواد 6 و7 من قانون المحكمة الجنائية الدولية، وأيضًا المادة 28 من قانون هذه المحكمة التي قالت أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم كما حصل في يوغوسلافيا”.

وأوضح “التميمي”، أن: “توثيق هذه الجرائم مهم مستقبلًا سواء عن طريق الفيديوهات أو الصور أو الشهود هي الأدلة التي تعتمدها المحكمة الجزائية الدولية”.

ضحية الكتل السياسية..

فيما رأى الصحافي في قناة (فرانس 24)، “عمار الحميداوي”، إن رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، الذي أعلن عزمه تقديم استقالته أمام البرلمان على خلفية الاحتجاجات الدموية التي يشهدها “العراق” منذ شهرين، كان منذ بداية توليه المنصب “ضحية للكتل السياسية التي تسطير على كل مفاصل القرار السياسي” في البرلمان. وشدد على أن “عبدالمهدي” لم يكن رئيسًا للوزراء سوى شكليًا، مذكرًا بأنه ليس رئيس وزراء منتخب بل تم تعيينه توافقيًا، في تشرين أول/أكتوبر 2018، بعد فشل الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة؛ في انتخاب شخص بصفوفها.

الاستقالة تقدم للرئيس وليس البرلمان !

وقال الباحث الأمني العراقي، “نجم القصاب”، إن التظاهرات في “العراق” ستستمر حتى بعد استقالة رئيس الحكومة، “عادل عبدالمهدي”.

وأضاف “القصاب” أن الاستقالات تقدم إلى الرئيس وليست للبرلمان، لأنه يتمتع  بكافة الصلاحيات الدستورية.

ويرى “القصاب” أن الكتل السياسية في البلاد لا تزال منقسمة، رغم ترحيبها باستقالة رئيس الحكومة.

وأوضح “القصاب” أن تغيير الدستور في الوقت الراهن ليس سهلًا، لكن من المهم أن نعمل على تعديل قانون الانتخابات لمنح فرصة حقيقية للمرشحين العراقيين.

أكد الخبير القانوني، “طارق حرب”، أن استقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، لا تحتاج إلى موافقة “مجلس النواب”، وفيما أشار إلى أن الحكومة الحالية ستكون تصريف أعمال، لفت إلى أن الاسم المرشح يتم تكليفه من رئيس الجمهورية خلال 15 يومًا من موعد الترشيح.

وقال “حرب” أن: “استقالة، عادل عبدالمهدي، لا تحتاج إلى موافقة مجلس النواب أو التصويت عليها، وهي سارية المفعول من تاريخ إعلانها”، مبينًا أن: “الحكومة الحالية ستكون حكومة تصريف أعمال؛ وتعمل على تسيير أمور الدولة العراقية”.

وأضاف “حرب”: “ما يتعلق بالموازنة الاتحادية للعام المقبل فهي بطور الإعداد والتشريع داخل الحكومة، بالتالي فيمكن استكمالها وإرسالها إلى مجلس النواب لتعديلها والتصويت عليها، لأن المعني بتشريعها هو مجلس النواب؛ وكذلك كونها ترتبط بخدمات المواطنين ورواتبهم”.

ولفت إلى أن: “الخطوة المقبلة هي ترشيح الكتلة الأكبر برلمانيًا للشخصية التي ستشغل منصب رئيس مجلس الوزراء المقبل وهي حاليًا، بحسب الانتخابات، كتلة (سائرون)، إلا بحال ظهرت كتلة أكبر من تحالفات رسمية مقدمة إلى رئاسة البرلمان لتكون الكتلة الأكبر”، موضحًا أن: “الاسم المرشح يتم تكليفه من رئيس الجمهورية خلال مدة 15 يومًا من موعد الترشيح، ولديه مدة 30 يومًا لتقديم أسماء كابينته الوزارية إلى مجلس النواب لمنحها الثقة”.

هدأت من غضب الشارع نوعًا ما..

وفي تعليقه لـ (كتابات)، قال “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية السياسية والقانونية؛ أن خطبة المرجعية الأخيرة تُعد المحرك الأساس للراكد في العملية السياسية، حيث دفعت رئيس الوزراء الكشف عن نيته لتقديم الاستقالة إلى “مجلس النواب”؛ بالرغم من أن الدستور لم يذكر استقالة رئيس مجلس الوزراء وإنما ذكر استجواب وسحب الثقة في المادة 61 منه.

وأعتقد أن خطبة المرجعية الأخيرة قد شعرت المنتفضين إلى تأسيس لائحة مطالب جديدة تتضمن التغيير التدريجي، وهذا يعني أن التظاهر سيبقى مستمرًا حتى تحقيق آخر مطلب.

أما بخصوص عزم “عبدالمهدي” تقديم الاستقالة؛ فإن مجرد كتابة الاستقالة وتقديمها إلى رئيس الجمهورية تُعد الحكومة مستقيلة وتتحول إلى تصريف أعمال؛ ولا يشترط موافقة رئيس الجمهورية أو البرلمان، كونها نافذة.

موضحًا “الشماع”؛ أن هذه الاستقالة هدأت من غضب الشارع شيئًا ما، لكن المهم في هذا المسار هو تحقيق المطالب جميعها بدون مراوغة وإلا ستصل البلاد إلى اللاعودة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة