24 أبريل، 2024 8:49 م
Search
Close this search box.

رغم الإدعاءات الحقوقية .. “إردوغان” ينسحب من “اتفاقية إسطنبول” للعنف ضد المرأة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في إجراء أثار سخط محلي ودولي، انسحبت “تركيا” من اتفاقية دولية لحماية النساء من العنف، بالرغم من اعتراض جمعيات ونشطاء.

ونُشر القرار في الجريدة الرسمية للبلاد، أمس السبت، بالرغم من تحذير جهات حقوقية من انعكاسات القرار السلبية، في ظلّ تصاعد العنف المنزلي وجرائم القتل ضد النساء في “تركيا”، العام الماضي.

وأبرمت اتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي؛ أو ما يعرف: بـ”اتفاقية إسطنبول”، عام 2011، في “تركيا”، ووقعت عليها 45 دولة، وتتضمن تشريعات ضد العنف، والاغتصاب الزوجي، وختان الإناث.

تهدد وحدة الأسرة..

المحافظون في “تركيا”؛ يرون أنّ الاتفاقية تهدّد “وحدة الأسرة”، و”تشجع على الطلاق”، وتستخدم من قبل المثليين: “للحصول على قبول أوسع في المجتمع”، لتضمنها إشارة إلى عدم التمييز على أساس الميل الجنسي.

ولم تقدّم “تركيا” أي سبب للانسحاب، لكن مسؤولين في “حزب العدالة والتنمية”، الحاكم، الذي يتزعمه، “رجب طيب إردوغان”، قالوا العام الماضي؛ إن: “الحكومة تدرس الانسحاب من الاتفاق، وسط خلاف حول كيفية كبح تصاعد العنف ضد المرأة”.

تنفيذ الاتفاقات بشكل أكثر صرامة !

فيما وصف منتقدو الانسحاب من الاتفاق؛ الأمر بـ”المدمّر”، قائلين إن القرار التركي في مكان أبعد عن القيم الأوروبية، في وقت لا تزال فيه “أنقرة” مرشحة للإنضمام إلى “الاتحاد الأوروبي”. ويرون أن الاتفاق والتشريعات التي استندت إليه لاحقًا، يجب أن تنفذ بشكل أكثر صرامة.

تعرض 38% من النساء للعنف..

ولا تحتفظ “تركيا” بإحصائيات رسمية عن جرائم قتل النساء، لكن بيانات “منظمة الصحة العالمية” تُظهر 38 بالمئة من النساء، في “تركيا”، يتعرضن للعنف من قبل شركائهن، مقارنة بنحو 25 في المئة، في “أوروبا”.

وفي العام الماضي، قُتلت 300 امرأة، في “تركيا”، وفقًا لمجموعة “سنوقف قتل النساء” الحقوقية، ودعت المنظمة، في رسالة على (تويتر)؛ إلى: “قتال جماعي ضد من أسقطوا اتفاقية إسطنبول”.

و”تركيا” ليست الدولة الأولى التي تتحرك نحو التخلي عن الاتفاق، إذ دعا عضو في الحكومة البولندية إلى الانسحاب من المعاهدة التي تعتبرها الحكومة القومية: “ليبرالية للغاية”.

إصلاحات تُحسن من حقوق الإنسان..

وأدان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، العنف ضد المرأة، وقال في وقت سابق من الشهر الجاري؛ إن حكومته ستعمل على القضاء على العنف ضد المرأة، لكن منتقدين يقولون إن حكومته لم تفعل ما يكفي لمنع جرائم قتل النساء والعنف الأسري.

واتخذت “أنقرة” إجراءات؛ مثل وسم أفراد معروفين باللجوء إلى العنف، وإنشاء تطبيق للهواتف الذكية تستخدمه النساء في تنبيه الشرطة، وقد تم تحميله مئات آلاف المرات.

ويأتي قرار “إردوغان”؛ بعد كشف النقاب عن إصلاحات قضائية، خلال الشهر الجاري، قال إنها ستحسن من الحقوق والحريات وتساعد في تلبية معايير الإنضمام إلى “الاتحاد الأوروبي”.

وتعتبر “تركيا” مرشحة للإنضمام إلى الاتحاد، منذ عام 2005، لكن محادثات الإنضمام توقفت بسبب الخلافات السياسية وسجل “أنقرة” في حقوق الإنسان.

ويُتهم الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، الذي يهيمن على الدولة ذات الأغلبية المسلمة منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، بتقويض الشخصية العلمانية لـ”تركيا” وتعزيز التوجه المحافظ في المجتمع.

تظاهرات مناهضة للقرار..

وكرد فعل سريع، تظاهر الآلاف في “تركيا”؛ لمطالبة الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بالعودة عن قراره، الانسحاب من “اتفاق إسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة”، وخرج معارضون أتراك بانتقادات للسلطات.

وهتف آلاف النساء والرجال، الذين تجمعوا في منطقة “كاديكوي”، في “إسطنبول”، بشعارات من بينها: “الغِ قرارك، طبّق الاتفاق !”.

وحمل المتظاهرون صور نساء قُتلنَ؛ ولافتات كُتب عليها: “النساء سيربحنَ هذه الحرب”. وقالت “بانو”، إحدى المتظاهرات، لوكالة (فرانس برس): “سئمتُ من هذه الدولة الأبوية. سئمتُ من الشعور بانعدام الأمان. كفى !”. ونُظّمت أيضًا تجمّعات أقلّ حشدًا، في “أنقرة” و”إزمير”، (غرب)، بحسب ما أفادت وسائل إعلام.

وبهذا الإجراء، يرضخ “إردوغان” لضغوط مجموعات إسلامية محافظة تدعو، منذ أشهر، إلى التخلي عن هذا الاتفاق الذي أضر برأيهم، بالقيم العائلية “التقليدية” من خلال دفاع الاتفاق عن المساواة بين الجنسين و”دعم” مجتمع المثليين، من خلال دعوته إلى عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.

الاتفاقية كانت بمثابة ملاذ آمن !

وبحسب (دوتشيه فيلة) الألمانية، قالت امرأة عرّفت نفسها باسم: “ميرفينور”، في فيديو عبر مواقع التواصل: “الانسحاب من المعاهدة؛ يعني تعريض حياة النساء للخطر في مواجهة قتل النساء، بسبب جنسهن، والعنف الأسري”، مضيفة أن: “هذا (الانسحاب من المعاهدة)، يعني أن نقول إننا لا نعبأ بقتل النساء”.

وقال محام من بين المتظاهرين، طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية، إن المعاهدة سمحت لمعظم النساء، في “تركيا”، بالفرار من العنف عبر المحاكم من خلال تغيير هويتهن، والانتقال إلى مسكن جديد  آمن أو اشتراط وضع سوار إلكتروني أمني للتعقب حول كاحل الرجال الذين يمثلون لهن تهديدًا، وهو ما قد يصبح غير ممكن مع إلغاء العمل بالاتفاق.

وأثار القرار، الذي تم اتخاذه رغم تزايد جرائم قتل النساء منذ عقد، في “تركيا”، غضب المنظمات المعنية بحقوق المرأة وانتقادات من جانب “الاتحاد الأوروبي”.

إشارة خاطئة لأوروبا وللمرأة التركية..

وكرد فعل عالمي، قالت المتحدثة باسم “وزارة الخارجية” الألمانية؛ إن انسحاب “تركيا”، من “اتفاقية إسطنبول”، الموقعة في عام 2011، والتي تهدف لحماية المرأة من العنف الأسري، يبعث بإشارة خاطئة لـ”أوروبا” وللمرأة التركية.

وأضافت المتحدثة: “لا يمكن للتقاليد الثقافية ولا الدينية ولا غيرها من الأعراف أن تكون عذرًا لتجاهل العنف ضد المرأة”.

تراجع جديد فيما يخص حقوق الإنسان..

ومن جانبها، قالت “وزارة الشؤون الخارجية” الفرنسية، أمس السبت؛ إنها تأسف بشدة لقرار “تركيا” الانسحاب المعاهدة، مشيرة إلى أن الإجراء تراجع جديد فيما يخص احترام حقوق الإنسان.

وذكرت الوزارة الفرنسية، في بيان؛ أن: “القرار سيؤثر في الأساس على المرأة التركية، التي تعبر فرنسا عن كامل تضامنها معها”.

نبأ مدمر..

وقال “مجلس أوروبا” إن انسحاب “تركيا”، من “اتفاق إسطنبول”: “نبأ مدمر”؛ و”يهدد حماية المرأة”، في هذا البلد.

وكتب مقرر البرلمان الأوروبي حول تركيا، “ناتشو سانشيز أمور”، في تغريدة: “هذا هو الوجه الحقيقي للحكومة التركية الحالية: إزدراء تام لدولة القانون وتراجع تام لحقوق الإنسان”.

رفض المعارضة التركية..

وأدان معارضو الرئيس التركي بشدة؛ الانسحاب من المعاهدة. وقال رئيس بلدية إسطنبول، “أكرم إمام أوغلو”، أحد أبرز خصوم “إردوغان”، إن: “الإعلان عن الانسحاب من اتفاق إسطنبول، فيما نبلّغ كل يوم باعتداء جديد يرتكب ضد نساء، أمر مرير”.

وأضاف أنه: “إزدراء بالنضال الذي تخوضه النساء منذ سنوات”.

وكتبت “غوغشي غوغشان”، نائبة رئيس “حزب الشعب الجمهوري”؛ المكلفة بشؤون حقوق الإنسان، في تغريدة على (تويتر)؛ أن التخلي عن هذا الاتفاق يعني: “السماح بقتل النساء”. وأضافت: “رغمًا عنكم وعن شرّكم، سنبقى على قيد الحياة ونعيد إحياء الاتفاق”.

وأعربت منظمة “كاديم” النسوية المحافظة، المقربة من السلطة، وإحدى بنات “إردوغان” هي عضو فيها، عن استيائها، مشيرة إلى أن “اتفاق إسطنبول”: “كان يلعب دورًا مهمًا في مكافحة العنف”.

طمأنة حكومية..

وفي مواجهة هذا الكم الهائل من الانتقادات، حاولت الحكومة طمأنة الرأي العام. فقال وزير الداخلية، “سليمان صويلو”؛ إن: “مؤسساتنا وقوات حفظ النظام ستواصل مكافحة العنف المنزلي والعنف ضد النساء”.

من جهتها، قالت وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية، “زهراء زمرد سلجوق”، إن الدستور التركي والقوانين المحلية: “تضمن حقوق المرأة”، وفق ما نقلت عنها وكالة أنباء (الأناضول) الرسمية.

انسحب بسبب انخفاض شعبيته والأزمة الاقتصادية..

تعليقًا على خطوة النظام التركي، قال الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس، “رامي خليفة العلي”، إن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، انسحب من اتفاقية العنف ضد المرأة بسبب انخفاض شعبيته والأزمة الاقتصادية في البلاد.

وأضاف “رامي خليفة العلي”، في لقاء متلفز؛ أن الاتفاقية ليست بنية تشريعية، ولكن الاتفاقية تضمن تعاونًا على المستوى الدولي لوقف العنف ضد النساء، ومنع الاغتصاب الزوجي، ومنع ختان الإناث.

كما أوضح “العلي”، أن “إردوغان” لغى كل ما سبق بحجج واهية، وتمنع المجتمع التركي من الاستفادة من التجربة العالمية برمتها، وبالتالي أن ذلك سيعود بالضرر على واقع النساء في “تركيا”.

لدوافع سياسية..

من جانبه، يرى الخبير في الشأن التركي، “صلاح لبيب”؛ أن هدف الحكومة التركية، من خلف اتخاذ هذه الخطوة، سياسي في المقام الأول.

وقال “لبيب”، في تصريح لموقع قناة (الحرة): “تقديري أن الحكومة تتعاطى مع التحديات السياسية والاقتصادية، التي تواجهها والأزمات الكبرى في هذا المجال، بمغازلة التيار المحافظ القومي والديني”.

وتابع “لبيب”، قائلاً: “وفي هذا الإطار، جاء الانسحاب من هذه الاتفاقية التي طالما انتقدتها القوى المحافظة الدينية، نظرًا لما ورد فيها من بنود اعتبرتها مهددة لتماسك الأسرة منها ما يتعلق بالنوع الاجتماعي”.

ولفت “لبيب” إلى أن: “الإشكالية تكمن في أن أنقرة تصاعد فيها العنف الأسري، وخاصة ضد المرأة، وأي إشارات نحو الانسحاب من اتفاقيات تتعلق بحقوق المرأة؛ تمنح إشارات سلبية نحو مواجهة هذا العنف”.

وأشار الخبير في الشأن التركي؛ إلى أن الحكومة التركية لم تعلن أسبابها الموضوعية للانسحاب في هذا التوقيت، رغم مرور سنوات على التوقيع على هذه الاتفاقية.

ويرى “لبيب” أنه: “يبدو وأن الانسحاب، جاء متزامنًا مع إقالة محافظ البنك المركزي التركي، ليأخذ جانبًا من الجدل الذي سيتصاعد حتمًا لإقالة رجل جرى تعيينه، منذ فترة قريبة، وهو ما سيؤثر بلا شك على وضع الليرة المتدهور”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب