23 نوفمبر، 2024 9:59 م
Search
Close this search box.

رغم إلزام المحكمة الدولية .. “واشنطن” تتهرب بإلغاء المعاهدة .. فهل تصمد “طهران” لتأخذ حكمًا نهائيًا ؟

رغم إلزام المحكمة الدولية .. “واشنطن” تتهرب بإلغاء المعاهدة .. فهل تصمد “طهران” لتأخذ حكمًا نهائيًا ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

قبلت “محكمة العدل الدولية” الدعوى المقدمة من “إيران” ضد “الولايات المتحدة الأميركية”، بشأن العقوبات.

وأعلنت “المحكمة الدولية”، الأربعاء 3 تشرين أول/أكتوبر 2018، أنها تمتلك الإختصاص للنظر في الشكوى المقدمة من “إيران” ضد “الولايات المتحدة الأميركية” بشأن إعادة فرض العقوبات عليها، إثر انسحاب “واشنطن” من “الاتفاق النووي الإيراني”، وقبلت المحكمة الدعوى.

وقال رئيس المحكمة، “عبدالقوي أحمد يوسف”، خلال جلسة المحكمة إنه: “من الكافي بالنسبة للمحكمة أن تخلص إلى أن هذا الخلاف لم تتم تسويته بالطرق الدبلوماسية قبل رفعه إلى المحكمة”.

وأضاف: “المحكمة تملك الإختصاص للنظر في الشكوى، لأن النزاع نشأ عن الإخلال بتطبيق معاهد الصداقة”.

وتابع: “نقبل الدعوى وفي انتظار القرار النهائي”، مؤكدًا على أن المحكمة يمكن أن تمارس صلاحياتها إذا ما اقتنعت أن الحقوق الواردة هي منطقية ومقبولة.

ضمان عدم إعاقة وصول السلع الإنسانية..

وأصدرت “محكمة العدل الدولية” أمرًا لـ”الولايات المتحدة الأميركية” بضمان أن لا تعيق العقوبات وصول السلع الإنسانية إلى “إيران”، وضمان سلامة الطيران المدني وحركة الملاحة الجوية.

وقال رئيس المحكمة: “وفقًا للإلتزامات المنصوص عليها في معاهدة الصداقة، وخصوصًا العلاقات الاقتصادية والحقوق الاقتصادية، فإن الولايات المتحدة يجب أن لا تعيق أي عملية تصدير للمواد الغذائية والعقاقير والأدوية الطبية لإيران، كذلك قطع الغيار والخدمات المتعلقة بالطيران المدني لضمان سلامة الملاحة الجوية”.

وأضاف: “تقر المحكمة وبالإجماع أنه على الولايات المتحدة أن تضمن أن الرخص والتصاريح اللازمة ينبغي منحها؛ وأن الدفعات المالية والتحويلات المالية يجب أن لا تكون خاضعة لأي قيود، خاصة فيما يتعلق بالخدمات والسلع الوارد ذكرها”.

وتابع رئيس المحكمة: “كلا الطرفين يجب أن يتوقفا عن أي إجراءات يمكنها أن تفاقم هذا الخلاف وتصعيد الأمر، حيث يتعذر حله”.

استندت على “معاهدة الصداقة”..

وكانت “إيران” قد أقامت دعوى ضد “الولايات المتحدة الأميركية”، في حزيران/يوليو الماضي، خاصة بـ”العقوبات الأميركية” التي فرضتها “واشنطن” عليها.

واستندت “إيران”، في شكواها لـ”محكمة العدل الدولية”، إلى “معاهدة الصداقة” الموقعة بينها وبين “الولايات المتحدة”، في آب/أغسطس عام 1955، واعتبرت أن “واشنطن” إنتهكت بنود هذه المعاهدة.

وأعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في آيار/مايو الماضي، انسحاب بلاده من “الاتفاق النووي” المبرم مع “إيران”، في عهد سلفه، “باراك أوباما”، في نيسان/أبريل عام 2015، كما فرض عقوباتٍ اقتصاديةً ضد “طهران”، باتت تمثل نوعًا من الحصار المفروض على “الجمهورية الإسلامية الشيعية”، كما توعدها “ترامب”، خلال خطابه أمام “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، أواخر أيلول/سبتمبر المنصرم، بمزيدٍ من العقوبات والضغط عليها.

ترحيب إيراني بالقرار..

ورحّبت “وزارة الخارجية الإيرانية” بقرار المحكمة باعتباره “إشارة واضحة” إلى أن إيران “محقة”. وقالت الوزارة، في بيان، إن الحكم الذي أصدرته المحكمة “يظهر مجددًا أن الحكومة الأميركية.. تصبح معزولة يومًا بعد يوم”. بدوره؛ كتب وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، على (تويتر): “فشل جديد لهذه الحكومة الأميركية المدمنة على العقوبات، وانتصار القانون”.

الانسحاب من المعاهدة..

ردًا على قرار المحكمة؛ أعلن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، عن انسحاب “الولايات المتحدة” من “معاهدة الصداقة” الموقعة مع “إيران” عام 1955.

مؤكدًا، خلال مؤتمر صحافي له، على أن انسحاب “الولايات المتحدة” من المعاهدة يأتي ردًا على ما اعتبره “استغلال إيران لمحكمة العدل الدولية”.

واعتبر “بومبيو” الشكوى التي رفعتها “طهران” ضد “واشنطن” أمام محكمة العدل الدولية؛ “إعتداء على الولايات المتحدة”.

وأضاف أن “الولايات المتحدة” ستستفيد من فسخ المعاهدة، مشيرًا إلى أن “إيران” كانت تستغل هذه المعاهدة لسنوات طويلة.

ومع ذلك؛ أكد “بومبيو” على أن “الولايات المتحدة” ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية لـ”إيران”، لكنه اتهم طهران بـ”هدر” الأموال بدلاً من صرفها على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

تقف وراء الهجمات..

كما جدد “بومبيو” اتهاماته لـ”إيران” بأنها تقف وراء الهجمات على “القنصلية الأميركية” في “البصرة” و”السفارة الأميركية” في “بغداد”، بداية الشهر الماضي. وقال: إن “إيران مصدر الخطر الراهن؛ الذي يواجه الأميركيين في العراق”. وأردف أن لدى “الولايات المتحدة” معلومات استخباراتية تؤكد ذلك.

وأكد على أن الولايات المتحدة “ستستمر بالوقوف إلى جانب شعب العراق في الوقت الذي يرسم فيه مستقبله بناء على مصالحه، وليس على إملاءات إيران”.

ومن المرجح ألا يكون للحكم تأثير عملي يذكر على تطبيق العقوبات التي تعيد “واشنطن” فرضها بعد انسحابها من “الاتفاق النووي” لعام 2015.

يشار إلى أن الأمر الصادر من المحكمة مؤقت بانتظار أن تحسم “محكمة العدل الدولية” القضية الكاملة المقدمة من “إيران” ضد “الولايات المتحدة”، وهو أمر قد يستغرق أعوامًا.

وتعتبر “محكمة العدل الدولية”، هي أعلى جهة تقاضي تابعة للأمم المتحدة، وتختص في الفصل في النزاعات بين الدول سواء الحدودية أو المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقات الدولية، ومقرها مدينة “لاهاي” الهولندية.

ما هي اتفاقية الصداقة ؟

وتعود هذه الاتفاقية إلى عهد الملكية في “إيران”، وقتما كانت “طهران” في حالة وئام مع “واشنطن”، إبان حكم الشاه الإيراني، “محمد رضا بهلوي”.

ولم تكن “معاهدة الصداقة”، بين البلدين، هي الاتفاق الوحيد بين البلدين، ففي نفس العام كانت “إيران” تقف جنبًا إلى جنبٍ مع “الولايات المتحدة” ضمن “حلف بغداد”، الذي ضمّ أيضًا “بريطانيا والعراق وتركيا”.

وكان هدف هذا الحلف هو محاربة المد الشيوعي القادم من “الاتحاد السوفياتي”، وذلك إبان بدء معركة الحرب الباردة بين “واشنطن” و”موسكو”، وكان المقابل مساعدات مالية تقدمها “الولايات المتحدة” للبلدان المنضوية تحت الحلف، وأشرفت “بريطانيا”، وقتها، على تقديم هذه المساعدات.

وتنص “معاهدة الصداقة”، التي دافعت “طهران” بأن “واشنطن” قد إنتهكتها، على تشجيع التجارة وتأسيس استثمارات وعلاقات اقتصادية أقرب بشكل عام بين الشعبين والحكومتين بما يخدم مصلحة البلدين.

و”العقوبات الأميركية” ضد “إيران” استهدفت كاهل الاقتصاد الإيراني، وهو إذًا لا يتماشى مع بنود “معاهدة الصداقة” بين البلدين الموقعة منذ أكثر من ستة عقود.

وتألفت المعاهدة من 23 بندًا؛ من بينها الإشارة للمعاملة الدبلوماسية بين البلدين، وإقامة الحقوق القنصلية بين البلدين على أساس المعاملة بالمثل، مع إعادة ترتيب العلاقات القنصلية بينهما.

ولم تكن “الولايات المتحدة” قد انسحبت من هذه الاتفاقية، وربما تكون قد أغفلتها، لكنها قررت أمس الانسحاب منها، حسبما أعلن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، لتحنث “واشنطن” أخيرًا بـ”اتفاقية صداقة” بين بلدين لم يعرفا إلا حالة العداء منذ “الثورة الإسلامية” في “إيران”، عام 1979، ضد حكم “رضا بهلوي”، الذي وقع الاتفاق مع أميركا.

أمر تحفظي مؤقت..

تعليقًا على قرار المحكمة؛ قال أستاذ القانون الدولي المصري، الدكتور “أيمن سلامة”، إن “محكمة العدل الدولية”، لم تصدر أي حكم قضائي بقبول اختصاص المحكمة في الدعوى المقدمة من “إيران”.

موضحًا أن المحكمة “أصدرت أمرًا – لا حكمًا – تحفظيًا مؤقتًا ضد الولايات المتحدة الأميركية برفع بعض العقوبات التي فرضتها ضد إيران، وبالوسائل الاختيارية التي تراها الولايات المتحدة، وذلك بعد أن خلصت المحكمة إلى اختصاصها – فقط – بإصدار أوامر تحفظية ضد الولايات المتحدة تلبية للدعوى الإيرانية”.

وأكد “سلامة” أنه: “بالرغم من أن أوامر المحكمة إلزامية من الناحية القانونية لأطراف النزاع أمام  المحكمة، لكن الفقهاء لم يجمعوا على مدى إمكانية تدخل مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل إلزام الدولة التي أمرتها المحكمة بإتخاذ تدابير محددة، مقارنة بإمكانية تدخل مجلس الأمن لفرض إلتزام أطراف النزاع بـ”الأحكام  القضائية للمحكمة”، تأسيسًا على ميثاق منظمة الأمم المتحدة، الذي لم يتناول كيفية نفاذ التدابير الظرفية المشار إليها”.

قد تعدم المحكمة قرارها..

لافتًا “سلامة” إلى أن “قضاة المحكمة فقط، والمتخصصين في القضاء الدولي، يدركون أن الأمر الذي صدر صباح أمس الأربعاء، يمكن أن تعدمه المحكمة ذاتها لاحقًا في حالة قبول المحكمة الطعن الذي ستدفع به الولايات المتحدة حول اختصاص المحكمة بالفصل في النزاع  بينها وبين إيران”.

مضيفًا: أن “المحكمة أمس في أمرها المتقدم، أكدت أن اختصاصها بإصدار الأمر بالتدابير التحفظية ضد الولايات المتحدة الأميركية، لا يعد حكمًا مسبقًا على اختصاص المحكمة بالفصل في النزاع برمته، إذ أشارت المحكمة لسابقة قضائية للمحكمة ذاتها في نفس الصدد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة