9 مارس، 2024 3:45 م
Search
Close this search box.

رغبة في تأمين الحكم .. السعودية تهدم اقتصادها بـ”الشعبوية” الزائفة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

في الماضي، كان الاستقرار السياسي في المملكة العربية السعودية يعتمد على ثلاث صفقات منفصلة: داخل العائلة المالكة؛ بين العائلة المالكة والنخب التقليدية في المملكة وأخيراً بين الدولة والسكان. ومع الانخفاض الحاد في عائدات النفط، أصبح هذا النظام السياسي غير مستدام.

أصبحت معظم  الجهود لفهم ديناميكية الزلزال السياسي المستمر في المملكة العربية السعودية، تركز على الجانب النفسي لولي العهد الشاب “محمد بن سلمان”. ولكن هناك أيضاً أسباب هيكلية تفسر تبنيه لمفهوم “الشعبوية”، بحسب ما رأى الكاتب “إسحاق ديوان” في أحدث مقالاته المنشورة على موقع (بروغيكت سينديكيت) الأميركي.

كيف تدير السعودية المجتمع الاقتصادي للأفراد ؟

تنشأ الصفقات داخل عائلة “آل سعود” وفقاً لقوة وطموح القبيلة وتماسك أعضاءها؛ وإستدامة التلاعب بالسلطة بإحترافية، إلا أن أسرة “آل سعود” تفككت وتقسمت في الفترة الأخيرة، وتقدر قيمة الإستهلاك الشخصي لخمسة آلاف من الأمراء السعوديين، الذين يمثلون الجيل الثالث من العائلة المالكة، ما بين 30 -50 مليار دولار سنوياً.

ويرى الكاتب أن الاتفاق كان السمة السائدة بين النخب التقليدية، حيث كانوا يشجعون سوياً القوة الاقتصادية المجتمعة لهم، وقد ساعدهم على ذلك إمتياز الحصول على العقود الحكومية، والإعانات، ورأس المال، والحماية من المنافسة، والقدرة على استيراد العمالة بحرية.

يمثل اقتصاد هذا القطاع الخاص للنخبة المحمية أكثر من 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي السعودي. ولكن نظراً إلى أن الموظفين الوافدين يشكلون إلى حد كبير أغلبية الشركات، لذلك فإن الفائدة العامة تعود على أطراف سلبية أي المواطنين الأجانب وليس المواطنين السعوديين.

وفي الوقت نفسه، تقدم السعودية للسكان فكرة الأمن الاقتصادي مقابل الولاء للعائلة المالكة، وهو ترتيب مؤسسي من خلال شبكة رعاية من الوظائف ذات الأجور المرتفعة في القطاع العام؛ ومجموعة واسعة من مزايا الرعاية الاجتماعية السخية؛ ودعم المستهلكين. ونتيجة لذلك، يعمل أكثر من 75٪ من المواطنين السعوديين في الدولة، وينفق جزء كبير من باقي الميزانية العامة على الدعم الاجتماعي.

ولكن مع إنخفاض نصيب الفرد من عائدات صادرات النفط الآن إلى 5000 دولار فقط في السنة لمواطني المملكة العربية السعودية، البالغ عددهم 20 مليون نسمة، أصبح النظام مكلفاً للغاية. وأصبح التحدي الذي يواجه الأمير “محمد بن سلمان” هو الإشراف على الانتقال إلى نظام سياسي أقل تكلفة، مع تحقيق مكاسب كافية في الكفاءة الاقتصادية لمنع تأجيج عدم الاستقرار والقلاقل الأهلية.

ويقارن الكاتب بين السعودية والأنظمة العربية الأخرى داخل المنطقة، التي تضم أعداداً أكبر من السكان وأقل في إنتاج النفط، مثل “العراق ومصر والجزائر وسوريا”. يقول أنها أنطمة اتبعت “استراتيجية جمهورية” استرضت الفقراء بأشكال مختلفة من المحسوبية، وقمعت النخب الاقتصادية. وأدى ذلك إلى منع ظهور أي معارضة ذات مصداقية، على حساب ترسيخ الاقتصاد غير الرسمي إلى حد كبير، والاقتصاد القائم على الاستهلاك.

يرى “إسحاق” أن المشكلة في هذا النهج، هي أنه لن يؤدي إلا إلى تأخير التحدي الأساسي المتمثل في زيادة إنتاجية العمل، خاصة أن المملكة يمكنها أن تكون أفضل، نظراً للأصول والموارد التي تملكها.

كما يؤكد الكاتب على أن آخر ما يريده “بن سلمان” حالياً، هو تأليب أي فئة من الشعب ضده، ولذلك طرح أفكار جديدة بشأن هيكلة الاقتصاد أمراً غير مطروح في المرحلة الحالية، ولكن الرقعة الاقتصادية في السعودية ستظل ضئيلة ومحدودة، إن لم تركز جميع الفئات على الإصلاحات الحقيقية.

الإصلاحات ممكنة.. بشرط تضحية النخبة..

هذه الإصلاحات ممكنة بإمكانيات السعودية الهائلة من وفرة مجتمع شاب المطالب بالتحرر الاجتماعي، ونساء متعلمات بشكل أفضل، إلا أن ما يعكر صفو هذا السيناريو الجميل هو انخفاض إنتاجية القطاع الخاص النخبوي. وللتخلص من فخ الدخل المتوسط، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى إضفاء الطابع الديمقراطي، إن لم يكن على سياساتها، ثم على أسواقها على الأقل، من خلال زيادة الاعتماد على سيادة القانون والمنافسة العادلة. وبالنظر إلى هذا المنظور، فإن حملة الأمير “محمد بن سلمان” الحالية لمكافحة الفساد يجب أن تتبعها جهود لوضع قواعد أكثر شمولية للقطاع الخاص.

وإذا كان يمكن دفع القطاع الخاص في المملكة للعمل، سيصبح وقتها التحدي الاقتصادي أقل بكثير، وبذلك  يمكن أن يدخل نحو 200 ألف شاب سوق العمل كل عام، إلى جانب تسعة ملايين عامل أجنبي يعملون في المملكة حالياً.

وبدلاً من الاستثمارات الضخمة الجديدة الموجهة للتكنولوجيا الفائقة، يجب النظر في الطريق الذي بدأه الحكام السابقون لـ”سعودة” المملكة منذ عقد من الزمان، وهي مهمة تدريجية لن تتم إلا بدعم منافسة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ولأن الموظفين الحكوميين يكسبون حالياً ثلاثة أضعاف عدد العاملين في القطاع الخاص، يجب توحيد سوق العمل، بحيث أن يكون الهدف على المدى المتوسط هو خفض أجور العمال السعوديين بمقدار الثلث، وزيادة إنتاجيتهم بمقدار الثلث، ودعم الباقي من خزائن الدولة.

إن الإغراء الشعبوي يخلق في أحسن الأحوال دولة استبدادية ذات دخل متوسط. والمملكة السعودية ستتطور بشكل أفضل إذا تبنت استراتيجية الإندماج الاقتصادي والاجتماعي؛ من خلال إقناع جميع المجموعات المؤثرة من العائلة المالكة، والأعيان، والمواطنين الأغنياء بالنظر إلى خسائرهم على المدى القصير كاستثمار في مستقبل المملكة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب