20 سبتمبر، 2024 12:42 ص
Search
Close this search box.

رسالة من السجن .. من عُمق مشكلاتنا السلوكية !

رسالة من السجن .. من عُمق مشكلاتنا السلوكية !

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

رسالة “فائزة هاشمي”؛ من سجن (أيفين)، حول طبيعة تعاملات المعتقلين السياسيين معًا، تكشف حقيقة تتجاوز المشكلات الداخلية لجماعة من أدعياء الحرية والنضال والديمقراطية. بحسّب ما استّهل “جعفر گلابي”؛ تقريره المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.

فلو كانت مذكرات السجناء السياسيين؛ قبل الثورة، ممن وصلوا إلى السلطة فيما بعد، أو أعادوا تشكيل الأحزاب والتيارات السياسية واستأنفوا طريق النضال، قد حظيت بالتأمل على الوجه الصحيح، ربما ما شهدنا جميع هذه الحوادث المريرة والدامية في البلاد.

لا يمكن إنكار الحقائق..

وقد أثنى بعض من خاض التجربة، على الرسالة وقالوا إنها تحوي شجاعة منقطعة النظير، وتستدعي التعامل المسؤول والدقيق والشجاع من جانب الضمير المجتمعي الواعي، وأنه لا يمكن كتمان الحقائق والحلول بالإنكار والافتراء.

هذه الرسالة؛ توضح أن مشكلة مجتمعنا تتعلق بالعلاقات الاجتماعية أكثر من تعلقها بالأفراد. حتى العيوب ليست في المُّثل والأهداف.

بهذه الرسالة يمكن استنتاج أننا حتى لو عملنا بشكل صحيح على اختيار الأفراد والمقاصد، فإننا لا نعرف كيفية الوصول إليهم، ونُعيد إنتاج العلاقات الضارة. وحين تكون المشكلة الأساسية في علاقات الأفراد، والتسامح ضعيف للغاية وغير مؤثر، ففي أي تجمع حتى لو كان من فردين يتحول الأقوى إلى ديكتاتور.

الجميع يتعامل على أساس الاستبداد والتعصب !

وهذه المشكلة لا تنتشر بين السجناء فقط، لكننا نتعامل في كل أنواع التجمعات بما فيها الاقتصادية، الإدارية، والاجتماعية؛ حتى الأسرة، على أساس الاستبداد والتعصب !

لماذا يهرب الناس من الشراكة في عمل اقتصادي صغير أو حتى شراء منزل ؟ لقد سمعوا ورأوا مرارًا عن اشتراك شقيقين أو بضعة أقارب في شراء حديقة، ولكن سرعان ما ينشب الخلاف بينهم، وأحيانًا يرقى إلى درجة الشجار والمحكمة، بل وأسوأ من ذلك !

لو كانت روافد الطلاق عوامل أخرى؛ لكن أحد أسباب زيادة حالات الطلاق هو انعدام روح التحمل، والاحترام المتبادل، والتقيد بالحد الأدنى من قواعد التعايش الجماعي.

الديكتاتورية تهددنا بكل أشكالها..

لكن من المنظور السياسي؛ فإن رسالة السيدة “هاشمي”، وفيها تسّتتر مشاعر الخوف على الروح، تحمل العظات والعبرات للنخبة وجموع الشعب على وجه الخصوص، حيث تتهددنا الديكتاتورية بكل أشكالها، ولا أحد منها بأمان ما لم نتبّين المشكلة الأساسية بعمل جمعي وتاريخي، ونسعى لتحقيق مصالحنا الوطنية على أساسها.

وقد قال الكثيرون لو حملوا “جاك شيراك” إلى “العراق”، لأضحى ديكتاتورًا كبيرًا، ولو كان “صدام حسين” يحكم “فرنسا” لكان قد التزم بالديمقراطية أو سقط سريعًا. إننا نفتقد إلى الشفافية، والاحترام المتبادل، والرقابة العامة، وأخلاق التسامح والتحمل، وما لم نلمس في وجودنا الحاجة إلى وجود هذه الأمور، ولم نؤسس لها في أذهاننا وضمائرنا، فلن نُحقق شيئًا بمئة ثورة أخرى.

ثقافة الديكتاتورية..

والواقع أن أحد المشكلات يكمن في استمرار ثقافة الديكتاتورية، والتطرف، والثورية. وليس من قبيل العبث، أن يقول السيد “بهزاد نبوي”؛ بعد (60) عامًا من النضال ودفع تكلفة باهظة: “أنا ضد كل الثورات”.

وتشتم في كتابات معارضوا الإصلاح؛ وللأسف بعض الوجوه المعروفة، رائحة الثورة، ويجب أن يقرأوا بعين الروح رسالة “فائزة هاشمي” مرارًا وأن يعلموا أنهم وصلوا بعد: (45) عامًا؛ إلى مفهوم: “نقطة ومن أول السطر”، وأنهم ضلوا طريق الدعاء.

فإذا كانت هذه المجموعة من السجناء السياسيين ترى أن الثورة هي الحل الأمثل لمشكلات الدولة، ويعملون على هذا النحو داخل المعتقل، بل ويضعون أرواح معارضيهم في خطر، ماذا سيفعلون مع المعارضين إذا وصلوا إلى السلطة بعد انتصارها على أحسن الفروض.

فالثورات ليست تعددية، وأغلب الثوار يعتقدون: “أن الأمر هكذا وليس سوى ذلك”. وحين يخلق دافعوا التكلفة مثل هذا الجو من الإحباط داخل المعتقل، فلك أن تتصور أعجوبة دعاة الإطاحة من الخارج في هذا الصدد ؟ ولك أن ترى كيف سيتعامل من فشلوا في تحمل بعضهم مدة أسابيع؛ بينما يعيشون في بيئة حرة تمامًا، مع أفراد الشعب ؟

إن مشكلتنا الأساسية في الشمولية بأبعادها المختلفة، ومن يُريد كل شيء لنفسه لا يستطيع أن يكون تحرريًا سواء كان في الصدارة أو المؤخرة. وهذه مشكلة كبرى وشاكلة، وأنا نفسي أقول أن الله منى عليّ وحرمني من أي سلطة وإلا كنت مستهلكًا في وادي الأنانية، والإساءة، وأكل الحقوق، والبحث عن الثروة، وأعتقدت أنني شخص ما.

لكن على هامش هذه المقالة؛ أطلب الإفراج عن السجناء السياسيين، لا سيما السيدة؛ “فائزة هاشمي”، الذي قدم والدها روحه فداء الثورة والبلاد. نحن بحاجة إلى “ثورة الكرامة والرصانة والسلام واللطف مع بعضنا البعض”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة