خاص : ترجمة – محمد بناية :
مؤخرًا تزايدت سلسلة التفجيرات؛ التي طالت مخازن مهمات “الحشد الشعبي” العراقي، بشكل مثير للشكوك.
آخر هذه التفجيرات، والرابعة من نوعها، تلك التي وقعت، قبل يومين، في إحدى القواعد جنوب مدينة “البلد” بمحافظة “صلاح الدين”. بحسب الدكتور “حامد رحيمپور”؛ المحلل الإيراني، في أحدث تحليلاته بصحيفة (خراسان) الإيرانية التابعة للحرس الثوري.
الفاعل معترف !
ولم تقع هذه التفجيرات في منطقة خاصة؛ وإنما استهدفت جغرافيا انتشار “الحشد الشعبي” في “العراق”. وقبل أيام؛ وقع هجوم مشابه في مخزن أسلحة بقاعدة (آمرلي) وقاعدة (صقر)، جنوب “بغداد”. ورغم أن “عادل عبدالمهدي”، رئيس الوزراء العراقي، قد أصدر قرار البدء في التحريات، لكن الحقيقة أن المسألة لا تحتاج إلى تحريات؛ وأن مدبر هذه الهجمات معروف تمامًا.
لأنه بالأمس؛ أعترف “بنيامين نتانياهو”، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، (في واقعة نادرة الحدوث عن إعتداءات هذا الكيان العسكرية ضد الدول؛ ويعترف بمرور الوقت بالمسؤولية عن هذه الهجمات)، باستهداف مواقع “الحشد الشعبي” في “العراق”، وأن الهدف هو: “ضرب النفوذ الإيراني الإقليمي”.
بالنهاية خرج “الحشد الشعبي” عن الصمت؛ وأكد في بيان رسمي على سماح القوات الأميركية للطائرات الإسرائيلية المُسيرة باختراق المجال الجوي العراقي.
أهداف وتبعات..
والسؤال الآن: ما هي أهداف هجوم “الكيان الصهيوني” على مقرات “الحشد الشعبي” في “العراق” ؟.. وما هي أهم رسائل وتبعات هذا الهجوم على “العراق” و”إيران” ؟..
أولاً يجدر القول: يهدف “نتانياهو”؛ جراء هجمات “الكيان الصهيوني”، على “العراق”، والتي تأتي على مشارف انتخابات “الكنيست” الإسرائيلي، إلى الاستفادة الانتخابية من هذه العمليات. ففي الوقت الذي كان يدفع فيه “نتانياهو”، خلال زيارته “أوكرانيا”، بإتجاه تشكيل تحالف واحد، وقع “إيهود بارك” و”عمير پرتص”؛ اتفاق بشأن جمع الأصوات في انتخابات “الكنسيت” المقبلة، وهو ما يعتبر أحدث إنجازات الجناح المنافس لـ”نتانياهو”.
وبالتالي فقد عزم “بنيامين نتانياهو”، الذي تخلف في التكنيكات والجوالات عن الأحزاب المنافسة، إلى تقوية فرص فوزه بالانتخابات.
ثانيًا: يستهدف “الكيان الصهيوني” مواجهة ما يدعوه برواق “طهران-بغداد-دمشق”. وبحسب تصريحات “مايك بومبيو”، وزير الخارجية الأميركي: “تسعى إلى بناء رواق يبدأ من الحدود الإيرانية وينتهي عند سواحل البحر البيض المتوسط”.
وهذا الحزام يثير فزع “تل أبيب” و”واشنطن”؛ اللتان تدركان مدى أهمية “العراق” باعتباره حلقة الوصل الإيرانية مع “سوريا” ثم “لبنان” والأراضي المحتلة، وتزداد أهمية “العراق” بعد تراجع معدلات الأمن في الممرات المائية الإيرانية إلى “سوريا”.
مطاردة إيران داخل العراق..
وثمة الكثير من التقارير التي تشير إلى مخاوف المؤسسات الأمنية لـ”الكيان الصهيوني” من تنامي النفوذ الإيراني في “العراق” باعتباره مثار تهديد لـ”الكيان الصهيوني”.
وبلغت هذه التقارير ذروتها؛ بعد نشر تقرير “مركز دراسات الأمن القومي”، والذي أكد على ضرورة أن تستعد “تل أبيب” لمهاجمة العناصر المحسوبة على “إيران” داخل “العراق”.
فلم ينس “نتانياهو” مطلقًا صور تفقد الشيخ، “قيس خزعلي”، قائد قوات “عصائب أهل الحق” مرتفعات “الجولان”؛ على الحدود الإسرائيلية.
والحقيقة أن “تل أبيب” تقلق بشدة حيال تزايد قوة فصائل المقاومة العراقية وتنامي النفوذ الإيراني في هذا البلد، وعليه هي تمتلك الذريعة الكافية لتنفيذ إعتداءات على قواعد “الحشد الشعبي”.
ثالثًا: تسعى “تل أبيب” إلى تحفيز الرأي العام العراقي ضد “الحشد الشعبي” و”إيران”. والحقيقة إن “الكيان الصهيوني” يريد توصيل رسالة للعراقيين مفادها أن بلادهم سوف تتحول حال التماهي مع “محور المقاومة” إلى ساحة صراع جديدة بين الجبهتين.
وتحذير الحكومة العراقية، في الوقت نفسه، بشأن الحد من دور “الحشد الشعبي”. بعبارة أخرى فاستمرار نشاطات “الحشد الشعبي” سوف يكون مكلف بالنسبة للحكومة العراقية.
من جهة أخرى، يستهدف “الكيان الصهيوني”، بمهاجمة قواعد “الحشد الشعبي” في ظل تصاعد التوتر بين “طهران” و”واشنطن”، مخاطبة “إيران” بإمكانية مهاجمة المصالح الإيرانية. من ثم؛ وبخلاف ما سبق، لا يجدر تجاهل تقدم “العراق” بشكوى إلى “الأمم المتحدة” بشأن تكرار الإعتداءات الجوية الصهيونية.
وكذلك تستدعي المصلحة الإحاطة بنقاط الضعف وإتخاذ التدابير العملية التي من شأنها إخراج منظومة الدفاع الجوي العراقية من حالة الاستعداد الكامل، والانسحاب من حالة الضعف عبر اكتساب القدة المحلية وعدم الإعتماد على الإمكانيات الأميركية التي تخدم بالأساس الكيان الإسرائيلي، وتهيئة أجواء الرد والقيام بعمليات رادعة.