خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة تحدٍ لـ”تركيا” من ضمن الخطوات المتتالية من قِبل “أميركا” ضدها، إلا أن هذه المرة تنحصر في الرد على قيامها بتوقيع اتفاقيات مع “ليبيا”، أقر “الكونغرس” الأميركي، أمس الأول، رفع الحظر المفروض منذ عقود على تزويد “قبرص” بالأسلحة.
ووافق “مجلس الشيوخ” على القرار كبند من ميزانية الدفاع الهائلة، التي أقرت بـ 86 صوتًا مقابل 8 أصوات، بعد أن كانت قد حظيت بموافقة “مجلس النواب” أيضًا.
تصعيد خطير..
وفي رد من جانب “تركيا”، حذرت من أن رفع “الكونغرس” الأميركي حظر السلاح المفروض منذ عقود على “قبرص”، سيشكل “تصعيدًا خطيرًا”، في ظل تدهور العلاقات بين البلدين العضوين في “حلف شمال الأطلسي”.
وجاء في بيان لـ”وزارة الخارجية” التركية؛ أنه: “لن تكون هناك نتائج، (للقرار الأميركي)، سوى عرقلة الجهود الرامية لتسوية النزاع في الجزيرة والتسبب بتصعيد خطير”.
وتعهّدت “وزارة الخارجية” التركية بالرد على “المبادرات المناهضة لتركيا”، قائلة إن: “لغة التهديد والعقوبات لن تثني تركيا قط عن إتخاذ خطوات حازمة للمحافظة على أمنها القومي”.
فرض حظر السلاح منذ 1987..
يُذكر أن “الولايات المتحدة” كانت قد فرضت حظر أسلحة على الجزيرة بأكملها، عام 1987، بهدف منع حصول سباق تسلح فيها وتشجيع الغالبية اليونانية والأقلية التركية على التوصل إلى تسوية سلمية.
المراقبون قالوا إن هذه الخطوة الأميركية لم تكن مجدية، إذ أنها دفعت بـ”قبرص” إلى البحث عن شركاء آخرين، بينما “تركيا”، العضو في “حلف شمال الأطلسي”، لديها جنود متمركزون في شمال “قبرص”، منذ غزا الجيش التركي هذه المنطقة، في 1974، ردًا على انقلاب نفذه قبارصة يونانيون قوميون بقصد ضم الجزيرة إلى “اليونان”.
هدف رفع الحظر..
وقاد جهود رفع الحظر السناتوران الديمقراطي، “روبرت ميندينيز”، والجمهوري، “ماركو روبيو”، اللذان قالا إنهما يريدان أيضًا تشجيع التعاون المتنامي بين “قبرص” و”اليونان” و”إسرائيل”.
وقال “ميندينيز”، بعد الموافقة المبدئية على رفع الحظر؛ إنه: “مع سعي قبرص لتعميق الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، من مصلحتنا الأمنية والاقتصادية رفع قيود قديمة تعود لعقود ولم تعد صالحة ولا تساعد الأهداف الأمنية الأميركية”.
وفي حين أحرز القبارصة اليونانيون والأتراك، في الجزيرة المنقسمة، تقدمًا على صعيد تحسين العلاقات بينهما، تصاعد التوتر بعد توقيع “تركيا” و”ليبيا” مذكرة تفاهم بشأن احتياطات غاز مكتشفة حديثًا في “شرق المتوسط” تقف حائلًا أمام مطالب “اليونان” و”جمهورية قبرص”، المعترف بها دوليًا في هذه المنطقة.
ويخشى مسؤولون أميركيون من أن يؤدي الحظر إلى التقريب بين “قبرص”، العضو في “الاتحاد الأوروبي”، و”روسيا”، التي بات بإمكانها استخدام موانيء الجزيرة بموجب اتفاق معها تم توقيعه، عام 2015.
وبموجب القانون الجديد، ستستمر “الولايات المتحدة” بوضع قيود على بعض التقنيات الحساسة في “قبرص” إلى أن تمنع الجزيرة السفن الحربية الروسية من الوصول إلى موانئها للتزود بالوقود والخدمات.
انقلاب الوضع بفرض عقوبات على أنقرة..
وكانت “تركيا” قد هددت، عام 1997، بشن هجوم على “قبرص” إذا مضت قدمًا في تثبيت نظام الدفاع الصاروخي (إس-300) الروسي.
أما اليوم فقد انقلب الوضع، حيث تواجه “تركيا” خطر فرض “الولايات المتحدة” عقوبات عليها لشرائها نظام (إس-400) المتطور من “روسيا”.
ومارس ممثلو “تركيا” و”جمهورية شمال قبرص” التركية ضغوطًا، عبر جماعات الضغط، لعرقلة رفع الحظر بحجة أن “الكونغرس” يعطي بذلك الضوء الأخضر لسباق تسلح.
لتشديد الضغط والحصار للعودة للحضن الأميركي..
تعليقًا على قرار “الكونغرس”، قالت “ليلى نقولا الرحباني”، أستاذة العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية: “إن علاقة واشنطن بأنقرة تمر بظروف سيئة جدًا؛ لذلك فالأميركيون اليوم يقومون بأمور أمتنعوا سابقًا عنها مثل الإعتراف بمذابح الأرمن ثم رفع الحظر لتزويد قبرص بالأسلحة بهدف تشديد الضغط والحصار على تركيا للعودة إلى الحضن الأميركي”.
وأضافت “نقولا” أنه ردًا على هذا الضغط الأميركي فإن “تركيا” تدفع نحو تصعيد الهجوم، بينما من مصلحتها التموضع في الوسط فيما تريد الإبقاء على العلاقات مع “واشنطن” دون قطعها بالكامل أو الدفع بإتجاه التصادم أملًا في الاستفادة عبر ملفات أخرى.
في الوقت ذاته؛ قالت “الرحباني”: “إن واشنطن لا تدفع من ناحيتها إلى حرب بين قبرص اليونانية والتركية، لكن تبتغي أن تقدم أنقرة تنازلات بشأن علاقتها بروسيا، وحين ذلك سيعود الأميركان والأتراك إلى سابق عهدهم”.
بداية قرارات عقابية ضد “إردوغان”..
من جهته؛ قال مدير مركز “بروكسل” الدولي للبحوث، “رمضان أبوجزر”، إن تحرك “الولايات المتحدة” نحو رفع حظر الأسلحة المفروض على “قبرص” بداية الإجراءات العقابية التي تتخذها “أميركا” ضد “إردوغان”، مشيرًا إلى أن اللقاءات التي جمعت بين “ترامب” و”إردوغان” لا تعكس حقيقة السياسة الأميركية تجاه المنطقة.
وأضاف “أبوجزر” أن “أميركا” لن تغفر لـ”إردوغان” صفقة (إس-400)، موضحًا أن قرار “أميركا”، الذي حظي بموافقة 86 نائبًا في “الكونغرس” هو بداية قرارات عقابية أخرى ستتخذها “الولايات المتحدة” ضد “إردوغان”.
وأشار مدير مركز “بروكسل” الدولي للبحوث إلى أن القرار الأميركي يحدد سياسة جديدة في المنطقة؛ فهو بداية كبح جماح تجاوزات “إردوغان” ومنها التنقيب في المياه الإقليمية.