20 أبريل، 2024 12:34 م
Search
Close this search box.

رحلة ” البغدادي ” .. من الصعود للخلافة إلى الفرار في الصحراء

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – ابتهال علي :
ما أشبه اليوم بالبارحة.. هذا ما يصف حالة التخبط التي تهيمن على مشهد مصير زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) “أبو بكر البغدادي”، مثلما كان تضارب الأنباء هو سيد الموقف بشأن مصير زعيم تنظيم (القاعدة) “أسامة بن لادن” لسنوات طويلة.
أصبح “أبو بكر البغدادي” خليفة ما يسمى “الدولة الإسلامية”، كما نصب نفسه في مسجد “النوري” بالموصل عام 2014، طريدًا في صحراء شاسعة على طول الحدود العراقية – السورية، بعد أن بات على شفا فقدان “الرقة” و”الموصل” معقلي التنظيم في كل من سوريا والعراق.
تضارب أنباء حول مصرعه في سوريا..
جاءت أهم مؤشرات التخبط حول مصيره، حين نقلت صحيفة “ديلي ميرور” البريطانية يوم الأحد الموافق 11 من حزيران/يونيو الجاري، عن تقارير حكومية سورية تفيد بمصرع “أبو بكر البغدادي”، يوم السبت، جراء غارة جوية للجيش السوري في مدينة “الرقة” عاصمة الخلافة الإسلامية التي أعلنها تنظيم “داعش” منذ 3 سنوات.
أكدت الصحيفة البريطانية على أن هجومًا بالمدفعية الثقيلة للجيش السوري هز أحد معاقل التنظيم في مدينة “الرقة” وأن وكالة أنباء “أعماق” التابعة لـ”داعش” بثت مقاطع فيديو لحجم الدمار الذي أصاب الموقع نتيجة للغارة السورية، إلا أنه سرعان ما تم نفي تلك التقارير الإعلامية القادمة من سوريا.
وتتعدد الشائعات حول مصير “البغدادي” ما بين هروبه إلى “سوريا” أو اعتقاله في “روسيا”، أثناء محاولته الهروب في منطقة “القوقاز”.
رأس “البغدادي” مقابل 25 مليون دولارًا..
أشارت “ديلي ميرور” إلى أن الولايات المتحدة قد رصدت مكافأة قدرها 20 مليون جنيه استرليني، أي حوالي 25 مليون دولار، مقابل رأس “البغدادي” المطلوب للعدالة بسبب العمليات الإرهابية التي نفذها عناصر تدين بالولاء لأفكاره في قارة أوروبا.
ولخطورته، خصصت الولايات المتحدة عناصر من قوات العمليات الخاصة ووكالة المخابرات المركزية “سي. آي. إيه” وأحدث سبل التجسس والتتبع عبر الأقمار الصناعية.
وتفرض قيمة المكافأة، التي رصدتها الولايات المتحدة من أجل سقوط “البغدادي” في قبضة الأميركيين، تحديات هائلة أمام زعيم “داعش”، حيث يمثل أمامه شبح الخيانة من الدائرة المحيطة به مثل “أسامة بن لادن” زعيم “القاعدة”.
وفي هذا الصدد، أكد أحد الخبراء الأمنيين العراقيين، لصحيفة “الغارديان” البريطانية، على أن “البغدادي” تجرد من لقب “الخليفة” بحكم أن قبضته على مناطق نفوذه في الموصل تهاوت، وفرار عدد كبير من أتباعه.
وتنقل الصحيفة البريطانية عن الخبير الأمني العراقي “فاضل أبو رغيف”، أن قيمة المكافأة الأميركية دفعت “البغدادي” إلى عدم البقاء في مكان واحد أكثر من ثلاثة أيام، وأنه أصبح أكثر حدة وعصبية، وهو كان مشهورًا في السابق بالهدوء الشديد.
لعبة المطاردة في صحراء الحدود العراقية – السورية..
عن استمرار لعبة هروب زعيم “داعش”، ذكرت صحيفة “ديلي إكسبريس”، أن “البغدادي” لم يعد يستطيع الاختباء في مخابئ آمنة تحت الأرض واصبح محاصرًا بين فكي الجيش العراقي والجيش السوري مع اقتراب الجيش العراقي وقوات “الحشد الشعبي” الشيعية من تحرير مدينة الموصل كاملة من براثن “داعش”، واستمرار معركة استعادة مدينة الرقة بسوريا.
وأكدت الصحيفة البريطانية على أن “البغدادي” ليس أمامه سوى الصحراء الشاسعة للتخفي بين رمالها، وما يزيد من صعوبة الأمر أن غارات استهدافه بالطائرات بدون طيار الأميركية يسهل اكتشافها في سماء الصحراء المفتوحة ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
وتوقعت الصحيفة ألا يسقط “البغدادي” في قبضة العدالة أو يقتل بسهولة، بعد استعادة “بغداد” و”دمشق” السيطرة على الموصل والرقة وأن ذلك قد يستغرق سنوات عديدة.
خبيئة من الأسرار في بلدة “البعاج”..
كشف تحقيق مصور من بلدة “البعاج” لصحيفة “الغارديان” البريطانية أسرارًا هامة عن مقر قيادة “داعش” والمخبأ السري لزعيمه بالبلدة، بعد أن استطاعت قوات لواء “عصائب الحق” التابعة لقوات “الحشد الشعبي” الشيعية، المدعومة بالطيران العراقي من دخول البلدة في إطار معركة “قادمون يا نينوى” لتحرير مدينة الموصل شمال غرب العراق من تنظيم “داعش”.
إذ حصلت الصحيفة البريطانية على “خبيئة” من الأسرار والمتعلقات التي خلفها وراءهم مقاتلي تنظيم “داعش” أثناء فرارهم من البلدة أوائل شهر حزيران/يوينو الجاري. وتقع “البعاج” التابعة لمحافظة “نينوى” جنوب جبل سنجار على الحدود العراقية السورية وغرب مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الأسرار تحتاج لزمن طويل من أجل فك شفرتها، إذ تعتقد أن بلدة “البعاج” قد تكون مقرًا لقيادة “البغدادي”، وأنه أختبأ فيها طوال العامين الماضيين وقاد منها حرب الموصل.
ونقلت “الغارديان” عن “بومهدي المهندس”، قائد العمليات المشتركة في “الحشد الشعبي”، إن “البغدادي” لجأ للإختباء في “البعاج” إثر إصابته الخطيرة عقب غارة جوية استهدفته في شباط/فبراير عام 2015.
بينما ترى مصادر مخابراتية أميركية وغربية، في اللحظة الراهنة، أن زعيم “داعش” فر بإتجاه مدينة “الرقة” السورية وكلف أقرب مساعديه لإدارة دفة القتال، بسبب الحصار الشديد المفروض عليه وسيطرة العراقيين على “البعاج”.
وتؤكد صحيفة “ديلي إكسبريس” على أن حجم عناصر “داعش”، التي تقاتل في معركة الموصل حاليًا لا تتجاوز 8 آلاف شخص، بينهم ألفان من المقاتلين الأجانب المتطرفين الذين تم تجنيدهم من “فرنسا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا وألمانيا” على سبيل المثال.
فرار تحت حماية الألغام والإنتحاريين..
يرسم تقرير صحيفة “الغارديان” البريطانية المشهد في بلدة “البعاج” بعد هروب مقاتلي “داعش”، حيث تضم مباني استخدمها عناصر “داعش” كمصانع لإعداد المتفجرات والأحزمة الناسفة ومقرات للقيادة، حيث عثر في عدد منها على أحزمة ناسفة وأسلحة وقنابل.
كما تم العثور على كتيبات تنظم الحياة اليومية لمجندي “داعش”، علاوة على بطاقات هوية لمواطنين عراقيين تم إتلافها.
وتكشف الصحيفة البريطانية أن عناصر التنظيم زرعوا المتفجرات والألغام في البلدة، سواء على نقاط الحدود مع سوريا أو في المشافي لتسهيل عمليات هروب قادة التنظيم، وأكد رئيس وحدة كشف المتفجرات التابعة للحشد الشعبي “أبو شمس” على أنهم نجحوا خلال الأيام القليلة الماضية في إبطال مفعول أكثر من 900 لغم وفخاخ متفجرة.
وأعرب “أبو مهدي المهندس”، القائد في قوات “الحشد الشعبي”، عن ثقته في أن كبار قادة “داعش” قد فروا إلى سوريا الأيام الأخيرة. مشيرًا إلى أن القوات العراقية طاردتهم حتى غرب مدينة “الشوقات”.
وأوضح “المهندس” أن المطاردين لجأوا إلى خطة تمويه، عبر إرسال ستة إنتحاريين، ما يوحي بسعيهم لتهريب أشخاص نافذين في “داعش” وعائلاتهم عبر الحدود العراقية السورية.
وأشار إلى أن مقاتلي “داعش” اضطروا إلى الفرار بإتجاه مدينتي “ميادين” و”دشداشة” السوريتين، ولم يعد في قبضتهم سوى بؤرتين، هما: “الحويجة” و”تلعفر” شمال العراق.
من الخطابة في المساجد إلى خليفة للمسلمين..
ولد “أبو بكر البغدادي” في مدينة “سامراء” بالعراق عام 1971، لعائلة رقيقة الحال، درس في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية في بغداد، وعمل إبان حكم الرئيس العراقي الأسبق “صدام حسين” خطيبًا لأحد المساجد.
انضم “البغدادي” لتنظيم “القاعدة” بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وسرعان ما أثبت شراسة قتالية, إلا أنه سرعان ما تم اعتقاله ليزج به في معسكر اعتقال أميركي بالعراق لمدة أربع سنوات.
والمفارقة الغريبة أن الأميركيين اعتقدوا أنه لقي مصرعه في غارة جوية، إلا إنهم فوجئوا به عام 2010 يتولى زعامة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق – أحد فروع تنظيم “القاعدة” حينذاك – خلفًا لمعلمه “أبو مصعب الزرقاوي”.
وفي عام 2011، أدرجته واشنطن على لائحة الإرهاب، وانشق عن تنظيم “القاعدة” عام 2013، أي بعد عامين من مقتل زعيمه “أسامة بن لادن”.
ليظهر في عام 2014 في “مسجد النوري” الكبير بالموصل، عندما أعلن إقامة “دولة الخلافة” في العراق والشام “داعش”، ليصبح وجهًا رئيساً في عملة الإرهاب مع “أسامة بن لادن” زعيم تنظيم “القاعدة” وخليفته “أيمن الظواهري”.
وأطلق على نفسه لقب “أبو بكر” تيمنًا باسم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبي بكر الصديق”، و”البغدادي” نسبة للعاصمة العراقية.
ويظل السؤال.. هل تستغرق كلمة النهاية في مسلسل اختباء “البغدادي” سنوات طويلة قبل أن يسقط في قبضة العدالة أو يعتقل ؟.. وهل سيختفي تنظيم “داعش” من بعده وللأبد ؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب