خاص : ترجمة – آية حسين علي :
أثناء متابعة ردود الفعل على العملية الأميركية التي نفذتها بطائرة مُسيرة على مطار العاصمة العراقية، “بغداد”، واستهدفت مقتل قائد (فيلق القدس)، “قاسم سليماني”، وقادة بـ (الحشد الشعبي) أبرزهم، “أبومهدي المهندس”، كان موقف رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”، مثيرًا للدهشة، إذ ورده الخبر بينما كان يقضي أجازته في جزيرة “موستيك” ببحر الكاريبي، لكنه فضل الاستمرار في الإستمتاع على إعلان موقفه بشأن الأوضاع الخطيرة التي وصل إليها العالم.
ليس فقط على مستوى الموقف الدولي المعلن، وإنما على مستوى العلاقات الشخصية؛ إذ يُعتبر “غونسون” رجل “ترامب” في “بريطانيا”، ومع ذلك لم يتصل به حتى في اليوم التالي للعملية، وتلقى “غونسون” انتقادات واسعة في الداخل لاهتمامه بالإستمتاع بشمس “الكاريبي” أكثر من قلقه بشأن نشوب حرب عالمية ثالثة، وشعبيًا أطلق وسم (#whereisBoris-أين بوريس)؛ على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)، إذ وجد المواطنون البريطانيون أن قائد دولتهم غائب عن المشهد.
“ترامب” لم يُخبر “غونسون” بالعملية..
أرجعت صحيفة (الموندو) الإسبانية، تأخر موقف “غونسون”، إلى أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، لم يخبره بالعملية قبل تنفيذها، وإنما وصل الخبر إلى “لندن” من خلال الجنود البريطانيين المتمركزين مع القوات الأميركية على بُعد 60 كلم من موقع تنفيذ العملية، كما شكلت خطرًا على حياة المواطنين البريطانيين المقيمين في الشرق الأوسط.
وكشفت صحيفة (ذا صن) البريطانية عن بوادر خلاف بين “واشنطن” و”لندن” بسبب عدم إبلاغها بالعملية قبل تنفيذها؛ ما شكل خطورة على حياة المواطنين البريطانيين المتواجدين هناك، ومن جانبه، صرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، “توم توغندات”، بأن: “الهدف من إمتلاك حلفاء؛ هو أن تفاجيء عدوك، وليس أن نفاجيء أنفسنا فيما بيننا”، مشيرًا إلى أن التوجه إلى عدم إخبار الحلفاء بالقرارات أمر مثير للقلق.
وعلى الجانب الآخر؛ انتقد زعيم حزب العمال، “غيرمي كوربين”، الأعمال الوحشية التي يقوم بها “ترامب”، ووصف العملية بأنها تصعيد خطير يهدد أمن الشرق الأوسط، بينما كان للمرشح لأن يكون خليفة “كوربين” في رئاسة الحزب، “كلايف لويس”، تصريحًا أثار حفيظة حزبه، إذ قال: “لن أذرف الدمع لموت سليماني، لقد كان رجلًا قاسيًا تسبب في معاناة كثيرين”.
بريطانيا خططت لاغتيال “سليماني” !
كشفت صحيفة (ديلي تليغراف) إلى أن “بريطانيا”، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، “توني بلير”، كانت قد دبرت من خلال قوات النخبة البريطانية، (إس. إيه. إس)؛ لاغتيال “سليماني”، عام 2007، خلال حرب “العراق”، لكن وزير الخارجية حينها، “ديفيد ميليباند”، ألغى العملية.
بريطانيا تسعى لإرضاء أميركا وتخشى العواقب..
أمام صمت “غونسون”، خرج أول رد فعل رسمي من وزير الخارجية، “دومينيك راب”، الذي أصدر بيانًا حذر فيه من أن: “التصعيد لا يخدم مصالحنا”، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى التهديد الخطير الذي يمثله (فيلق القدس)؛ الذي كان يقوده “سليماني”، وجاء الرد الأميركي على هذا الموقف بأن الحلفاء الأوروبيين لم يكونوا على مستوى التوقعات.
ويدرك “غونسون” جيدًا أن مواقفه سوف تحدد مستقبل العلاقة بينه وبين “ترامب”، لذا عند عودته حرص على الاتصال بالرئيس الأميركي، وجدد له تأكيده على التحالف الوثيق بينهما، وحتى يصل إلى مستوى توقعات “واشنطن”، أعلن في أول رد فعل له، الأحد، أن “قاسم سليماني” كان يُشكل خطرًا على مصالح “بريطانيا”، وأن عمله أدى إلى مقتل آلاف المدنيين، وأنه كان مسؤولًا عن سلوك تخريبي أدى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن دعوات الثأر التي تطلقها “إيران” سوف تؤدي إلى المزيد من العنف ولن تصب في مصلحة أحد.
يأتي هذا الموقف في ظل تخوفات من أن يطال الثأر الإيراني عدد من الجنود البريطانيين أيضًا، لأن كثير منهم يتواجدون في نفس مناطق تمركز القوات الأميركية، وحذر مستشار وزارة الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، “سايمون فنسنت”، من احتمالية وقوع ضحايا بريطانيين خلال عمليات متوقعة تنفذها “طهران”، خاصة على أرض “العراق”، وهو الأمر الذي أكده قيادي بارز في (الحشد الشعبي)، إذ حذر من إمكانية تعرض جنود بريطانيين إلى أضرار بالتبعية خلال عمليات انتقامية.