خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
قدم فيلم (آيات أرضية)؛ المشارك في مهرجان (كان) السينمائي، صورة عن المواجهة المباشرة بين المواطن الإيراني والقوانين الشمولية المتعددة؛ التي تُسّيطر على حياة الفئات المجتمعية الإيرانية المختلفة، وتضع أمام المشاهد واحدة من أهم الأحداث السينمائية في العالم؛ بحسب ما استهل تقرير “بابک غفوری آذر”، المنشور بموقع (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
مدة الفيلم 77 دقيقة، وهو من إخراج: علي أصغري”، و”علي رضا خاتمي”، ويُقدم نظرة فريدة عن الحياة اليومية الإيرانية، ويتألف من عدد 12 مشهد قصير لأشخاص يتجادلون مع شخصيات تتمتع بالسلطة والنفوذ ولا تظهر أمام الكاميرات، لكن القاسم المشترك بين هذه الشخصيات هو السعي إلى فرض المتطلبات الحكومية في المواقف المختلفة؛ حيث تنطوي هذه المواقف على مظاهر مختلفة للنفاق الديني والتدخل الصريح في الشؤون الشخصية، بداية من موظف الإدارة الذي يرفض من منطلق الأبوة الاسم المقترح لابنه، وحتى مدير المدرسة الذي يُعاقب طالبة شابة على خلفية اللقاء مع أحد الشباب، أو المرأة الشرطية التي تُسّجل مخالفة على إحدى السيدات التي تقود سيارة لأنها تضع في سيارتها إطار صورتها بدون حجاب.
الجميع تحت الرقابة في “إيران”..
وفي جميع هذه المواقف؛ تظهر مقاومة وصمود المواطن في مواجهة مطالبة الطرف المقابل. ويظهر أهم مظاهر هذه المقاومة في مشهد لفتاة تبلغ من العمر: (09 سنوات)؛ ترفض ارتداء الحجاب الإجباري كشرط للمشاركة في مراسم الاحتفال بسّن البلوغ.
وفي مشهد آخر تقاوم فتاة شابة وتُجادل المسؤولين في شرطة المرور بسبب إطار صورتها بدون حجاب.
ولم يتجاهل الفيلم تطبيق سياسة الرقابة على الأنشطة الثقافية؛ حيث يُقدم أحد المشاهد مخرج الفيلم يُسّاوم مسؤول الإدارة الثقافية على تغيير نص فيلمه المقترح؛ حيث وجد نفسه يضطر إلى تقطيع سيناريو الفيلم إلى أجزاء بغرض تهجئة الرقابة، في مظهر آخر على ظلال القيود الكبيرة مدة عقود على الابداع الفني في “إيران”.
تحديات السينما الإيرانية..
من هذا المنطلق، فإن فيلم (آيات أرضية)؛ الذي يأتي في مرحلة ما بعد احتجاجات (المرأة، والحياة، والحرية)، قد يقدم بخلاف التأثير العميق على مجالات الحياة المختلفة للمواطن، تحديات السينما الإيرانية في كيفية تصوير هذه الفترة.
يقول “علي رضا خاتمي”؛ مخرج الفيلم، عقب العرض الأول في مهرجان (كان): “(آيات أرضية) نظرة فريدة على الحياة اليومية في إيران، ويتألف من لقطات قصيرة مروع وكوميدية على حدٍ سواء مثل إجبار رجل على خلع ملابسه وشرح وشمه أثناء التقدم بطلب للحصول على رخصة قيادة، أو عامل فقير يُجبر على تلاوة بعض الآيات القرآنية للحصول على وظيفة بنّاء”.
وأضاف: “ما حدث خلال الأشهر الماضية من احتجاجات نتيجة مقتل؛ “مهسا أميني”، يُقسم التاريخ إلى قبل وبعد، هذا لا يعني أنه لم تكن هناك مقاومة قبل ذلك، بل هناك عقود من المقاومة، لكن ما حدث في إيران قبل 09 أشهر، كان بمثابة نقطة الذروة في الوعي العام. نقطة الذروة في شفافية الأمل بالنسبة لنا. أظن أنه من غير الأخلاقي أن نجلس في مثل هذا الزمن إلى جانب النيران ونقدم قصص الآخرين. نحن كنا في النيران وقد تطلب ذلك وجود أشكال سينمائية جديدة. لم نرد أن نكون صوت أحد، ولكن هم يمتلكون أصواتًا أدرنا فقط أن نكون أذن ونسمع. ليس من أجل الشعارات السياسية، ولا من أجل المعارضة أو السياسيين أو المستنيرين، ولكن لكل الهمسّات الشعبية اليومية”.
والواقع أن الناتج النهائي لصناع الفيلم، إنما يُثبّت نجاح هذه التجربة. والنقاشات التي تتخلل مشاهد الفيلم المتعدد، قد تكتسّب في بعض اللحظات صبغة كوميدية، لاسيما بالنسّبة للمشاهد الإيراني الذي يستطيع تذكر مرارة هذه التجارب والتي عاش أو يعيش تفاصيل بعضها في مواقف مختلفة.
وقد أثار الفيلم بعد عرضه في “طهران” الضجة. وتنتهي هذه الصورة العامة في النهاية إلى تطور صادم قد يمثل تنبؤ للمستقبل مثير للتحديات.