خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
أسفرت وفاة المرجع الشيعي العراقي، “محمد سعید حکیم”، عن عمر (85 عامًا)، عن فجوزة كبيرة داخل حوزة “النجف” العلمية؛ وبخاصة فيما يتعلق بموضوع خلافة آية الله “علي السيستاني”.
وكان “جان إيف لودريان”، وزير الخارجية الفرنسي، قد زار للمرة الأولى، في العام 2019م، حوزة “النجف”، والتقى آية الله “الحكيم”.
كذلك قرر “الحكيم” لقاء، “حسن روحاني”، أثناء زيارته إلى “العراق”، لكنه رفض لقاء، “إبراهيم رئيسي”.
ووفاة هذا المسؤول الديني تُثير المخاوف إزاء نفوذ “الجمهورية الإيرانية”؛ وتحديدًا، “علي خامنئي”، داخل حوزة “النجف”.
ويحمل “خامنئي”، لواء القيادة السياسية والعسكرية الشيعية في الشرق الأوسط؛ بعد تشكيل الميليشيات الشيعية المعروفة باسم: “محور المقاومة”، ولديه ميول كبيرة لتقديم نفسه كمرجع ديني للشيعة، لاسيما خارج “إيران”. بحسب (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
المرجعية العراقية الوحيدة هي رباعية النجف..
آية الله “محمد سعيد طباطبائي الحكيم”، حفيد آية الله “محسن الحكيم”، من مرجع التقليد الشيعية في القرن الماضي، فضلًا عن نفوذ أسرة “الحكيم” في “العراق”.
ولد بمدينة “النجف”؛ عام 1936م لأسرة دينية، وكان كل شيء مُعدًا منذ البداية للترقى إلى رتبة: “آية الله”؛ ثم “المرجعية”.
وهو تليمد جده الأكبر، “حسين الحلي”، وبلغ درجة المرجعية بعد، “أبو القاسم الخوئي”. وبعد اندلاع “الثورة الإيرانية” بقيادة، “روح الله الخميني”، وكذلك حرب الأعوام الثمانية، كان “صدام حسين”، يتخوف من تكرار الأحداث الإيرانية داخل “العراق”، ولذلك كثف عمليات قمع القيادات الشيعية في “العراق”.
وفي العام 1983؛ ألقي القبض على، “محمد سعيد الحيكم”، وقد كان يبلغ من العمر، آنذاك، (47 عامًا)؛ بتهمة عدم دعم “العراق” ضد “إيران”، ولم يخرج من السجن إلا في العام 1991م.
تعرض خلال فترة الاعتقال للتعذيب وساعدته المقاومة داخل المعتقل على كسب المزيد من النفوذ بعد الإفراج عنه. تعرض لمحاولة اغتيال أسفرت عن مصرع إثنين من حرسه الشخصي وعضو آخر بمكتبه. ووجهت إليه تهمة تنفيذ الهجوم. مع هذا ووجهت الاتهامات إلى بعض العناصر الشيعية المتطرفة، والمقربة من “مقتدى الصدر”، بالتورط في الهجوم بسبب الاستياء من مواقف “الحكيم” المعتدلة؛ إزاء “الولايات المتحدة”.
وعُرف “محمد سعيد الحكيم”، في السنوات الأخيرة، بوصفه أحد “المراجع الأربعة” بحوزة “النجف”، وكان يحتل المرتبة الثانية؛ بعد آية الله “علي السيستاني”.
ووفق المراقبون كان “الحكيم”؛ يمتاز عن نظرائه في حوزة “النجف” بالتواصل المستمر مع أتباعه.
معارضة ولاية الفقيه..
لم يدلي آية الله “محمد سعيد الحكيم” في أي مؤتمر عام أو بيان رسمي بأي تصريحات سياسية، خاصة بـ”الجمهورية الإيرانية”، باعتبارها نظام سياسي نابع عن الإيديولوجية الشيعية. مع هذا يمكن استنتاج موقفه عن السياسة والحكم من خلال تصريحات المقربين منه.
وفي تغطيتها أخبار وفاة “الحكيم”، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن محلل متخصص في شؤون الحوزة، (رفض الكشف عن هويته)، قوله: “هذا المرجع الديني في الخط المباشر للمدرسة الكلامية الشيعية العراقية”.
ومن أبرز خصائص حوزة “النجف” السياسية، القول بتقديم الدين على السياسة ومعارضة نظرية “الخميني” المعروفة باسم: “الولي الفقيه”.
كذلك انتقد “صالح الحكيم”، أحد المقربين من المرحوم، آية الله “محمد سعيد الحكيم”، في حوار مع صحيفة (لاكروا) الفرنسية، الإسلام السياسي، وقال: “هذا النوع من التصور الإيديولوجي والسياسي للإسلام؛ إنما يدمر الدين والإنسان على السواء”.
وأضاف بشكل صريح: “نحن في العراق؛ لا نعتقد في ولاية الفقيه… مهمتنا الإرشاد، وهذا فقط في حال الطلب”.
وتطرق للحديث عن المداخلات الإيرانية في “العراق”، وأردف: “المهم بالنسبة لنا؛ هو العدل والوفاء للعراق لا الدول الأخرى”.
أهمية النجف بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”..
تُعتبر “إيران” حاليًا أكبر: “قوة شيعية” في العالم. لكن “العراق” كان بالأساس محل ميلاد التشيع.
ويحوز “العراق” أهمية تاريخية ورمزية في العالم الشيعي؛ بسبب مقابر أئمة الشيعية، وكذلك حوزة “النجف” العلمية.
لذلك تسعى “الجمهورية الإيرانية” باحتواء حوزة “النجف” ومراجع التقليد؛ إلى تمهيد مسار نفوذها في “العراق” دون الاصطدام بأي عوائق دينية. ولعل مراجع التقليد الشيعية في “النجف” الأكثر خوفًا من تكرار التجرية الإيرانية، وتحديدًا تعلق الحوزات العلمية بالحكومة، ولعله لا أحد قد يفرح من ضعف حوزة “النجف” العلمية أكثر من القيادة السياسية في “إيران”.