8 مارس، 2024 2:35 م
Search
Close this search box.

رئيس المجلس الأميركي الإيراني : مخاطر من احتمال مواجهة بين واشنطن وطهران

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد قمع إيران الوحشي لشعبها في أعقاب الانتخابات الرئاسية المزورة عام 2009، والانتفاضات العربية في بلدان أخرى في المنطقة ضد الحكام المستبدين، فقدت طهران الإحساس الاستراتيجي بالاتجاه، كما فقدت زخمها في المنطقة، ما ينذر باحتمالات المواجهة مع واشنطن بحسب ما يرى محلل سياسي أميركي من اصل إيراني والذي يعتقد إن إيران تعاني أزمة حكم ما يجعل المخاوف، وليس الحسابات العقلانية، تسير سياستها الخارجية.
ويقول تريتا بارسي وهو رئيس المجلس الإيراني الأمريكي ومؤلف كتاب “الأحلاف المغدورة : العلاقات السرية بين إيران واسرائيل والولايات المتحدة”، ان دعوة اللواء حبيب الله السياري في الأسبوع الماضي الى نشر قوات البحرية الإيرانية بالقرب من ساحل الولايات المتحدة هي دعوة تثير الاستغراب. يعرف البنتاغون، بالطبع، أن السفن الحربية الإيرانية لن تأتي بالقرب من سواحل أميركا في أي وقت قريب.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني “نحن لا نأخذ هذه التصريحات على محمل الجد ، نظرا لأنها لا تعكس على الإطلاق قدرات إيران البحرية”.
ويرى بارسي في مقالة نشرها مؤخرا في صحيفة لوس انجلوس تايمز أن كلام كارني يعني أن الأدميرال الإيراني ينبح، لكنه لا يعض كثيرا، بيد ان المحلل الإيراني يستدرك بالقول “ان فقدان الحس بالتفاوت في القوة الذي تعكسه خطابات القادة الإيرانيين يخبرنا بالعديد من الأشياء حول الارتباك في البلاد في مواجهة الانتفاضات المدنية التي تهز المنطقة. كما يخبرنا أيضا أن واشنطن وطهران ما زالتا قريبتين بشكل خطير من المواجهة، بعد ثلاث سنوات من ولاية الرئيس أوباما.
إيران هي البلد الذي فقد زخمه الإقليمي. استخدمت طهران بذكاء أخطاء اميركا الكثيرة في الشرق الأوسط خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش لتوسيع نطاق نفوذها وملأت  فراغ السلطة الذي خلفه انحدار الولايات المتحدة. فالأعداء الذين لم تستطع إيران هزيمتهم جرى سحقهم على يد الجيش الأميركي، والمكانة التي لم تستطع طهران انجازها بمفردها، سقطت في حضنها من خلال تراجع مكانة أميركا في المنطقة.
لكن بعد قمع ايران الوحشي لشعبها في أعقاب الانتخابات الرئاسية المزورة عام 2009 ، والانتفاضات العربية في بلدان أخرى في المنطقة ضد الحكام المستبدين، فقدت طهران الإحساس الاستراتيجي بالاتجاه.
على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية توقعت، وفي الواقع أشادت بالربيع العربي، إلا أنها فوجئت بغياب البعد المناهض للولايات المتحدة في الاحتجاجات. ومع عدم وجود شهية لدى المتظاهرين العرب لتوجيه غضبهم ضد الولايات المتحدة، واجهت ايران صعوبة كبيرة في استغلال مشاعر الإحباط العربي، وخصوصا ان حكومتها ليس لديها نية لاحتضان ايران لذلك النوع من التغييرات التي طالب بها المتظاهرون في البلدان المجاورة.
قلص الربيع العربي قدرة إيران على تدبر السلطة الناعمة في المنطقة. بدلا من ذلك، تحول الزخم إلى تركيا، والتي لم تتردد من انتحال صفحات من الكراسة الإيرانية لمناشدة الشارع العربي.
عندما تتناقص قوة دولة، يتزايد يئسها، وتتصاعد نبرة بياناتها العدوانية وتقود المخاوف- أكثر من الحسابات- مناحي تصرفاتها. يشير كثيرون إلى أن الجمهورية الإسلامية تعاني هذا الوضع الآن، وذلك جزئيا بسبب التطورات الإقليمية، ولكنه أساسا يرجع إلى ضعف الدولة داخليا في أعقاب انتخابات العام 2009.
حتى الآن، على الرغم من الظن بان ايران تهدد عسكريا أراضي أمريكا هو أمر مناف للعقل، فان الارتباك في طهران لم يقلل من خطر المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران. ولعل مزيجا من ثلاثة عوامل مهمة يفسر السبب في أن القيادة العسكرية الأميركية قد أعربت عن قلقها من أن اشتباكا عرضيا في الخليج  يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة.
العامل الأول هو ان تراجع نفوذ أمريكا خلق فراغا في المنطقة يدعو لإشغاله. فيما ادت المناورات التي تلت ذلك من اجل احتلال مكانة وإنشاء نظام إقليمي جديد، الى توليد اضطراب جيوسياسي.
العامل الثاني مفاده ان هذا الاضطراب يأتي في وقت تعاني معظم القوى الإقليمية ضعفا سياسيا داخليا غير عادي. وأثرت  الانقسامات الداخلية سلبا على القدرة على تسيير سياسة خارجية فعالة. ويتزايد اتخاذ قرارات حول المسائل الإستراتيجية الحاسمة على أساس السياسة الداخلية بدلا من الحسابات الجغرافية السياسية.
يبدو شبه الانهيار في فن الحكم واضحا تماما في اسرائيل. فقد اختارت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن تحد من القدرة على المناورة في سياستها الخارجية مهما كانت تداعيات ذلك على استمرار الائتلاف الحاكم الهش. ويجري تقبل مخاطر اختلال السياسة الخارجية من أجل إطالة العمر الافتراضي للائتلاف الحاكم على حساب مصالح إسرائيل البعيدة المدى.
وتعاني مصر والعراق وسوريا عدم استقرار سياسي، في أشكال مختلفة، ولأسباب مختلفة. وبينما تمكنت المملكة العربية السعودية من استرضاء المحتجين في البلاد، فإنها ستكون عرضة لأزمة خلافة في السنوات القليلة المقبلة.
في إيران، وصل التناحر السياسي داخل صفوف النخبة الإيرانية مديات جديدة. وفي حين ان ذلك لم يؤد بالضرورة إلى ولادة  مغامرة إيرانية جديدة (بمعزل عن نبرة الخطابات الحادة)، غير انه أصاب الدولة بالشلل وأضعف قدرتها على المناورة في بيئة إستراتيجية متغيرة. هذا هو الحال بصفة خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية مثل علاقات طهران مع الولايات المتحدة.
العامل الثالث يتمثل في ان هذا الشلل هو أكثر خطورة في بيئة لا تتحاور فيها الأطراف. وقد أدى ذلك إلى انهيار فن الحكم، وزيادة في التهديد والوعيد الذي يمكن ان يتكشف عن مخاطر كبيرة. وقد تسبب شرارة صغيرة في حريق.
وتشعر القيادة العسكرية الامريكية بقلق محق حول هذا الوضع. ووصف رئيس هيئة الأركان المشتركة ، الادميرال مايكل مولن ، مرارا عدم وجود اتصال بين الولايات المتحدة وإيران بأنه مصدر رئيسي للقلق في الأسابيع القليلة الماضية.
وقال مولون في شهر ايلول الماضي:”نحن لا نتحدث إلى إيران لذلك لا يفهم بعضنا البعض الآخر”. وأضاف مولن ان غياب التواصل زرع بذور سوء التقدير.
كتابات / القسم السياسي

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب