خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
لم تقترن أولى زيارات الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى منطقة “غرب آسيا” بأي حدثٍ خاص. كذلك لم تُحقق هذه الزيارة أي نتائج تُذكر كما لم يكن من المقرر أن تُفضي عن نتائج معينة.
هذه الزيارة الفاشلة كانت انتكاسة كبيرة لـ”الولايات المتحدة”؛ بدليل أن الكثيرون كانوا قد توقعوا قبل فترة أن يتمكن الحلفاء من إهانة “الولايات المتحدة” كما يحلو لهم. وقد كان “بايدن” يهدف من هذه الزيارة إلى تأمين احتياجات “الولايات المتحدة” من النفط بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، لكنه فشل ليس بسبب خطأ منه أو دبلوماسيته المعيبة؛ وإنما بسبب الخسائر طويلة الأمد في الإستراتيجيات الأميركية العامة، ولذلك لم يتمكن من الوصول إلى اتفاق مع “السعودية” بشأن زيادة الإنتاج النفطي؛ بحسب التقرير الذي أعده مركز (رئاسة الجمهورية) للبحوث الإستراتيجية الإيراني.
ورغم الكم الهائل من الاتفاقيات؛ إلا أن الرئيس الأميركي عاد بخفي حنين بعد أن فشل في إقناع “السعودية” بزيادة الإنتاج.
أداء حلفاء “السعودية”..
بعد أقل من 24 ساعة على خروج “بايدن” من المنطقة، قضت “الإمارات” بالسجن 03 سنوات على مواطن أميركي يُدعى: “عاصم غفور”؛ بتهم غامضة.
يُذكر أن الأخير كان عضو الهيئة الإدارة لإحدى المنظمات غير النفعية؛ ساهم الصحافي بـ (الواشنطن بوست)؛ “جمال خاشجقي”، في إنشاءها. وهذا الإجراء الاستفزازي يحكي قصة خالدة في الشرق الأوسط؛ حيث أثبتت “الولايات المتحدة” مرارًا عدم القدرة على الرد، ومن ثم فقد تجاوزت حكومات المنطقة الحدود حتى يتسنى لهم معرفة إلى أي مدى يمكنهم التقدم، وأدركوا أنه لا توجد حدود.
وتعتبر “السعودية” و”الإمارات” من الدول التابعة لـ”الولايات المتحدة”، حيث يتربط أمنها وبقاءها بالقوة الأميركية.
وفي حال علّقت “واشنطن” تقديم المعدات العسكرية وقطع الغيار والصيانة؛ وكذلك التدريب والدعم اللوجيستي، سوف تركع جيوش هذه الدول في فترة زمنية قصيرة.
وهذه السلوكيات لا تعكس فقط وجود خلل في الإستراتيجية الأميركية، وإنما تُهدد كذلك هوية “الولايات المتحدة”. فقلما حددت “واشنطن” شروط مقابل دعم الخليج عسكريًا. في المقابل تعتبر دول الخليج هذه المساعدات مسألة بديهية. نتيجة لذلك إزدادت وتيرة القمع في دول الخليج؛ بحيث طالت في النهاية المواطنون الأميركيون.
وبالنظر إلى شعار “الولايات المتحدة” بشأن ضرورة الدفاع عن حقوق الإنسان، يمكن تبرير تجاهل هذه الشعارات لقاء كسب ثقة الحلفاء، لكن الحقيقة لا تعتبر “السعودية” ولا “الإمارات” حليفًا موثوقًا لـ”الولايات المتحدة”. وهما تتعاملان لاسيما في حوزة السياسة الخارجية بجرأة وبلا مسؤولية وتمتلكان قائمة طويلة من الإجراءات التي تسوء “الولايات المتحدة” من مثل التقارب مع “الصين”، وتبني رؤية سلمية تجاه “روسيا”، واختطاف رئيس الوزراء اللبناني، وإعلان حرب طويلة الأمد في “اليمن”، ودعم الأطراف المناوئة لـ”الولايات المتحدة” في “ليبيا”.
رد فعل بارد على الحرب الأميركية الباردة..
سعى الرئيس الأميركي إلى إقناع القيادات الـ 09 العربية التي اجتمعت في “السعودية”، بفكرة وجود حرب باردة تتبلور في منطقة “غرب آسيا”، وأن عليهم مساندة “الولايات المتحدة” ضد “روسيا” و”الصين”.
لكنه لم يحصل على ردود إيجابية حتى بعد إضافة “إيران” إلى هذه المعادلة. فقد فشلت تصريحات “بايدن” بشأن استمرار المسار الدبلوماسي في التعاطي مع “إيران” في إدخال السرور على المتشددين في الخليج؛ أي المثلث: “السعودي-الإماراتي-البحريني”؛ حيث كانت هذه الدول تُعارض جهود إحياء “الاتفاق النووي”؛ الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية السابقة بقيادة؛ “دونالد ترامب”، في العام 2018م.
عدم إلتزام “الولايات المتحدة” تجاه المنطقة..
حاول “بايدن” تهدئة مخاوف دول الخليج بشأن احتمالات الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط، والتراجع عن فكرة المواجهة مع “الصين” و”روسيا”، لاسيما بعد الحرب على “أوكرانيا”، لكنه لم يُقدم أي تفاصيل عن ماهية ما ستقوم به الإدارة الأميركي حال البقاء في الشرق الأوسط.
واكتفى بتكرار الخط الأحمر الذي كان قد رسمه قبلًا؛ وهو عدم السماح لـ”الجمهورية الإيرانية” بامتلاك قنبلة نووية.
لم يُقدم الرئيس الأميركي أي تعهدات جديدة بشأن حماية الأمن السعودي أو الدول العربية، واكتفى بالقول أن بلاده سوف تُساعد في جهود إنجاز هذا العمل. بل إنه لم يتطرق حتى في حديثه إلى استعداد إدارته إلغاء حظر تقديم “الأسلحة الهجومية” للسعودية.
في حين أنه أعلن قبل جولته بالشرق الأوسط تعليقًا على أحدث مساعي “السعودية” لإنهاء الحرب اليمنية: “من الممكن إلغاء الحظر”.
كذلك لم يتطرق للحديث عما إذا كانت إدارته سوف تُقرر المضي قدمًا في برنامج بيع مقاتلات (F-35) إلى “الإمارات” أم لا في ظل معارضة “الكونغرس” الأميركي.