خاص : ترجمة – محمد بناية :
على عكس السائد، لم يتخذ العداء الأميركي لـ”الجمهورية الإيرانية” منحى هابط، فلم تفلح الهزائم المتوالية في انسحاب “الولايات المتحدة” من المشهد.
ونظرة على الأوضاع والمشهد في “لبنان” و”العراق” مؤخرًا يؤشر إلى هذه المسألة بوضوح؛ بل ويثبت إحتدام العداء الأميركي لـ”جبهة المقاومة” في البلدين. وعليه سوف يزداد العداء حدة مستقبلاً، بحسب المسار الذي تابعناه حتى الآن.
والسؤال: إلى أي مدى قد يؤثر هذا العداء والمغالاة في الخصومة على “الجمهورية الإيرانية” و”جبهة المقاومة” ومسار حركتها ؟ بحسب “سعدالله زراعي” الكاتب الإيراني، في مقاله التحليلي المنشور بصحيفة (كيهان) الإيرانية الأصولية، والذي حاول الإجابة على ما طرحه من تساؤل..
تربية جيل من العملاء لأميركا..
يمكننا، فيما يخص الاستهداف الأميركي من العداء لـ”الجمهورية الإيرانية” وتحقيق المقصود؛ الإشارة إلى عدد من الحالات وكلها صحيح، لكن السؤال: ما هي الأهداف الأميركية العملية الحالية والمستقبلية من المواجهة مع “إيران” و”جبهة المقاومة”.
في رأيي؛ يركز الأميركيون في المواجهة مع “جبهة المقاومة”، خلال المرحلة الراهنة، على إحكام السيطرة على أجهزة صناعة وإتخاذ القرارات في المنطقة، بمعنى أن “واشنطن” تسعى، عبر الاستفادة من الفضاء المجازي، إلى إستحداث فصائل وجماعات واستخدامها في الضغط بقوة على الحكومات ومنظمات المقاومة.
ولأن “جبهة المقاومة” عديمة الخبرة فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع تلكم الفصائل المستحدثة وإحتواءها، والضعف المعلوماتي أحيانًا، فسوف تتمكن هذه الفصائل، على المدى الطويل نسبيًا، استنزاف قوى المقاومة.
ويقدم الفضاء الإلكتروني والشبكات الاجتماعية إمكانيات هائلة لـ”الولايات المتحدة”. واستنادًا للإحصائيات؛ يمتلك أكثر من 20 مليون عراقي حساب على الـ (فيس بوك). أما الخبر التوضيحي الآخر؛ فهو أن “الولايات المتحدة” أخضعت، خلال السنوات الماضية، 40 ألف شاب عراقي تقريبًا لأنظمة خاصة من التعليم والتربية عبر دورات موسمية في “الولايات المتحدة الأميركية”، ويمكن القول: مؤكد أعدت لهم جدول أعمال وأشرفت على تنسيقهم.
ومن المميزات الرئيسة لذلكم الشباب، (المتعلم)، الشيعي غالبًا، هو العداء للدين وكل مظاهر التدين، وهناك الكثير من الوثائق التي تؤكد صحة هذه الأقوال.
وقد شاعت مؤخرًا الأخبار عن بروز أنواع من الفساد بين الشباب في “ميدان التحرير” بالعاصمة، “بغداد”.
إستراتيجية محاصرة أصدقاء “طهران”..
تتبنى “الولايات المتحدة”، في المواجهة ضد “الجمهورية الإيرانية”، سياسية “الإنبطاح”.. وتقول: إذا لم نستطع المقاومة ضد بقاء الثورة وجبهة المقاومة، فإن علينا الحيلولة دون تنميتها في البيئة المحيطة والبعيدة.
وتستدعي هذه السياسة حصار أصدقاء “إيران” في المنطقة. وهذا الحصار ينطوي من جهة على أبعاد قانونية، حيث تسعى من خلال الأنظمة الدولية والعقوبات إلى تصعيب الأوضاع على أصدقاء “إيران” وتسهيل عملية اتهامهم “بفقدان الشرعية”، كما تسعى من جهة أخرى إلى تفعيل جبهة تستعصي على الإحتواء عبر الوسائل الاجتماعية، ومن ثم الإطاحة عبر المساومات بأعضاء الحكومة وأصدقاء “إيران” أو إضعافهم.
والحقيقة أننا نشاهد كل ذلك بشكل متزامن في “العراق” و”لبنان” و”اليمن”. فتراهم مرة يختبرون هذه الصيغة، (الاستفادة من الإمكانيات القانونية، والاجتماعية والسياسية)، في “سوريا”، ضد “بشار الأسد”، وقد فشلت رغم مرور 8 سنوات في تحقيق أي نتائج، وبات معلومًا أن صخرة المقاومة باتت أكثر قوة إزاء الأمواج الأميركية المصطنعة.
تلاه ضرب حصار شديد على حلفاء إيراني في “لبنان”. وقد تابعنا أخيرًا ضغوط عملاء أميركا لإضراب المؤسسات الحكومية وقطع الطرق المؤدية إلى بعض مناطق “بيروت”، وبخاصة المناطق الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية.
وتستغل “الولايات المتحدة” اسم المتظاهرين لمطالبة “حزب الله” بالإستسلام وإلا الاستعداد للمواجهة ضد عناصر لبنانية على كل حال، في حين تعلم “واشنطن” أن عدم الصدام داخل “لبنان” هي إستراتيجية ترتبط بالجزء الأكبر من مصداقية “حزب الله”.
ولتحقيق النجاح تواجه “الولايات المتحدة” عقبات أخرى، يأتي في مقدمتها مرشد الثورة، و”الحرس الثوري”، ورجال الدين، وهياكل الثورة القانونية، وهو ما لا يمكن تهميشه بإفتعال الأزمات.
صحيح أن الأميركيون تمكنوا، في فترة، من نفى مرجع التقليد الإيراني العظيم، وأطلقوا الرصاصات الإيرانية على صدور الشباب الإيراني في العاصمة، وتحولت سفارتهم في فترة ما إلى منتدى للتآمر على الثورة، لكن لقد مضى زمان مثل هذه الأحداث.
وتستطيع الإدارة الأميركية حاليًا التوفق على قوة المرجعية في “العراق”، لكن لا تستطيع إجبار النظام السياسي العراقي على القيام بإجراء ضد السياسة المعادية لـ”الولايات المتحدة”، أو إجبار من قلب الحكومة الأميركية على إتباع السياسيات الأميركية.