خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بينما انقضت نصف مهلة الـ 40 يومًا لتشكيل الحكومة العراقية، مازال التيار المنافس بمحورية؛ (الإطار التنسيقي)، خارج الاتفاق على اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة.
ورغم إعلان زعيم (التيار الصدري) التفاوض مع كل الأحزاب والتيارات العراقية والقوى السياسية؛ دون استثناء، لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، لكن غني عن القول إن شخصية؛ “مقتدى الصدر”، الشمولية لن تسمح له بالتفاوض مع (الإطار التنسيقي) لتشكيل الحكومة؛ بحسب “مهدي بازرگان”؛ في تقريره الذي نشرته صحيفة (شرق) الإيرانية الإصلاحية.
وهو يفعل ذلك حتى يظهر في شكل حجر البناء السياسي العراقي؛ بعد إحباط أي مشروع لتشكيل الحكومة خلال المهلة المحددة، وأن “العراق” لن يحظى بأي اتفاق ملموس دون مشاركة “الصدر” وتياره. في حين أن حقيقة الأمر هي أن تيار “الصدر” نفسه؛ لطالما كان جزءً من مشكلات “العراق” الحديث؛ بعد “صدام حسين”، وعلى مدى الـ 19 عامًا الماضية، لاسيما بعد تناسي أيام وحدة “العراق” جراء اعتداءات الجيش التركي المتكررة.
مشكلات العراق وأداء “الصدر”..
وانعدام قدرة الحكومات العراقية السابقة على مكافحة الفساد المستشري والممنهج في الدولة، وتشكيل حكومة محاصصة، والفشل في تحسين أوضاع العمل ورفع مستوى المعيشة، وحصول المواطن على الحد الأدنى من الخدمات، وانعدام المساعي الجادة لحل جميع المشكلات وإخراج “العراق” من التحديات والمشكلات الراهنة، كلها من الحقائق المريرة التي شهدها “العراق”؛ خلال السنوات الأخيرة، والتي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بأداء؛ “مقتدى الصدر”، وتياره.
وإلحاقًا لتلك التحديات والمشكلات، فإن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة؛ العام الماضي، لم يفشل فقط في تحسين الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب العراقي، وإنما مايزال “العراق”؛ بعد مرور: 198 يومًا، على إجراء الانتخابات يُصارع كما كان مأزقًا خطيرًا فيما يخص تشكيل الحكومة، هذه المشكلة التي لا يبدو أنها سوف تنتهي سريعًا.
خيار تقسيم السلطة..
ونظرة على تطورات: الـ 200 يومًا الأخيرة في “العراق”، يمكن بوضوح إدراك أن استمرار واحتدام جدال “الصدر” السياسي مع (الإطار التنسيقي)، يلقي بظلال ثقيلة على كل العلاقات العراقية، ولا يمكن الخروج عمليًا من المأزق الراهن؛ طالما لم يحصل أي من الطرفين على السلطة في البلاد.
وكما يبدو في ضوء ما تقدم، فقد يكون سيناريو تقسيم السلطة خيار بعض الشخصيات من مثل: “هادي العامري”، وجزء من (الإطار التنسيقي)، ورغم أن “نوري المالكي”؛ رئيس وزراء “العراق” الأسبق، والشخصية المفتاحية في (الإطار التنسيقي)، لا يعتقد في فكرة تقسيم السلطة، إلا أن “مقتدى الصدر” لن يقنع إلا بالحصول على كامل السلطة والسيطرة على كل شؤون “العراق”، على غرار تغريدته بتاريخ 30 آذار/مارس الماضي؛ ردًا على موقف زعيم تيار (الفتح)، وفيها: “أنا لم اتفق معك مطلقًا. لأن الاتفاق يعني إنتهاء الدولة. فلا خير مطلقًا في حكومة محاصصة توافقية”.
على كل حال؛ “مقتدى الصدر”، وهو يعتبر أشهر ناجِ من أسرة “الصدر” تمكن بشعبية كبيرة نسبيًا بين شيعة “العراق”؛ من القاء ظلاله على كل عموم “العراق”.
بخلاف ذلك يأتي تيار “الصدر” في ذيل قائمة الجهات التي تتدخل في القضايا الاجتماعية، والخدمية، والدينية، والسياسية، والدولية، والإعلامية، وقد سعى بتشكيل جناح عسكري إلى العمل جنبًا إلى جنب مع حكومة “بغداد” الرسيمة كشبه دولة.
وفي ظل هذه الأجواء تهيأت لزعيم (التيار الصدري) الأجواء اللازمة للحصول على المزيد من النفوذ في هيكل السلطة العراقية، ولن يتورع عن القيام بأي عمل من شأنه تأزيم تحركات (الإطار التنسيقي)؛ خلال الأيام المتبقية من مهلة: الـ 40 يومًا. لذلك يجب القول من الآن إن العد العكسي بالنسبة لـ”الصدر” قد بدأ للدخول بقوة على صعيد تشكيل الحكومة وإحكام قبضته على كل “العراق”، خاصة وأن الصدريين يُسيطرون على الأغلبية البرلمانية ويُمثلون عاملًا حاسمًا في توجيه الحكومة المستقبلية؛ وكل مستقبل “العراق”. وعلينا أن ننتظر رؤية ما إذا كان هذا الخداع خدم مصالح “مقتدى الصدر” أم لا ؟