29 مارس، 2024 11:09 ص
Search
Close this search box.

“دومينو كورونا” .. والتطورات الجيوسياسية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

اكتسب كل شيء لون ونكهة فيروس “كورونا”.. هكذا تمكن عدو مجهول وغير مرئي من روح البشرية، وتسبب في حبس مليار شخص بالمنزل، ووفاة أكثر من 20 ألف شخص وإصابة 450 ألف آخرين.

والجميع في العالم يبحث عن إجابة عن سؤال: متى يتم القضاء على الفيروس وعودة الحياة إلى طبيعتها ؟

وهول العثور على إجابة دفع الكثيرون إلى المتابعة اللحظية لأخبار اكتشاف دواء للفيروس. في السياق ذاته، إزدهرت سوق الشائعات والأخبار غير الصحيحة. بحسب “صابر كل عنبري”، في مقاله المنشور على موقع (الدبلوماسية الإيرانية)؛ المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية.

ما بعد “كورونا” ؟

فلم تنجح أي دولة، حتى الآن، في صناعة دواء مضاد للفيروس؛ ويقال إن هذا العمل عبارة عن دورة سريرية ليس فقط لأيام ولا لأسابيع، ولكن لأشهر. والبعض يقولون: لا علاج حاسم للفيروسات، ولو كان لما تمكن فيروس “الإنفلونزا” الموسمية من حصد هذا الكم من الأرواح حول العالم.

في حين يعتقد البعض أن الفيروس لن يرحل قبل أن يصيب الكثير من سكان الأرض. ويجمع العالم على ضرورة الإبتعاد البدني والحجر الصحي الكامل لإحتواء الفيروس والقضاء عليه تمامًا.

لكن “وزارة الصحة” الإيرانية كانت قد رأت في البداية أن مسألة الحجر الصحي تقليدية وغير عملية، لكن بعد شهر واحد بدأت تتحرك لفرض حجر صحي، لكن كم كان الوقت متأخرًا. على كل حال سوف يمضي وباء فيروس “كورونا” يومًا ما، لكن السؤال الأكثر إلحاحًا يتعلق بمصير العالم بعد “كورونا”.

تصريحات “ميركل” التحذيرية..

في رأيي؛ لابد من تعميم تصريحات المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، بشأن وباء “كورونا” باعتباره التحدي الأكبر لـ”ألمانيا”، منذ الحرب العالمية الثانية؛ على العالم أجمع. فلم يواجه العالم منذ إنتهاء الحرب العالمية حتى الآن مثل هذه الأزمة.

ومن المستبعد أن ينصرف مقصود “ميركل” على التحديات الطبية والصحية فقط؛ وإنما تنسحب تصريحاتها على تبعات “كورونا” الاقتصادية والسياسية. وحتى الآن لا يوجد تقدير عام عن حجم الخسائر الاقتصادية على مستوى العالم، لكن الفيروس تسبب بخسائر لـ”قطاع السياحة” بأكثر من 2000 مليار دولار، بالإضافة إلى تسريح 75 مليون شخص على مستوى العالم، بحسب تقرير الـ”مجلس العالمي للرحلات والسياحة”. وهذا متعلق فقط بالقطاع الاقتصادي، وهو ما يعكس حجم الكارثة التي تسبب، وسوف يتسبب، بها الفيروس للاقتصاد العالمي. لكن استمرار انتشار الفيروس للمزيد من الأشهر سوف يُعرض العالم لسلسلة من الهزات الجيواستراتيجية والجيوسياسية العميقة وتعرض النظام العالمي، الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، للتغيير.

تغيرات في أحجار “الدومينو” !

وما يحدث حاليًا يُشبه “الدومينو” إلى حد كبير.. وقد شهدت “الولايات المتحدة” سقوط أولى القطع، بتاريخ 24 تشرين أول/أكتوبر 1929م. وهو اليوم المعروف إعلاميًا باسم “الخميس الأسود”؛ وتسبب في وضع الاقتصاد الأميركي على مسار الإنهيار.

في هذا اليوم؛ دخلت بورصة “وول إستريت” مرحلة السقوط بعرض غير مسبوق للأسهم وسط إقبال ضعيف على الشراء. ثم تلا ذلك بعد أيام سقوط تاريخي لسوق الأوراق المالية الأميركية، بتاريخ 29 تشرين أول/أكتوبر. وتبع سقوط البورصة الأميركية إفلاس البنوك، من ثم تراجع حجم التجارة العالمية بمقدار النصف وتوقف المصانع حول العالم، وبخاصة “أوروبا” عن الحركة والإعلان عن أكبر أزمة اقتصادية بالقرن العسرين، تحت مسمى “الركود الكبير”.

ثم تمكن الرئيس الأميركي، “فرانكلين روزفلت”، عام 1933م، من إحتواء الركود في “الولايات المتحدة” بتطبيق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية. لكن ظل العالم يُعاني هذه الأزمة التي تسببت في ظهور عدد من الأنظمة الديكتاتورية كـ”النازية” في “ألمانيا”، و”الفاشية” في “إيطاليا”، اللتان تسببتا في الحرب العالمية الثانية.

وكان “أودلف هتلر”، قد تمكن، وكذلك “بنيتو موسوليني”، من الوصول إلى السلطة عبر سلسلة من الوعود بإنهاء هذه الأزمة الاقتصادية. وقد إنتهت الحرب العالمية الثانية بتشكيل أنظمة جديدة.

حاليًا بدأت الأزمة المالية والاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس “كورونا”؛ تتحرك كما قطع “الدومينو”، وسوف يترتب عليها تطورات ثقيلة، مع اختلاف أن الأزمة المالية الحالية؛ سوف تكون أكثر ثقلاً من أزمة “الركود الكبير”. ولقد خيم الـ”كورونا” على العالم في وقت نمو اليمين والشعوبية والعنصرية على المستوى العالم في السنوات الأخيرة، لذلك وفي ضوء عجز دول العالم عن مواجهة هذه الأزمة فالمحتمل أن يزيد الفيروس من تدعيم مكانة هذه التيارات.

والحقيقة أن هذه التيارات وفيروس “كورونا” وجهان لعملة واحدة؛ وسوف تجبر سياسة الإبتعاد البدني، التي فرضها فيروس “كورونا” على مستوى العالمي، الدول على إغلاق حدودها، وهو نفس الشيء الذي يتطلع إليه المتشددون حول العالم. وقد تؤدي البروغندا العالمية للتطورات الداخلية المحتملة نتيجة “كورونا” إلى تغيير المعادلات والسياسات الدولية وتحريك مركز الثقل العالمي.

وسيكون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المناطق التي سوف تشهد تطورات كبيرة نتيجة تدهور الأوضاع في الكثير من هذه الدول وارتفاع معدت الاستياء الشعبي. لكن كل ما يقال عن العالم بعد “كورونا” رهن باستمرار الفيروس بتلكم الشراسة حتى عدة أشهر.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب