“دول الخليج” تهرول للتطبيع مع “إسرائيل” .. فهل تخلى العرب عن دعم “القضية الفلسطينية” ؟

“دول الخليج” تهرول للتطبيع مع “إسرائيل” .. فهل تخلى العرب عن دعم “القضية الفلسطينية” ؟

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، إلى “عُمان”؛ ولقائه بالسلطان، “قابوس بن سعيد”، يتوجه وزراء إسرائيليون لحضور مؤتمرات دولية تنظمها دول الخليج.. فهناك وزير إسرائيلي يتجه إلى “سلطنة عُمان”، وآخر إلى “دُبي”، فيما تقوم وزيرة إسرائيلية بزيارة “أبوظبي”، وسط تساؤلات عن سر تهافت الدول الخليجية للتطبيع مع “إسرائيل”؛ رغم استمرار سياسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة، “بنيامين نتانياهو”، ضد الشعب الفلسطيني.

دول الخليج تستقبل المسؤولين الإسرائيليين..

أفاد موقع (وللا) العبري؛ أنه بعد زيارة “نتانياهو” لـ”سلطنة عُمان”، تتوالى زيارات الوزراء الإسرائيليين لدول الخليج.

فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، في الجلسة الحكومية التي إنعقدت، الأحد، أن وزير المواصلات والاستخبارات، “يسرائيل كاتس”، سيتوجه الأسبوع المقبل لحضور “المؤتمر العالمي للنقل الطرقي” الذي سوف ينعقد في “عُمان”.

هذا بالإضافة إلى زيارة وزير الاتصالات الإسرائيلي، “أيوب قرا”، لمدينة “دُبي” بدولة “الإمارات”، للمشاركة في “مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات 2018″؛ المنعقد خلال الفترة من 29 تشرين أول/أكتوبر وحتى 16 تشرين ثان/نوفمبر في “مركز دُبي التجاري العالمي”.

“ميري ريغيف” في أبوظبي..

في المقابل؛ فإن وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، “ميري ريغيف”، قد حضرت إلى “أبوظبي” مرافقة للبعثة الرياضية الإسرائيلية التي شاركت في بطولة “غراند سلام للغودو”. حيث شجعت “ريغيف” الرياضيين الإسرائيليين، الذين تنافسوا للمرة الأولى في “أبوظبي” وهم يستخدمون شعارات وطنية.

وتم التقاط صور تذكارية للوزيرة الإسرائيلية بصحبة نظيرها وزير الرياضة الإماراتي. وفي خطوة جريئة نحو التطبيع مع الدولة العبرية، أجرت الوزيرة الإسرائيلية، الاثنين، زيارة رسمية لمسجد “الشيخ زايد بن سلطان” في “أبوظبي”، بدعوة رسمية من الشيخ “محمد بن زايد”.

البحرين تمهد للتطبيع..

ضمن مساعي التطبيع المتلاحقة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن هناك اتصالات سرية بين “البحرين” و”إسرائيل”، لإقامة علاقات رسمية بينهما.

يُذكر أن وزير خارجية البحرين، “خالد بن أحمد آل خليفة”، قد رحب السبت الماضي، بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، “نتانياهو”، لـ”سلطنة عُمان”، متمنيًا النجاح لجهود السلطان، “قابوس بن سعيد”، حاكم “سلطنة عُمان”، لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

زيارة تاريخية..

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، “نتانياهو”، قد قام بزيار تاريخية، يوم الجمعة الماضي، لـ”سلطنة عُمان”، وهي الزيارة العلنية الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي للسلطنة، منذ عام 1996، حينما زارها رئيس الوزراء الأسبق، “شمعون بيريز”.

وتطرق “نتانياهو”، خلال كلمته بالجلسة الحكومية، لزيارته لـ”سلطنة عُمان” قائلاً: “في يوم الجمعة الماضي؛ عُدت من زيارة تاريخية، التقيت خلالها بالسلطان، “قابوس”، في أول زيارة رسمية منذ 22 عامًا. ولقد ناقشنا خلال اللقاء التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، وتلك محادثات مهمة لدولة إسرائيل ولأمنها”.

مشروع “قطار السلام”..

وبحسب موقع (وللا)؛ فإن وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلية، “كاتس”، قد تلقى دعوة رسمية من نظيره العُماني ومن مُنظمي المؤتمر.

وتلك هي المرة الأولى التي يتلقى فيها وزير إسرائيلي الدعوة للمشاركة في مؤتمر دولي يُقام في “عُمان”، مما يدل على تعزيز العلاقات بين الدولتين.

وخلال المؤتمرسيستعرض، الوزير الإسرائيلي، خطة نقل جديدة لإقامة شبكة للسكك الحديدية تحت مُسمى “قطار السلام”، الذي سيربط بين منطقة البحر المتوسط ومنطقة الخليج العربي عبر “إسرائيل” و”الأردن”.

إسرائيل تتعاون مع الإمارات ولا تأمن خطرها !

رغم أن “إسرائيل” تحاول بكل السُبل استغلال التهديد النووي الإيراني وسياسة “طهران” التوسعية؛ كي تقيم تحالفًا إستراتيجيًا بالتعاون مع الدول السُنية الخليجية. لكن بعض المحللين الإسرائيليين ينصحون حكومة “تل أبيب” بعدم الإفراط في الثقة تجاه الدول الخليجية، ولا سيما دولة “الإمارات المتحدة”، التي تنتهج سياسة جريئة وتحسن استغلال ثرواتها البترولية لتصبح قوة إقليمية فاعلة.

ويؤكد المحلل الإستراتيجي الإسرائيلي، “يوئيل غوزنسكي”، ضرورة استمرار “إسرائيل” في التعاون مع “الإمارات”، خاصة إذا كان ذلك التعاون سيتيح لها بمراقبة ما يحدث بشكل أفضل. لكنه في الوقت نفسه يُطالب، الحكومة الإسرائيلية، بأن تُقنع الإدارة الأميركية حتى لا تُرسل أسلحة متطورة لـ”الإمارات”، لأن ذلك من شأنه أن يخرق التوازن العسكري في المنطقة.

ويزعم “غوزنسكي”؛ أن “الإمارات العربية المتحدة” دولة استبدادية بمظهر حديث، مؤكدًا على أن طموحاتها في المجالين الفضائي والنووي، فضلاً عن إبرامها للعديد من صفقات الأسلحة، يمكن أن يُشكل تحديًا حقيقيًا لـ”إسرائيل”.

هل التعاون بين إسرائيل والدول العربية ممكنًا ؟

في ظل موجه التطبيع غير المسبوقة بين الدولة العبرية ودول الخليج؛ جرى إستطلاع للرأي العام داخل “إسرائيل”، لمعرفة مدى إقبال الشعب الإسرائيلي على زيارة الدول العربية، وما هي أهم الدول التي سيحرص على زيارتها في حال تم تطبيع العلاقات بين الجانبين.

وبحسب الإستطلاع؛ فإن قرابة 69% من الإسرائيليين يرون أن التعاون الإقليمي بين “إسرائيل” و”الدول العربية” هو أمر ممكن، وأن “مصر والمملكة العربية السعودية” هما أهم دولتين ينبغي لـ”إسرائيل” أن تتعاون معهما.

الإسرائيليون لا يحبذون زيارة السعودية أو لبنان !

كما أظهر الإستطلاع، الذي نُشرت نتائجه بالأمس الاثنين؛ أن أهم الدول التي يود الإسرائيليون زيارتها هي “الإمارات العربية المتحدة”، بنسبة 13%، ثم “مصر”، بنسبة 12%، تليها “الأردن”، بنسبة 8%، بينما حلت كل من “السعودية ولبنان” في المؤخرة، بنسبة 6% لكل منهما.

41 % لا يفكرون في زيارة أية دولة عربية..

فيما أظهر الإستطلاع أيضًا أن 41% من الإسرائيليين لا يريدون أصلاً زيارة أية دولة عربية، ولكن بشكل عام فإن الشعب الإسرائيلي لديه إعتقاد بإمكانية إقامة علاقات بين “إسرائيل” و”الدول العربية”، حيث قال حوالي 69%، ممن شاركوا في الإستطلاع، إن هناك إمكانية للتعاون الإقليمي المشترك بين “إسرائيل” و”الدول العربية”، لكن 19% فقط هم الذين إستبعدوا إمكانية التعاون المشترك.

وتعتبر “مصر والسعودية” – في نظر الشعب الإسرائيلي – أهم دولتين عربيتين ينبغي لـ”إسرائيل” أن تسعى للتعاون معهما. لكن في المقابل فإن 28%، ممن شاركوا في الإستطلاع، يرون أنه لا ينبغي لـ”إسرائيل” أن تسعى للتعاون مع أية دولة عربية.

40 % من الإسرائيليين قالوا إنهم حتى لو تم تطبيع العلاقات، فلن يعتزموا زيارة أية دولة عربية – رغم الأهمية القصوى التي يوليها الإسرائيليون لتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية المعتدلة، وأعتقاد غالبيتهم بأن التعاون المشترك مع الدول العربية هو أمر ممكن.

“القضية الفسطينية” لا تشغل الحكام العرب.. 

في ظل ظاهرة التطبيع المتسارعة بين “الدول العربية” و”إسرائيل”؛ أصبحت “القضية الفلسطينية” في خطر شديد، لأن الفلسطينيين باتوا يتصدون وحدهم للاحتلال الإسرائيلي، لا سيما مع إنشغال القيادات العربية بالتهديد الشيعي الإيراني.

وفي هذا السياق؛ أكد الكاتب والمحلل الإسرائيلي، «يورام أتينغر»، هامشية “القضية الفلسطينية” لدى قيادات الدول العربية، التي لم يعد يشغلها سوى “التهديد الإيراني” وخطر “الإرهاب السُني”.

وأشار إلى أن القادة العرب يدركون الآن عدم وجود صلة بين “القضية الفلسطينية” وحالة التخبط التي يشهدها الشرق الأوسط منذ القرن السابع الميلادي.

وزعم “أتينغر” أن القادة العرب يعلمون جيدًا مدى تورط الفلسطينيين في الأعمال التآمرية والإرهاب ونقض العهود. وهذا ما يفسر غياب الدعم العملي من جانب الدول العربية للفلسطينيين.

ضعف المساعدات للفلسطينيين..

يضيف” أتينغر”؛ أنه خلال الحرب الأهلية في “أفغانستان”، (1979 – 1989)، كانت “المملكة العربية السعودية” تُنفق مليار دولار سنويًا على المقاومة الإسلامية ضد “الاتحاد السوفياتي”، أي عشرة أضعاف المساعدات السنوية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية”.

ويمكن التأكد من مدى تراجع “القضية الفلسطينية”؛ بين قائمة اهتمامات “السعودية”، من خلال التقرير الذي أذاعته قناة (CNBC) التليفزيونية، بتاريخ 18 كانون أول/ديسمبر الماضي، عن المشتريات الخاصة بولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، وهي: “لوحة ليوناردو دافنشي؛ بقيمة 450 مليون دولار، وقصر في فرنسا؛ بقيمة 300 مليون دولار، ويخت ملكي؛ بقيمة 500 مليون دولار”.

الفسطينيون ورواسب الماضي..

بحسب الكاتب الإسرائيلي؛ فإن القادة العرب لم ينسوا تورط “القيادة الفلسطينية” في إرهاب “الإخوان المسلمين” في “مصر”، خلال منتصف الخمسينيات، أو تورط “حركة حماس” في الإرهاب ضد المصريين في “سيناء”، خلال عام 2018؛ أو قتل ضباط من المخابرات السورية، في عام 1966؛ أو إشعال حرب أهلية في “الأردن”، عام 1970؛ أو تأجيج الحروب الأهلية في “لبنان” خلال حقبة السبعينيات. أو غدر الفلسطينيين بـ”الكويت”، التي استضافتهم عندما إنضموا إلى “صدام حسين” في غزه للكويت، عام 1990.

العرب تخلوا عن الفلسطينيين..

نظرًا لما سبق؛ فلم يتحرك العرب عندما تم طرد 300 ألف فلسطيني من “الكويت”، عام 1991، وطرد أكثر من 50 ألف فلسطيني من “العراق”، بعد إعدام “صدام حسين” شنقًا عام 2006، كما لم يتحرك العرب لنُصرة الفلسطينيين – عسكريًا أو ماليًا – خلال الحروب التي شنتها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين في “لبنان” و”غزة” وخلال الانتفاضتين الفلسطينيتين.

في الختام؛ يؤكد “أتينغر” أنه على النقيض من المفهوم التقليدي السائد في الغرب، فإن الزعماء العرب قد باتوا يدركون أن شرط بقائهم هو الاعتراف بالواقع الذي يُظهر “القضية الفلسطينية” على أنها قضية ثانوية أو غير مؤثرة في رسم خريطة الشرق الأوسط.

مُضيفًا أن توسيع آفاق التعاون بين “إسرائيل” و”الدول العربية” الموالية لـ”الولايات المتحدة الأميركية” يعكس ترتيب أولويات تلك الدول ومدى إسهام “إسرائيل” في صراع بقائها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة