يعمل محافظ ميسان العراقية علي دواي ستة أيام أسبوعيا وهو يرتدي ثيابه المفضلة.. زي العمال الأزرق.
واعتاد دواي المشاركة في كنس شوارع مدينة العمارة أو الإشراف على بناء فندق فاخر خلال عمله في المحافظة التي تضم حقول نفط متاخمة للحدود الإيرانية. وفي ظل ما يعانيه العراق من أعمال عنف وصراعات سياسية طائفية وفساد مستشر يقدم دواي نموذجا نادرا لحسن استغلال الموارد النفطية الضخمة في العراق.
وقال كاظم مطر الضابط بالجيش العراقي وهو يحتسي الشاي في مقهى على كورنيش مدينة العمارة “جرت العادة أن تكون العمارة مدينة المظلومين. والآن هناك خدمات جيدة ومشروعات جديدة لإنشاء جسور وبنايات ستغير من ملامح مدينتنا.” وأضاف “أحب علي دواي والغالبية العظمى تحبه أيضا. فقد قام بعمل رائع.”
وقبل برنامج توسعة بقطاع النفط بدأ قبل أربعة أعوام كانت الحقول النفطية في ميسان تضخ 70 ألف برميل فقط يوميا وكانت العمارة عاصمة المحافظة مجرد قرية فقيرة. وعانى سكان العمارة في الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات عندما كانت المحافظة الشيعية على الجبهة الأمامية.
وأثمرت عمليات التنقيب التي أجرتها شركات نفط صينية عملاقة عن زيادة الإنتاج إلى أكثر من ثلاثة أمثاله مما زاد من عائدات النفط وحقق درجة من الرخاء لمليون شخص يعيشون هناك.
وبذل دواي جهودا حثيثة لتوفير الخدمات الأساسية وصارت الكهرباء متوافرة في ميسان الآن لمدة 22 ساعة يوميا – أي أكثر بكثير من بغداد – مما أكسبه شعبية عارمة.
وقال دواي أحد أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مقابلة بمقر عمله إنه يرتدي زي العمال منذ أول يوم له في منصبه كي يتسنى له متابعة المشروعات لاستكشاف المشكلات التي تعيق العمل وإيجاد حلول سريعة لها. وأضاف أن هذا هو أفضل زي يمكن أن يرتديه أي رجل لخدمة الناس.
ويحق للمحافظات المنتجة للنفط الاحتفاظ بدولار واحد عن كل برميل من الخام تضخه ومن ثم فإن ميسان تتمتع بإمكانية كبيرة للمساهمة في تمويل المشروعات. ويضاف إلى إيرادات النفط الميزانية التي تخصصها الحكومة المركزية للمنطقة وتبلغ قيمتها نحو 190 مليون دولار.
وفي حال سارت الأمور وفقا للخطة الموضوعة فإن إنتاج النفط سيصل إلى نحو مليون برميل يوميا بحلول عام 2017.
وذكر دواي أن الشركات الصينية التي تعمل في حقول نفط ميسان حققت نتائج رائعة أهمها زيادة مستوى الإنتاج خاصة من حقل الحلفاية الأمر الذي زاد من دخل المدينة.
وزادت شركة بتروتشاينا الصينية مع شريكتيها توتال وبتروناس تدفقات النفط من حقل الحلفاية – الذي لم يكن مستغلا تقريبا – إلى أكثر من مئة ألف برميل يوميا ومن المتوقع أن تصل إلى 200 ألف برميل يوميا بحلول سبتمبر أيلول 2014.
وبنى دواي المحافظة من الصفر تقريبا حيث مهد فيها الطرق ومد شبكات الصرف الصحي وأوصل لها إمدادات الكهرباء. وجاء بعد ذلك بناء المدارس والمنازل وأكبر مستشفى لعلاج السرطان في العراق والذي افتتح الأسبوع الماضي.
وتشمل المرحلة التالية من عمليات البناء – التي تنفذها شركات من تركيا ولبنان وإيطاليا – تشييد جسر معلق وأبراج تجارية ومدن ترفيهية إلى جانب فندق فاخر يطل على نهر دجلة.
وقال المحافظ إن الأمر يبدو وكأن المحافظات الأخرى تضع أموالها في غير مكانها إذ لا تستثمرها في البنى التحتية والخدمات وتختار العمال وفقا لتوجهاتهم السياسية.
وبينما يرى المواطنون العاديون في العراق أن مجيء بلدهم في المركز الثاني على قائمة أكبر المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لا يعود عليهم إلا بمنافع قليلة فضلا عن الفساد الذي ضاقوا به ذرعا فإنهم يخصون دواي بوصفه مسؤولا مخلصا. ويتفق الدبلوماسيون الغربيون معهم في الرأي بصفة عامة.
وقال دبلوماسي في بغداد “دواي صارم للغاية. فهو لا يأخذ أموالا وينأى بنفسه عن الفساد. وبهذه الطريقة يستفيد من موارد المحافظة بشكل أكبر.” وأضاف “هناك قدر كبير من عدم الكفاءة في إدارة المشروعات بالعراق. فثمة مبالغ ضخمة من المال تأتي من مبيعات النفط ومازال الكثير من المسؤولين العراقيين يخشون اتخاذ القرارات.”