21 سبتمبر 2025 11:08 م

“دنياي اقتصاد” تبحث عن .. الحلقة المفقودة في العلاقات “الإيرانية-السعودية”

“دنياي اقتصاد” تبحث عن .. الحلقة المفقودة في العلاقات “الإيرانية-السعودية”

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

يمكن اعتبار اللقاءات رفيعة المستوى والمنتظمة نسبيًا بين المسؤولين في “إيران” و”السعودية”، على مدار العامين الماضيين، واحدة من أهم نقاط إدارة إحياء العلاقات الثنائية، كما يمكن أن تقود تدريجيًا، في ظل احتدام التوترات وتفعيل الانشقاقات الإقليمية، لميلاد فهم لخصوصيات ومقتضيات سياسة الجوار. بحسّب ما استهل “كامران كرمي”؛ خبير الشؤون الخليجية، في تحليله المنشور بصحيفة (دنياي اقتصاد) الإيرانية.

عدم وجود خارطة طريق للتعاون المشترك..

في هذه الأثناء؛ لا تزال نقطة ضعف هذه العلاقة، تكمن في انعدام إطار للتعاون المشترك كخريطة طريق للعلاقات، يجب أن تكون على جدول أعمال من خلال ترتيب زيارة رسمية رفيعة المستوى على صعيد ثنائي بين رئيس “جمهورية إيران” وولي عهد “المملكة العربية السعودية”، إذ كان من الممكن أن تنعكس القيمة المضافة لهذه الزيارة على الأبعاد الاقتصادية والمالية للعلاقات.

وبدون الوصول إلى مثل هذا النموذج؛ ومن خلال تجربة الحد المؤقت من التوتر بين “طهران” و”الرياض”؛ في الفترة (1997-2003م)، وفي ظل أجواء التوتر المستَّمرة والانقسامات الإقليمية الديناميكية، فقد يُعيّد تأثر هذه العلاقة بالخلافات “إيران” و”السعودية” إلى مسار التوتر من جديد أو تتعرض على الأقل وعلى أحسن الفروض والسيناريوهات للصدمات والهزات.

أهمية زيارة “لاريجاني”..

وللحيلولة دون السقوط في مثل هذه الأجواء؛ ثمة حاجة في البداية لوصول المسؤولين الأمنيين والسياسيين في البلدين إلى فهم مشترك لآلية بناء الثقة، ثم القيام بخطوات أولية وواضحة ومعرفة للتعاون الاقتصادي.

من هذا المنطلق تتضح أهمية زيارة؛ “علي لاريجاني”، بوصفه مسؤول “سياسي-أمني” رفيع المستوى إلى “الرياض”، ولقاء “خالد بن سلمان”؛ وزير الدفاع السعودي.

والسؤال: لماذا هذه الزيارة ؟.. ما التطورات الداخلية أو الإقليمية التي دعت إلى الزيارة ؟.. ما هي الأهداف الرسمية وغير الرسمية للطرفين ؟.. ما الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية الفاعلية التي أثرت على هذه الزيارة ؟.. والإجابة على هذه الأسئلة تساعد في فهم أبعاد هذا الحدث.

التعاون الاقتصادي..

هذه الزيارة إجابة على زيارة وزر الدفاع السعودي المهمة إلى “طهران”؛ نيسان/إبريل الماضي، والتي اُعتبرت حدث هام في مسّار العلاقات.

ورغم أن تطوير التعاون الاقتصادي من الشعارات الأساسية، لكن من غير الواضح حتى الآن مؤشرات أو المشاريع التي يتم النظر فيها على وجه التحديد. مع هذا يمكن القول إن البُعد الاقتصادي لزيارة “لاريجاني”؛ لـ”السعودية”، هي في الأغلب إشارة سياسية أكثر منه اتفاقًا عمليًا فوريًا.

ولا توجد إمكانيات واقعية للتعاون، لكن عقبات العقوبات وانعدام الثقة لن تسمح بالاستفادة منها على المدى القصير أو المتوسط. والحقيقة أن المجال الوحيد الذي يقبل التفعيل، هو عقد الاجتماعات الاقتصادية المشتركة، وتفعيل السياحة الدينية، والرحلات والتبادل التجاري المحدود.

لكن الحوزة التي يمكن النظر إليها مستقبلًا، على فرض تثبّيت العلاقات، الخدمات “الفنية-الهندسية” الإيرانية في المشاريع السعودية، والتعاون مع (أوبك بلاس). ومشاركة الشركات الإيرانية في المشاريع العمرانية السعودية بالنظر إلى حاجة (رؤية 2030) الاستراتيجية للمقاولات، وكذلك الاستثمار السعودي المحدود في قطاع الزارعة والغذاء الإيراني، ونظرًا لأهمية مكونات الأمن الغذائي فإن الهدف الذي هددته “الرياض” قابل للتحقيق.

وبالحديث عن الممرات التجارية، تستطيع “إيران”؛ باعتبارها معبر “السعودية” إلى “آسيا الوسطى” وبالعكس. ومع الأخذ في الاعتبار لمشاريع التعاون المشترك لـ”مجلس التعاون الخليجي-آسيا الوسطى”، تحتل “إيران” مكانة هامة بالنسبة للطرفين.

البُعد الأمني..

أما البُعد الأمني؛ باعتباره المجال الملموس بشكل كبير، ينبغي التأكيد على أن مسألة “اليمن” تُعدّ الأولوية الرئيسة بالنسبة لـ”المملكة العربية السعودية”، بينما تُمثّل القضايا الاقتصادية الأولوية بالنسبة لـ”إيران”.

وكلتا الأولويتين ترتبطان بمتغيَّر بالغ الأهمية، وهو الأمن الإقليمي. ورغم خلافات الطرفين الجدية حول تفاصيله وخصائصه، إلا أن عنصر الاستقرار على مستوى المنطقة يبدو اليوم متغيرًا مشتركًا في أذهان مسؤولي “الرياض” و”طهران”.

ويمكن للطرفين، من خلال التركيز على الهواجس المشتركة، تقريب وجهات النظر والتقليل من عناصر التوتر.

وهو ما يستدعي أن تظهر “طهران” و”الرياض” قدرًا من المرونة، واستثمار الفرصة المتمثلة في محاولات “إسرائيل” إثارة التوتر في المنطقة كنقطة تقارب في المواقف.

وفي هذا السيّاق، فإن انخراط “إيران” في نهج إقليمي شامل تشارك فيه دول عدّة، منها دول “مجلس التعاون”، “باكستان، تركيا، مصر، العراق والأردن”، يُعدّ أصلًا مهمًا ويحتاج إلى تفسير ومراجعة جادة في مستويات اتخاذ القرار.

ويبقى السؤال: هل ذهب “لاريجاني” إلى “الرياض” بهذا الفهم للديناميات الجديدة، أم أنّه سيعود منها بإنجازات تستند إلى هذا النهج ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة