“دفتر شيكات” الأمير .. دبلوماسية الرياض الجديدة التي تخرس جميع منتقديها !

“دفتر شيكات” الأمير .. دبلوماسية الرياض الجديدة التي تخرس جميع منتقديها !

خاص – كتابات :

الأمور كلها لديه تدار بالمال.. ودائماً حافظة نقوده ودفتر شيكاته جاهزين للرد على أي انتقادات أو لوم.. يحدثه رئيس في هذه الدولة المؤثرة أو مسؤولون في تلك الدولة الأخرى ذات الثقل الدولي عن ما سببته بلاده والحرب التي تشنها على اليمنيين من دمار وأزمات إنسانية كارثية، فيكون الرد التعاقد على مشروعات وضخ مليارات الدولارات غير الهدايا والعطايا، وآخرها “شيكات” ذات رصيد ضخم لأبرز مسؤول أممي !

رغم ذلك، إحتاج الأمير الطامح للسلطة، في بلد يعد قبلة المسلمين، “محمد بن سلمان”، ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، ليومين كاملين ليرد بعد ليلة أمطرت فيها مدن بلاده بسبعة صواريخ “حوثية” !

فهي في نظره محاولة بائسة ودليل ضعف، هكذا كان رد الأمير الثلاثيني على أكبر الاستهدافات الصاروخية “الباليستية” التي تعرضت لها بلاده في الأسبوع الأخير من آذار.

نعم.. لا يتوقف شبح الحرب في اليمن عن مطاردة “بن سلمان” أينما حل أو إتجه، سواء في أوروبا أو في زيارته الأميركية الطويلة؛ التي جرت على مدار النصف الثاني من آذار/مارس من عام 2018.

مستقبل مليء بالصواريخ وتفريق “الحوثيين” وتشتيتهم !

في لقائه مع محرري ومراسلي صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، كان الملف اليمني مثقلاً، ليس فقط بالإنتهاكات التي تتهم بها السعودية تحت سلطاته، وإنما بأسئلة المستقبل أيضاً على وقع صوت انفجارات صواريخ “الحوثيين” على بلاده !

فقد كشف بن سلمان، “ولي العهد السعودي”، عن سعي بلاده لإنتهاج السياسة سبيلاً؛ لإنهاء الحرب التي أطلق بيده شرارتها قبل نحو 3 سنوات في عام 2015، كاشفاً عن استهداف إحداث انقسام داخل “الحوثيين” مع الحفاظ على الضغط العسكري عليهم !

حديث الأمير يُناقض الواقع على الأرض..

وفق محللين ومتابعين للشأن العربي في الشرق الأوسط، فإنه من المستغرب أن يكشف طرف نيته في شق صفوف خصمه، لكن الأشد لفتاً للإنتباه بعد المسافة بين تصريحات الأمير الطامح للسلطة، وبين الواقع الميداني الذي لا يخفى بالضرورة عن وزير الدفاع السعودي !

يتصرف “الحوثيون” في اليمن وخارجها بأريحية لا تشي بأي ضغوط تمارس عليهم، فها هم قد طالوا أكبر عاصمة خليجية تقاتلهم، أكثر من مرة، ويتحدثون عن المزيد وطائرات من دون طيار يتوعدون بها مملكة “آل سلمان” ومن يعاونها من دول الخليج في اليمن، مؤكدين أنهم يحققون إنتصارات على “آل سلمان” ومن يعاونهم في التحالف المزعوم في اليمن.

طاولة المفاوضات لم يحن موعدها بعد.. علينا أن نختار من يجلس عليها..

كما أن الحل السياسي الذي تحدث عنه “بن سلمان” يقتضي العدول عن القتال إلى طاولة التفاوض، فقد بشر وزير خارجيته، “عادل الجبير”، بشيء من هذا.. لكن رغم ذلك يتساءل البعض.. ما الذي يؤخر تلك الخطوة التي قد تكون نجاة فقط لمن تبقى من اليمنيين، بل خلاصاً أيضاً للرياض من التردي بين الخيارات السيئة والأسوأ، بحسب وصف ولي العهد السعودي نفسه، لكن ربما هو السعي للسيطرة على أطراف بعينها وضمان ولائها ومن ثم تصعيدها إلى طاولة المفاوضات وتنصيبها في مواقع تخدم مصالح الرياض ومن معها.

طالت المهمة.. ولازال السعي مستمراً !

لا يفوتنا هنا أن نذكر؛ أنه قبل 3 سنوات قال السعوديون إن القضاء على ما أسموه “انقلاب الحوثيين” مهمة لن تطول، بينما اليوم يقول “بن سلمان” إن من أهدافه الحفاظ على الضغط العسكري عليهم، ما يعني ترك نهاية الحرب مفتوحة، وهو ما يتناقض مع السعي لحل سياسي !

تستمر التساؤلات حول ما إذا كان في جعبة مملكة “آل سلمان” فعلاً أوراق تقربها من هدف إنهاء الحرب كما تقول، أم أن الرغبة في عدم إنهاء تلك الحرب إلا بإستدراك إيران هي الأساس ؟!

دعم القبائل.. إستراتيجيات قديمة لم تفلح مع “صالح”..

فالأمير السعودي الشاب الطامح للسلطة يبشر في آذار/مارس 2018، بما قال إنها خطط طموحة لدعم القبائل اليمنية؛ خصوصاً الموالية للرئيس اليمني السابق، “علي عبدالله صالح”، لمواجهة “الحوثيين” !

وهو ما رأى فيه البعض مساراً أشبه بمسار “صالح” نفسه وصولاً إلى مصرعه في كانون أول/ديسمبر من عام 2017، على يد “الحوثيين” أنفسهم، ما قد يقلل من هامش التفاؤل بتكرار التجربة التي تلوح بالحديث عن قيادة مشتركة لـ”حزب المؤتمر الشعبي” تضم الرئيس، “هادي منصور” و”أحمد علي صالح”، تسمح فيما بعد بتصعيد نجل “صالح” للسيطرة على مقاليد الأمور في اليمن !

وصف الحرب بالـ”غبية” فمنحه “بن سلمان” شيكاً بـ 930 مليون دولار !

يستمر القول بأن الرياض لا تحسد على ما سببته لنفسها ولليمنيين في تلك الحرب، “الغبية”، بحسب ما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة نفسه، “أنطونيو غوتيريش”، مطالباً ضيفه “بن سلمان” بوقفها والسعي لحل سياسي !

نعم صارح الأمين العام للأمم المتحدة ضيفه الأمير الشاب بصورة لم يتوقعها الأخير، فما كان منه إلا أن سار على درب جربه ويجربه مع المسؤولين الكبار حول العالم، إذ سلمه “بن سلمان” شيكاً بـ 930 مليون دولار مساهمة من السعودية والإمارات في تمويل برامج المساعدات الدولية لليمن، إلا أن “غوتيريش” فاجأه بالقول إن حل المشكلات الإنسانية لا يكون إنسانياً بل سياسياً !

دفتر الشيكات.. حيلة أمراء النفط لمواجهة الانتقادات..

لكن ذاك “الشيك” الحاضر مع الأمير حيثما توجه هنا أو هناك، يشي بأنه أسلوب اعتاد عليه أمراء وحكام النفط لمواجهة أي انتقادات؛ وأنه لا يقتصر على “آل سلمان” وحدهم، ولربما هي صيغة متعارف عليها بين دول الخليج لتمرير بعض المواقف التي لا تلقى ترحيباً دولياً، أو لمواجهة انتقادات لمواقف حقوقية.

ويبقى السؤال.. ما الذي ستصلحه بالتحديد دولارات بلاد الأمير الشاب من واقع “اليمن”؛ الذي يعيش بسياسات “آل سلمان” أسوأ أزمة إنسانية يتحاكى عنها المسؤولون في دول العالم؛ ولا يجرؤ أحدهم على إتخاذ قرارات بشأنها، طالما هناك من يصطحب “دفتر شيكاته” معه في جولاته.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة