خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بشكلٍ مفاجيء وفي استجابة سريعة، بعدما جددت البعثة الأممية في “العراق” دعوتها إلى الحوار، وسط الانسداد السياسي الذي يعصف بالبلاد منذ أشهر، ردّ زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، موافقًا شرط أن يكون الحوار علنيًا.
وأضاف في بيان؛ الثلاثاء، بأن تياره يتطلع إلى مساعدة “الأمم المتحدة” في مساعيها نحو الإصلاح.
كما شدد على أن رئيس الحكومة العراقية؛ “مصطفى الكاظمي”، يتعرض إلى ضغوط هائلة بشأن الأمن في البلاد، داعيًا دول الجوار إلى احترام سيادة وأمن واستقرار “العراق”.
ورأى “الصدر” أن الإصلاح يبدأ بعدم مشاركة الوجوه القديمة وأحزابها وأشخاصها في الحكومة المقبلة.
دعوة أممية..
تلك الموافقة جاءت بعد ساعات من تشديد رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، “جينين هينيس-بلاسخارت”، في إحاطة عبر الفيديو قدمتها الثلاثاء، على وجوب أن يُشارك كل الأطراف في الحوار، مع الإمتناع عن الاستفزازات، مشيرة إلى أن جميع الأطراف السياسية أخطأت وفشلت في تأدية واجبها تجاه البلاد.
وأكدت أن الخلافات طغت على لغة الحوار في البلاد، وذلك وسط تفاقم الانسداد السياسي عقب ارتفاع منسوب الخلافات بين (التيار الصدري) و(الإطار التنسيقي) على خلفية تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس جديد.
خلافات الأحزاب أوصلت البلد لطريق مسدود..
إلى ذلك؛ نبهت من أن: “الخلافات بين الأحزاب الشيعية لا تزال مستمرة؛ وقد أوصلت البلد إلى طريقٍ مسدود، فيما راحت الميليشيات تستعرض سلاحها وسط بغداد”.
واعتبرت أن غياب حكومة بعد 12 شهرًا من الانتخابات أمر يصعب تبريره، مضيفة ألا ضمانات على أن الانتحابات المبكرة ستوفر الحلول السياسية. وختمت مشددة على أن العراقيين لا يُريدون أن يصبحوا أداة للمتنافسين على السلطة.
ورغم أن معظم ما ورد على لسان الممثلة الأممية في العراق؛ “بلاسخارت”، في إحاطتها بشأن الأوضاع في “العراق”؛ أمام “مجلس الأمن”، أول من أمس، يجري على ألسنة غالبية الاتجاهات الشعبية في “العراق” منذ سنوات طويلة، فإن كثيرين نظروا إليه بوصفه أهم ما ورد على لسان مسؤول أممي منذ سنوات، لجهة أنها طُرحت أمام أرفع مجلس أممي، قضايا “العراق” الداخلية المتعلقة: بـ”الانسداد السياسي” و”الفساد” ونتائجه الكارثية.
اختلاف الآراء..
وفي حين كشف عضو (الإطار التنسيقي)؛ “حامد الموسوي”، أمس الأربعاء، أن هناك حوارات جدية ستبدأ مع (التيار الصدري)، وقوله إنه: “رغم ملاحظاتنا على الأداء خلال الفترات السابقة بخصوص المبعوثة الأممية؛ بلاسخارت، لكن هناك فواعل دولية لا تُريد أن يذهب العراق في فوضى عارمة”.
قال عضو ائتلاف (دولة القانون)؛ “عادل المانع”، أن: “إحاطة بلاسخارت في مجلس الأمن؛ هي إطاحة بقضية الحوار العراقي، وهي تُحاول تدوير الكاظمي للبقاء في منصبه وفق حسابات أممية”، مؤكدًا أن هناك تقارب كُردي وصل إلى تسمية رئيس الجمهورية المقبل، وأن تشكيل الحكومة الجديدة بات قاب قوسين أو أدنى”.
ويشهد “العراق”؛ منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في العاشر من تشرين أول/أكتوبر 2021، شللاً سياسيًا تامًا، تأزم أكثر منذ تموز/يوليو 2022؛ مع نزول أنصار طرفي الخلاف الأبرز؛ (مقتدى الصدر والإطار التنسيقي)، إلى الشارع واعتصامهم وسط “بغداد”.
فقد بلغ الخلاف أوجه مع بدء مطالبة (التيار الصدري)؛ منذ أكثر من شهرين، بحل “مجلس النواب” وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ظل رفض خصومه هذا التوجه، وإصرارهم على تشكيل حكومة بمرشحهم قبل أي انتخابات جديدة.
وتطور الخلاف أواخر آب/أغسطس الماضي، إلى اشتباكات عنيفة بين الطرفين في وسط “بغداد”، أدت إلى مقتل: 30 شخصًا، وفتحت الأبواب حينها على احتمال عودة التصعيد بشكلٍ خطير.
فرصة لوأد الإحتقان..
تعليقًا على الدعوة للحوار، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية؛ “عصام الفيلي”، أن فكرة الحوار التي طرحها “مقتدى الصدر”، تُشكّل بحد ذاتها فرصة لوأد أي شكل من أشكال الإحتقان ما بين الأطراف الشيعية، مشددًا على أنّ الحوار يجب أن يكون علاجيًا وليس ترقيعيًا لطبيعة الأزمة التي يعيشها “العراق”.
ويوضح أنّ مشكلة الطبقة السياسية في “العراق” أنّهم يفتقرون أساسًا إلى تجربة حكم؛ وبالتالي هم حتى حينما يتحدثون في ما بينهم يُحاولون الحديث بلغة المنتصرين في الحرب.
ويقول: “مضى علينا أكثر من عام منذ الانتخابات الأخيرة، لكن ما زلنا نعيش في دوامة التخوين ومحاولة الاستئثار وليس الإيثار ممّا عقّد المشهد السياسي العراقي يومًا بعد يوم”.
لكن؛ ورغم ما يصفه: بـ”المستوى العالي من السقوف”، يخلص “الفيلي” إلى إمكان الوصول إلى علاج، حيث يذكّر بأنّ (الإطار التنسيقي) طرح فكرة ضرورة إشراك (التيار الصدري).
ويُلفت إلى أنّ (الإطار) و(التيار) متفقان على موضوع الذهاب باتجاه حل البرلمان والانتخابات، لكن الخلاف هو حول التوقيت والآلية.
نقطة وسط..
من جهته؛ يعتبر أستاذ الإعلام في جامعة “أهل البيت” العراقية؛ “غالب الدعمي”، أنّ (التيار الصدري) لم ينسحب من العملية السياسية؛ وإن كان قد أعلن توقفًا مؤقتًا عن الغوص في دهاليزها.
ويرى في حديث إلى تليفزيون (العربي)، من “بغداد”، أنّ تغريدة “مقتدى الصدر” ليست موجّهة فقط إلى (التيار الصدري) نفسه، وإنما إلى الجمهور العراقي الذي يتطلع إلى الخلاص من هذه الطبقة السياسية كاملة.
لكنّ “الدعمي” يُعّرب عن إعتقاده بعدم وجود إمكانية لتطبيق كلام “الصدر” على أرض الواقع، معتبرًا أنّ تغريدته غير واقعية من ناحية فعلية، متسائلًا: “هل يقبل بها السُنّة و(الإطار) والكُرد والشركاء الآخرون ؟”.
ويؤكد الأكاديمي العراقي أنّ (التيار الصدري) لا يمكن له أن يُغادر العملية السياسية بأي شكلٍ من الأشكال: “ما دام السيد مقتدى الصدر موجودًا؛ لأنه يعتبر ذلك تكليفًا شرعيًا أو إلهيًا وفق ما يقول”.
ويخلص إلى استبعاد وجود: “نقطة وسط” يمكن أن تُعلَن، ويلتقي عليها (التيار الصدري) و(الإطار التنسيقي) في هذه المرحلة على الأقلّ.