27 أكتوبر، 2024 2:28 م
Search
Close this search box.

دعم “بيونغ يانغ” لـ”موسكو” عسكريًا .. هل يقلب موازين الحرب مع أوكرانيا ويفتح جبهة عالمية ؟

دعم “بيونغ يانغ” لـ”موسكو” عسكريًا .. هل يقلب موازين الحرب مع أوكرانيا ويفتح جبهة عالمية ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في تطور قد يقلب موازين الحرب في “أوكرانيا”، تم إبرام اتفاقية دفاعية بين “موسكو” و”بيونغ يانغ”، وضعت احتمالية نشر نحو: (10) آلاف جندي كوري شمالي في “أوكرانيا”، كما تم تصوير مئات من الجنود الكوريين الشماليين في قواعد عسكرية في أقصى شرق “روسيا”، حيث يتدربون بحسّب ما تدعي “كييف” وحلفائها للقتال ضد “أوكرانيا”، وهو الأمر الذي يثُير المخاوف بشأن حدوث تصعيد عسكري فوري على المستوى العالمي.

ووفقًا لتقرير صحافي في (فايننشال تايمز)؛ تُعد القوات الكورية الشمالية، التي تتنكر في هيئة البوريات والياكوت، الأقليات العرقية من “سيبيريا”، والتي تُشكل قوة قوامها: (12) ألف جندي أرسلت لمساعدة “روسيا” في استعادة منطقة “كورسك”؛ التي تُسيّطر عليها “أوكرانيا” جزئيًا منذ آب/أغسطس 2024، وفقًا لمقاطع فيديو نشرتها أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية.

وتُمثل هذه الوحدة أول انتشار لجيش أجنبي في الحرب منذ أن أمر الرئيس الروسي بالتدخل العسكري في “أوكرانيا” على نطاقٍ واسع في عام 2022، على الرُغم من أن “موسكو” لجأت أيضًا إلى حلفائها، بما في ذلك “كوريا الشمالية وإيران”، للحصول على أسلحة ردًا على الدعم العسكري الغربي لـ”أوكرانيا”.

وكانت “بيونغ يانغ” زودت “روسيا”؛ في السابق، بذخائر مدفعية وأسلحة أخرى، مثل الصاروخ الباليستي (KN-23)، والذي رافقه ضباط كوريون شماليون أرسلوا للإشراف على استخدامه في ساحة المعركة.

لن تتمكن من تغييّر مجرى الحرب..

ولكن من المُرجّح أن تكون هذه القوة صغيرة للغاية؛ بحيث لا تتمكن من تحويل مجرى الحرب، إذ ستحتاج “روسيا” إلى مضاعفة قواتها التي يبلغ قوامها: (50) ألف جندي في “كورسك” لطرد القوات الأوكرانية وإجراء موجة جديدة من التعبئة لتحقيق مكاسب كبيرة على طول خط المواجهة الأوكراني، وفقًا لمحللين أوكرانيين.

ولكن قدرة “كوريا الشمالية” على المساعدة في تعويض أعداد “روسيا” قد تسُبب لـ”أوكرانيا” المزيد من المشاكل، حسّبما قال “جاك واتلينغ”، وهو زميل أبحاث بارز في الحرب البرية في “المعهد الملكي للخدمات المتحدة”.

ويُضيف: “قد يكون لديهم تماسك جيد، وقد يكون لديهم معنويات معقولة، وقد يكونون قادرين على العمل على نطاق يُكافح الروس من أجل تحقيقه”.

وتأتي التعزيزات الكورية الشمالية وسط مؤشرات على أن “روسيا” تواجه صعوبة في تجديد قواتها في مواجهة الخسائر الهائلة في “أوكرانيا”، والتي يُقدرها المسؤولون الغربيون بأكثر من: (600) ألف قتيل وجريح. بحسب مزاعم الآلة الدعائية الأميركية والغربية.

استقطاب المتطوعين بدلاً من التعبئة العامة..

ويزعم مسؤولون استخباراتيون غربيون؛ إن “بوتين” قاوم المناشدات من كبار قادته لإصدار أمر بجولة أخرى من التعبئة، وعرض بدلاً من ذلك مكافآت ضخمة للمتطوعين للتسجيل.

ورُغم أن ذلك ساعد “روسيا” في الحفاظ على معدل: (30) ألف مجند شهريًا خلال معظم هذا العام، فإن العديد من المناطق الروسية زادت بشكلٍ كبير من حجم المدفوعات في الأشهر الأخيرة، مما يُشير إلى أن الجيش قد يواجه صعوبة في جذب المزيد من الرجال. كما يدعي محللي الغرب.

ورفعت منطقة “بيلغورود”، التي تقع على الحدود مع “كورسك”، مكافأة التوقيع للمجندين (03) أضعاف من: (800) ألف روبل؛ ما يُعادل: (8300) دولار تقريبًا، في آب/أغسطس، إلى (03) ملايين روبل في تشرين أول/أكتوبر، وهو مبلغ يُغير حياة شخص عندما كان متوسط الأجر الشهري في المنطقة العام الماضي: (55) ألف روبل ما يُعادل: (570) دولارًا تقريبًا.

صراعات داخلية..

ويزعم مسؤولون استخباراتيون غربيون إن الصراعات الداخلية دفعت “روسيا” إلى تعزيز قواتها من الخارج. وأضاف أحد المسؤولين: “كوريا الشمالية هي أفضل صديق جديد لروسيا”.

ورُغم أن “روسيا” من المُرجّح أن تواجه مشكلات واضحة في القيادة والسيّطرة، فإن خبرتها في قيادة العمليات مع القوات الحكومية والقوات والميليشيات المدعومة من “إيران” في الحرب الأهلية السورية من شأنها أن تمنح قيادة “موسكو” نموذجًا واضحًا للبناء عليه، حسّبما ادعى “واتلينغ”.

والقوات المرسلة إلى “روسيا” تنتمي إلى الجيش الـ (11) لـ”كوريا الشمالية”، وهي وحدة النخبة المعروفة باسم (فيلق العاصفة)، وفقًا لما يدعيه جهاز الاستخبارات الوطني في “كوريا الجنوبية” من معلومات.

يقول المحلل في “معهد استراتيجية الأمن القومي”؛ التابع للدولة في “كوريا الجنوبية”، في سيؤول؛ “جو ميونغ هيون”: “هؤلاء ليسوا جنودًا كوريين شماليين عاديين، إنهم مشاة خفيفة متحركة مجهزة تجهيزًا جيدًا ومدربة تدريبًا عاليًا”.

وستصل القوات الكورية الشمالية في الوقت الذي دفعت فيه “روسيا” الجيش الأوكراني إلى التراجع في “كورسك”، مما أدى إلى تقليص مساحة الأرض التي تُسيّطر عليها إلى ما بين: (600) و(700) كيلومتر مربع في تشرين أول/أكتوبر من حوالي: (1000) كيلومتر مربع في أواخر آب/أغسطس.

تعتمد على القوات الجوية وليس المشاة..

وعلى النقيض من خط الجبهة الأوكراني، حيث تُدافع القوات وتُهاجم من مواقع ثابتة، فإن خط الجبهة في منطقة “كورسك” لم يتم تحديده بعد.

وهذا يعني أن “روسيا” لا تستطيع استخدام أكثر أساليبها اختبارًا: “هجمات المشاة المتتالية، مصحوبة بالمدفعية المستمرة”.

لكن “روسيا” تستغل مزايا قوتها الجوية في منطقة “كورسك” من خلال قصف القرى التابعة لها؛ حيث تكتشف وجودًا أوكرانيًا، مما يضطر هؤلاء الجنود إلى الفرار.

وقال مدير “مركز الأمن والتعاون” الأوكراني في كييف؛ “سيرغي كوزان”: “كل موقع وتجمع هناك يمكن أن يتغير (السيطرة) عدة مرات في اليوم”.

وأضاف “كوزان”، الذي زار مؤخرًا المواقع الخلفية الأوكرانية التي تشرف على العملية من “سومي”، عبر الحدود مباشرة: “تكبدنا خسائر كبيرة… كما لدينا تناوب مستمر وتجديد، ونظرًا لحدوث هذا، يمكننا الحكم على أن القتال مكثف للغاية”.

وقال “واتلينغ” إن هدف “روسيا” كان إجبار “أوكرانيا” على اتخاذ موقف؛ حيث أصبح من غير الممكن الحفاظ على عرض الجبهة من خلال الضغط عليها عبر عدة نقاط مختلفة على طول الخط. وأضاف أن: “احتفاظ أوكرانيا بتلك الأراضي في منطقة كورسك سيتطلب دفع ثمن باستمرار”.

علاقات “موسكو” و”بيونغ يانغ“..

ويُعزز نشر القوات الكورية الشمالية العلاقات المزدهرة بين “موسكو” و”بيونغ يانغ” منذ بدء الحرب.

ووقّع “بوتين” وزعيم كوريا الشمالية؛ “كيم جونغ-أون”، معاهدة في حزيران/يونيو، تتضمن بندًا للمساعدة المتبادلة يعّد: “بمساعدة عسكرية فورية وغيرها” في حالة الحرب.

وكانت “كوريا الشمالية” أيضًا أول دولة من دولتين فقط، إلى جانب “سورية”، تعترف بضم “روسيا” الجزئي لأربع مناطق أوكرانية على الخطوط الأمامية في خريف عام 2022.

وقال “جو” إن “كيم”: “أراد دائمًا” نشر قوات في “أوكرانيا”، لأن ذلك من شأنه أن يمنحه نفوذًا أكبر على “موسكو” وربما يسمح له بالوصول إلى التقنيات العسكرية الروسية المتطورة لتعزيز برامجه للصواريخ الباليستية والفضاء والنووية.

يمكن أن تُكافيء “موسكو”؛ “كوريا الشمالية”، بالتمويل الذي تحتاجه بشدة، والغذاء والوقود، أو تعميق شراكتها مع الدولة الشيوعية من خلال نقل الأسلحة المتقدمة، وفقًا لادعاءات “ألكسندر غابوييف”، مدير مركز (كارنيغي) روسيا وأوراسيا في “برلين”؛ المعروف بصلاته الأمنية الوثيقة بالاستخبارات الأميركية.

وقد يشمل ذلك نقل تصاميم الأسلحة المتقدمة، والتعاون بين العلماء الروس والكوريين الشماليين في مجال تكنولوجيا الصواريخ والحرب تحت الماء. وأضاف “غابوييف” أن التهديد قد يدفع “كوريا الجنوبية” إلى زيادة دعمها لـ”أوكرانيا” ردًا على ذلك.

وقد قاومت “سيؤول” دعوات من شركائها الغربيين لتزويد “كييف” بالأسلحة وسط مخاوف من أن ترد “روسيا” بعرض تقنيات دفاعية متقدمة على “بيونغ يانغ”.

وباستثناء التبرعات المتواضعة من المساعدات العسكرية غير الفتاكة والإنسانية، فقد اقتصرت مساعداتها على تجديد مخزونات “الولايات المتحدة” من قذائف المدفعية عيار (155) ملم المرسلة إلى “أوكرانيا”.

ظهور مواجهة مفتوحة مع الغرب..

وفي السياق؛ استبعد خبراء أن يؤدي إبرام اتفاقية دفاعية بين “موسكو” و”بيونغ يانغ”، واحتمال نشر نحو: (10) آلاف جندي كوري شمالي في “أوكرانيا”، إلى تصعيد عسكري فوري على المستوى العالمي.

لكن تطبيق هذه “الشراكة الاستراتيجية” قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي في منطقة “آسيا والمحيط الهاديء، مع ظهور مواجهة مفتوحة على نحو متزايد مع الغرب. بحسب ما تروج له أميركا وتوابعها من الدول الأوروبية.

لا حرب عالمية..

ويقول “باسكال دايز-بيرغون”؛ المتخصص في شؤون الكوريتين: “لا أرى كيف يمكن أن يؤدي هذا إلى تصعيد الحرب العالمية”.

قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية؛ “ماريا زاخاروفا”، الأربعاء الماضي، إن التعاون العسكري بين “روسيا وكوريا الشمالية”، لا ينتهك القانون الدولي.

ويوضح أن: “كوريا الشمالية ليست سوى دكتاتورية صغيرة، لا تُمثل أي تهديد حقيقي للسلام العالمي” وميزانيتها العسكرية أقل بكثير: “من ميزانية كوريا الجنوبية”. بحسب مزاعمه.

وتقول “ماري دومولين”؛ من “المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية”، إنه في ساحة المعركة، لن يحدث إرسال جنود كوريين شماليين ذوي خبرة قليلة إلى أراض أجنبية: “فارقًا كبيرًا من وجهة نظر عملياتية”.

وسبق وأن نفت “بيونغ يانغ”، الاتهامات الموجهة إليها من جارتها “سيؤول” و”أوكرانيا” بأنها تُرسل جنودًا للقتال إلى جانب “روسيا” في الحرب في “أوكرانيا”، ووصفتها بأنها: “شائعات لا أساس لها من الصحة”، معتبرة أن علاقاتها مع “موسكو”: “مشروعة وتعاونية”.

فيما قالت “إيزابيل فاكون”، نائبة مدير مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية والمتخصصة في سياسات الأمن والدفاع الروسية، إنه: “في الوقت الحالي، ليس من الواضح عدد القوات الكورية الشمالية التي تم إرسالها إلى روسيا، كما أن مهمتهم ليست واضحة”.

لا توجد لعبة تحالف..

وبعيدًا عن انخراط “بيونغ يانغ” في “أوكرانيا”، يُشكك العديد من الخبراء في قيام قوات عسكرية ذات ثقل مثل “الصين وإيران”، بخوض “حرب” مباشرة على هذه الجبهة، وهو احتمال يُثير مخاوف من اندلاع تصعيد عالمي.

ولكن بالنسبة لـ”دايز-بيرغون”، فإنه: “لا توجد لعبة تحالف بين قوى عظمى، كما كان الحال قبل الحرب العالمية الأولى”.

وتابع: “بالنسبة للصين، فإن الأولوية هي تايوان. هي تدعم الحرب في أوكرانيا، لكنها ليست من أولوياتها وبالنسبة لإيران، الأولوية هو الشرق الأوسط”.

تضامن روسي..

وفي المقابل؛ تُقدر “دارسي دراودت فيخاريس”، الباحثة في مركز (كارنيغي)، أن الخبرة القتالية التي قد تكتسبها “بيونغ يانغ” في “أوكرانيا”، وإمكانية: “اختبار منظومات أسلحتها المتقدمة” يمكن أن تؤدي إلى: “تعديل جذري في التوازن الأمني في شبه الجزيرة الكورية”.

وتقول “دومولين”؛ إنه بإمكان “روسيا” تفعيل: “بند التضامن” مع “كوريا الشمالية”، وهو ما يعني أن “بيونغ يانغ”: “يمكن أن تحظى بدعم روسي في حال تزايد التوترات مع كوريا الجنوبية”، غريمتها التاريخية المدعومة من “الولايات المتحدة”.

وسيلة لإظهار عدم الانعزال..

ويُشير الخبراء إلى أن هذه الشراكة بين “موسكو” و”بيونغ يانغ”؛ وسيلة أيضًا لإظهار أن البلدين ليسا معزولين.

ويعتقد “أندرو يو”؛ الباحث في معهد (بروكينغز)، أن: “موسكو مستعدة لمواصلة سياسة الكتل وقبول فكرة حرب باردة جديدة”؛ تتمثل في: “جمع دول عدم الانحياز أو المناهضة للإمبريالية” في مواجهة الغرب.

وتُضيف “إيزابيل فاكون”؛ أنه: “من الممكن إقامة تعاون ثلاثي في مجال التقنيات العسكرية بين روسيا والصين وإيران”.

ويبقى موقف “الصين”، الداعم الأساس للنظام في “كوريا الشمالية”، من تقاربها مع “روسيا”، موضع تساؤل.

وبينما تبدي “بكين” موقفًا محايدًا حاليًا، تقول “إيزابيل فاكون”؛ إن: “الصين راضية عن هذه التطورات، مع فكرة وجود مركز للاتفاقيات الأمنية العسكرية التي يتم إبرامها في آسيا”.

ومن جهته؛ يقول “أندرو يو”؛ إن “بكين” يبدو أنها: “تخشى أن تؤدي تصرفات كوريا الشمالية إلى إضعاف نفوذها” لدى “بيونغ يانغ”، و”توفير حجة إضافية للولايات المتحدة لتعزيز التحالفات بين حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة