21 أبريل، 2025 10:16 ص

“درع دجلة” .. مناورة تركية لصرف أكراد كردستان عن محاولة استقلالهم

“درع دجلة” .. مناورة تركية لصرف أكراد كردستان عن محاولة استقلالهم

كتبت – نشوى يوسف :

في خطوة من الجانب التركي لجر الأكراد في “إقليم كردستان” العراقي نحو حرب تلهيهم وتصرف انتباههم عن محاولتهم للإستقلال عن العراق، ترددت الآنباء عن تحضيرات يقوم بها الجيش التركي لإطلاق عملية عسكرية جديدة تحت اسم “درع دجلة” لاستهداف منظمة الـ”بي. كي. كي” (العمال الكردستاني) في العراق وسوريا على غرار عملية “درع الفرات”، معللين ذلك بأن الـ”بي. كي. كي” سارت بمناطق التوتر بالعراق على نهج داعش من حيث الاستيلاء على بعض المناطق والتمركز بها والتحضير لعمليات إرهابيّة.

التوغل بالعراق على غرار “درع الفرات”..

قبل أيام، كان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، قد أعلن عن التحضير لعمليات عسكرية على غرار “درع الفرات” تستهدف التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطرًا على تركيا، موضحاً أنّ العمليات ليست محصورة في سوريا بل تشمل العراق أيضًا، محذراً من تواجد “بي. كي. كي.” بمنطقة سنجار ومحاولتهم جعلها قنديلًاً ثانية، مشيرًا لوجود قرابة 2500 إرهابيّ – حسب وصفه – من PKK هناك، ومتوعّدًا بالوقت نفسه القضاء عليها من خلال عمليات عسكرية جديدة على غرار درع الفرات.

ويجري الحديث عن الاستعداد لمشاركة القوّات التي تلقّت تدريبات عسكرية في معسكر “بعشيقة” شمالي العراق في عملية “درع دجلة” القادمة، بهدف تأمين الحدود التركية العراقية من تواجد التنظيمات الإرهابية ابتداء من “سنجار” غرب الموصل.

ومن المتوقع أن يكون الإعلان عن عملية “درع دجلة” بعد انتهاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية بتركيا في السادس عشر من نيسان/ابريل الجاري، وبعد انتهاء مرحلة الاستفتاء سيتم تحديد بدء العملية والتي ستنطلق إمّا نهاية الشهر الجاري أو مطلع آيار/مايو المقبل.

هذا ما أكده، الجمعة 7 نيسان/ابريل، وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو”، على أن “حزب العمال الكردستاني يريد إنشاء قاعدة عسكرية في مدينة سنجار شمال العراق، ونحن لن نسمح له بذلك”. مضيفاً ان “أي تغيير ديموغرافي في الموصل يزعزع أمن المنطقة”. مبيناً ان “الحشد الشعبي لم يدخل للموصل وهناك ضمانات بهذا الأمر من قبل الحكومة العراقية “، وهو ما يبين نية الجانب التركى في رغبته لتقويض خطوة الأكراد باستقلالهم بإقليم كردستان.

العراق سوف يمنع اي عملية عسكرية لقوات خارجية على أرضه..

الأمر الذي دفع رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي”، إلى الخروج بتصريحات يدعو بها أنقرة إلى الوفاء بتعهداتها بسحب قواتها المتواجدة على الأراضي العراقية، “قاعدة بعشيقة”، بعد استعادة جميع المناطق التي سيطر عليها “تنظيم داعش”، موضحاً أن تركيا تعهدت سابقاً بسحب قواتها من الأراضي العراقية، ومؤكداً على أن “العراق يمنع أي جهة خارجية من القيام بأية عملية عسكرية على أراضيه سواء كانت تركيا أو أي بلد آخر”. مشيراً إلى أن موقف العراق “واضح وثابت”.

ومن المعروف أن العلاقات بين بغداد وأنقرة ازدادت توتراً، أواخر عام 2015، بعد أن نشرت تركيا، بدون أخذ موافقة العراق، قوات لها في منطقة بعشيقة قرب مدينة الموصل، بذريعة مد يد العون لمقاتلي “الحشد الوطني” العراقي الذي ترعاه ضد مسلحي “داعش”.

وهو الأمر الذي اعتبرته حكومة بغداد حينها انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وطالبت بسحب القوات التركية فوراً، متهمة القوات المسلحة التركية بغزو أراضيها، وقد اعترفت أنقرة بذلك مشيرة إلى أن هذه القوات ستحل محل القوات التركية المرابطة في شمال العراق منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث تقوم بتدريب قوات “البيشمركة” الكردية وفق الاتفاق الموقع مع قيادة اقليم كردستان.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت ان “القوات المسلحة التركية يقارب عددها كتيبة دبابات واحدة ويتراوح عددها بين 130 – 150 فرداً تساندها 20 – 25 دبابة ومدفعية. وهي عبرت الحدود العراقية مستخدمة الدبابات والمدرعات ووصلت إلى مقربة من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى من دون الحصول على سماح من السلطات العراقية. لذلك فإن هذا العمل يعتبر انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق”. كما اعتبر الرئيس العراقي “فؤاد معصوم” هذه العملية انتهاكاً للقانون الدولي وطالب بسحبها فوراً، وفي يوم 12 كانون أول/ديسمبر 2015، قام العراق بتقديم إحتجاج رسمي لمجلس الأمن الدولي إحتجاجاً على تواجد القوات المسلحة التركية قرب مدينة الموصل شمال العراق.

وتؤكد السلطات التركية على ان هذه الوحدات موجودة في العراق بالاتفاق مع سلطات اقليم كردستان وان وزير خارجية تركيا السابق “فريدون سينيراوغلو” اتفق  في بداية شهر تشرين ثان/نوفمبر 2015 مع رئيس الاقليم “مسعود برزاني” على انشاء قاعدة عسكرية تركية ثابتة في ضواحي بلدة “بعشيقة”، وحينها رد “برزاني” بأن هذه القوات كانت موجودة، وأشار إلى أن الإقليم ليس مسؤول عن وجودها وأن الإقليم لا يسمح بإنتهاك سيادة العراق على أراضيه من قبل أي دولة.

لغز.. بعشيقة..

“بعشيقة” بلدة ليست ضمن حدود “اقليم كردستان” إلا ان الأكراد يطالبون بها، مع العلم ان سكانها إيزيديون ومسيحيون وعرب سنة.

وهو ما أثار تساؤل السلطات العراقية حينها عن الهدف الحقيقي للسلطات التركية في إنشاء القاعدة داخل هذه البلدة تحديداً، ووضع احتمالية ان تصبح هذه القوات حاجزاً بين القوات العراقية ومسلحي “داعش” عند بداية عملية تحرير الموصل، وتعرقل تنفيذ العملية.

حاولت السلطات التركية مراراً تطمين بغداد. فقد صرح رئيس حكومتها حينها “أحمد داود أوغلو” بأن قوات بلاده لا تنوي القيام بأي عمليات عسكرية في العراق، ووصف معسكر بعشيقة بأنه: “انشئ لتدريب المتطوعين المحليين على محاربة الارهابيين”. في حين أنها لم تعلن عن موعد محدد لانسحاب قواتها من العراق.

طهران عارضت بشدة خبر اجتياز القوات التركية الحدود العراقية، فاتهم نائب وزير خارجية ايران “حسين أمير عبد اللهيان” أنقرة بأنها تعمل على تعريض أمن المنطقة للخطر، وقال: “إن هذه الخطوة من جانب الحكومة التركية لن تساعد على إحراز النصر على الارهاب، بل وستؤدي إلى الفوضى”.

“علي لاريجاني” رئيس البرلمان الايراني قال: “الهدف الوحيد من التدخل العسكري التركي في العراق هو لتبرير النشاط الارهابي في الموصل”.

أما واشنطن فنأت بنفسها في ذلك الوقت عن ما تقوم به أنقرة، وأشارا مصدرين عسكريين في الولايات المتحدة ان دخول القوات التركية إلى الاراضي العراقية لا علاقة له بالعمليات التي تقوم بها قوات الائتلاف بقيادة واشنطن في العراق، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية أعلنت الآن عن تقديمها المساعدة للقوات التركية في محاربتها للإرهاب.

“بعشيقة”.. وإستراتيجية المصالح التركية..

يؤكد المحلل السياسي العراقي “د. حيدر حميد”، عبر حديثه لـ(كتابات)، على أن تركيا لن تسحب قواتها من شمال العراق وستبقى في مواقعها من أجل حماية مصالحها في المنطقة، وأهمها أن يكون لها دور في تسوية عدة ملفات من أهمها: “مستقبل إدارة الموصل، ومستقبل حزب العمال الكردستاني الذي يشكل تهديداً لأمن تركيا”، كما أن التواجد التركي سوف يكون كابح للتمدد الإيراني في العراق وسوريا، وأيضاً يمنع من قيام “الدولة الكردية الكبرى” مستقبلاً ويكون ورقة ضغط مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا للحصول على تنازلات في أي تسويات مستقبلية لأوضاع المنطقة، وورقة ضغط مستمرة كذلك على الحكومة العراقية للحصول على تنازلات في اي تسويات للمشكلات العالقة بين الجانبين. مشيراً إلي أنه من الممكن أن يحدث انسحاب جزئي للقوات إذا تم استخدام تأثير “الحشد الشعبي” في مواجهة القوات التركية، وهو احتمال ضعيف بسبب تعقيدات هذا الملف.

على تركيا احترام مصالحها التجارية الحقيقية..

من جانبه يقول الخبير الإستراتيجي والاستاذ بالجامعة المستنصرية بالعراق “د. طالب محمد كريم”، لـ(كتابات): “العراق دولة ذو سيادة على ارضه وسمائه وماءه، وبالتالي دخول اي قوة اجنبية بدون اتفاقات أمنية أو عسكرية هو انتهاك صارخ لمبادئ الأمم المتحدة التي تحفظ للدول سيادتها، وهذا ما أكدت عليه الحكومة العراقية في رفضها التام لوجود قوات عسكرية تركية في مناطق بعشيقة وغيرها”. مضيفاً أن “الحكومة التركية قدمت ادعاءات مختلفة حاولت من خلالها تبرير تواجدها.. إلا اننا اليوم نزاد يقيناً بمشروعها الذي تخفيه وراء العناوين العامة، فاليوم نسمع ان تركيا تتهيأ لمشروع عسكري جديد بعنوان محاربة “بي. كي. كي”، فهذه المنظمات لم تدخل من بغداد، والدستور العراقي يمنع ممارسة لأي تواجد اجنبي من ممارسة المعارضة أو غيرها من الصور، إلا اننا نأمل ان تحل هذه الأمور كما في موضوع “مجاهدي خلق” – المعارضة الإيرانية – اي كيف عملت بغداد على انهاء هذا الملف بالصيغ التي تنسجم مع الدستور العراقي وتتلائم مع القوانين الدولية”.

مشيراً “طالب” إلي أن الحكومة مارست كل الخيارات والسبل في انهاء الموضوع بالطرق السلمية والمحافظة على العلاقات الدولية القادرة على احترام السيادة، وعرضت الموضوع في جميع المحافل الدولية، “ناهيك عّن اللقاءات المباشرة بين الحكومتين أو من يمثلهما، ووعدت تركيا سابقاً الحكومة العراقية بأن الموضوع مجرد وقت وينتهي، لكن للأسف نتفاجئ بين الفينة والأخرى ما لا يتوافق مع الاقوال وتتجاهلها لمبادئ حسن الجوار، متناسية للعلاقات التجارية التي تستفيد منها ودخول مليارات الدولارات سنوياً، بالاضافة إلى موضوع السياحة الطبية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة