30 ديسمبر، 2024 8:42 م

دراسة تحليلية ترصد .. صعود “الفاتيكان الشيعي” في العراق (2)

دراسة تحليلية ترصد .. صعود “الفاتيكان الشيعي” في العراق (2)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

بالنسّبة للتراث الثقافي، يمكن مشاهدة لمحة عن المبادرات التي تواجه الجمهور، وتشمل تطوير متاحف التراث الثقافي، مثل “متحف الإمام الحسين”، و”متحف الكفيل”؛ في “كربلاء”، وهم يحويان مجموعة كبيرة ومتنامية من المجموعات التاريخية.

وتعمل هذه المتاحف؛ كذلك على إحياء الحرف اليدوية المهددة بالانقراض المرتبطة بالكتابة والفنون والثقافة؛ بحسّب ما يواصل الجزء الثاني من تحليل الدكتور “مهيار كاظم”، أكاديمي وباحث في كلية “لندن” الجامعية؛ (UCL)، المنشور على الموقع التحليلي (سياق)؛ نقلًا عن (شورای آتلانتیک)..

والواقع أن تخليد الذكرى وبناء سّرديات جديدة مرتبطة بالماضي، تدور عادة حول مفاهيم معاناة الشيعة وخسارتهم، هي من الخصوصيات المتنامية في عمل هذه المؤسسات. كما تم توسيع المكتبات التي تحتوي على مخطوطات إسلامية ثمينة وكتب نادرة.

الانضباط والتنظيم..

ولا يمكن مشاهدة مستوى الانضباط والالتزام بالعمل كما في المؤسسات الشيعية؛ أي مكان في بقية البلاد. والواقع أن درجة التنظيم في هذه المؤسسات وهدفها المتمثل في إدارة الموارد الدينية والثقافية، تبلغ ذروتها في نموذج الميراث الثقافي لشيعة “العراق”.

إن عملية الاكتشافات المرتبطة بنموذج الميراث الثقافي؛ محفوفة بالتجربة والخطأ، لكن استدعاء التجربة والتحفيز تُسبب في تطوير أفضل الممارسات والمهارات المحلية ودمجها في التطوير المؤسسي.

وتبرز السلطة الدينية الشيعية كمركز فريد للتنظيم والانضباط والتخطيط والاستقلال التام عن الحكومة العراقية الفاشلة؛ التي تُعاني من الاختلال الوظيفي والمحاصصة السياسية في مرحلة ما بعد العام 203م.

والحقيقة مكنت محاولة الاحتلال الأميركي؛ منذ العام 2003م، لتفكيك دولة “العراق”، لـ (الدولة غير الرسمية) عن غير قصد.

التحدي والاستقلال..

مع هذا فالوصول إلى نموذج للميراث الثقافي بالنسّبة للمكون الشيعي؛ هو عمل مستمر ومتطور، ويمكن مشاهدة نتائجه بشكل متزايد.

ورغم استمرار تواصل المؤسسات الدينية الشيعية مع العالم عن طريق المؤتمرات وورش العمل التعليمية، فإنها ترفض النماذج الثقافية بل والسياسية، القائمة على الأشكال الغربية للمعرفة والتبعية المادية.

وتتحدى المؤسسات الدينية الشيعية؛ التي تخلصت من طرق التفكير المفروضة والغربية في التراث الثقافي، المفاهيم العلمانية للثقافة؛ التي كانت الطريقة التقليدية التي تعاملت بها الدولة العراقية الحديثة.

وسيكون لآفاق الميراث الثقافي؛ والذي تُهيّمن عليه المؤسسات الدينية الشيعية بشكلٍ متزايد، تداعيات واسعة النطاق على “العراق” ومسّاراته السياسية؛ لأنه في مثل هذه الأجواء تتبلور أنماط من التعامل والارتباطات، وبالنهاية سوف تتأسس المؤسسات التي تُدير المجتمع والسياسة.

ويتعين على المؤسسات الدينية الشيعية المشاركة بشكل أكبر في التراث الثقافي العراقي، حتى لا تتجاهل العمل الجاري لإدارة الموارد الثقافية المتعلقة بالشيعة، وتقضي على تأثيراتها طويلة المدى.

ولا يزال مستقبل التراث الثقافي العراقي غير الديني الغني والمتنوع مظلمًا، ويُعاني من ضعف الدعم الحكومي، لا سيما تلك التي تُديرها “وزارة الثقافة والسياحة والآثار”، والتي تُعاني من نقص كبير في التمويل؛ حيث تُستخدم فقط ككل وزارات الدولة الأخرى في المنافسات السياسية.

يتعين على الحكومات العراقية القيام بعمل من شأنه دعم هذه الوزارات الاستراتيجية ومؤسساتها المختلفة مثل؛ (SBAH). على كل حال، ربما على المدى الطويل، قد يؤدي ترسّيخ المؤسسات الدينية الشيعية كجهة فاعلة وطنية في مجال التراث الثقافي، إلى تغيير المشهد الثقافي في “العراق” تمامًا.

وسواء كانت المؤسسات الدينية الجريئة والمنشطة ستحول “العراق” أم لا، فإن عملها قد يُفضي على أفضل الأحوال إلى صعود (الفاتيكان) الشيعي أو على الأقل التأثير على الفضاء الذي تتشكل فيه هوية “العراق” ومستقبله.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة