دراسة تحليلية ترصد .. صعود “الفاتيكان الشيعي” في العراق (1)

دراسة تحليلية ترصد .. صعود “الفاتيكان الشيعي” في العراق (1)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

منذ العام 2003م، لم تتغير سلطة أو نفوذ أي شخص مثل القيادة الدينية الشيعية في “العراق”. وفي الواقع، ومنذ السنوات الأولى للاحتلال الأميركي، بدأت مسّاعي المرجعية الشيعية للتحرر من الحكومة، وقد أثمرت هذه المسّاعي في الوقت الراهن، ويمكن ملاحظة نتائج هذا الموضوع على الصعيد الثقافي العراقي؛ بحسب ما استهل تحليل الدكتور “مهيار كاظم”، أكاديمي وباحث في كلية “لندن” الجامعية؛ (UCL)، المنشور على الموقع التحليلي (سياق)؛ نقلًا عن (شورای آتلانتیک).

الغرب يشكل الوجدان الثقافي العراقي..

وكانت المؤسسات “الأميركية-الأوروبية” قد سّاهمت في بلورة الميراث الثقافي العراقي منذ بداية تأسيس هذا البلد. وتأسس “المتحف الوطني العراقي”، و”مجلس الدولة للآثار والتراث”؛ (SBAH)، بواسطة الغرب.

هذه التبعية المؤسسية بالمعرفة الغربية؛ لا تزال مستمرة حتى الآن. مع هذا فقد برز خلال السنوات الأخيرة نموذج عضوي نشط للتراث الثقافي منفصل عن الممارسة الغربية، أساسه إدارة الموارد الملموسة وغير الملموسة المتعلقة بالإسلام الشيعي.

دور “الوقف الشيعي”..

وحاليًا تسّتفيد المرجعية في “العراق” من القوة والمصادر المالية الكبيرة، من خلال إدارة العتبات والوقف الشيعي.

التوسّع السريع في الأضرحة الشيعية والممتلكات التجارية التي يملكها “الوقف الشيعي”، إنما يُثبت وجود سياسية جديدة مستقلة، سّعت إلى تحقيقها المؤسسات الدينية الشيعية على مدى التاريخ.

وكان لابد من تحقيق هذا الهدف سريعًا بعد القمع الشديد الذي تعرض له المجتمع الديني الشيعي في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. وحاليًا تمتلك المؤسسة الدينية المتعددة واللامركزية، استثمارات في الفنادق والعقارات والمستشفيات الخاصة والجامعات والمصانع والبساتين، فضلاً عن عائدات السياحة الدينية.

نشأة الاقتصاد السياسي للمؤسسة الدينية..

وهكذا برز اقتصاد سياسي جديد قائم على مجموعة واسعة من المؤسسات المرتبطة بالطبقة الدينية الشيعية، والتي تُمثل فعليًا كيانًا حكوميًا داخل “العراق”. وتزدهر المزارات و”الوقف الشيعي” نتيجة الاستثمارات المتنامية؛ حيث يُجري العمل على إنشاء المئات من المزارات الجديدة في عموم البلاد.

وهذا بدوره يخلق فعليًا شبكة من المواقع الثقافية والدينية على مستوى البلاد، تُسّاهم في شبكة الحج والسياحة الدينية الشيعية المربحة.

والتوسّع في الأضرحة والاستثمار في شراء الأراضي والعقارات، إنما يُسّاهم في تغيير المناطق الجغرافية بشكل تدريجي؛ بحيث تدخل في خدمة المؤسسات الدينية الشيعية. ومن هذه النماذج يمكن الإشارة إلى “النجف، وكربلاء، والكاظمين، وسامراء”، حيث نجحت سلطات الأوقاف والأضرحة الشيعية في تحويل أحياء بأكملها لاستيعاب خططها للأعداد المتزايدة من الزوار. في حين أن نظام (البعث) سّعى؛ قبل 2003م، للحد من النشاط الديني والسياسي الشيعي.

الصراع مع “الوقف السُني”..

وفي الغالب كان امتلاك الأراضي والمواقع “الثقافية-الدينية” يقترن بالتنازع، لا سيما مع “الوقف السُني”.

والمنافسة على الممتلكات الثقافية والدينية بين الأوقاف الشيعية والسُنية، هي قضية مستمرة في جميع أنحاء البلاد. وبمرور الوقت، سيؤثر التوسّع في المزارات الشيعية على الكثير من محيطها الحضري والجغرافي.

وحاليًا تكتشف المؤسسات الدينية الشيعية عن أنها، في سّياق بروزها وتوسّعها الديني والسياسي المتزايد، تتحمل مسؤولية تقديم خدمات مختلفة، لا سيما في المجالات الثقافية.

وفي الواقع تستطيع المؤسسات الدينية بعد أن ضمنت الاستقلال المالي، تشكيل قطاعات كبيرة من المشهد الثقافي العراقي على النحو الذي تُريد. ولكل من المزارات الخمس الرئيسة في: “كربلاء، والنجف، والكاظمية، وسامراء”، هيكل إداري لامركزي، يُتيح لها القدرة على التنافس البناء بينها لضمان تقديم فوائد ملموسة للزوار.

وتعمل جميع المزارات على هدفٍ واحد؛ هو إنشاء وتعّزيز شبكة واسّعة ومترابطة من المزارات والاستثمارات، والتي تشكل نموذجًا لامركزيًا قويًا للمؤسسات الثقافية والدينية.

والحوزة العملية؛ هي مجموعة من المدارس الدينية الشيعية، كانت تُنتج وتدعم العلم على مدى تاريخها. وحاليًا تنشط المدارس والمراكز التعلمية المتعددة بالحوزة، وهي تضم آلاف الطلاب والمتعلمين من “العراق” والخارج.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة