دراسة أكاديمية تثبت .. العراق تعرض لأقصى أنواع العقوبات الدولية

دراسة أكاديمية تثبت .. العراق تعرض لأقصى أنواع العقوبات الدولية

خاص : كتبت – آيه حسين علي :

أكد الباحث المصري، “محمود عبد الدايم”، أن مؤسسات المجتمع الدولي فرضت عقوبات اقتصادية غير عادلة على العراق مقارنة بجنوب إفريقيا.

وسلط “عبد الدايم”, في رسالة ماجستير قدمت السبت الماضي إلى “المعهد العالي للدراسات الإسلامية” التابع لوزارة التعليم العالي بجمهوية مصر العربية, الضوء على أوجه الاختلاف في تعامل المجتمع الدولي مع حالتي “العراق” و”جنوب إفريقيا” بعد إجراء دراسة مفصلة عن حالتي فرض العقوبات على تلك البلدين وأسبابها ونتائجها.

وأوضحت الرسالة, التي حملت عنوان: “العقوبات الاقتصادية على العالم الإسلامي دراسة مقارنة”, أن المؤسسات الدولية المعنية بفرض العقوبات مثل “مجلس الأمن” التابع للأمم المتحدة تعاملت بمكيالين في فرض العقوبات على بلدان العالم الإسلامي وباقي البلدان الأخرى.

وعقد الباحث مقارنة بين تعامل هذه المؤسسات في فرض العقوبات بين العراق وجنوب إفريقيا، مبرزاً الشدة التي تم اتباعها في حالة الدولة الإسلامية والتعامل الرخوي مع البلد الإفريقي.

آثار العقوبات الإقتصادية كانت كارثية على المواطن العراقي..

تكمن أهمية هذه الرسالة في الكوكبة الأكاديمية التي أشرفت عليها, وفي مقدمتهم الأستاذ الدكتور “عبد الحفيظ عبد الله عيد”، استاذ الاقتصاد والمالية العامة السابق بكلية الحقوق جامعة القاهرة والأستاذ الدكتور “صلاح الدين فهمي محمود”، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر وعميد معهد الجزيرة العالي, والأستاذ الدكتور “رمضان صديق” أستاذ الاقتصاد والمالية العامة وعميد كلية الحقوق السابق بجامعة حلوان ومستشار وزير المالية, والأستاذ الدكتور “محمد يونس عبد الحليم” أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر.

وتناول الباحث الأسباب التي دفعت العراق إلي إحتلال الكويت 1990، ما كان ذريعة لتدخل الأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية عليها, ثم التعامل الاستثنائي لمجلس الأمن مع القضية، وما هي طبيعة القرارات الأممية ذات الصلة ببفرض العقوبات على البلد العربي، مثل القرار رقم (220) الذي صدر في نفس يوم الغزو، ثم القرار رقم (221) وهو القرار الخاص

بالعقوبات الاقتصادية, ثم باقي القرارات الأخرى التي تقضي بتشديد الحصار برياً وجوياً على العراق.

وسلطت الدراسة الضوء على الآثار الناتجة عن فرض العقوبات الاقتصادية على العراق، موضحاً أن العراق عانى علي مدى فترة العقوبات الاقتصادية من الإهمال والتدهور في البنية التحتية والبيئة والخدمات الاجتماعية.

وأشار الباحث إلى أن العقوبات عملت على “إعادة تشكيل المجتمع العراقي، إذ بدأت المصانع والمشروعات التجارية تغلق أبوابها تاركة الشعب بدون عمل، وظل موظفو الحكومة في وظائفهم لكن التضخم قوض رواتبهم، وقد هجر المهندسون والعلماء وأساتذة الجامعات وظائفهم، وانتشرت مظاهر الأمية والتسرب من الدراسة، حتى قضت سنوات العقوبات الاقتصادية على تلك المكاسب التي تحققت طوال عقدي السبعينيات والثمانينيات والمرتبطة بارتفاع معدلات معرفة القراءة والكتابة وزيادة نسبة المسجلين في الدراسة”.

وأكد الباحث على أن الصعوبات الاقتصادية جعلت العوائل تدفع بالأطفال للعمل لإعالة أسرهم.

البلدان الإسلامية تعرضت لأقصى أنواع العقوبات الدولية..

كشفت الرسالة أن آثار العقوبات لم تتوقف فقط على العراق بل امتدت إلى بعض دول الجوار وبعض القارضة لها.

وتوصلت الرسالة إلى أن البلدان الإسلامية تعرضت لأقصى أنواع العقوبات وأشدها, مما جعل لها أثراً كبيراً ومكلفاً على الشعوب، كما أن حالات فرض وتطبيق العقوبات الاقتصادية بفعالية يقتصر في الغالب على الدول الصغيرة، أما الدول الكبيرة – خاصة دائمة العضوية في مجلس الأمن – فلا يستطيع أحد الاقتراب منها وذلك على الرغم من كونها صاحبة أكبر رصيد من المخالفات الدولية.

وبحسب الباحث, فإن الدول الكبرى, خاصة الولايات المتحدة الأميركية, تعمل على التشويش وتفادي الانتقادات الموجهة إليها بشأن مخالفتها للقانون الدولي عن طريق خلق نظريات جديدة والترويج لها مثل (مكافحة الإرهاب – حماية حقوق الإنسان – مساندة الديموقراطية – حماية الأقليات), وتتخذها ستاراً للتدخل في شؤون الدول وفرض العقوبات عليها وتركيعها والضغط عليها.

وأكدت الرسالة على أن الكثير من العقوبات الاقتصادية تحولت إلى عقوبة جماعية لشعوب هذه البلدان، حيث أصبح من المعتاد أن نسمع أن معاناة المدنيين وخاصة الأطفال والنساء هي آثار جانبية غير مقصودة.

مليون ونصف المليون عراقي ماتو نتيجة العقوبات الدولية..

خلص الباحث إلى أن العقوبات الاقتصادية إذا تم فرضها بطريقة قاسية قد تكون أشد خطراً على الدولة المستهدفة من العمليات العسكرية، وخير مثال على ذلك العقوبات التى فرضت على العراق, فقد تسببت العقوبات بمعاناة إنسانية أكبر من التى أحدثتها العمليات العسكرية، حيث يقدر ضحايا العمليات العسكرية ما بين 70000 و100000 قتيل و30000 أسير، بينما تقدر ضحايا العقوبات الاقتصادية ما بين مليون ومليون ونصف حالة وفاة بينهم نصف مليون طفل قد ماتو نتيجة الجوع ونقص الدواء.

وأكدت الدراسة على أن قوة اقتصاد الدولة المستهدفة, وقلة اعتمادها على طرق التمويل الدولية, وقلة احتياجها للاستيراد من الخارج, وتنوع مصادر الدخل لديها, تعد من أقوى جبهات القوة الداخلية المقاومة لأى حصار اقتصادي.

وأشار الباحث إلى أن تحالف واندماج الدول الاسلامية داخل كيان واحد فعال, يعتبر حائط الصد الأول فى مواجهة استهداف أياً من أعضائه بالعقوبات الاقتصادية, ومسدداً لثغراتهم الاقتصادية ومكملاً لنواحي العجز لديهم.

وفي بعض الأحوال قد تؤدي العقوبات الاقتصادية إلى نتائج عكسية، حيث تفضي إلى حسن استغلال الدولة المستهدفة لمواردها الاقتصادية ونشاط التصنيع المحلي لديها, والوصول إلى حالة الاكتفاء الذاتي الغذائي.

وشدد الباحث على أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء يعد مطلباً جوهرياً وملحاً لبلداننا الإسلامية، لكي نوفر الأمن الغذائي لشعوبنا وتحصينهم من العقوبات أو الأزمات الناتجة عن المجاعات أو غلاء الاسعار، كما يعد الاكتفاء الذاتي سبيلاً للاعتماد على النفس وتطوير الإمكانيات الذاتية، والتقليل من الاعتماد على الخارج، وذلك مما يدعم استقلالية القرار السياسي والسيادة أمام العالم.

وأوصى الباحث بالعمل على دعم القطاع الصناعي والارتقاء بمستوى الصناعات الموجودة على رأس أولوياتنا، باعتباره الأساس لأي عملية تنموية شاملة لما له من وزن كبير بين القطاعات الاقتصادية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة