وكالات – كتابات :
استمر الإنفاق العسكري في منطقة “إفريقيا”؛ جنوب الصحراء، في الانخفاض في عام 2021، بل تراجع إلى المستويات التي كان عليها في سنة 2012؛ فيما أصبحت منطقة غرب إفريقيا تستحوذ على حوالي: 40% من الإنفاق العسكري في القارة، حسب تقرير (المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية)؛ الذي أشار إلى أن أحد أهم المتغيّرات العسكرية في غرب إفريقيا؛ في السنة الماضية، هو إعادة التموضع العسكري الفرنسي فيها، مع دخول “روسيا” بقوّة في الساحة الأمنية العسكرية.
ويُصدر تقرير المعهد اللندني؛ الذي يُعد من أبرز مراكز الأبحاث في ميدان العلاقات الدولية، بشكل سنوي وهو يتناول توجّهات سياسيات الدفاع في مختلف أنحاء العالم لسنة 2021، ويعرض التقرير معطيات تفصيلية عن توجّهات الجيوش في مختلف مناطق العالم، ومعلومات عن ميزانياتها وإستراتيجيات التحديث والانتشار والردع، مطعّمة بالإحصائيات والتطوّرات التقنية التي تعرفها القوات المسلّحة في مناطق العالم، وفي السطور القادمة سنتطرّق إلى أهمّ ما احتواه التقرير حول منطقتي: “غرب إفريقيا” و”إفريقيا جنوب الصحراء”.
“غرب إفريقيا”.. انقلاب في “مالي” وانسحاب فرنسي يُغيّر الخريطة العسكرية لـ”الساحل”..
كانت “منطقة غرب إفريقيا” ساحةً للتوتّر الأمني والعسكري في السنة الماضية، فبالإضافة إلى نشاط الحركات الإسلامية المسلّحة، فقد شهدت المنطقة انقلابين في كلّ من: “مالي وغينيا”، بالإضافة إلى استمرار الحكم العسكري في “تشاد”؛ بعد وفاة الرئيس؛ “إدريس ديبيه”، في نيسان/إبريل 2021 وخلافة ابنه له.
كما أعلنت “فرنسا” إعادة تموضعها في المنطقة؛ وتغيير خططها العسكرية بالتراجع عن عملية “برخان”، على إثر الخلافات مع الطغمة العسكرية الحاكمة في “مالي”؛ والتي اتخذت اتجاهات معادية للوجود الفرنسي؛ لتبقى “فرنسا” أهم الفواعل العسكرية الأجنبية في “منطقة الساحل”.
وتشهد هذه المنطقة نشاطًا للحركات الإسلامية المسلّحة التي تعجز دول: “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؛ (إكواس)”، وهو تجمّع يضمّ: 15 دولة، عن التصدّي لها بصورة فعّالة، خصوصًا وأنّ هذا التجمّع السياسي كان قد وضع إستراتيجية عمل: لـ”استئصال الإرهاب” بين 2020 و2024، إلا أنّ هذه الجهود لا يبدو أنها تؤتي ثمارها لحدّ الساعة.
وأشار التقرير إلى أن الحركات المتمرّدة تشهد انتعاشًا في كل من: “بوركينا فاسو ومالي والنيجر”، وقد أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين؛ في سنة 2021، وتعتمد هذه الحركات على تكتيكات تمزج بين حروب العصابات والعمليات الإرهابية، بالاعتماد على سرعة الحركة والهجمات الخاطفة التي توفّرها الدرّاجات النارية وعربات نصف النقل.
ورغم أن الجهود الأوروبية التي تقودها “فرنسا” قد أظهرت نتائج ناجحة من الناحية التكتيكية، فإن خطر هذه الجماعات المسلّحة يظلّ قائمًا، وتزامن هذا مع إعراب الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، عن إحباطه من الجهود العسكرية في “مالي” واعتبر أنه من المستحيل الاستمرار إلى الأبد في الوجود العسكري بالمنطقة، واتهامه السلطات المحليّة بعدم تحمّل مسؤولياتها في حفظ الأمن، كما أعلنت “فرنسا” وقف التنسيق العسكري مع الجيش المالي بعد انقلاب آب/أغسطس 2020.
وتطمح “فرنسا” أن يُقدّم المجتمع الدولي دعمًا أكبر لمجموعة (تاكوبا) الأوروبية المتواجدة في المنطقة، بالإضافة إلى: (مجموعة الخمسة)؛ في “الساحل”؛ إلاّ أن “فرنسا” من خلال طلب الدعم الدولي تُعبّر في الحقيقة عن إحباطها من هذا التورّط العسكري، خصوصًا مع التقارير التي تصلها عن أنّ بعض العواصم الإقليمية تنخرط في مفاوضات مع ذات الجماعات التي تُحاربها في المنطقة.
أحد أهمّ المتغيّرات في القطاع العسكري في “منطقة الساحل”؛ التي يُشير إليها التقرير هو دخول “روسيا” إلى المنطقة من بوّابة “مالي”، إذ وقّع الطرفان اتفاقية تعاون دفاعية؛ في سنة 2019، كما شهدت البلاد عدّة مظاهرات رافضة للوجود العسكري الغربي في البلاد، وقد عبّرت كل من “واشطن” و”باريس”؛ عن قلقها بسبب التقارير التي تُشير إلى اعتماد “مالي” على مجموعة (فاغنر) الروسية.
توتّرات عسكرية في “القرن الإفريقي”.. وحرب أهلية في “إثيوبيا”..
تشهد منطقة “القرن الإفريقي” توتّرات أمنية لا تهدأ، ووجودًا عسكريًا دوليًا بعدّة صيغ مختلفة، هذا ما أشار إليه التقرير العسكري بالنظر إلى الحروب والأزمات الأمنية التي عرفتها المنطقة خلال السنة الماضية. وفي الوقت الذي سحبت فيه ا”لولايات المتحدة” قوّاتها من “الصومال”؛ مع منتصف كانون ثان/يناير 2021، مع بقاء التنسيق العسكري بين الطرفين؛ فإن القصف الجويّ الأميركي على من تصفهم: بـ”الإرهابيين” مستمرّ.
وفي نيسان/إبريل 2021؛ أعلنت “الولايات المتّحدة” تجميد بعض أجزاء برنامجها الاقتصادي والأمني مع “إثيوبيا”، في ضوء الحرب الأهلية بين الحكومة المركزية بقيادة رئيس الوزراء؛ “آبي أحمد”، و(الجبهة الشعبية لتحرير تغراي)، في المقابل جددت “روسيا” علاقاتها العسكرية مع “إثيوبيا”؛ بتوقيعها اتفاقية تعاون عسكرية معها، في تموز/يوليو 2021.
أما “الصين” فقد واصلت حضورها العسكري بجانب الحكومة الإثيوبية؛ ولو بصورة أقلّ صخبًا، في إطار “منتدى التعاون الصيني-الإفريقي”، (2019 – 2021)، الذي يدخل في نطاق مبادرة “طريق الحرير”. وقد اشتملت الإعانات العسكرية لـ”إثيوبيا” على التدريب ومشاركة المعلومات الاستخباراتية ومكافحة “الإرهاب”.
وبسبب ظروف الحرب مع (جبهة تحرير تغراي)، والدروس التي استخلصتها “إثيوبيا” بضرورة الاعتماد على الطائرات المُسيّرة من دون طيّار، اتّجهت الحكومة الإثيوبيّة إلى مورّدين جدد، من بينهم “إيران” و”تركيا”، وفي ذات السياق؛ فإن “بريطانيا” عزّزت من وجودها في “منطقة شرق إفريقيا”، من خلال اتفاقية جديدة مع “كينيا”؛ في تموز/يوليو 2021.
وقد عرفت منطقة “القرن الإفريقي”؛ في سنة 2021، توتّرات عسكرية بالغة الخطورة سواء على مستوى الداخلي لدول المنطقة، أو بين الدول نفسها، إذ كادت المنطقة تشتعل على ضوء صراع بين “السودان” و”إثيوبيا” حول “منطقة الفشقة” الحدودية المتنازع عليها، ويُشير التقرير إلى أنّ النزاع من المُرجّح أن يستمرّ خصوصًا مع سيطرة الجيش السوداني على: 90% من “منطقة الفشقة”، في الوقت الذي كانت “إثيوبيا”؛ هي من تُسيطر عليه في السابق.
وقد ربط بعض المحلّلين بين هذا التوتّر الحدودي “السوداني-الإثيوبي”، في “إقليم الفشقة”، مع التوتّرات بين كل من: “مصر وإثيوبيا والسودان”؛ حول “سدّ النهضة” واستمرار “إثيوبيا” في علميات الملأ التي تُهدّد حصص: “السودان ومصر” في مياه “النيل”.
واستشهد المحللون بالمناوارت العسكرية المشتركة بين: “مصر” و”السودان”، في تشرين ثان/نوفمبر 2020؛ ونيسان/إبريل 2021، والتي شملت نقل طائرات عسكرية مصرية إلى “السوادن”؛ وقد تزامنت هذه المناورات مع عملية الملء الثاني لـ”سدّ النهضة”؛ ورغم هذه المناورات التي تحمل رسائل سياسية وتهديدات عسكرية، فإن “إثيوبيا” استمرّت في عملية الملء، وقد شهدت السنة الماضية أيضًا انسحاب قوّات “بعثة الاتحاد الإفريقي” و”الأمم المتحدة”؛ في “دارفور” من المنطقة، من أجل إعادة توزيعها في مناطق أخرى.
كما عرفت سنة 2021؛ زيادة التوتّرات بين: “الصومال” و”كينيا” حول جملة من الملفات أهمّها حقوق التنقيب عن “الغاز”؛ في شواطيء جنود “الصومال”، وقد أدّى ذلك إلى قطيعة بين الطرفين قبيل الانتخابات الصومالية، وقد تعمّقت هذه القطيعة بسبب التعاون الثلاثي بين: “إريتريا وإثيوبيا والصومال”، وهو ما أدّى إلى انقسام “القرن الإفريقي” إلى تكتّلات، خصوصًا وأنّ “إثيوبيا” قد تخلّت عن مقعدها في: (إيقاد)، (الهيئة الحكومية للتنمية التي تضمّ دول القرن الإفريقي)، لصالح “السودان”، في 2019.
في المقابل؛ فإن تورّط “إريتريا” في نزاعات المنطقة يبقى الصعب التنبّؤ به، خصوصًا وأنّ اتفاقية السلام مع “إثيوبيا”؛ سنة 2018، قد أعطت الرئيس؛ “إسحاق أفورقي”، المزيد من النفوذ والقوّة في المنطقة، وهو ما لم يكن يتمتّع به قبل 2018.
وقد استفادت الحكومة المركزية في “إثيوبيا” بشدّة من المساعدة الإريترية من قمع تمرّد “إقليم تغراي”؛ إلاّ أن تقارير حقوقية قد انتقدت بشدّة تعامل “إريتريا” مع المدنيين “التغراي”، وزادت من العزلة الدولية لـ”إريتريا”، وأعلنت “الولايات المتحدة” عن عقوبات ضدّ قيادات في القوات المسلحة الإريترية؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2021.
هل يصبح الجيش الإثيوبي “أضعف جيش في إفريقيا” ؟
يُشير التقرير إلى أنّ العقيدة القتالية للجيش الإثيوبي تقليديًا، كانت موجّهة إلى الأخطار الخارجية القادمة من “إريتريا” و”الصومال”، بالإضافة إلى تهديدات أكثر بُعدًا مثل؛ “مصر”، ولذلك فإن توزيع وحدات الجيش الأربعة متمركز في الحدود مع كل من: “إريتريا والصومال وجنوب السودان والسودان”. لكن زيادة التهديدات مع “إريتريا”؛ منذ 2016؛ وحالة غياب الاستقرار الداخلي أدّى إلى إعادة تموضع وحدة عسكرية من “منطقة شير” إلى “حوسة”؛ في الجنوب، وتشكيل وحدات قيادة جديدة في “أديس آبابا” و”نيكيمتي”؛ في غرب “أوروميا”.
ومنذ تشرين ثان/نوفمبر 2020، شهد الجيش الإثيوبي نجاحات وإخفاقات في حربه ضد (جبهة تحرير تغراي)؛ لكن أهمّ ميزة تمتّع بها الجيش الإثيوبي هو حفاظه على هياكله التنظيمية والقيادية؛ رغم الخسائر على أرض المعركة، سواء في تشرين ثان/نوفمبر 2020؛ أو في آيار/مايو وحزيران/يونيو 2021.
وقد ردّت “إثيوبيا” على الخسائر الأوّلية في حرب ضد “التغراي”؛ من خلال التوظيف الكثير للطائرات المُسيّرة بدون طيّار، وإشراك الجيش الإريتري والقوّات الخاصة لـ”الأمهرة”، وميليشيات “الأمهرة”؛ منذ منتصف تشرين ثان/نوفمبر 2020، لكن رغم هذه النجاحات، فإن إخفاق الجيش الإثيوبي في تحييد القيادات العسكرية والسياسية لـ (جبهة تحرير تغراي)؛ من شأنه أن يحوّله إلى حملة تمرّد واستخدام أساليب حرب العصابات والكرّ والفرّ.
وفي حزيران/يونيو 2021، أعلنت قوّات “التغراي” عن سيطرتها على “منطقة ميليكي” وإعلان الحكومة وقفًا لإطلاق النار أحادي الجانب لأسباب إنسانية وانسحابها من وسط “إقليم تغراي”، واستمرّت قوّات “التغراي” في الهجوم المباشر على “إقليم أمهارة والعفر”، وإلى حد أيلول/سبتمبر 2021، استمرّت قوّات “التغراي”، في مهاجمة شمال “غوندار” و”إقليم أمهرة”.
في المقابل فإن الحكومة المركزية بقيادة؛ “آبي أحمد”، تُكثّف من جهودها لتجنيد عناصر جديدة للجيش، بالإضافة إلى شراء المزيد من الطائرات بدون طيّار من كل من: “الصين وإيران وتركيا”، وقد أثيرت تساؤلات حول قانونية استعانة الحكومة الإثيوبية بالميليشيات التابعة للأقاليم الفيدرالية؛ خلال الحرب الأخيرة، وطالبت المعارضة بإدماج هذه القوّات المسلّحة داخل الجيش الإثيوبي وحذّرت من خطرها على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى ملاحظة مهمّة متعلّقة بالقوّات العسكرية الخاصة بالأقاليم الفيدرالية، بحُكم أن “إثيوبيا” دولة تعتمد النظام الفيدرالي؛ إذ يملك كل إقليم قوّة من الميليشيات العسكرية غير تابعة لقيادة الجيش الإثيوبي المركزي، وبالنظر إلى أنّ “إقليم التغراي” كان قد عمل على تعبئة حوالي: 250 ألف عنصر من القوّات الخاصة؛ والشرطة والميليشيات؛ وبالإضافة إلى عدد ميليشيات الأقاليم الإحدى عشر الأخرى: كـ”الأمهرة وأوروميا والعفر”، فإن أعدادها مجتمعة تفوق عدد قوّات الحكومة المركزية؛ وهو ما يُرجّح الكفّة العسكرية والسياسية للأقاليم على حساب حكومة “أديس آبابا”، ويُضعف المركز السياسي للدولة، وهو أهمّ تحدّ واجه “أبي أحمد”؛ منذ استلامه السلطة منذ 2018.
“إفريقيا الجنوبية”.. تمرّد في “موزمبيق” ونقص موارد مالية في “جنوب إفريقيا”..
يُشير التقرير إلى استمرار حالة التمرّد في منطقة شمال “كابو ديلغادو”؛ بـ”موزمبيق”، وهو ما أدّى إلى إرسال بعثة عسكرية من طرف: “المجموعة الجنوب إفريقية للتنمية”، (تجمّع سياسي يضمّ البلدان التي تقع في جنوب القارّة)، بالإضافة إلى قوّات من “رواندا”.
وقد كان انسحاب شركة “توتال” النفطية؛ وإيقاف إنتاج “النفط” وسحب موظفي الشركة من المنطقة دليلًا على درجة السوء التي وصل إليها الوضع الأمني في منطقة “كابو ديلغادو”، خصوصًا وأنّ المتمرّدين قد سيطروا على مدينة “بالما”؛ في آذار/مارس 2021، إذ أفتقدت القوّات الحكومية إلى القوة وسرعة الحركة والغطاء الجوّي، كما فشلت الشركات الأمنية الخاصّة في امتصاص هجوم المتمرّدين.
وفي نيسان/إبريل 2021؛ أجرى رئيس موزمبيق؛ “فيليب نيوسي”، زيارة إلى “رواندا” وطلب مساعدة عسكرية لصدّ التمرّد، وقد أرسلت “رواندا”؛ في التاسع من تموز/يوليو، قوّة مكوّنة من: 1000 من الجنود والشرطة، بالإضافة إلى تجهيزات عسكرية، وقد انضمّت قوات من “بوتسوانا وجنوب إفريقيا”، إلى جهود مواجهة المتمرّدين وشاركوا بقوّات خاصة جرى نقلها بطائرات (سي-130) إلى منطقة “بيمبا”؛ في 21 تموز/يوليو 2021.
وشاركت “جنوب إفريقيا” في هذه الجهود بقوّة بشرية مكوّنة من: 1500 فرد من القوّات الخاصة؛ بالإضافة إلى عناصر من القوّات الجوية والبحرية، بالإضافة إلى مروحيتيْن من نوع (أوريكس) وعربات (سيسنا) وطائرة (سي-130) للنقل الجوي.
أما “بوتسوانا” فقد شاركت: بـ 196 فرد من بينهم عناصر من القوّات الخاصة، فيما رفضت “زيمبابوي”؛ المشاركة الميدانية واكتفت بتوفير: 300 منسّق وعناصر مساعدة، وتُعاني هذه المهمّة الدولية من مشكلتيْن رئيسيّتين: ضعف القوات البشرية المقاتلة، ونقص التنسيق فيما بينها.
“موزمبيق” لم تكن الدولة الوحيدة؛ جنوب القارّة، التي تشهد توتّرات أمنية، إذ إن “جمهورية إفريقيا الوسطى”، هي الأخرى شهدت أعمال عنف منذ نهاية 2020، والتي جرى احتواؤها بمشاركة قوّات أممية، من “الأمم المتحدة” و”رواندا”، بالإضافة إلى مجموعة (فاغنر) الروسية، كما تشهد البلاد تواجدًا دائمًا لمستشارين عسكريين روس.
وتستمرّ أعمال العنف في المناطق الشرقية من البلاد، والتي تُشارك فيها مجموعات متمرّدة من: “رواندا وبوروندي وأوغندا”، وتُنفذ هجمات بأسلوب حرب العصابات، متّخذة من “إفريقيا الوسطى” قاعدة لعملياتها، بالإضافة إلى الميليشيات المحليّة والمجموعات الإجرامية، في المقابل فإن قوّات “إفريقيا الوسطى” لا تنفكّ تُعاني من ضعف هيكلي في مؤسساتها وتنظيمها.
أما “جنوب إفريقيا”؛ فتُعاني من نقص في تمويل قطاعاتها الدفاعية والأمنية، وهو ما ظهر جليًا؛ في تموز/يوليو 2021، حين طُلب من القوّات المسلحة مساعدة الشرطة على احتواء الانتفاضة في منطقة “كوازولو ناتال” و”جوتنبرغ”.
ولم يستطع الجيش توفير سوى طائرتين من نوع (سي-130)؛ من أصل ستّة تمتلكها البلاد، وقد تزامن ذلك مع طلب “موزمبيق” لهذا النوع من الطائرات لمواجهة المتمردين، وقد شهدت ميزانية البلاد؛ لسنة 2021، تخفيض حصّة قطاع الدفاع بنسبة: 19% مقارنة مع سنة 2020، ناهيك على أنّ: 61% من الميزانية تتّجه إلى رواتب العمّال.
كما تُعاني القوّات المسلحة في “جنوب إفريقيا” من ارتفاع سنّ القيادات وحاجة المعدّات للتجديد، خصوصًا وأنّ أغلب معدّاتها ترجع إلى فترة الستينيات والسبعينيات، ومع خفض ميزانية الدفاع؛ فإن الجيش الجنوب إفريقي اضطرّ إلى اتخاذ إجراءات تتماشى مع هذه السياسة التقشّفية، ومنها خفض ساعات الطيران العملياتية من: 17200 ساعة؛ إلى: 15000 ساعة، خصوصًا وأن تمويل العمليات القتالية الجويّة قد انفخض: بـ 60%.
رغم ذلك فإن جيش “جنوب إفريقيا” يبقى نشطًا في العديد من الميادين، إذ جرى إرسال وحدة المروحيات إلى “الكونغو الديمقراطية”؛ بالإضافة إلى مهام حراسة الحدود، وشارك أفراد من الجيش في جهود مكافحة فيروس (كورونا)، كما شارك: 25 ألف عنصر في مجابهة القلاقل الداخلية؛ في صيف 2021، كما أرسلت البلاد حوالي: 1500 عنصر إلى “موزمبيق” للتصدّي للمتمرّدين.
وتُعاني الصناعات العسكرية في “جنوب إفريقيا” من خفض ميزانية الدفاع، من بينها شركة (دينيل-Denel) الرائدة في الصناعات العسكرية في “جنوب إفريقيا”، والتي كانت تُعاني من قبل من مشكلة سيولة حتى قبل جائحة (كورونا)، لتتعمّق مشكلاتها المالية أكثر فأكثر، وتعجز عن دفع الرواتب منذ 2019.
وكانت الشركة قد خسرت: 119 مليون دولار خلال سنتيْ: 2019 – 2020، كما خسرت العديد من مهندسيها خصوصًا في وحدة تصنيع الصواريخ والطائرات المُسيرة من دون طيّار؛ وقال التقرير إنّ الشركة لطالما رفضت الدخول في شراكة مع الأجانب، في المقابل، يستمرّ قسم البحرية في شركة (بارامونت) الجنوب إفريقية؛ في بيع باخرات المراقبة إلى دول غرب إفريقيا، بينما تعمل الشركة على إجراء تعديلات هيكلية وتحاول جلب التمويل بكل الطرق.