خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بينما تُصارع “إيران” مجموعة من المشاكل الاقتصادية الداخلية؛ مثل أزمة انتشار وباء (كورونا)، بالإضافة إلى التعاملات على الصعيد الدبلوماسي مع بعض الدول مثل: “روسيا، والصين، والعراق، وسوريا، ولبنان” وغيرها، ناهيك عن عدم اتخاذ قرار نهائي وحاسم في الحوزة النووية، تدور حول “إيران” ترتيبات تهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني وخلق المزيد من التحديات. بحسب ما يرى “محمد حسين بني أسدي”؛ الدبلوماسي والقنصل الإيراني في “لاهور” الباكستانية، في مقاله التحليلي الذي نشر على موقع (الدبلوماسية الإيرانية)؛ المقرب من وزارة الخارجية.
تعاني العزلة والإنطواء..
إذ لا تصل رياح ما يحدث في “أفغانستان” وشرق “إيران”، وتطير روائحه حتى الشمال الغربي، والغرب، والجنوب في منطقة الخليح إلى المسؤولين في “طهران”، حيث تغرق البلاد في أصعب فترات العزلة والإنطواء، كما يرى الكاتب، وهو ما يعكس حجم توتر العلاقات الإيرانية مع دول الجوار، حتى أن “أرمينيا”، الدولة الوحيدة التي ترتبط بعلاقات خالية من التوتر مع “إيران”، تُعاني بعد الحرب الأخيرة مع “آذربيجان”؛ نوعًا من الضيق الذي سوف يتسبب في المزيد من القيود والمشكلات بالنسبة للجانب الإيراني.
فقد شهد الأسبوع الماضي؛ بالتوازي مع الذكرى السنوية الأولى لـ”الاتفاق الإبراهيمي”، لقاء وزير الخارجية الأميركي نظيريه الإسرائيلي والإماراتي، في “واشنطن”؛ حيث من الطبيعي أن تكون “إيران” وتطورات الشرق الأوسط أحد أهم محاور مباحثات هذا اللقاء.
تسابق “أميركي-صيني” نحو إسرائيل..
في أعقاب ذلك؛ سافر وزير الخارجية إلى “تل أبيب” بموجب دعوة رسمية، ونقطة التحول في هذه الزيارة كانت عقد سيمنار مجازي بمشاركة وزراء خارجية: “أميركا وإسرائيل والإمارات والهند”. وتبادل المشاركون وجهات النظر بشأن التعاون الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط كالتجارة، والطاقة، والتغيرات المائية والجوية، والأمن البحري، التكنولوجيا وغيرها.
وكان محتوى هذا السيمنار معادي: لـ”الصين” نسبيًا، حيث تستشعر “الولايات المتحدة” ضيق حلقة سياسات الحصار الصينية، لاسيما بعد تقارب “بكين” مع حلفاء “الولايات المتحدة”؛ مثل: “إسرائيل والإمارات”.
ومؤخرًا شرعت “مجموعة شانغهاي” الدولية الصينية، بـ”إسرائيل”، في إنشاء محطة حاويات بـ”ميناء حيفا” باستثمارات بلغت: 1.7 مليار دولار، كذلك ساهمت “الصين” في تحديث وتطوير “ميناء أشدود” الإسرائيلي، في “البحر الأبيض المتوسط”.
بدورها وقعت “الإمارات”، بالتعاون مع شركة (cosco) الصينية للملاحة، اتفاقية تعاون بشأن تطوير محطة حاويات “ميناء خليفة”، مدتها 35 عامًا. كما أثار اختيار “الإمارات”، شركة “هواوي” الصينية؛ لتنفيذ شبكات (5G) مخاوف “الولايات المتحدة الأميركية”.
الهند وسط الثلاثي “الإبراهيمي”..
وترتبط “الهند” بعلاقات قوية مع الثلاثي، مبتكر مشروع “الاتفاق الإبراهيمي”: (الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة)، بينما تعتبرها “الصين” منافسًا قويًا، حيث تُمثل شريكًا قويًا في “آسيا الوسطى” يُهدد النفوذ الصيني من خلال تشكيل كتل متعددة.
وقد بلغ حجم التبادل التجاري “الأميركي-الهندي”، في العام 2019م، حوالي: 126 مليار دولار. ويعمل في منطقة الخليج حوالي: 8.5 مليون هندي، نقلوا لـ”الهند”، في العام (2018م)؛ فقط حوالي: 79 مليار دولار. من هذا المجموع يعمل: 3.5 مليون هندي في “الإمارات” وحدها؛ وقد ساهموا في نقل مبلغ: 13.8 مليار دولار إلى “الهند”، خلال العام 2018م.
كذلك بلغ حجم التجارة بين “الهند” و”إسرائيل” أكثر من: 4.5 مليار دولار، بحيث تحتل “الهند” المرتبة العاشرة على قائمة الشركاء التجاريين لـ”الكيان الإسرائيلي”، الذي يحتل بدوره المرتبة الثانية على قائمة الدول التي تُصدر معدات دفاعية لـ”الهند”.
ودخلت العلاقات الهندية مع “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” مرحلة جديدة، حيث تتسع دائرة التعاون الثنائي بشكل يومي.
صعود هندي والدور الإيراني..
بينما يتأثر بالعادة حجم التبادل التجاري “الإيراني-الهندي”، بالصادرات النفطية الإيرانية، حيث بلغ حجم التبادل بين الجانبين، في العام 2018م، حدود: 17 مليار دولار، ومع توقف مبيعات “النفط الإيراني”، تحت وطأة “العقوبات الأميركية”، اتخذ مسار التبادل التجاربي بين البليدن منحى هابط.
وتعتمد “الهند” على “نفط الخليج”؛ في توفير: 60% من احتياجاتها، وتخسر سنويًا حوالي: 1.6 مليار دولار سنويًا؛ بسبب زيادة سعر البرميل.
وتعليقًا على أسس السياسة الخارجية الهندية، أكد “سوبرامانيوم غايشانكار”، تقييد مفاهيم مثل عدم الإنحياز والاستقلال الإستراتيجي؛ مسارات تحقيق الأهداف الهندية، وقدم تفسير جديد لتلكم المفاهيم تتناغم والآمال الهندية باعتبارها قوة حديثة الظهور في عالم مختلف.
الآن وفي ضوء هذه السياسات؛ تُشكل “الهند”، مع “الولايات المتحدة” و”اليابان” و”أستراليا”، الرباعي المعروف باسم: “كواد”. وترتبط هذه المجموعة بالثلاثي: “الأميركي-الأسترالي-البريطاني”، المعروف: بـ (Aukus)، ويصنف الخبراء السينمار المجازي للرباعي: “الهندي-الإماراتي-الأميركي-الإسرائيلي”؛ بنوع جديد من: الـ”كواد”، وهو بذلك حزام يبدأ من “أستراليا” ويعبر “المحيط الهندي” والشرق الأوسط و”أوروبا”، وصولًا لـ”الولايات المتحدة”.
هذا الحزام يُثير في الأذهان مشروع “الناتو-أنزوس”؛ وينطوي بالفعل على طبيعة اقتصادية تهدف إلى حصار “الصين”. ويتعين على “إيران” إدارة التحركات حولها بحكمة ودراية بعيدًا عن العواطف.