خاص : ترجمة – محمد بناية :
تطورات الأوضاع داخل الشرق الأوسط تحت تأثيرات ما سمي بـ”الربيع العربي”، أدخلت “سوريا” في حرب أهلية.. كذا تسببت المميزات السورية الداخلية، لاسيما النسيج العرقي والديني، والموقع الإسترايتجي والمنافسة الإقليمية والدولية، في تحويل “الجمهورية السورية” إلى محور أزمة الشرق الأوسط.
في غضون ذلك؛ كان وما يزال للقوى العالمية والإقليمية حضور فعال في هذه الأزمة، إذ تتعارض نسبيًا مصالح هذه القوى؛ فكل طرف يسعى إلى تمرير سياساته في “سوريا”..
وفي هذا الصدد أجرى، “سيد علي كرماني”، مراسل صحيفة (نجم الصباح) الإيرانية المحسوبة الإصلاحية، الحوار التالي مع، الدكتور “مرتضى موسوي خلخالي”، الدبلوماسي السابق والخبير في شؤون العالم العربي.
الأولوية الروسية لمصالحها الشخصية فقط !
“نجم الصباح” : ما هو تحليلكم لمصالح القوى الإقليمية والعالمية، لاسيما “تركيا”، في “سوريا” ؟
“مرتضى موسوي خلخالي” : فرضت الأزمة السورية على القوى الإقليمية والدولية التدخل في هذا البلد، والصراع على تحقيق مصالحهم في آتون تلكم الأزمة.. وقد استفادت بعض الدول، ومازالت، بشكل أكبر جراء وجودها في “سوريا”، ويمكننا الإشارة إلى دول “تركيا” و”روسيا”.

إذ كان للبلدان حضور قوي في بداية الأزمة السورية.. صحيح أن دور كلاً منهما كان مستقلاً عن الآخر، لكن ورغم تضاد المصالح والمكاسب؛ سعى البلدان إلى التنسيق سويًا. ولم تمنع العلاقات الجيدة مع “إيران”، التي تساند “بشار الأسد” في “سوريا”، الجانب الروسي من توطيد العلاقات مع “إسرائيل” والدول العربية و”تركيا”.
والطريف في الوقت الذي دخلت فيه “روسيا” على خط الأزمة السورية، كأحد الأطراف الداعمة للإبقاء على “بشار الأسد”، كانت الدول العربية، و”تركيا”، تعمل على الإطاحة بالنظام السوري.. وهذا السلوك الروسي يثبت أن هذا البلد يعطي الأولوية لمصالحه الشخصية، وعلى هذا الأساس يحدد الأعداء والأصدقاء.
ولا أدل على ذلك؛ من التوتر في العلاقات “الروسية-التركية”، بعد تورط الأخيرة في إسقاط مقاتلة روسية، حيث جنحت “روسيا”، بدلاً من المواجهة والمعاملة بالمثل، إلى إخضاع “تركيا” عبر دبلوماسية الكوارث.
الإعتقاد في الانسحاب الأميركي باعتباره هزيمة.. خطأ إيراني..
“نجم الصباح” : ما هي المكاسب التي يحصل عليها الأميركيون من “الأزمة السورية” ؟
“مرتضى موسوي خلخالي” : أحد أخطاء المسؤولين الإيرانيين، أنهم يعتبرون انسحاب القوات الأميركية من “سوريا” بمثابة هزيمة للإدارة الأميركية، بينما في الحقيقة ما كانت “واشنطن” لتنسحب دون تحقيق مكاسب.
ولا ننسى أن “أميركا” لن تسمح أن تكون الكلمة العليا في الشرق الأوسط للروس، إذ يمثل الشرق الأوسط أهمية قصوى بالنسبة لـ”الولايات المتحدة”؛ وهي تمتلك قواعد عسكرية في معظم بلدان هذه المنطقة. ولو نلقي نظرة على القواعد الأميركية والروسية في المنطقة؛ فسوف ندرك مدى تعارض إعلان هزيمة القوات الأميركية مع المنطق.
لقد إتخذ الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قرار انسحاب القوات الأميركية من “سوريا”، وقد بدأت بالفعل عملية الانسحاب وتسكين الجزء الأكبر من هذه القوات في “العراق”.
وهنا تُجدر الإشارة إلى أن “العراق” يحوز أهمية أكبر من “سوريا”، بالنسبة للإدارة الأميركية. ويحوز “العراق” كذلك أهمية أكبر من نقاط مختلفة أهمها؛ “مصادر الطاقة” و”الموقع الإستراتيجي”.
وما يهدد المصالح الإيرانية؛ هو تطبيع الدول العربية مع “العراق” و”سوريا”، بالشكل الذي يفرض تحديات جديدة على الوجود الإيراني في المنطقة عمومًا. ولا يجب أن نتغاضى بسهولة عن الوعود الاقتصادية “السعودية” إلى البلدين المأزومين. كذلك لابد من التعاطي مع مساعي “الجامعة العربية” لاستعادة “الجمهورية السورية”.
إيران استنزفت ميزانيتها في عالم عربي يبغضها !
“نجم الصباح” : ما هي في رأيك السياسة التي يجب أن تتبناها “إيران” ؟
“مرتضى موسوي خلخالي” : الإجابة على هذا السئوال تمثل مشكلة.. فـ”الجمهوية الإيرانية” أنفقت ميزانيات ضخمة في “سوريا والعراق واليمن”، بينما من غير الواضح ماذا كانت النتائج !
والمقطوع به؛ أن العالم العربي لا يتحمل “إيران” في السر والعلن. وإذا ما نظرنا إلى تاريخ العقود الماضية فسوف نكتشف أن العلاقات الإيرانية، بسبب انتصار “الثورة”، مع العالم العربي تزداد توترًا.
فقد أقدمت الدول الكبيرة في العالم العربي مثل، “مصر”، على قطع علاقاتها مع “إيران”، ولا نملك منذ 40 عامًا علاقات سياسية مباشرة مع هذا البلد. كذلك لا توجد علاقات حسنة بين “إيران” و”السودان والمملكة العربية السعودية” ومعظم دول الخليج.
من هنا؛ يتعين على مسؤولينا التفكير في مكاسبنا بعد التكاليف التي أنفقنا في “العراق” و”سوريا” و”اليمن”. كذلك يجب أن ننتظر ونرى على ماذا سيُحصل الروس. فالأولوية الرئيسة للروس، في الشرق الأوسط، هي المحافظة على “أمن إسرائيل”، ولا ترتبط مصالحهم مع “إيران”؛ بعكس ما تشيع وسائل الإعلام.