وكالات – كتابات :
تشهد محافظة “ديالى” العراقية تصعيدًا طائفيًا إثر مقتل أحد عشر شخصًا من أبناء قرية “نهر الإمام”؛ ذات الغالبية السُنية، في عملية انتقامية ردًّا على هجوم تبنّاه “تنظيم الدولة الإسلامية”، (داعش)، على قرية “الرشاد” المجاورة؛ ذات الغالبية الشيعية، وأسفر عن مقتل: 15 شخصًا وإصابة 26 آخرين بجروح، إلى جانب إضرام النيران في عدد من المنازل والبساتين.
محاولة احتواء النيران قبل اتساعها..
وأشعل الحادثان فتيل أزمة طائفية بين أهالي القريتين؛ سارعت الحكومة العراقية إلى محاولة احتواءها. وقالت مستشارية الأمن القومي العراقية، (حكومية)، في بيان لها، إن: “وفدًا أمنيًا برئاسة مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، وعضوية وزير الداخلية، عثمان الغانمي، ورئيس أركان الجيش العراقي، عبدالأمير يارالله، ووزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق، وصل إلى محافظة ديالى” لاحتواء الأزمة الطائفية.
وقال مصدر أمني بقيادة شرطة “ديالى”: “منذ الثلاثاء؛ شهدت بعض القرى في قضاء المقدادية موجة نزوح خوفًا من عمليات انتقام لأسباب طائفية”. وتزامن وصول الوفد الحكومي مع إرسال تعزيزات من الجيش والشرطة إلى محافظة “ديالى”.
وأمر الرئيس العراقي، “برهم صالح”، الذي أمر بفتح تحقيق شامل في الأحداث الطائفية، التي شهدتها محافظة “ديالى”، فيما وجه رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، قوات الأمن؛ بتكثيف الجهد الاستخباري لمنع الهجمات، متوعدًا بالقصاص من مرتكبي: “جريمة المقدادية”، وفق بيان صادر عن متحدث عسكري.
ودعا “الكاظمي” إلى عدم السماح بأية محاولة لعودة الفرقة الطائفية؛ والتكاتف من أجل محاربة الإرهاب في “العراق”. وشدد “الكاظمي”، خلال اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني؛ بحضور عدد من القيادات الأمنية والعسكرية على: “تفعيل الجهد الاستخباري للقيام بدوره، وتشخيص أي محاولة لبثّ الفرقة الطائفية التي لن نسمح بعودتها”.
عودة “داعش” لينفخ نار الفتنة..
وأعلن “العراق”، عام 2017، تحقيق النصر على (داعش)؛ باستعادة كامل أراضيه، التي كانت تُقدر بنحو ثُلث مساحة البلاد؛ اجتاحها التنظيم صيف 2014، إلا أن الأخير لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة ويُشن هجمات بين فترات متباينة.
وكان وزيرا الداخلية والهجرة والمهجرين ومستشار الأمن القومي ورئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة وكبار الضباط؛ قد وصلوا إلى محافظة “ديالى”، في وقت سابق اليوم؛ لبحث تداعيات الهجوم الذي شنه تنظيم (داعش) على قرية “الرشاد”، بمحافظة “ديالى”؛ وأدى إلى مقتل: 13 مدنيًا وإصابة أكثر من: 15 آخرين.
وقال مرصد (أفاد) لحقوق الإنسان؛ إن: “السكان المحليين أبلغوا عن مجاميع مسلحة تستقل سيارات رباعية الدفع، نفذت عمليات إعدام ميدانية وحرق منازل ومركز صحي وبساتين وسيارات داخل قرية نهر الإمام”.
ودان “المجمع الفقهي العراقي”، وهو مرجعية شرعية مستقلة للسُنة، في بيان: “الهجوم الإرهابي” على قرية “الرشاد”، وفي الوقت نفسه: “الجريمة الانتقامية المروعة وغير الشرعية”، التي طالت قرية “نهر الإمام”. وجاء في البيان: “شهد قضاء المقدادية، في محافظة ديالى، جريمة إرهابية استهدفت أبناء قرية الرشاد تحركت على إثرها مجاميع مسلحة نفذت هجومًا موسعًا على قرية نهر الإمام”، منتقدًا أداء: “الأجهزة الأمنية”.
هل دخل العراق سيناريو 2006 ؟
وتُعيد مثل هذه الحوادث، في “العراق”؛ إلى الأذهان ذكريات أليمة لحرب طائفية قُتل فيها الآلاف بعد الغزو الأميركي، في العام 2003. وكانت محافظة “ديالى” قد شهدت أخطر حالات الصراع الطائفي بين عامي: 2006 – 2009، وصلت إلى درجة هدم متبادل للمساجد والحسينيات وحرق المنازل والقرى.
وأعلن “العراق”، في أواخر العام 2017، انتصاره على “تنظيم الدولة الإسلامية”؛ بعد طرد الجهاديين من كل المدن الرئيسة؛ التي سيطروا عليها، في العام 2014، فيما قُتل زعيم التنظيم، “أبوبكر البغدادي”، في العام 2019.
وتراجعت مذاك؛ هجمات التنظيم في المدن بشكل كبير، لكن القوات العراقية لا تزال تُلاحق خلايا نائمة في مناطق جبلية وصحراوية، فيما يستهدف التنظيم، بين وقت وآخر؛ مواقع عسكرية، وقد نفّذ الشهر الماضي؛ هجومًا أودى بثلاثين مدنيًا في حي “مدينة الصدر” الشيعية في العاصمة.
ويقدم “تحالف دولي”؛ بقيادة “واشنطن”، الدعم للقوات العراقية في حربها على “تنظيم الدولة الإسلامية”، منذ العام 2014، ويضم: 3500 عسكري، بينهم: 2500 أميركي، ستتحول مهمتهم إلى: “استشارية” و”تدريبية” تمامًا، بحلول نهاية العام.
وأعلنت السلطات العراقية، في تشرين أول/أكتوبر؛ إلقاء القبض على جهاديَّين بارزين في عمليتين خارج “العراق”، أحدهما في: “تركيا”، وهو “سامي جاسم الجبوري”، “مشرف المال” في “تنظيم الدولة الإسلامية”؛ ونائب “البغدادي” سابقًا، والآخر مسؤول عن تفجير أدى إلى مقتل أكثر من: 320 شخصًا في “بغداد”، قبل خمس سنوات.