خاص : ترجمة – لميس السيد :
على مدى العام الماضي، فقد تنظيم “داعش” مساحات واسعة من الأراضي في جميع أنحاء العراق وسوريا، حيث كافحت التحالفات الدولية المتنافسة لهزيمة التنظيم، بقيادة التحالف الدولي للولايات المتحدة الذي دعم الجيش والميليشيات العسكرية العراقية والميليشيات التي يقودها الأكراد في سوريا، ومن الجانب الآخر، كان هناك تحالف بقيادة روسيا وإيران لدعم الرئيس السوري “بشار الأسد” والميليشيات في سوريا والعراق.
كشف مراقبون لصحيفة (فاينانشال تايمز) البريطانية، أن تنظيم “داعش” الإرهابي يستغل الخصومة بين أعداءه ليؤسس لنفسه معاقل جديدة، ويقوم بتنسيق ذلك حالياً من داخل الأراضي السورية.
وفي إطار محاولاته لخلق موطيء قدم جديد، أكدت المعارضة السورية ومقاتلو النظام السوريون على أن “داعش” يعيد تجميع صفوفه في سوريا، على الرغم من القضاء عليه في معاقله، مستغلاً في ذلك الخصومة بين الدول التي تبنت حملات محاربة التنظيم الإرهابي.
تركيز مشتت..
تقول الصحيفة البريطانية أن التوترات المتصاعدة والطموحات الإقليمية الجديدة بين القوات الدولية حولت التركيز بعيداً عن بقايا “داعش” في الأراضي العربية، والدليل على ذلك إن الهجوم التركي في شمال غرب سوريا تحت لواء عملية “غصن الزيتون”؛ ضد الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي قاتلت “داعش” بنجاح، يزيد من التوتر في المنطقة.
وصرح أحد شخصيات المعارضة السورية للصحيفة، أن “داعش بعيد تماماً عن فكرة القضاء عليه، وهناك تخطيط داخل التنظيم لترك بعض مقاتليهم ليكونوا ذريعة دخول الأراضي مجدداً”.
وكانت قد كشفت التقارير السابقة لصحيفة (فاينانشيال تايمز) أنه مع إنهيار الخلافة المزعومة لـ”داعش”، قضى التنظيم أشهراً في تحويل الأموال من معاقله لتمويل شبكته من المقاتلين داخل سوريا.
ويقول شيخ قبلي من شرق سوريا: “إنهم لا يحاولون السيطرة على المدن.. كل ما يطمحون إليه هو إعادة فتح طرق لهم من الحدود الجنوبية.. للتواصل مع بقاياهم من الذئاب المنفردة والخلايا النائمة”.
ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مراقبة تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، فإن سيطرة “داعش” على الأراضي إنخفضت من حوالي 50 في المئة من الأراضي السورية إلى 3 في المئة في أواخر العام الماضي. وفي الشهرين الماضيين، كانت سيطرة “داعش” قد تراجعت بنسبة 3.7 في المئة، وإستولت الجماعة الجهادية على 82 قرية في شمال غرب سوريا.
العودة من بوابة الصحراء..
في عام 2017، بدأ مقاتلو “داعش” التسلل من المناطق الحدودية الصحراوية؛ التي يسهل إختراقها بين العراق وسوريا، وبعدما سقطت “الرقة”، خلافتهم المزعومة، على يد القوات الديمقراطية السورية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، إستعادت القوات السورية المدعومة من روسيا، مدناً سورية أخرى وهي “دير الزور وميادين والبوكمال”.
ومع ذلك، إتهمت روسيا والولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة؛ الشركاء السوريين، بالسماح بعودة ظهور “داعش” في شرق البلاد.
من جانبه، نفى الكولونيل، “ريان ديلون”، المتحدث باسم التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة، ذلك اللإتهام مؤكداً على أن قوات الدفاع الديموقراطية لم تتسامح مع وجود “داعش، قائلاً إن التضاريس الصحراوية المترامية الأطراف يصعب إستعادتها أكثر من المناطق الحضرية، وقوات “داعش” منتشرة في مناطق مترامية الأطراف، ويصعب السيطرة عليها كلياً كما في المناطق الحضرية.
وفي قاعدة “التنف” العسكرية الأميركية، المتاخمة للحدود السورية مع الأردن والعراق، قال أحد المقاتلين المتمردين أن سر عودة التنظيم مجدداً سببه التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، التي من المحتمل أن تتفاقم بعد إعلان واشنطن، هذا الشهر، أن ألفى جندي أميركي سيبقون في شرق سوريا لردع “داعش” ومواجهة الوجود المتزايد لإيران، حيث تسيطر إيران حالياً على مدينة “البوكمال” السورية.
ويقول مسؤولو التحالف الدولي إن قوات “الأسد”، التي تسيطر الآن على أكثر من نصف سوريا، لا تغطي بشكل كافي جميع المناطق لإبقاء “داعش” تحت السيطرة، خاصة أنها تكافح متمردين في مناطق أخرى، وأشار الكولونيل “ديلون” إلى تقارير تفيد بأن “داعش” تمكن من نقل قواته عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام.
من جانبهم أنكر جنود الحكومة السورية أن نظام “الأسد” يسمح بتقدم “داعش”، حيث يقول واحداً منهم إنه قلق من أن يسعى “داعش” إلى قطع طريق الإمداد الحكومي الرئيس إلى “حلب”، المدينة الرئيسة الثانية في سوريا: “إذا تمكنوا من ذلك، فسيكونوا نجحوا بإرضاء إحتياجاتهم الإرهابية”.