20 أبريل، 2024 8:15 م
Search
Close this search box.

خيارات الاحتلال المستقبلية .. “إسرائيل” تنتظرها سيناريوهات “سيئة” في حربها على غزة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

لا توجد خيارات جيدة بالنسبة لمستقبل عدوان “إسرائيل” على “غزة”؛ بحسّب تقرير يرصد التداعيات المحتملة لأي مسّار تختاره حكومة “بنيامين نتانياهو”.. فكيف تبدو هذه النظرة المستقبلية ؟

“نظرة مستقبلية على الحرب الإسرائيلية لتدمير (حماس)”.. تحت هذا العنوان نشرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية تقريرها، الذي يُلقي الضوء على ما قد تواجهه “تل أبيب” مستقبلاً جراء عدوانها الجاري على “قطاع غزة”؛ منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023.

كانت “إسرائيل” قد شنَّت منذ عملية (طوفان الأقصى) العسكرية؛ يوم السابع من تشرين أول/أكتوبر، قصفًا جويًا وبحريًا على “قطاع غزة” تبعه اجتياح بري، مُعلنةً عن هدفين رئيسيين هما: تدمير المقاومة، وتحرير الأسرى بالقوة العسكرية.

و(طوفان الأقصى)؛ هو الاسم الذي أطلقته “حركة المقاومة الإسلامية”؛ (حماس)، على العملية العسكرية الشاملة، التي بدأت فجر السبت 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، ردًا على: “الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني”. ففي تمام الساعة السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي في “فلسطين”، شنّت (حماس) اجتياحًا فلسطينيًا لمسّتوطنات “الغلاف” المحاذية لـ”قطاع غزة” المحاصَر، حيث اقتحم مقاتلون من (كتائب عز الدين القسّام) البلدات المتاخمة للقطاع، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من “غزة” باتجاه “تل أبيب” و”القدس” ومدن الجنوب.

ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتّابت الإسرائيليين؛ وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة أو تحت سّيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسّر العشرات من جنود من جيش الاحتلال والمسّتوطنين وسّيطرة فلسطينية كاملة على مسّتوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها: “في حالة حرب”، للمرة الأولى منذ حرب تشرين أول/أكتوبر 1973.

سيناريوهات أحلاها مُرّ لـ”إسرائيل”..

ينطلق تقرير (فورين بوليسي) من نظرة مستقبلية متخيلة على الأوضاع؛ يوم 07 تشرين أول/أكتوبر عام 2025، فيما يُعرف بنظرية سيناريوهات ما قبل الوفاة، وهي أداة من أدوات التحليل النفسي لـ”غاري كلاين”؛ عالم نفس شهير، وينصح بها “دانيال كايمان”؛ الحاصل على جائزة (نوبل)، وهدف تلك الأداة هو تقليل مخاطر الفشل وفكرتها بسّيطة. تخيل نتائج السياسة المتبعة حاليًا في أسوأ سيناريوهاتها بعد أن تنتهي من تنفيذها، ثم تقوم بتحليل الأخطاء التي تم ارتكابها، فتكون النتيجة رصد الأخطاء المحتملة، ويقوم صناع القرار بدراستها في الوقت الحاضر بهدف تفاديها، ومن ثم تغيّير السياسة المتبعة.

وانطلاقًا من هذه النظرية؛ يضع تقرير (فورين بوليسي) هذا السيناريو بعد عامين من اليوم: (حماس) تعود للسّيطرة على “قطاع غزة”، وترتفع شعبيّتها بشكلٍ لافت في “الضفة الغربية والقدس” وفي المنطقة والعالم، بينما تُعاني “إسرائيل” من عُزلة دولية خانقة وتدهور بالغ في علاقتها مع “الولايات المتحدة”. وعلى المستوى الداخلي، تزداد الشّروخ وتتسّع هوة الانقسّام السياسي والاجتماعي في “إسرائيل” عما كانت عليه قبل الحرب على “غزة”، وهو ما يشّل دولة الاحتلال عمليًا.

وعلى مستوى الشرق الأوسط؛ يُصبح حلفاء “إيران” أكثر عدوانية عن ذي قبل، وترتفع وتيرة الهجمات الصاروخية التي يُشّنها (حزب الله) اللبناني على شمال “إسرائيل”، ويواصل (الحوثيون) في “اليمن” استهدافهم للسفن من “إسرائيل” وإليها عبر “البحر الأحمر” و”باب المندب”.

هذه النتائج المستقبلية المحتمَلة تم التوصل إليها من خلال زيارة ميدانية قام بها فريق باحثين من (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية)؛ لـ”إسرائيل”، حيث أجروا مقابلات مع مسؤولين أمنييّن وسياسيين رفيعي المستوى في دولة الاحتلال، خلص من خلالها الباحثون إلى أن عدم فهم القيادة الإسرائيلية لقوة (حماس) الحقيقية وتقليل تلك القيادة من شأن “حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية” سيؤدي في نهاية المسّار الحالي إلى تقوية الحركة أكثر مما هي عليه الآن، وسيُضعف الجبهة الداخلية في “إسرائيل” وسيُفشّل أي سيناريو تنتقل من خلاله “تل أبيب” من مرحلة الحرب إلى مرحلة حكم القطاع، كما سيقوض علاقة “إسرائيل” مع “الولايات المتحدة”.

التقليل الإسرائيلي من قوة حركة “حماس”..

وضعت “إسرائيل”؛ بقيادة “نتانياهو”، ووزير الدفاع؛ “غالانت”، وباقي أعضاء الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخها، هدف القضاء على (حماس) في صدر أجندتهم من الحرب الحالية على “غزة”، وذلك من خلال قتل قادة الحركة ومقاوميها. فقبل السابع من تشرين أول/أكتوبر، بلغت قوة الجناح العسكري لـ (حماس) نحو: (25) ألف مقاتل، والآن تزعم “إسرائيل” أنها قتلت نحو: (07) آلاف منهم قادة ميدانيين.

لكن تقرير (فورين بوليسي) يؤكد أن (حماس) ستثبت في نهاية المطاف وبشكلٍ لافت للغاية أنها عصية التدمير، بل ستواصل الحركة نموها وبناء قوتها. إذ تُقيم “إسرائيل” قوة (حماس) من خلال أعداد المقاتلين في تشّكيلات الحركة ومراقبة جنازات الشهداء وبيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي الخاصة بأعداد الشهداء في القطاع. لكن خبيرًا إسرائيليًا تحدّث للمجلة الأميركية معبرًا عن: “شكوكه البالغة في التقديرات الإسرائيلية بشأن عدد القتلى من مقاتلي (حماس)”.

ما أن جنود الاحتلال في الميدان، من غير المُرجّح أن يقوموا بتصنيف الشهداء من الفلسطينيين بشكلٍ دقيق، ويمكن بسّهولة أن يعتبروا جميع الذكور في سن القتال من أعضاء (حماس).

وفي هذا السياق؛ يقوم جيش الاحتلال باستعراض مجموعات كبيرة من الرجال الفلسطينيين في “غزة” على أنهم: “أسرى من فصائل المقاومة”، بينما أثبتت الحقائق أن أغلبهم مدنيون.

وهناك نقطة أخرى؛ بحسّب تقرير (فورين بوليسي)، تتعلق بأن بعض الفلسطينيين المدنييّن في “غزة” قد يحملون السلاح لمواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر، وهو ما يُضيف بالضرورة إلى قوة (حماس) وغيرها من فصائل المقاومة في القطاع.

أشار التقرير أيضًا إلى حقيقة أن (حماس) متجذرة في المجتمع الفلسطيني، وبخاصة في “قطاع غزة” الذي تُديره الحركة منذ عام 2007، حيث وُلد جيل لا يعرف سواها، كما أن الحركة تعمل بشكلٍ وثيق مع العائلات الكبرى في “غزة”، ولها قاعدة قوية داخل مخيمات القطاع، وحتى قبل عام 2007؛ كانت (حماس) موجودة بشكلٍ مباشر في جميع أوجه الحياة اليومية لسكان “غزة”، فالحركة جزء أصيل من نسّيج المجتمع هناك.

هذه الجذور العميقة للحركة في “قطاع غزة” تجعل من السهل جدًا أن تُعيد بناء قوتها حتى إذا ما نجحت “إسرائيل” في تدمير قدرات (حماس) العسكرية، وهو ما لا يبدو سيناريو محتملاً في ظل معطيات الميدان بعد أكثر من: (80 يومًا) من بداية الحرب.

من جانب آخر؛ (حماس) ليست مجرد تنظيم عسكري أو سياسي، بل رمز وتجسّيد لمبدأ المقاومة المسّلحة للاحتلال، وقد جاءت عملية (طوفان الأقصى) العسكرية يوم السابع من تشرين أول/أكتوبر؛ بمثابة الشرارة الكهربائية التي سّرت في عروق الغالبية الساحقة من الفلسطينيين والعالم الإسلامي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من: (80%) من الفلسطينيين في “الضفة الغربية” يدعمون (حماس) و(طوفان الأقصى).

كما نتج عن العدوان الإسرائيلي الغاشم والمستمر على “قطاع غزة”، والذي تسبب في ارتقاء نحو: (21) ألف شهيد، غالبيتهم الساحقة من المدنييّن، ارتفاعًا هائلاً في شعبية مسّار المقاومة، واعتباره الحل الوحيد للتصدي للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يُشير إلى أن “غزة” أصبحت أرضًا خصبة لاحتضان المقاومة أكثر ربما مما كانت عليه قبل السابع من تشرين أول/أكتوبر، خصوصًا أن غالبية سكان القطاع، البالغ عددهم أكثر من: (2.4) مليون شخص، هم دون: الـ (18) من العمر.

وتصبّ هذه النقطة؛ بحسّب (فورين بوليسي)، في صالح شعبية مبدأ المقاومة بشكلٍ عام، وهو المحور الذي تقول “إيران” وحلفاؤها في المنطقة إنهم يتبّنونه، في مقابل إضفاء صعوبات بالغة على كاهل أنظمة عربية توصف غربيًا بأنها: “معتدلة” مثل “مصر والإمارات”، حيث ستجد تلك الدول أن تعاملها مع دولة الاحتلال بشكلٍ علني لن يكون مقبولاً على المستوى الشعبي داخليًا وفي المنطقة عمومًا.

“إسرائيل” تواجه أزمات بالجملة..

أدت عملية (طوفان الأقصى) إلى إجلاء آلاف المسّتوطنين الإسرائيليين من مسّتوطنات “غلاف غزة”، كما أدى إطلاق الصواريخ من جانب (حزب الله) إلى إجلاء آلاف آخرين من مسّتوطنات شمال “إسرائيل” على الحدود اللبنانية، ليُصبح أكثر من: (250) ألف إسرائيلي يعيشون الآن إما في فنادق على نفقة الحكومة، أو لدى أقارب لهم في مناطق في عمق دولة الاحتلال.

وبعد أكثر من: (80 يومًا) من الحرب على “غزة”، لا يزال هؤلاء المسّتوطنون غير قادرين على العودة إلى مسّتوطناتهم، ليس فقط بسبب استمرار الحرب في الجنوب والمناوشات الحدودية في الشمال، ولكن أيضًا بسبب فقدانهم الكامل للثقة في قدرة حكومة وجيش الاحتلال على توفير الأمن لهم، وهي النقطة التي تُمثل أولوية لـ”إسرائيل” الآن.

لكن استعادة الثقة؛ في النظرة المستقبلية التي يرصدها تقرير (فورين بوليسي)، ستُثبت أنه أمر صعب للغاية، سواء من الناحية العسكرية أو من الناحية النفسية، فـ”إسرائيل” لا بد أولاً أن تُثبت أنها قادرة على “هزيمة” (حماس) و”ردع” (حزب الله)، وكلاهما: “مفاهيم مراوغة للغاية، أي من الصعب جدًا تحقيقها”، خصوصًا في ظل الفشل الذريع لجيش واستخبارات الاحتلال وأجهزته الأمنية؛ يوم السابع من تشرين أول/أكتوبر، والفشل المستمر حتى الآن من تحقيق أي هدف عسكري ملموس، رُغم التدمير شبه الكامل لـ”قطاع غزة” وبُنيته التحتية المدنية.

فاستعادة ثقة المسّتوطنين لإقناعهم بالعودة إلى مسّتوطناتهم يعني أنه على “إسرائيل” أن توقع: “هزيمة ملموسة وشاملة” بـ (حماس) في “غزة”، وأن تُجبر (حزب الله) على إبعاد وحدات نخبته (الرضوان) عن الحدود الإسرائيلية لضمان عدم القيام بهجوم: “مفاجيء”. كما قد تحتاج “إسرائيل” إلى نشر أعداد كبيرة من قواتها على كل جبهة، وأن تقدم لكل منطقة مأهولة قدرات أمنية أكبر، وهذه القدرات ستكون مكلفة ماليًا للغاية؛ وخصوصًا لدولة تعتمد بالأساس على قوات الاحتياط، وهو ما يجعل من الصعب جدًا عليها أن تحتفظ بقوات ضخمة في حرب طويلة، بحسّب (فورين بوليسي).

وحتى يزداد الطين بِلة؛ توجد مشكلة انعدام ثقة عميقة في النظام السياسي في “إسرائيل”، التي بات مجتمعها منقسّمًا حد التمزق، فهناك انقسّامات عميقة بين المجتمعات الدينية وتلك العلمانية، وهناك انقسّام عميق بين عرب 1948 واليهود الإسرائيليين، وانقسّام آخر بين اليهود من أصول غربية (الأشكيناز) واليهود من أصول شرقية (السفارديم). ثم جاء “نتانياهو” بحكومته الحالية التي شهدت انضمام وزراء من اليمين المتطرف وغلاة المسّتوطنين، سّعوا إلى الانقلاب على القضاء، وهو ما أدى إلى انقسّام أكثر خطورة.

الآن سيكون على “إسرائيل” أن تُفرض ضرائب أعلى لتمويل الجيش، وأن تُمّدد مدة خدمة الاحتياط في الجيش وقرارات أخرى أكثر صعوبة، لكن التحدي هنا يتمثل في إمكانية تمرير مثل تلك السياسات في مجتمع منقسّم بتلك الصورة.

جبهة “حزب الله” والعلاقة مع “أميركا”..

تواجه “إسرائيل” خيارات مريرة أيضًا فيما يتعلق بجبهتها الشمالية مع (حزب الله). فالتنظيم اللبناني المدعوم من “إيران” يمتلك قدرات تسّليحية وأفرادًا أكثر بكثير مما تمتلكه (حماس)، وهو ما قد يعني أن “إسرائيل” ستواجه كارثة إذا ما تحوّلت المناوشات الحدودية إلى حرب شاملة، بحسّب تقرير (فورين بوليسي).

لكن الوضع القائم حاليًا لن يمكّن “إسرائيل” من إعادة المسّتوطنين إلى مسّتوطناتهم على الحدود الشمالية من جهة، كما أن احتمال اندلاع المواجهة سيظل قائمًا، وهو ما يُعيق استعادة ثقة الإسرائيليين في قدرة حكومتهم وجيشهم على توفير الأمن. هذه الحسابات، مضافًا إليها رغبة “نتانياهو” الشخصية في استمرار الحرب بشكلٍ عام حتى لا يواجه نهايته سياسيًا، وربما ينتهي به الحال سجينًا أيضًا؛ (يُحاكم رئيس الوزراء حاليًا بتهم الفساد وتلقي الرشوة وخيانة الأمانة)، تجعل من احتمال تفجر الوضع في الجبهة الشمالية مع (حزب الله) سيناريو قائم بالفعل.

يُلمح “نتانياهو” و”غالانت” بالفعل إلى هذا الاحتمال، لكن ضغوط إدارة “جو بايدن”؛ ربما تُمثل عائقًا أمام القيادة الإسرائيلية. صحيح أن “بايدن” ألقى بكل ثقل “واشنطن” السياسي والمالي والعسكري خلف “إسرائيل”؛ منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر، لكن فشل جيش الاحتلال في تحقيق أي انتصار عسكري والانفلات الجنوني ليس فقط في “غزة”، ولكن في “الضفة الغربية” و”القدس” المحتلتين، كلها عوامل باتت تُمثل ضغطًا متصاعدًا على الرئيس الأميركي، الذي تنتظره انتخابات شرسة في تشرين ثان/نوفمبر 2024.

المصالح الأميركية في المنطقة وحول العالم باتت مهددة، ناهيك عن مصداقية “واشنطن” كقوة عظمى، والانقسّامات المتصاعدة داخل حزب “بايدن” الديمقراطي، والشعبية المتصاعدة لمنافسه الجمهوري المحتمل؛ “دونالد ترامب”، كلها أمور تضغط في اتجاه كبح جماح “إسرائيل”، التي يقودها حاليًا رئيس وزراء له حساباته الخاصة أيضًا، مما يُشير إلى أن صدامًا يلوح في الأفق بين الحليفين.

والسؤال هنا هو هل تمتلك “إسرائيل” رفاهية فقدان الدعم الأميركي أو تشّقق العلاقات الاستراتيجية بين الحليفين ؟

الخلاصة هنا هي؛ أن “إسرائيل” تواجه خيارات مريرة في جميع السيناريوهات المستقبلية، بحسّب تقرير (فورين بوليسي).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب