17 أبريل، 2024 9:24 م
Search
Close this search box.

خلال حزيران المقبل .. “بايدن” يطأ أرض مشتعلة: ماذا تحمل أجندة أعماله في “إسرائيل” لكي ينجو ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

من المتوقع أن يزور “جو بايدن”؛ “إسرائيل”، الشهر المقبل، فما الرسالة التي يحملها الرئيس الأميركي إلى “تل أبيب”؛ بعد جريمة اغتيال؛ “شيرين أبوعاقلةط، وخطط بناء مستوطنات، وقرار تهجير فلسطينيين من بيوتهم ؟

كانت “شيرين أبوعاقلة”، الصحافية الفلسطينية، مراسلة قناة (الجزيرة)، قد تعرضت للاغتيال برصاصة أطلقها قناص إسرائيلي أصابتها في الوجه مباشرة، وعلى الفور انطلقت الدعاية الإسرائيلية لمحاولة طمس معالم الجريمة، من خلال الزعم بأن رصاصة “فلسطينية” قتلت “شيرين”، لكن في نهاية المطاف سقطت جميع أوراق التوت التي سعت دولة الاحتلال إلى الاختباء خلفها، وحُدد من أطلق الرصاصة القاتلة.

لكن “إسرائيل” لم تكتفِ باغتيال “شيرين أبوعاقلة” مرة، وإنما اقتحمت منزلها، واقتحمت “المستشفى الفرنسي” للتنكيل بجثمانها، واعتدت على التابوت وحاولت إسقاطه أرضًا، كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

لماذا “إسرائيل” واثقة من الإفلات من العقاب ؟

موقع (ريسبونسيبل ستيتكرافت) الأميركي؛ نشر تحليلاً عنوانه: “زيارة بايدن إلى إسرائيل تزداد صعوبة يومًا بعد يوم”، كتبه “ميتشل بليتنيك”، رئيس مركز (ReThinking Foreign Policy)، ومدير مكتب منظمة (بتسيلم) الحقوقية الإسرائيلية في “الولايات المتحدة” سابقًا، يرصد أي رسالة يجب أن يحملها “بايدن” إلى “إسرائيل”؛ خلال زيارته المتوقعة الشهر المقبل، حزيران/يونيو.

مصدر الصورة: رويترز

وستكون تلك الزيارة المتوقعة الأولى لـ”جو بايدن”؛ إلى “إسرائيل”، وهو رئيس، ومن المؤكد أنَّ الأحداث التي شهدها الأسبوع الماضي قد أعطت ساكن “البيت الأبيض” أكثر مما يكفي لملء أجندته حين يصل إلى هناك، بحسب تحليل الموقع الأميركي.

ويقول “بليتنيك”؛ إنه رغم أن جميع روايات شهود العيان تُفيد بشكل لا لبس فيه بأنَّ الجنود الإسرائيليين هم مَن قتلوا “أبوعاقلة”، وفضحت العديد من المصادر زيف النظريات الإسرائيلية، التي إمَّا تُلقي باللوم على الفلسطينيين، وإما تطمس الحقائق، فإن “الولايات المتحدة” تُواصل دعم إجراء تحقيق تقوده “إسرائيل”، وتُصِرُّ على أنَّ الوضع لا يزال غير واضح.

لكن الأمر الواضح تمامًا هو أنَّ الحكومة في “تل أبيب” واثقة من أنَّه سيتم تهدئة أي رد فعل من جانب إدارة “بايدن”، وفوق كل ذلك واثقة من أنَّ دعم “واشنطن” لن يتأثر بتصرفاتها، يقول “بليتنيك”.

ولدى المسؤولين هناك سبب وجيه للإعتقاد بذلك؛ إذا ما اعتبرنا الماضي مؤشرًا. مع ذلك قد يكون من الأصعب الإبقاء على ذريعة أنَّ الحقائق على الأرض غامضة، بعدما شاهد العالم برمته الشرطة الإسرائيلية وهي تُهاجم المُشيِّعين في جنازة “أبوعاقلة”، حتى إنَّها ضربت حاملي النعش، وكادت تتسبب في سقوط النعش على الأرض.

بل وأثار السلوك الإسرائيلي المزيد من الإزدراء، الإثنين 16 آيار/مايو، حين عرض قادة مسيحيون فلسطينيون مقطع فيديو للشرطة الإسرائيلية وهي تقتحم المستشفى الذي كانت توجد به جثة “شيرين أبوعاقلة”، بل وأسقطت رجلاً يتكيء على عكازين أرضًا.

ماذا تعني جنسية “شيرين” الأميركية ؟

السفير الأميركي لدى إسرائيل؛ “توم نايدس”، كان قد تقدم باحتجاج لدى الحكومة الإسرائيلية، التي تعهَّدت باحترام جنازة “شيرين أبوعاقلة”، وبأن تسمح بمشاركة كل مَن يود الحضور، وذلك من منطلق أن الشهيدة: “صوت فلسطين الحر”، “شيرين أبوعاقلة”، كانت أيضًا تحمل الجنسية الأميركية.

لكن نكوث “إسرائيل” بهذا التعهُّد ووضعها “الولايات المتحدة” في موقف اضطرت فيه لتوبيخ “إسرائيل”؛ بصورة مُلطَّفة، على أفعالها أثار غضب إدارة “بايدن” بشكل واضح، دون أن يُترجم ذلك الغضب إلى حد المطالبة بتحقيق دولي، بل تواصل الإصرار الأميركي على قدرة “إسرائيل” على إجراء: “تحقيق شفاف وعادل”.

لكن اغتيال “أبوعاقلة”؛ حية وبعد موتها من جانب “إسرائيل”؛ لم يكن جريمة الاحتلال الوحيدة التي تتصدر الأخبار، إذ كانت إدارة “بايدن” تواجه صعوبة أخرى في مسعاها الشائك بالفعل للحفاظ على الحياد النسبي تجاه سلوك “إسرائيل”. فيوم الخميس 12 آيار/مايو، أي بعد يوم واحد من اغتيال “أبوعاقلة”، أعلنت “إسرائيل”، وفقًا للتقارير، موافقتها على خطط لبناء: 4427 وحدة استيطانية في أنحاء “الضفة الغربية” المحتلة.

مصدر الصورة: رويترز

ويُمثل هذا أكبر توسع للمستوطنات منذ تولي “بايدن” السلطة، لكن يبدو أنَّ الإدارة تستغل التركيز على مقتل “أبوعاقلة” وجنازتها كي تبقى صامتة بشأن المسألة، بحسب تحليل “بليتنيك”؛ المنشور في موقع (ريسبونسيبل ستيتكرافت) الأميركي.

ووفقًا لموقع (إكسيوس) الأميركي، أعرب “نايدس”، للمسؤولين الإسرائيليين قبل أسبوعين، عن استياء الإدارة الأميركية بشأن هذا الإعلان الأخير. وأُفيدَ بأنَّه قِيلَ له إنَّ الوحدات الجديدة جزء من تعهُّد سياسي قُطِعَ لمنع الانشقاقات عن حزب رئيس الوزراء؛ “نفتالي بينيت”، وللإبقاء على تماسك التحالف الحاكم الهش.

“إسرائيل” تواصل قمع الفلسطينيين..

لكن اغتيال “شيرين أبوعاقلة”؛ وتدنيس جنازتها وخطط بناء المستوطنات ليست جرائم “إسرائيل” الوحيدة؛ خلال نفس الفترة، فهناك الاعتداء المتصاعد بحق “المسجد الأقصى”، والقرار الأخير من جانب “المحكمة العليا الإسرائيلية” بطرد أكثر من ألف من السكان الفلسطينيين من منطقة “مسافر يطا”؛ بـ”الضفة الغربية” المحتلة.

سيكون من الصعب على “بايدن” تجاهل كل هذا؛ حين يُسافر إلى “إسرائيل”، في حزيران/يونيو، كان الهدف من الزيارة هو متابعة “قمة النقب” الأخيرة، التي استضافها وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، لتعزيز التطبيع بين “إسرائيل” والدول العربية، التي وصفها تحليل الموقع الأميركي: “بالصديقة”. الإشارة هنا إلى اجتماعات وزراء خارجية: “مصر والإمارات والمغرب والبحرين وإسرائيل وأميركا”؛ في “النقب”، أواخر آذار/مارس الماضي.

وكشف “بليتنيك”؛ في تحليله، أن زيارة “بايدن” المرتقبة كانت بالأساس لمتابعة ذلك المحور الخاص بعمليات التطبيع بين “إسرائيل” والدول العربية، “ولا يزال من المُرجح أن يكون ذلك جزءًا محوريًا في أجندة بايدن”، بحسب التحليل.

لكن سيتعين أيضًا على “بايدن” التفكير في كيفية تأثير نهجه المتمثل في عدم التدخل إزاء قمع “إسرائيل” المتواصل للفلسطينيين على منطقة الشرق الأوسط، وتعكس هذه الحوادث الأخيرة عاصفة تتشكَّل، وسيجد “بايدن” أنَّه من المستحيل الاستمرار في الإبتعاد عن الشرق الأوسط إذا ما استمر التصعيد الإسرائيلي أكثر فأكثر في ملاحقة الفلسطينيين.

فردّ الفعل الفلسطيني، المتمثل في الهجمات داخل “الخط الأخضر” و”القدس” المحتلة و”الضفة الغربية”، يُمثل النتيجة الحتمية لذلك النوع من العنف الذي يُعايشه الفلسطينيون في “الضفة الغربية” و”قطاع غزة” يوميًا.

وفي حين يُنظَر بالفعل إلى القادة العرب الذين طبَّعوا العلاقات مع “إسرائيل” على أنَّهم تخلّوا عن “القضية الفلسطينية”، فإنَّ مقتل “أبوعاقلة”؛ وهجوم شرطة الاحتلال على جنازتها قد أُذيعَ على نطاق واسع وبعيد في مختلف أرجاء العالم العربي. ولا يمكن أن يكون من مصلحة “واشنطن” أن يُنظَر إليها على أنَّها تتحمَّل مسؤولية تصرفات “إسرائيل”، أو أن تضطر لدفع الثمن، كل ذلك في حين تُلقي المحاضرات في حقوق الإنسان على الحكومات الشرق أوسطية الأخرى.

أي رسالة يحملها “بايدن” لإسرائيل إذاً ؟

لكن بالنظر إلى كل قضايا الشؤون الخارجية على أجندة “بايدن” اليوم، من الواضح أنَّه لا يَسَعْ الرئيس خوض مواجهة مع “إسرائيل” حاليًا، ومن المُرجح أنَّه لن يسعى لخوض واحدة حين يزورها الشهر المقبل، بحسب تحليل الموقع الأميركي.

ويتعزَّز هذا بصفة خاصة؛ لأنَّ كلاً من “بينيت” – بسبب خسارة أغلبيته البرلمانية – و”بايدن” – الذي يواجه انتخابات تجديد نصفية تحشد فيها المجموعات الداعمة لـ”إسرائيل” مثل: (أيباك) مبالغ غير مسبوقة من المال ضد أي شخص يوجِّه حتى أبسط الانتقادات لـ”إسرائيل” – يسيران على أرضية سياسية متزعزعة.

مصدر الصورة: إسرائيل أوف تايمز

مع ذلك؛ لن يزول الضرر طويل الأجل الذي سُيلحق بالمصالح الأميركية. فلا يبدو أنَّ الغضب بشأن مقتل “أبوعاقلة” سيختفي سريعًا. ويتعين على الإدارة الأميركية الرد بقوة أكبر على توسيع المستوطنات؛ إذا ما كانت ترغب في الحفاظ على فكرة أنَّ حل الدولتين لا يزال يحظى بأي فرصة. ما الذي يمكن أن يطلبه “بايدن” إذاً ؟

أولاً وقبل كل شيء؛ يتوجَّب على الإدارة أن توضح أنَّها تدعم إجراء تحقيق مستقل تمامًا في مقتل “أبوعاقلة”، فحتى وزير شؤون الشتات الإسرائيلي؛ “ناشمان شاي”، من حزب (العمل)، قال: “مع كامل احترامي لنا، دعونا نقول إنَّ مصداقية إسرائيل ليست عالية جدًا في مثل هذه الأحداث”.

ويمكن لتحقيق دولي يقوم به فريق خبراء من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك من العرب وأوروبا وإفريقيا وآسيا، أن يحظى بالمصداقية. وبالطبع إذا ما كان التاريخ يُمثل أي مُوجِّه لنا فإنَّ “إسرائيل” لن تتعاون مع تحقيق كهذا، وستُدين نتائجه إذا ما انحرفت أقل انحراف عن الرواية التي تُفضلها، لكنَّ تأييد أمر كهذا من شأنه المساعدة في تعزيز الصورة التي ترغب “واشنطن” في إظهارها، باعتبارها وسيطًا حسن النية، يقول “بليتنيك”.

وقد تتمثل خطوة أكثر جرأة من جانب “بايدن” في إقدامه على زيارة أسرة “شيرين أبوعاقلة”؛ في “القدس الشرقية” المحتلة. وكان هنالك قبل مقتل “أبوعاقلة”؛ شائعات تُفيد بأنَّ “بايدن” يفكر في زيارة “القدس الشرقية”، التي احتلتها “إسرائيل”؛ عام 1967، وتسعى إلى تهجير الفلسطينيين منها، كما يحدث في “حي الشيخ جراح” و”سلوان”؛ وغيرهما من أحياء المدينة التاريخية.

ويرى “بليتنيك” أن “بايدن” يمكنه أن يُجادل بأنَّ هذه مجرد زيارة مجاملة لأسرة صحافية فقدت حياتها من أجل عملها. ومن شأن زيارة كهذه أن تبعث بإشارة على أنَّ إدارة “بايدن” لا تزال تؤمن بأنَّ “القدس” مسألة يتعين التفاوض عليها، وسيكون ذلك موضع ترحيب من الفلسطينيين.

لكن سجل “بايدن” يُشير إلى أنَّه على الأرجح لن يفعل أيَّا من هذا، وسيختار بدلاً من ذلك زيارة سريعة تُعبِّر، مجددًا عن: “الرباط غير القابل للكسر” مع “إسرائيل”. ويبدو أنَّ هذا الرباط مُقدَّرٌ له أن يُبقي “الولايات المتحدة” حاضرةً بالشرق الأوسط، وسط انعدام الثقة وانعدام الأمن بين الدول التي بدأت الآن تبني الجسور، يقول “بلتنيك”.

واختتم تحليله بالقول: “سيتجنَّب بايدن على الأرجح الخيارات الشجاعة سياسياً، التي قد تجعل الوضع أفضل بعض الشيء، وسيختار بدلاً من ذلك تعزيز فكرة أنَّ الولايات المتحدة تدعم إزدواجية المعايير في المنطقة، وليس هذا بالأمر الجيد لأيٍّ من الأطراف المعنية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب